الجامعات الخاصة وطب الأسنان فى مصر

وهيب موسى

وهيب موسى

كاتب صحفي

هذا المقال يُعد امتداداً لما نشرتُه بجريدة «الوطن» منذ عدة أسابيع، تعليقاً على مقال تم نشره بـ«اليوم السابع» يفيد أن هناك 32 كلية طب أسنان فى مصر، وأن هذا العدد سيؤدى إلى نتائج سلبية. وكان مقالى يتبنى وجهة نظر معاكسة لذلك؛ حيث ذكرت فيه أن هذه الجامعات والكليات ستؤدى إلى رفع مستوى المهنة، وإلى تكوين مركز للسياحة العلاجية فى مصر، فى حالة لو وظفنا هذه المنافسة النظيفة بطريقة إيجابية.

وأذكر اليوم -امتداداً لهذا المقال- عدة تجارب إيجابية عاصرتها بنفسى وشاركت فيها مع إحدى الجامعات الخاصة بالإسكندرية، والتى تُعتبر رائدة فى علاج وتعليم طب الأسنان بصورة كاملة، وتحاول الجامعات الأخرى اتباع طريقة وأسلوب هذه الجامعة.. وأذكر هنا التجربة الأولى، ولها شقان: «الشق التعليمى والشق الإنسانى».

الشق التعليمى: هذه التجربة تعتمد نظاماً جديداً للتعليم يختلف عن تدريس مختلف الموضوعات والممارسة العملية لكل موضوع على حدة، حيث يقوم الطالب فى هذا النظام بتناول شامل لحالة المريض منذ اليوم الأول وبصورة متكاملة، أى إن هذا المريض يحصل على العلاج بصورة كاملة، ويتم علاجه على أعلى مستوى، وتُعرف هذه الطريقة باسم comprehensive care complete أو ما يُعرف باسم «الرعاية الإكلينيكية المتكاملة»، ولها اختصار عالمى معروف يُعرف باسم «CCC»، وتطبق فى أغلب الجامعات العالمية المتطورة، ويقوم الطالب، سواء كان فى المرحلة الرابعة أو الخامسة، بتصوير المريض وتسجيل حالته ووضع خطة متكاملة قبل العلاج، للحصول على الموافقة من مجلس خاص بالكلية، على أسلوب العلاج وطريقته وخطة العلاج المتكاملة.

وربما يتولى أكثر من طالب الحالة، وقد يكون فريق العمل مكوناً من اثنين أو ثلاثة من الطلاب، ويعملون فى كافة المراحل بتنسيق كامل، ومتابعة تصويرية وإكلينيكية من المشرفين.

وأذكر على سبيل المثال إزالة الجير ثم معالجة التسوس ثم استكمال الأسنان المكسورة ثم تعويض الفم؛ إما بالتعويضات الثابتة أو الجزئية أو غرس الأسنان، ثم أخيراً التركيبات الختامية.

وعادة تكون هذه المراحل على أعلى مستوى بصرف النظر عن المصاريف التى لا يتحمل المريض منها شيئاً بالمرة، وفى النهاية تكون الحالة متكاملة كما لو أنه تم علاجها بأحد المراكز المتخصصة، مع العلم أن هذه الإجراءات تكلف الآلاف.

أما الشق الإنسانى الجميل فهو أن الطالب يكون سعيداً جداً بوضع ابتسامة على وجه هذا المريض، إذن فالمريض الذى لا يستطيع أن يقوم بعلاج أسنانه لظروف مادية يلجأ إلى هذا النظام ليخرج منه إنساناً متكاملاً، ذا فم متكامل، ويرجع إلى الوضع الاجتماعى الرائع الذى قد يعيد إليه عمله وسعادته وابتسامته.

كل هذا بدون أى تكاليف وإنما من خلال علاقة جميلة أو وطيدة مع طالب طب الأسنان فى هذه الكلية والمشرفين عليه، تنتهى نهاية جميلة بأن هذا الشخص أصبح متكاملاً من الناحية التجميلية والوظيفية لفمه وأسنانه.. وهذا ما لا يستطيع أن يحصل عليه دون تكاليف عالية، إذن فهذا الجزء الأول من التطوير له جانب تعليمى واضح وجانب إنسانى جميل ومتكامل.

ومما تقوم به أيضاً هذه الجامعات الجديدة، أن يقوم كل طالب هو وفريق من زملائه بإعداد بحث متكامل أثناء المرحلة الدراسية، هذا البحث يتم وفق بروتوكول مدروس وخطة عمل تتم الموافقة عليهما.

وهذا أولاً يخدم المنطقة التى يعيش فيها الطالب، وكليته، وثانياً يدرب الطالب على وسيلة البحث ويجعله باحثاً متميزاً فى المستقبل، وثالثاً، نتائج هذا البحث من الممكن أن تترتب عليها قرارات مهمة وصائبة.

ونتيجة تكرار هذه البحوث وتميزها، فقد قامت الكلية بعمل مؤتمر طلابى عالمى يقدم فيه الطلاب من مصر والعالم أبحاثهم ودراساتهم وحالاتهم المتميزة، وتم ذلك منذ عدة سنوات وتكرر مرتين، وكان أول مؤتمر طلابى فى طب الأسنان فى المجال العلمى وليس فى مجال النشاط، فالمؤتمرات الطلابية فى مجال النشاط موجودة، ولكن هذا مؤتمر بحثى علمى لطلاب طب الأسنان، وهذا أيضاً سوف يحتذى به الكثير من الجامعات، لتحاول تتبع ريادة هذه الجامعة فى هذا المجال.

أذكر هذه الحقائق لكى أؤكد أن وجود الجامعات الخاصة سوف يضيف إلى طب الأسنان فى مصر ولن تكون كثرة عددها ذات نتائج سلبية، بل ستضيف إلى مجال طب الأسنان مهارةً وتميزاً، وفى المستقبل ستكون مصر مركزاً تعليمياً لطب الأسنان وموقعاً للسياحة العلاجية فى مجال الأسنان.