"كوكا كولا" في غزة.. خطوة على طريق خفض البطالة

كتب: (أ ف ب) -

"كوكا كولا" في غزة.. خطوة على طريق خفض البطالة

"كوكا كولا" في غزة.. خطوة على طريق خفض البطالة

تصطف عشرات الشاحنات التي تحمل شعار "كوكا كولا"، لتحميل صناديق حمراء تضم عبوات بأحجام متعددة من المشروب الغازي، أمام المصنع الذي افتتح مؤخرا في غزة، وقد يشكل خطوة على طريق خفض البطالة وتشجيع الاستثمار في القطاع المحاصر.

والقطاع الصغير الذي تسيطر عليه حركة المقاومة (حماس) منذ 2007، يخضع لحصار خانق تفرضه الدولة العبرية منذ 10 سنوات. وخاض بين 2008 و2014 ثلاث حروب مع إسرائيل ألحقت أضرارا بالعديد من منشآته الصناعية التي توقفت.

ويؤكد مركز الإحصاء الفلسطيني، أن نسبة البطالة تزيد على 40%، في القطاع الفقير الذي يبلغ عدد سكانه مليوني نسمة، ودمرت الحروب الآلاف من المنازل فيه كليا أو جزئيا.

وعلى بعد مئات الأمتار من الحدود بين قطاع غزة وإسرائيل، بنيت منشأة إنتاج كوكا كولا الأولى من نوعها في القطاع، باستثمار قيمته 20 مليون دولار، كما قال ياسر عرفات مدير شركة المشروبات الوطنية صاحبة الامتياز، في غزة لوكالة "فرانس برس".

وأوضح عرفات أن 120 شخصا يعملون حاليا في المصنع، موضحا أن عدد هؤلاء سيرتفع إلى 350 بعد نحو عامين. وأضاف أن "نحو 1200 شخص يعملون بشكل غير مباشر (للمصنع) وسيزيد العدد إلى 3500 شخص" في الفترة نفسها.

وأضاف "نفتخر بأننا المؤسسة الوطنية التي تنفذ أكبر استثمار في غزة وكل العاملين في المصنع هنا من سكان غزة".

من جانبه، أكد مؤسس ورئيس مجلس إدارة شركة المشروبات الوطنية في الأراضي الفلسطينية زاهي خوري، أن "افتتاح أول مصنع تعبئة للشركة في غزة يمثل خطوة مهمة ضمن خطط التوسّع في أعمالنا". وتملك شركة المشروبات الوطنية 3 مصانع للتعبئة تابعة لها في الضفة الغربية المحتلة.

-"سنبقى" في غزة-

وأعرب عرفات عن ارتياحه لتدشين هذه "المرحلة الأولى من المشروع في غزة"، موضحا أن "الإنتاج الفعلي بدأ في مايو الماضي". وقال: "وضعنا أقدامنا في غزة وسنبقى إلى الأبد".

وأشار إلى أن الشركة تمكنت بعد الحصول على الأذونات من السلطات الإسرائيلية، من إدخال أجهزة الإنتاج الأساسية عبر معبر كرم أبوسالم التجاري. وأضاف أن تركيبها استمر أشهرا عدة بإشراف خبراء وتقنيين أجانب.

وتابع أن شركته تحصل على المواد الرئيسية "من الشركة الأم وتصلنا في غزة تباعا عبر المعابر" مع إسرائيل.

ويمتد خط الإنتاج في منشآت عدة، بينها المصنع الرئيسي والمخازن على مساحة 15 ألف متر مربع في قلب المنطقة الصناعية "كارني" في منطقة الشجاعية شرق مدينة غزة.

وداخل المصنع الذي يرتدي فيه العاملون لباسا أسود طبع عليه شعار "كوكا كولا"، تقوم رافعات تعمل محركاتها بالغاز بنقل عبوات فارغة في صناديق بلاستيكية حمراء تضعها على سكة آلية لغسلها قبل تعبئتها بالمشروب، ونقلها لمخزن كبير بجانب المصنع. ويتابع موظف أوروبي يعمل من المقر الرئيسي للشركة في الولايات المتحدة سير العمل في المصنع.

ولجأت الشركة في عملها إلى نظام العبوات الزجاجية التي يعيدها المستهلك فارغة، لضمان خفض سعرها وتجنب آثار أي إغلاق محتمل من قبل إسرائيل، إلى جانب حماية البيئة كما قال عرفات.

ورأى عرفات أن افتتاح فرع رسمي لـ"كوكا كولا" في القطاع الساحلي غير المستقر يعد تجربة "فريدة"، و"رسالة لكثير من المستثمرين والشركات العالمية بأن غزة قابلة للاستثمار الناجح إذا ابتعدنا عن الخوف، وهذا من شأنه تخفيف نسبة البطالة".

-إنهاء الإحباط-

من جانبه، أكد مرسيل أبوشدق وهو في العشرين من العمر، أن فتح مصنع كوكا كولا "يساعد الشباب كثيرا في ظل الظروف الراهنة لتأمين مصدر رزق وفرص عمل لإنهاء الإحباط".

وتغطي الشركة حاليا نحو 90% من مناطق غزة. ولقي إنتاج مصنعها للكوكا كولا رواجا فاق توقعاتها، بعدما أجرت سلسلة أبحاث مسبقة لدراسة سوق غزة.

وقال عرفات: "كانت لدينا مخاوف من عدم تفهم المستهلك لآلية العمل، خصوصا تعبئة عبوات زجاج وإرجاعها، لكننا فوجئنا بنظرة الناس الذواقة في غزة، ونحن راضون عن النتائج حتى الآن".

وقال مصطفى الخطيب (47 عاما)، الذي يملك متجرا كبيرا، إنه لمس إقبالا شديدا من المواطنين على شراء كوكا كولا. وأضاف أن "الناس هنا يعرفون أن هذه العبوات أرخص سعرا وأمريكية أصلية لا تحتمل الغش، لذلك يثقون بها ويقبلون على شرائها".

ولا يخفي عرفات معرفة الشركة بالمخاطر والتحديات التي من شانها التأثير سلبا على مواصلة الإنتاج، لكنه قال إن "أي استثمار له مخاطر. نحن اتخذنا القرار وواصلنا العمل".

وأكد عرفات الذي يحمل بكالوريوس في إدارة الأعمال من جامعة في رومانيا: "إذا كان الاقتصاد يعزز العلاقات بين الشعب الفلسطيني والأمريكي فهذا أمر نحترمه"، مضيفا "نحن نستثمر ولا علاقة لنا بالسياسة".

وقال خوري (77 عاما) الذي ينتمي إلى عائلة مسيحية أصولها من يافا، إن تدشين مصنع لـ"كوكا كولا" في غزة، يؤكد "التزامنا الراسخ ببناء قطاع أعمال ناجح في فلسطين يقود إلى إيجاد فرص عمل، ويدعم الاقتصاد الوطني".

ويأمل خوري في أن تبقى "منشأته منتصبة بين كل هذا الخراب الذي يعد عمليا دمارا شاملا خلّفته الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة".

وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن حجم الاقتصاد الفلسطيني قد يتضاعف في حال إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية. ويؤكد سمير سكيك الذي يعمل في مجال السياحة: "رائع أن تفتح شركة عالمية فرعا في غزة لتشجيع الاستثمار والسياحة".


مواضيع متعلقة