روسيا وتركيا.. علاقات على المحك بعد اغتيال «كارلوف»

كتب: محمد حسن عامر

روسيا وتركيا.. علاقات على المحك بعد اغتيال «كارلوف»

روسيا وتركيا.. علاقات على المحك بعد اغتيال «كارلوف»

نائب رئيس «العدالة والتنمية»: نحترم مصالح موسكو فى دمشق.. ومقتل «كارلوف» لن يخرب علاقتنا

أكد نائب رئيس حزب «العدالة والتنمية» الحاكم فى تركيا، الدكتور ياسين أقطاى، أن التحقيقات الجارية حتى الآن فى عملية اغتيال السفير الروسى فى تركيا، أندريه كارلوف، تثبت أن حركة الخدمة التى يقودها فتح الله جولن وراء العملية، معتبراً، فى حواره لـ«الوطن»، أن وكالة المخابرات المركزية الأمريكية مسئولة عن العملية لاحتضانها تلك الحركة، نافياً أن يكون لها تأثير على العلاقات التركية الروسية.

■ بداية، كيف قرأت حادث اغتيال السفير الروسى لديكم وما تحليلك له؟

- هذا الحادث ليس اغتيالاً للسفير الروسى فى تركيا فقط، وإنما هو اغتيال لتركيا كلها، لأن كل من يكون على أرض تركيا فإن الهجوم عليه يعد هجوماً على تركيا، من يغتال أى شخص فى داخل تركيا يغتال تركيا مباشرة، وهذه محاولة لاغتيال علاقات الصداقة مع روسيا، لكن هذا أصبح عكس ما كانوا يتوقعون ويتمنون لما خططوا له، وهذا الحادث لن يفسد العلاقات مع روسيا ولن يخربها، بل سيقويها.

{long_qoute_1}

■ كان هناك حديث بأن الشرطى ينتمى إلى حركة «جولن»، ما حقيقة ذلك الاتهام؟

- صحة ذلك الاتهام قريبة من القطعية، هذا هو المؤكد، هو تربى فى مدارسهم وله علاقات مع أشخاص من تيار فتح الله جولن، وهو نفسه من هذا التيار، من شباب تيار فتح الله جولن.

■ هل ترى أنه تحرك بإيعاز من الحركة أم من تلقاء نفسه؟

- ليس من تلقاء نفسه، فهذا ليس حادثاً تم التدبير له بشكل فردى، ليس مجرد حركة متعاطفة مع السوريين أو «حلب»، وإنما جماعة «فتح الله جولن» تريد وتستهدف تخريب العلاقات التركية مع روسيا، وفى السابق استهدفت تخريب تلك العلاقات قبل سنة بإسقاط الطائرة الروسية فى الجو التركى، وكانت تريد أن تخرب العلاقات بيننا، كى نكون أعداء ونقطع العلاقات، لأن الاتفاق بين تركيا وروسيا يعنى قوة كبيرة، وهناك من لا يريد هذه العلاقة أو هذا التطور فى العلاقات.

■ بشكل أوضح من المستفيد أكثر من تخريب العلاقات بين تركيا وروسيا؟

- كثير من الدول يهمها ولا تريد أن تكون هناك علاقات طيبة بين «أنقرة» و«موسكو»، ولكن هناك من لا يريد الحل فى سوريا، ومن يريد أن يستمر الاقتتال بين المسلمين هناك، وهذه المرة يحصل فى أراضى الإسلام أن تكون الحرب بالوكالة أو بالنيابة وأن تصبح سوريا ساحة لتلك الحرب بالوكالة، لا يهتمون بقتل المسلمين ويسمحون بذلك، وهؤلاء كثيرون، لكن أنا لا أريد أن أسمى دولة بعينها تقف وراء هذا الأمر.{left_qoute_1}

■ روسيا وتركيا كانتا متباعدتين للغاية فيما يتعلق بالأزمة السورية، وفجأة حدث تقارب واضح، كيف حدث ذلك؟

- تركيا كما تعلم تريد أن تلعب دوراً سلمياً ودوراً دبلوماسياً بهدف وقف إطلاق النار فى سوريا، ووقف المجازر والقتل وسفك الدماء، وتركيا لا تريد إلا أن تبقى سوريا للسوريين ولأهلها، ولا تريد أن تقوم هناك عمليات تصفية عرقية أو حرب أهلية، وتدخل أى أجانب فى الساحة هناك، وهى كذلك لا تريد أن يكون هناك أجانب على أرض سوريا يخوضون حرباً بالوكالة، إلى أن يقرر الشعب السورى مصيره ومستقبله بنفسه، ولكن هناك من لا يريد ذلك. وروسيا وتركيا لديهما مصالحهما فى سوريا، وتركيا تحترم تلك المصالح، ولا تريد إفساد تلك المصالح، أو أن تضار مصالح روسيا فى سوريا، فلتبقى مصالح روسيا هناك، وليبقى كل من له مصالح فى سوريا، ولكن المشكلة الرئيسية هى فى نظام بشار الأسد، الذى يقتل أبناءه وشعبه، هذا هو السبب الرئيسى فى عدم شرعيته.

■ ما المعلومات المتوافرة لديك حتى الآن فيما يتعلق بالتحقيقات الجارية حول منفذ عملية اغتيال السفير الروسى؟

- المعلومات التى لدينا حتى الآن وحول من قام بعملية الاغتيال أنه مرتبط بحركة «الخدمة»، أو حركة فتح الله جولن، وهو تنظيم -للأسف الشديد- عميل للأجانب، وهو الآن يُحتضن من قبَل الولايات المتحدة الأمريكية، وهى تحتضن كل الإرهابيين الذين يرتكبون جميع العمليات الإرهابية فى تركيا، تحتضن تنظيم «بى. كا. كا» (حزب العمال الكردستانى المحظور فى تركيا) وتنظيمات كردية أخرى إرهابية، وعليهم أن يتخلوا عن ذلك التنظيم ليثبتوا أنهم ليسوا وراء ذلك التنظيم وعملية الاغتيال.

■ هناك من يرى أنه إذا كان منفذ عملية الاغتيال من «حركة الخدمة»، فإن وكالة الاستخبارات الأمريكية المركزية مسئولة باعتبار أنها محركة لحركة «الخدمة»، ما رأيك فى هذا التحليل؟

- نحن لا نستطيع أن نقول ذلك بشكل مباشر، لا يمكن لى أن أقول إن المخابرات الأمريكية مسئولة ومرتبطة بعملية اغتيال السفير الروسى فى تركيا مباشرة، ولكن بشكل غير مباشر هى مسئولة بالطبع لأنها تحتضن ذلك التنظيم «حركة الخدمة»، والآن تدعمهم للأسف.

■ برأيك ما انعكاسات ذلك الحادث على الحالة الاقتصادية فى تركيا التى تعانى فى الفترة الأخيرة؟

- تركيا دولة كبيرة، والاقتصاد التركى اقتصاد مقاوم وصامد، لا يتأثر بمثل هذه العمليات، وما تقوم به مثل هذه الحركات، بل الاقتصاد التركى الآن فى وضع قوى.

 

الدبلوماسى الروسى السابق: اغتيال السفير يرتبط بحادث إسقاط طائرتنا فوق «سيناء»

قال الدبلوماسى الروسى السابق والخبير السياسى فيتشسلاف ماتوزوف إن «اغتيال السفير الروسى فى تركيا يرتبط بحادث إسقاط الطائرة الروسية فوق سيناء، لإفساد العلاقات الثنائية لروسيا مع مصر وتركيا»، واستبعد، فى حواره لـ«الوطن»، أن يكون تنظيم «داعش» أو حركة «الخدمة» التركية مسئولين عن الحادث، لكنه قال إن عناصر بالأجهزة الأمنية التركية تدعمها الاستخبارات الأمريكية ترفض التقارب مع «موسكو».

■ ما تحليلك الأولى لحادث اغتيال السفير الروسى فى تركيا؟

- أنا شخصياً أعتبر أن حادث اغتيال السفير الروسى فى تركيا ليس عملية فردية، منفذ الحادث عمره نحو 22 سنة، خريج مدرسة الشرطة وملازم فى الخدمة منذ 3 سنوات فقط، هذا دليل على أنه من داخل الأجهزة الأمنية فى تركيا، وهذا يضع علامات استفهام كثيرة حول شخصيته. وسؤال آخر، لماذا قتلوا منفذ العملية؟ كان من الممكن إيقافه وهذا هو الأفضل. هناك تساؤلات عديدة حول هذا الموضوع، وأى قوة تقف وراء ذلك الشاب، وهذا هو السؤال الذى طرحه الرئيس الروسى فلاديمير بوتين على الأتراك وأرسل هناك فريقاً من المحققين حتى يدرسوا كل الجوانب لهذا الحادث أو الجريمة، وأنا أظن أن المحققين الروس سيجدون الأجوبة عن تلك الأسئلة.

{long_qoute_2}

■ وما تقييمك لرد الفعل الروسى على الحادث؟

- بالنسبة لردة الفعل الروسية فهى ليست ضد تركيا من الأساس وإنما روسيا تؤيد فكرة تحسين العلاقات مع جارتها الجنوبية تركيا بعد فترة توتر طويلة، ولمعالجة بقايا تلك الفترة، ولا تحب روسيا أن تسوء العلاقات مع تركيا، ولكن نحن نعلم جيداً أن هناك أجهزة فى تركيا لعشرات السنين كانت مدعومة من جهة الاستخبارات الأمريكية، خاصة البوليس والجهاز الأمنى والجيش، ومن الصعب أن نتخلى عن فكرة أن ضمن هذه الأجهزة المتعددة هناك العناصر الذين لا يوافقون على هذا التقارب، وهناك من يسعى فى الدولة التركية لقطع العلاقات مع الروس.

■ وهل تتراجع روسيا عن دورها فى سوريا بعد هذا الحادث؟

- بالنسبة للفكرة التى كانت مؤثرة على عقل الشاب الذى اغتال سفيرنا أو الجهة التى دفعته لذلك بأن تتراجع روسيا عن سياساتها فى «حلب» أو فى سوريا بصفة عامة، وأن تقول بأن القوى المتشددة تستطيع أن تتحدى روسيا فى كل مكان وفى كل زمان، وكذلك هذه الفكرة ليست بعيدة عن الفكرة الأمريكية التى عبر عنها السيناتور الجمهورى جون ماكين، الذى قال إن روسيا ستجد أفغانستان جديدة فى سوريا، وهذه التهديدات من قبل صقور الحزب الجمهورى والمتشددين فى الولايات المتحدة تتماشى مع ما نشاهده اليوم، وأنا شخصياً لا أستثنى أى أحد فى هذا الحادث، لكن روسيا لن تتراجع، والعملية هذه بلا فائدة.

■ ما رأيك فيما يقال إن منفذ العملية من حركة «الخدمة» التركية؟

- لا أصدق هذا الاحتمال، لماذا؟ لأننا نحن كروس لا نزعج جماعة فتح الله جولن، وإذا تحدثنا أن جماعة «جولن» وراء العملية فهذا يعنى أن الاستخبارات المركزية الأمريكية وراء الحادث، الاستخبارات الأمريكية هى من صنعت «جولن» من الأساس، أنا لا أرى ذلك، ولكن إذا كان هناك أشخاص أذكياء يستغلون حركة «جولن» فى القيام بتلك العملية الإرهابية، فإن هذا احتمال جدير بالتحليل والدراسة.

■ ما انعكاسات الحادث على أفق التعاون بين «أنقرة» و«موسكو»؟

- أنا أتصور أن اللقاء بين روسيا وتركيا وإيران على مستوى وزارتى الدفاع والخارجية، من شأنه أن يخلق مزيداً من تقارب المواقف بين تركيا وروسيا وإيران تجاه القضية السورية، والموقف الروسى من التطورات السياسية على الساحة السورية بعد تطهير «حلب» من «الإرهابيين».{left_qoute_2}

■ كأنك تؤكد مرة أخرى أن روسيا ماضية فى مواقفها وسياساتها الخارجية؟

- روسيا تنظر إلى كل هذه المحاولات باعتبارها محاولات فاشلة فارغة المضمون من البداية، لأنهم إذا لم يفهموا النفسية الروسية يمكن أن يعتقدوا أن تحت تأثير تلك العمليات والضغوطات أن روسيا ستتراجع عن دورها فى سوريا ودعم الرئيس بشار الأسد كدولة فى مواجهة القوى الإرهابية، وتلك القوى الإرهابية من أدوات الاستخبارات المركزية الأمريكية، أؤكد أن هذا لن يتحقق أبداً، ولن ترضخ روسيا لتلك المجموعات الإرهابية التى هى مجرد أدوات تحركها الاستخبارات الأمريكية لتدمير دول المنطقة.

■ ألا ترى أن الولايات المتحدة أكثر المستفيدين من عملية اغتيال السفير الروسى فى «أنقرة»؟

- أنا لا أتصور أن أمريكا ستستفيد منها، لأن نتيجة هذا الحادث ستكون مزيداً من التلاحم بين تلك القوى المحاربة للإرهاب، اليوم كل الساسة الأمريكيين وعلى رأسهم باراك أوباما الرئيس الأمريكى والذين يقفون وراء كل الأزمات التى تشهدها المنطقة فى السنوات الماضية، الآن يفكرون كيف يبررون تصرفاتهم والأوضاع فى العالم العربى بعد استقالتهم، ثم يأتى الرئيس الجديد دونالد ترامب، الذى ليس بشكل أكيد سيوافق على هذه السياسة، والذى قال إنه سينضم إلى روسيا لمكافحة الإرهاب وترك مسألة رحيل بشار الأسد جانباً، ودخل فى صدام مع المخابرات الأمريكية الذين يتهمونه بإهمال التقارير الاستخباراتية.


مواضيع متعلقة