هانى عازر من محطة قطارات «برلين»: النقل الجماعى الحل الأمثل للمرور فى مصر

كتب: رسالة ألمانيا- محمود مسلم

هانى عازر من محطة قطارات «برلين»: النقل الجماعى الحل الأمثل للمرور فى مصر

هانى عازر من محطة قطارات «برلين»: النقل الجماعى الحل الأمثل للمرور فى مصر

الطريق إلى المستقبل يبدأ من برلين.. برلين هى نموذج لما ينبغى أن تكون عليه «إدارة العمل».. الجميع يعمل.. الكل ينظر إلى خطوته المقبلة.. قدسية العمل أمر لا يحتمل النقاش، هنا تكمن أهمية زيارة برلين.. وبرلين هى عاصمة ألمانيا، وإحدى الولايات الست عشرة، وأكبر المدن من حيث عدد السكان -هى أكبر مدن الاتحاد الأوروبى- لكن عدد السكان لم يكن عائقاً، أمام العمل، ولا توقفت أمامه الطرق كما يحدث فى القاهرة، الأمر الذى يجعل من يزورها يسأل نفسه عن سر تمكنهم من حل أزمة المرور، وكيف لم نتوصل فى مصر إلى الطريقة التى تُبعد شوارع ألمانيا عامة، وبرلين بصفة خاصة عن الزحام.

{long_qoute_1}

سألنا المهندس هانى عازر، الخبير الهندسى العالمى، عضو مجلس علماء مصر، فقال: النقل الجماعى هو الحل الأمثل لمشاكل المرور فى مصر، مشيراً إلى أن ألمانيا تنقل 94٪ من بضائعها عبر خطوط السكك الحديدية وأن هناك الآن قطارات فائقة السرعة تعمل بالكهرباء، وتساهم فى تسهيل حركة المرور بأوروبا كلها، حيث يقطع القطار المسافة من فرانكفورت إلى باريس فى ساعة ونصف الساعة، ويصل طول القطار أحياناً إلى 450 متراً حسب كثافة الركاب.

«عازر» الذى تحدث خلال مرافقته لوفد صحفى مصرى زار ألمانيا عدة أيام بدعوة من شركة سيمنز واصطحبهم فى رحلة بالقطار داخل برلين، مع سعى ألمانيا إلى تخفيض ثانى أكسيد الكربون بنسبة 50٪ بحلول عام 2030، موضحاً أن القطارات هناك تحمل كل شىء، بما فيها السيارات، بالإضافة إلى وجود ملاهٍ للأطفال بداخلها، ولكن أسعار التذاكر مرتفعة نظراً للتكلفة العالية، موضحاً أن أى رئيس لشركة السكك الحديدية لا يحقق أرباحاً يتم عزله على الفور، وكشف أن خطوط السكك الحديدية بألمانيا تصل سرعة قطاراتها إلى 450 كم فى الساعة حالياً.

وأكد «عازر» أن ألمانيا وغيرها من الدول المتقدمة تخصص أموالاً كثيرة لتطوير المواصلات، خصوصاً القطارات واعتمادها على الطاقة النظيفة حيث تصدر ألمانيا 30٪ من طاقتها لأوروبا، وتنقل طاقة الرياح بين برلين وميونخ على مسافة 900 كيلومتر.

{long_qoute_2}

ركبنا أحد القطارات السريعة بصحبة عازر الذى أكد أن القطار صار يحل محل الطائرة حتى فى الرحلات السياحية البعيدة والطويلة، حيث يمكنك عبر الإنترنت أن تفعل كل شىء، ومعرفة أسعار التذاكر المختلفة، والقيمة تكون قليلة، خصوصاً إذا كانت التذكرة لوقت محدد والمحطات قليلة، والعكس صحيح. سعر التذكرة يتناسب مع عدد المحطات، فالمحطات الثلاث مثلاً بنحو ثلاثة يورو ونصف، وإذا قمت بتغيير التذكرة تدفع أكثر.

شرح عازر كيفية تصميم المحطة والإضافة المهمة التى قام بها حيث قام بتصميم المبنى، وكأنه «مائل» حتى يتناسب مع كل المواصفات المطلوبة والأجواء المتغيرة وتناسبها مع الطاقة.

يقول إنه قبل التصميم تمت دراسة كل شىء، من أول عدد السكان فى المدينة وعدد المواطنين الذين يستخدمون القطارات نهاية بأنماط الركاب وكيفية تعاملهم مع المواصلات المختلفة.

الدولة تدعم المترو بنحو 25٪ والسكة الحديد تخسر أحياناً لأنها خدمة عامة، رغم وجود مساهمات للقطاع الخاص.

وأضاف عازر: إنه لا يمكن وقف أو إلغاء رحلة لأى قطار حتى لو لم يركبه أى راكب، وهناك جداول معلنة يتم تغييرها مرتين فقط كل عام، كما أن توقف القطار فى محطة معينة يعتمد على دراسات شاملة مثل عدد مرات الركوب والسكان والتكاليف، ويمكن إلغاء محطة بالكامل إذا صارت غير اقتصادية فى التكاليف.

{long_qoute_3}

زار الوفد الصحفى مصنع سيمنز للقطارات بمدينة ميونخ واطلع على عملية تصنيع وتجميع الجرارات، كما قام برحلة على أحد الجرارات التى تعمل بالكهرباء، وأوضح ألبرشت نويمان، نائب الرئيس التنفيذى الأول لكافة قطارات ألمانيا أن المصنع جمع نحو 220 ألف جرار منذ تأسيسه عام 1838، وهناك فروع أخرى بأمريكا وروسيا وإيران وأن المصنع قام عام 1960 بإنشاء نظام إشارات كهربائى فى طريق أسيوط وسوهاج، بالإضافة إلى إنشائه نظام التحكم الآلى فى سير القطارات عام 1980 يكون مسئولاً عن مراجعة السائقين فى الالتزام وما زال يعمل هذا النظام حتى الآن بالسرعات، كما أن الشركات تعاقدت مع هيئة سكك حديد مصر على الإشارات الكهربائية فى طريق المناشى، كما أسست 50٪ من نظام تحويلات السكك الحديد، وأخيراً حازت الشركة مناقصة طريق بنها وبورسعيد بمسافة 260 كم لتحديث نظام الإشارات، وتسعى حالياً للفوز بتوريد جرارات لهيئة سكك حديد مصر.

وأكد فلويد أن الشركة أعدت دراسة حول قطاع النقل فى مصر أكدت أن متوسط السرعة داخل القاهرة فى أوقات الذروة وصل إلى 6 كم فى الساعة، بالإضافة إلى زيادة التكلفة الاقتصادية والبشرية والآثار السلبية على نوعية الركاب، وبالتالى فالسكك الحديدية هى الطريقة الأساسية لنقل ملايين المصريين من محدودى الدخل، بالإضافة إلى تقديم خدمة أمنية واقتصادية وطالبت الدراسة بضرورة تغطية المناطق ذات الكثافة المرورية المتزايدة بشبكات للمترو.

وأشارت سابرينا سوساسات، الرئيس التنفيذى لمصنع القطارات بميونخ إلى أن الشركة بصدد توريد جرارات حديثة وذات كفاءة عالية لمصر ويتم التفاوض مع شريك محلى هو مصنع 2000 الحربى من أجل توفير جسم الجرار من الصلب المصرى، بالإضافة إلى توفير وظائف وتدريب على مستوى عال للعاملين، موضحاً أن سرعة الجرارات تصل إلى 161 كم واستهلاكها من الوقود اقتصادى، بالإضافة إلى سهولة الحصول على قطع الغيار والدعم الفنى من خلال أعلى مستويات الخبرة فى تصحيح الأخطاء والتحديث والإصلاح الشامل والخدمة الشاملة أيضاً التى تضمن التكامل بين ورش الشركات للتوسع فى أعمال الصيانة.. وأشارت إلى أن كل العمليات التشغيلية تتم بشكل متزامن حيث تتوافق المهارات الإنتاجية مع مهارات العملاء.

وأكد م. طارق على، نائب الرئيس التنفيذى الأول لأنظمة وحلول النقل بشركة سيمنز مصر أن مصر تعمل على توسيع الطاقة الاستيعابية لشبكة السكك الحديد التى تنقل نحو 500 مليون مسافر سنوياً، وهناك مناقشات حالياً بين سيمنز والهيئة من أجل توفير جرارات وفقاً لأعلى المعايير الدولية موضحاً أن جرارات الشركة تتميز بانخفاض تكاليف تشغيلها مع الحفاظ على البيئة والموارد فى ذات الوقت، كما أن ذلك سيساهم فى التنمية الاقتصادية من خلال تقليل النفقات، والمساهمة فى زيادة إنتاجية المراقبين وتوفير فرص عمل وأسواق جديدة من خلال ربط شبكة النقل بالمدن الجديدة.

وأشار م. طارق إلى أن شركة سيمنز تتميز بتصنيع الجرارات التى تتلاءم مع ظروف مصر، ومنها انخفاض تكاليف الصيانة وتوفير نسب استهلاك الوقود بالإضافة إلى التزامها بتوطين الصناعة لمصر، حيث يمكن للشركة إنشاء مركز مجمع وتصنيع بعض مكونات الجرارات فى مصر وخدمات الصناعة، بالإضافة إلى الاتفاق على توفير بعض المكونات المحلية فى عملية التصنيع، مثل الحديد والصلب، كما ستنقل الشركة خبراتها الدولية للسوق المحلية، وقد قامت بالفعل بهذه التجربة مع العديد من الدول ذات الظروف المشابهة لمصر.

وأضاف م. طارق أن أهم التحديات التى تواجه عمليات تصنيع القطارات تتمثل فى كيفية تصنيع قطار سريع، خفيف الوزن.

مشيراً إلى أن العمر الافتراضى لقطارات سيمنز من 30-40 عاماً وتوفر أعلى عائدات على الاستثمار على مدار دورة حياة المنتج، بعد ذلك تحتاج هذه القطارات إلى استبدالها نظراً لأن نفقات تحديث تكنولوجيا قديمة وصيانة القطار قد تكون أعلى من تكلفة قطار جديد، موضحاً أن المرحلة الأولى التى نهدف إليها هى توفير جرارات يمكن أن تساهم فى تطوير منظومة السكك الحديدية فى مصر وتجميع المكونات محلياً ويمكن أن يساعد ذلك مصر فى أن تتحول لاحقاً لقبلة لهذه الصناعة فى المنطقة.

وقال إن سيمنز نجحت بالفعل فى تصنيع قطار كهربائى فائق السرعة بلغت سرعته 357 ك/س، إلا أن المشكلة التى تواجه هذه القطارات هى أنها تحتاج توفير مسارات خاصة، كى تتلاءم مع هذه السرعة، وهو ما يحتاج إلى استثمارات أخرى، وعدد مثل هذه المسارات ما زال محدوداً حتى فى دول مثل ألمانيا، ولكننا نوفر قطارات تتناسب مع ظروف ومتطلبات كل دولة.


مواضيع متعلقة