الجيش السوري يمشط أحياء حلب الشرقية غداة سيطرته على المدينة

الجيش السوري يمشط أحياء حلب الشرقية غداة سيطرته على المدينة
مشَّط الجيش السوري، اليوم الجمعة، الأحياء الشرقية الأخيرة التي كانت تحت سيطرة الفصائل المعارضة في حلب غداة إعلانه استعادة كامل المدينة، ليعزز انتصاره الأكبر منذ بدء النزاع في البلاد قبل نحو ست سنوات.
ووصف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أحد أبرز حلفاء دمشق سياسيا وعسكريا، اليوم، سيطرة الجيش السوري على حلب بـ"الخطوة المهمة جدا" نحو حل النزاع في البلاد، فيما أعلنت موسكو نشر كتيبة من الشرطة العسكرية الروسية في المدينة السورية.
وقال بوتين، في اتصال هاتفي أجراه بنظيره السوري بشار الأسد لتهنئته بـ"تحرير" مدينة حلب، إن "هدف روسيا في سوريا بات التركيز على مساعي السلام".
من جانبه، أكد الأسد، خلال الاتصال، أن "الانتصارات في حلب فتحت باب العمل السياسي في سوريا".
وأعلن الجيش السوري، مساء الخميس، استعادته السيطرة على كامل مدينة حلب بعد انتهاء إجلاء عشرات آلاف المدنيين والمقاتلين من آخر جيب كانت تسيطر عليه الفصائل المعارضة في عملية تمت بموجب اتفاق روسي إيراني تركي بعد نحو شهر من هجوم عنيف شنه الجيش السوري على الأحياء الشرقية.
وأفاد مراسل فرانس برس بانتهاء عملية التمشيط التي بدأت صباح الخميس في الشوارع الرئيسية في ثلاثة أحياء، فيما يواصل الجيش تمشيط الشوارع الفرعية.
ونقل مصور لفرانس برس في حي السكري مشاهدته صباحا لجنود يبحثون بين الأسلاك والدمار عن ألغام أو عبوات متفجرة بينما تركزت عمليات التمشيط على مراكز الفصائل المعارضة.
وفي أول رد عسكري من الفصائل المعارضة غداة خروجها، أطلقت من مناطق وجودها غرب حلب عشرات القذائف الصاروخية على حي الحمدانية في جنوب المدينة، ما أسفر عن مقتل "مدنيين"، وفق المرصد السوري.
وتحدث الإعلام الرسمي بدوره عن سقوط "ثلاثة شهداء".
وإثر هجوم واسع للجيش السوري بدأ في منتصف نوفمبر، انحصر وجود الفصائل المعارضة في بضعة أحياء في شرق حلب قبل أن تخرج منها بموجب اتفاق الإجلاء.
ومن بين السكان من نزح من منزله مؤخرا هربا من القصف والمعارك خلال هجوم الجيش الأخير، وآخرون تركوا منازلهم قبل سنوات حين تحولت المدينة إلى ساحة معارك رئيسية وانقسمت بين أحياء غربية وشرقية في عام 2012.
وشاهد مراسل فرانس برس مدنيين يرتدون ثيابا شتوية يجتازون الطرق الطينية ويتفادون الحطام المنتشر من كل جانب للوصول إلى منازلهم والاطمئنان على ممتلكاتهم.
وفي حي بستان القصر، عملت الجرافات على رفع الأنقاض المنتشرة من الشوارع، فيما صعد جندي على أحد الأعمدة الكهربائية ليرفع العلم السوري.
ويقول خالد المصري، وهو في طريقه إلى منزله في حي بستان القصر: "أتيت للاطمئنان على منزلي الذي تركته منذ خمس سنوات وانتقلت للسكن في منزل بالإيجار في حي صلاح الدين".
ويضيف: "آمل ألا يكون بيتي تعرَّض للدمار".
وفي حي الميسر المجاور، وجدت ام عبدو (42 عاما) منزلها مدمرا، وتقول "لم يبق شيء من البيت، لكن من الممكن تعويضه وكل شيء ممكن تعويضه".
وتبدو الأحياء الشرقية التي سيطر عليها الجيش خلال شهر شبه خالية بعدما غادرها عشرات الآلاف من سكانها هربا من المعارك الأخيرة.
كما تم إجلاء 35 ألفا من مقاتلين ومدنيين في الأسبوع الأخير من آخر جيب كانت تسيطر عليه الفصائل المعارضة، وفق اللجنة الدولية للصليب الأحمر.
وقالت رئيس بعثة الصليب الأحمر إلى سوريا ماريان غاسر، في بيان "هذه مجموعات تدمرت أحياؤها جراء العنف وعائلات تعاني منذ أشهر بحثا عن الأمان والغذاء والرعاية الطبية والملجأ المناسب".
وأضافت: "بدا أنهم مستميتون من أجل المغادرة حتى وإن كان هذا الوضع مؤلما بالنسبة لهم".
وغادر هؤلاء من شرق حلب مقابل إجلاء 1200 شخص، غالبيتهم نساء وأطفال وعجز، من بلدتي الفوعة وكفريا المحاصرتين من قبل "الفصائل الإسلامية" في محافظة إدلب (شمال غرب).
ونشرت موسكو مساء الخميس كتيبة من الشرطة العسكرية في مدينة حلب "بهدف حفظ السلام"، وفق ما أعلنت وزارة الدفاع الروسية.
كما أمر بوتين بتوسيع القاعدة البحرية الروسية في مدينة طرطوس.
وتشكِّل استعادة حلب تحولا جذريا في مسار الحرب في سوريا وتُعد الانتصار الأبرز لدمشق وحلفائها الذين قدموا لها منذ بدء النزاع دعما سياسيا ودبلوماسيا وعسكريا وأبرزهم روسيا وإيران وحزب الله، كما تضع النظام السوري على طريق تحقيق هدفه باستعادة كل المناطق الخارجة عن سيطرته.
لكنها تشكل في المقابل ضربة قاسية بالنسبة إلى المعارضة السورية، كما تعد خسارة للدول الداعمة لها وتحديدا دول الخليج وتركيا ودول الغرب.
وقال الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله، الجمعة: "اليوم بعد حلب، باستطاعة الواحد أن يقول مطمئنا إن هدف إسقاط النظام سقط وفشل".
وأضاف "لأن النظام الذي معه دمشق وحلب أكبر مدينتين في سوريا وحمص وحماة واللاذقية وطرطوس والسويداء... هو نظام موجود وقوي وفاعل ولا يقدر أحد في العالم تجاهله".