الانحياز لفريق الشعب السورى
بلغة مباريات الكرة.. تمكنت الثورتان التونسية والمصرية من إحراز هدف مبكر بإزاحة رأس النظام فى البلدين.. وفى ليبيا حدث خروج على قواعد اللعب إذ استعان فريق الشعب بلاعبين غربيين محترفين فتمكن من هزيمة فريق السلطة. أما فى سوريا فقد بادر فريق السلطة بالاستعانة بلاعبين دوليين من أكثر من طرف، بينما اكتفى مؤيدو فريق الشعب بالتشجيع من المدرجات وفى أحسن الأحوال إلقاء بعض زجاجات الماء للاعبين الذين أضناهم الجرى.
السياسة الخارجية لعبة مصالح، وكل طرف يقرر نزول الملعب أو الاكتفاء بالفرجة بناءً على تلك المصالح. والمصلحة تقول إن هناك أطرافاً يجب عليها أن تنزل الملعب بقوة لدعم فريق الشعب السورى حتى يحسم المباراة.
يتلقى النظام السورى دعماً مادياً مباشرا بالمال والسلاح والمقاتلين وخدمات الإمداد والتموين وغيرها من كل من إيران والعراق وحزب الله، كلٌ بحسب طاقته وإمكانياته. فسوريا حلقة أساسية فى القوس الممتد من طهران حتى الضاحية الجنوبية من بيروت، وسقوط نظام بشار يعنى تجفيف منابع حزب الله فى لبنان، فى وقت يواجه فيه نظام نورى المالكى فى بغداد انتفاضة شعبية قد تعيد عدل الموازين المقلوبة فى العراق والتى مكنت الشيعة من الاستيلاء على السلطة. يصعب على طهران أن تتخيل انهيار أحلامها هكذا بسرعة. حاولت من قبل، فى فورة الثورة على الشاه، تصدير الثورة إلى المحيط العربى وفشلت، فتخلت عن الوسيلة ولم تتخل عن الهدف. فقد حاولت كسب الأنظمة والأحزاب ونجحت، وساعدتها الولايات المتحدة التى قدمت لها العراق هدية بعد أن كلفها تغيير النظام فى العراق تريليونى دولار! وتوثقت علاقاتها بسوريا حتى اعتبرتها أحد أقاليمها ولها مكانة تفوق إقليم الأحواز، ودعمت حزب الله فى لبنان حتى صار دولة داخل الدولة.
فى المقابل، يصعب على دول الخليج أن تصبح محاصرة بهذا الحلف الوثيق من الشرق والشمال والذى يحاول الزحف جنوبا وغرباً واقتناص نقاط ارتكاز فى كل من البحرين واليمن، فضلا عن علاقات طيبة مع السودان ومحاولات مستميتة لتحييد مصر، ناهيك عن تمددات مستمرة فى كل قارات العالم؛ فإيران دولة لها وظيفة دينية، و«الأخماس» التى يحصّلها رجال الدين تسهم مع ما تقدمه الدولة فى حصول هذا التمدد. قبل ثلاثة عقود دعمت دول الخليج العراق لوقف تصدير الثورة الإيرانية، واليوم تجد أن غريمى الماضى فى بغداد وطهران أصبحا حليفين، وانضمت إليهما سوريا.
فى مباراة مفتوحة كالتى تجرى فى سوريا لا ينبغى على الخليجيين أن يقفوا موقف المتفرج، فالفرجة هنا ليست «ببلاش» لأن نجاح بشار فى وأد الثورة سيحوله إلى وحش، وسيتجه لابتزاز دول الخليج كما فعل أبوه من قبل فى بعض الفترات، ونجاح الثورة السورية يوفر فرصة مواتية لتحرير سوريا من هيمنة إيران، وتقليص نفوذ الأخيرة فى كل من العراق ولبنان. وللحديث بقية