قلب «الكنيسة» موجوع.. والزغاريد تزف الشهداء إلى السماء.. و«تواضروس» يبكى بين النعوش

كتب: هدى رشوان ومصطفى رحومة

قلب «الكنيسة» موجوع.. والزغاريد تزف الشهداء إلى السماء.. و«تواضروس» يبكى بين النعوش

قلب «الكنيسة» موجوع.. والزغاريد تزف الشهداء إلى السماء.. و«تواضروس» يبكى بين النعوش

اتشحت كنيسة العذراء والأنبا أساناسيوس، فى مدينة نصر، صباح أمس، بالحزن والخضوع والوجع، وفيما علت جدران «العذراء» لافتات و«ملصقات» بأسماء ضحايا حادث تفجير الكنيسة البطرسية، أثناء قداس الأحد، أمس الأول، احتوت فى قلبها جثامين الشهداء، قبل توديعهم إلى مثواهم الأخير فى رحلتهم إلى السماء.

وسط مراسم القداس الجنائزى، الذى ترأسه البابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية وبطريرك الكنيسة المرقسية، بكنيسة «العذراء» كان الهدوء والسكينة سائدين، لم يقطعهما مع دخول البابا لبدء الصلاة إلا «زغاريد» أطلقتها بعض السيدات من أقارب الضحايا، فرحاً بارتقاء الشهداء، إلا أنها امتزجت بالنحيب على فراقهم ووداعهم.

{long_qoute_1}

تزاحم المئات من المسيحيين والمسلمين، خارج الكنيسة، لحضور القداس، إلا أن «الكاتدرائية» أصدرت تعليماتها بقصر الحضور على الأساقفة ومطارنة الكنيسة وأهالى الضحايا، والصحفيين الإعلاميين المُصرح لهم بالدخول.

فى الصباح الباكر اتخذت وزارة الداخلية، أمس، إجراءات أمنية مشددة فى محيط «العذراء والأنبا أساناسيوس»، استعداداً للصلاة على الضحايا، وأغلقت الأجهزة الأمنية جميع الشوارع المؤدية إلى الكنيسة أمام حركة السيارات، ونصبت حواجزها المعدنية وعززت من خدماتها الأمنية فى الشوارع الفرعية المؤدية إليها، ولم تسمح إلا بعبور المشاة بعد الاطلاع على هوياتهم الشخصية.

وتولى خبراء المفرقعات مسح وتعقيم محيط الكنيسة بالكامل، داخلياً وخارجياً، وتمركز رجال الحماية المدنية والخدمات السرية والنظامية فى المنطقة، إلا أن اليوم شهد حالة من عدم التنظيم خارج الكنيسة، بعد أن منعت قوات الأمن الأقباط الذين حضروا للمشاركة فى القداس من الدخول، فتجمهروا خارجها مرددين الهتاف ضد الأمن، ووقعت اشتباكات محدودة بينهم.

فى داخل «الكنيسة»، كان القداس قد بدأ بدخول البابا إلى القاعة من باب جانبى، ليقف بين نعوش الشهداء حزيناً متألماً، وضع يديه على رأسه، وهو يقرأ أناجيل الصلاة، وانحنى باكياً مستنداً إلى عصا الرعاية التى يحملها، فاليوم شديد على نفسه وعلى مصر والإنسانية جميعاً.

كانت الكشافة الكنسية وضعت جثامين الضحايا فى هيكل الكنيسة، ومن خلفهم حضور كثيف لأهالى الشهداء وأساقفة الكنيسة، ومنهم الأنبا أرميا، رئيس المركز الثقافى القبطى، والأنبا بولا أسقف طنطا، والأنبا يؤانس أسقف أسيوط، والأنبا موسى أسقف الشباب، وكثير من الآباء الأساقفة أعضاء المجمع المقدس.

صلى «البابا والقساوسة والأهالى» على الشهداء، الذين انتقلت جثامينهم من مستشفيات «العباسية» إلى الكنيسة، فى الخامسة فجر أمس، قبل القداس بست ساعات، وأشرف على نقلها من المستشفيات ومن الكنيسة ضباط من الحرس الجمهورى.

وانتهى القداس، ليحمل الكشافة الجثامين إلى حيث الجنازة الرسمية بحضور الرئيس عبدالفتاح السيسى، فيما انهار أهالى الشهداء أثناء خروجهم، مودعين لدمائهم وقلوبهم التى انفصلت عنهم، غير أن عزاءهم أنها انفصلت إلى مكان أفضل وأرحب.

وتبع الأهالى الجثامين إلى «المنصة»، حيث النصب التذكارى فى مدينة نصر، بعد أن حاولت الكشافة بالتعاون مع الأنبا بولا أسقف طنطا وتوابعها، توجيه الأقباط وتنظيمهم، إلا أن بعض الأهالى اندفعوا نحو نعوش أبنائهم فى انهيار وصراخ، يمسكون بالنعوش، قبل أن تتمكن الكشافة مجدداً من نقلها إلى سيارات الإسعاف على نغمات المارشيل الجنائزى.

فى تلك الأثناء ظل البابا تواضروس الثانى، داخل هيكل الكنيسة حتى خرجت الجثامين، وكل الأقباط الموجودين داخل قاعة الكنيسة، ثم تحرك متوجهاً إلى المنصة مع الأساقفة والمطارنة، ليشاركوا الرئيس مراسم الجنازة الرسمية.

وعند المنصة، وصلت النعوش، برفقة حافلات تابعة للقوات المسلحة، وفى بداية شارع النصر بالقرب من ميدان رابعة العدوية، تجمع عدد من النساء المحجبات، يرتدين الملابس السوداء ويحملن أعلام مصر، ويرددن: «مسلم ومسيحى إيد واحدة»، و«حق الشهيد هييجى»، فيما رفع عدد من الأقباط الصليب مرددين القصاص لـ«شهداء مصر»، وشهد شارع النصر وجوداً أمنياً مكثفاً، وكذلك شارع يوسف عباس، ومصطفى النحاس، وحولت الإدارة العامة للمرور حركة السيارات إلى مسارات أخرى، تزامناً مع بدء الجنازة، ودفعت بالخدمات المرورية اللازمة فى المنطقة، لفك التكدسات المرورية المحتملة.

وعلمت «الوطن» أن القس مرقص رمزى، كاهن كنيسة الأنبا شنودة، قرر تخصيص مقبرة داخل مدافن الكنيسة لوضع الشهداء من ضحايا حادث انفجار الكنيسة البطرسية، وأوضح أن المقبرة المخصصة للضحايا ستصبح مزاراً لزوار الكنيسة من الجنسيات المختلفة، وشاهداً على الوجه القبيح للإرهاب.


مواضيع متعلقة