أستاذ قانون دولى: لا يوجد رابح وخاسر فى قضية الجزيرتين.. ونجاح الدولة يكمن فى تطبيق القانون والدستور.. والكلمة الأخيرة فى يد «النواب»

كتب: أحمد البهنساوى

أستاذ قانون دولى: لا يوجد رابح وخاسر فى قضية الجزيرتين.. ونجاح الدولة يكمن فى تطبيق القانون والدستور.. والكلمة الأخيرة فى يد «النواب»

أستاذ قانون دولى: لا يوجد رابح وخاسر فى قضية الجزيرتين.. ونجاح الدولة يكمن فى تطبيق القانون والدستور.. والكلمة الأخيرة فى يد «النواب»

قال الدكتور نبيل حلمى، أستاذ القانون الدولى عميد كلية الحقوق الأسبق بجامعة الزقازيق، إن مجلس النواب ستكون له الكلمة الأخيرة فيما يتعلق باتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، باعتبار المجلس ممثلاً للسلطة التشريعية، وفى إطار ما نص عليه الدستور من حتمية الفصل بين السلطات، فإذا صدّق المجلس على الاتفاقية تصبح نافذة، أما إذا لم يصدّق فتعد الاتفاقية كأن لم تكن، خاصة أنها تنص فى أحد بنودها على اشتراط موافقة مجلس النواب عليها، مشدداً على أنه لا يوجد رابح وخاسر فى هذه القضية، وأن الرابح الوحيد هى الدولة المصرية فى حال التزمت بتطبيق القانون والدستور.

{long_qoute_1}

وسرد «حلمى»، فى حواره لـ«الوطن»، السيناريوهات المتوقعة لمسار قضية تيران وصنافير قانونياً، لافتاً إلى أن هناك 3 سيناريوهات رئيسية أولها تأييد المحكمة الإدارية العليا لحكم الدرجة الأولى الذى أصدرته محكمة القضاء الإدارى بمصرية الجزيرتين، والثانى إلغاء الحكم وثبوت صحة الاتفاقية، بينما يتضمن السيناريو الثالث لجوء المحكمة الإدارية العليا إلى المحكمة الدستورية فيما يتعلق بتفسير نصوص «أعمال السيادة» وهل تخضع هذه الاتفاقية لرقابة القضاء أم أنها تعد عملاً من أعمال السيادة.. وإلى تفاصيل الحوار..

■ فى البداية ما تقييمك لمسار قضية تيران وصنافير حتى الآن؟

- لا شك أن تيران وصنافير جاءت فى تنسيق أو ترسيم الحدود بين مصر والسعودية فى البحر الأحمر بصفة عامة نتيجة لاجتماعات فنية بحرية لخبراء ترسيم الحدود وسياسية أيضاً واقتصادية وتاريخية وقانونية لأن قواعد ترسيم الحدود قد تمت بعد اتفاقية 1982 وهى اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار ولذلك فإن هذه المدة التى استغرقها إعداد مثل هذه الاتفاقية قد روجعت فيها كل هذه القواعد البحرية والقانونية والسياسية والاقتصادية وغيرها وانتهى إلى ما انتهت إليه الاتفاقية.

{long_qoute_2}

■ وماذا عن المسار القانونى للقضية؟

- المسار القانونى بدأ بالفحص القانونى والسياسى وانتهى الأمر إلى التوقيع على الاتفاقية، خاصة فيما يتعلق برسم خط الأساس على الشواطئ المصرية والسعودية، وهو الذى يقاس منه البحر الإقليمى والمنطقة المجاورة ومنطقة أعالى البحار، وهو بين النتوءات البارزة على الشاطئ، فهو ليس خطاً مستقيماً، ويتبقى بعد هذا أعالى البحار، ولذلك تم رسم هذا الخط لأول مرة فى هذه الاتفاقية، وقد نص القانون الدولى على أن البحر الإقليمى هو الذى تسيطر عليه الدولة الساحلية، وهناك منطقة متاخمة بعد البحر الإقليمى، ولا تتجاوز هاتان المنطقتان 24 ميلاً من خط الأساس، وأيضاً هذا على الساحل المقابل، وإذا كانت هناك سواحل متقاربة متقابلة فهناك ما يسمى فى الناحية القانونية خط الوسط، حيث يتم اقتسام المنطقة مناصفة بين الجهتين وفقاً لخط الأساس، وأيضاً إذا كان الفرق أو المسافة بين الشاطئين المتقابلين أكثر من 24 ميلاً بحرياً فإن الجزء المتبقى يكون من أعالى البحار، بمعنى أنه يكون مشاعاً لجميع الدول وإذا قلّت عن 24 ميلاً بحرياً فإن التقسيم يتم أيضاً من خط الأساس بالخط الوسط.

■ وما الذى ينص عليه القانون الدولى فيما يتعلق بترسيم المياه الداخلية والإقليمية وأعالى البحار؟

- ينص القانون الدولى على أن المياه الداخلية تبدأ من الشاطئ إلى خط الأساس وللدولة السيطرة الكاملة عليها ويبدأ من خط الأساس المياه الإقليمية، أيضاً تكون للدولة السيادة الكاملة على المياه وعلى قاع البحار، كما أن المياه المتاخمة للدولة الحق فى ممارسة سيادتها لكن دون القاع وما تحت القاع، وتحسب المسافات لقياس المياه من خط الأساس الذى تنتهى عنده المياه الداخلية حتى لا تكون هناك تعرجات فى الحدود البحرية.

■ وفى حالة وجود جزر بين دولتين.. ما الموقف بالنسبة لها؟

- إذا وجدت جزر وإذا كانت كبيرة يكون لها بحر إقليمى مثل قبرص لها بحر إقليمى ومنطقة مجاورة وأعالى بحار، وكذلك الأمر بالنسبة لجزيرة مالطة، أما الجزر الصغيرة إما أن يكون هناك اتفاق بين الدول البحرية المتقابلة أو أنها تدخل فى تقسيمات البحار الطبيعية إلا إذا كانت هذه الجزر تخضع لسيادة الدولة وتكون مستمرة ومستقرة فتصبح جزءاً من أراضى تلك الدولة وفقاً لقواعد القانون الدولى، والقاعدة العامة أن الاتفاقيات الدولية من أعمال السيادة، فالاختصاص يكون للتصديق عليها من السلطة التشريعية وهو مجلس النواب، أما وقد عرضت على القضاء الإدارى ومارس اختصاصه على القضية فإنها الآن معروضة على المحكمة الإدارية العليا بعد حكم أول درجة من محكمة القضاء الإدارى بمصرية الجزيرتين وتستطيع الإدارية العليا بعد أن تفحص الأمور من الناحية القانونية والموضوعية أن تصدر حكمها فى هذه القضية.

■ ما السيناريوهات المستقبلية للقضية المنظورة حالياً أمام المحكمة الإدارية العليا؟

- السيناريوهات المستقبلية تتضمن إما صدور حكم بإلغاء حكم القضاء الإدارى أو أن تقوم الإدارية العليا بإحالة الموضوع للمحكمة الدستورية العليا لفحص الموضوع وتفسير بعض نصوص الدستور فى أعمال السيادة للدولة أو أنها تؤيد الحكم، وفى هذه الحالة يظل التصديق على هذه الاتفاقية لمجلس النواب، كما يجب فحص منطوق وأسباب الحكم الذى ستصدره المحكمة الإدارية العليا، فإذا تعرّض الحكم إلى تفسير بعض النصوص الدستورية فإنه يمكن اللجوء إلى المحكمة الدستورية العليا لأنها هى بالأساس المختصة بتفسير النصوص الدستورية، وبالتالى ستكون المحطة الأخيرة فى المحكمة الدستورية العليا.

■ قلت إن التصديق على الاتفاقية يظل لمجلس النواب.. هل تعنى أن الأمر برمته بيد مجلس النواب؟

- نعم.. فهناك فصل بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، وبالتالى فإنه باعتبار مجلس النواب ممثلاً للسلطة التشريعية فيعد هذا اختصاصاً أصيلاً له من خلال اللجنة التشريعية فى مجلس النواب، وفى هذه الحالة يبقى له الحق فى التصديق عليها.

■ حتى لو صدر حكم بات ونهائى بتأييد مصرية الجزيرتين؟

- الحكم غير ملزم لمجلس النواب إلا فيما يتعلق بالاختصاص الدستورى لمجلس النواب، فإذا وافق مجلس النواب على الاتفاقية وصدّق عليها تطبيقاً للدستور المصرى باعتبارها من أعمال السيادة فلا اختصاص لأى جهات أخرى.

■ وكيف يكون الوضع إذا رفض البرلمان التصديق؟

- لا تنفذ الاتفاقية فى هذه الحالة، خاصة أنها معلقة على شرط، وهو تصديق البرلمان، كما أن الاتفاقيات الدولية ليس لها أثر من مجرد التوقيع عليها ولا تكتسب صفتها الإلزامية إلا بالتصديق عليها من السلطة التشريعية كما نص الدستور، وأتصور أيضاً أن مثل هذه الاتفاقيات اعتمدت فيها الدولة عند عرضها على القضاء الإدارى على أن هذه الاتفاقية تعد من أعمال السيادة ومن ثم لن تستجيب لطلبات المحكمة فى تقديم الوثائق اللازمة سواء كانت مكتوبة أو وثائق شخصية.

■ من الخاسر والرابح فى هذه القضية؟

- لا توجد هزيمة لأحد ولا انتصار لأحد سوى لتطبيق القانون والدستور، وفى حالة نجاح الدولة فى تطبيق القانون والدستور بصرف النظر عن مصير القضية، تكون قد نجحت لأن ما يحدث الآن من مناقشات قانونية فى هذا الشأن يدل على أن مصر دولة متحضرة، خاصة أنها تحترم القانون وسلامة الاتفاقيات الدولية، وهذا أيضاً يدل على احترام الدول المجاورة والمتقابلة على المدى الطويل لأننى لا أعتقد أن هناك دولة تريد أن تستولى على حقوق دولة أخرى.

■ وكيف تقيم التناول الإعلامى للقضية؟

- هناك تباين فى الآراء التى يتم تناولها فى وسائل الإعلام ما بين مصرية وسعودية الجزيرتين، بالرغم من أنها مسألة قانونية صرفة وليست سياسية على الإطلاق.


مواضيع متعلقة