مصر وعملية «اختطاف» ترامب!

أحمد رفعت

أحمد رفعت

كاتب صحفي

السطور التالية تستحق انتباهاً كبيراً ليس من القارئ فحسب، وإنما أيضاً من الأجهزة المصرية المختصة.. أو حتى من أجهزة الدول العربية المختصة كلها.. وكان عنوان هذا المقال هو «انتهت هيلارى.. لكن لم تنته المؤامرة»، لكننا آثرنا أن ننتقل بالمقال وعنوانه خطوة إلى الأمام.. فنحن أمام وضع معقّد للغاية، حتى إنه يدفع إلى تساؤلات عديدة جعلت البعض يتوقع معها أن يكون مصير الرئيس الأمريكى المنتخب «ترامب» هو نفس مصير الرئيس الأمريكى الراحل «جون كيندى»، الذى قُتل فى الستينات فى ظروف غامضة، وقُيدت عملية الاغتيال رسمياً ضد مجهول.. فكلاهما -كما يبدو- جاء إلى البيت الأبيض دون موافقة الحكومة الخفية السرية التى تحكم العالم، والتى أصبح يقيناً أن حكام البيت الأبيض واجهة لها يقدمون ثمن وصول بعضهم إلى موقعه.. فمثلاً.. لا شىء، ولا خلاف حقيقياً، ولا أزمة تاريخية تدفع هيلارى كلينتون إلى عداء الدول العربية يجعلها تسعى لتقسيمها وتمزيقها وتفتيتها وأن تُشعل هذه الدول بالمعارك والدمار والخراب والنيران والدماء والقتلى والجرحى ولا يبقى أمامنا إلا أن هذه الخدمات تُقدم إلى طرف خفى، لكنه حاضر على الدوام خلف الستار.. يحكم دون أن يظهر فى الواجهة.. يتحكم دون وجوده فى مقر الحكم.. يوجّه من بعيد، وهو على الدوام يمتلك من الكروت ما يجعله يتحكم تماماً فى الحاكم الرسمى، ويخضعه ويجعله بشكل دائم تحت سيطرته، قادراً على تدميره فى أى لحظة بالفضائح السياسية أو المالية أو حتى الأخلاقية!

من يؤمن بالسطور السابقة سيؤمن أيضاً أن إضعاف مصر ليس هدفاً مجرّداً.. إنما مطلوب ليبقى طرف آخر فى منطقتنا قوياً.. منفرداً بالهيمنة دون رادع من «خصم» هو الأصل فى المنطقة، وقوته ممتدة تاريخياً وجغرافياً، لذلك يجب إضعاف هذا الخصم (مصر)، لينفرد ذاك الآخر (إسرائيل) بالمنطقة وبمخططاته فيها، وليحقق فى النهاية نبوءاته المقدّسة التى يستمد منها كل حكامه وقياداته شرعيتهم وشرعية استمرارهم على واجهة المشهد السياسى، حتى إن بعضهم استمر به ما يقرب من 70 عاماً كاملة، وربما بما يزيد على عمر الدولة العنصرية الإرهابية العدوانية نفسها!

بالفرضين السابقين يمكنا القول إن المؤامرة على مصر والمنطقة مستمرة.. سواء كان «ترامب» فى البيت الأبيض أو «هيلارى».. لسبب بسيط جداً هو أن المتآمر باقٍ كما هو، ويملك من الأدوات ما يمكنه من التآمر على «ترامب» نفسه.. كما أن الهدف الحقيقى للدولة الصهيونية لم يتحقق، ليقبل القائمون عليه أن يتعطل، ولا أن يتراجع بسبب وجود شخص فى البيت الأبيض لا يخضع للهيمنة.. فقد وصل الرجل بذراعه كما يقولون، بعد أن وقفت كل أدوات هذه الحكومة الخفية التى تحكم العالم ضده.. من وسائل إعلام وفضائيات وصحف ومجلات ووكالات أنباء ونجوم سينما ومراكز قياس للرأى العام، وغيرها وغيرها..

وبعيداً عن قناعاتنا الشخصية عن وجود هذه الحكومة السرية، التى يعتبرها البعض وهماً رغم إيمانهم أنفسهم بوجود ما يُسمى «اللوبى الصهيونى» بالولايات المتحدة، فإن صحيفة شهيرة ومهمة هى «إكسبريس» البريطانية تنشر أسماء وتفاصيل المنظمات السرية الخمس التى قالت إنها تحكم العالم بالفعل، حتى إن مؤسسة إعلامية معروفة مثل «آر تى» الروسية وموقعها الإخبارى ينقل فى 17 يونيو الماضى التقرير الخطير ويعيد نشره، حيث يذكر جمعية «بيلدر بيرج»، التى تشكلت فى هولندا عام 1954 بواسطة العائلة المالكة هناك، ويعتبرها نقلاً عن الإكسبريس الأقوى من بين المنظمات السرية الخمس حتى إنها تعتبرها حكومة العالم السرية فعلياً، وتقول إنها تضم أكثر من 150 شخصاً من كبار القادة والسياسيين ورجال المال والاقتصاد فى أوروبا وأمريكا، وكان الهدف من تشكيلها الجمع بين القادة الأمريكيين والأوروبيين لتعزيز العلاقات والتعاون فى القضايا السياسية والاقتصادية والدفاعية، ومن أشهر أعضاء الجمعية المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل وهنرى كيسنجر وتونى بلير وديفيد كاميرون ورئيسة الوزراء البريطانية الراحلة مارجريت تاتشر، ويُعتقد أن جمعية «بيلدر بيرج» هى التى تُخطط وتضع سياسات النظام العالمى الجديد وتحاول فرض حكومة عالمية واحدة، وما لم تقله الصحيفة ولم ينقله الموقع الروسى وقلناه عند الحديث قبل أسابيع عن المؤامرة على السعودية، وكان قبل صدور قانون «جاستا» إن ممثلين لأكبر وأشهر العائلات اليهودية موجودون فى هذه الجمعية، ومعهم عدد من رؤساء وكالات الاستخبارات العالمية، على رأسهم «سى آى إيه»، وإن هذه الجمعية لعبت بشكل مباشر أدواراً مهمة فى الصعود والهبوط بأسعار النفط وبحجم التجارة العالمية وعدد من صراعات العالم!

تأتى جمعية «الجمجمة والعظام» التى تشكلت عام 1832 طبقاً للصحيفة البريطانية، وكما نقله الموقع الروسى فى جامعة «ييل» الأمريكية بمبادرة من أشهر أساتذتها، وكان من أبرز أعضائها الرئيس الأمريكى السابع والعشرين وليام هوارد تافت الذى تولى الرئاسة من عام 1908 إلى عام 1912، وكانت العضوية فى الجمعية متاحة للمنحدرين من أسر نبلاء أمريكيين من الأصل الأنجلوساكسونى البروتستانتى من المؤمنين بالمسيحية الصهيونية التى تؤمن بكامل النبوءات اليهودية وتولى أعضاؤها مناصب مهمة فى شتى المجالات، ومن أشهر أعضائها الحاليين وزير الخارجية الأمريكية جون كيرى، والرئيس الأمريكى الأسبق جورج بوش الأب، ونجله جورج دبليو بوش، ويتهم مؤيدو نظرية «المؤامرة» وفقاً للموقع والصحيفة هذه الجمعية بأنها مسئولة عن صناعة القنبلة النووية وإلقائها على اليابان، واغتيال الرئيس الأمريكى الأسبق جون كيندى، إضافة إلى الكثير من الحوادث العالمية!

توجد جمعيات سرية أخرى خطيرة جداً فى تركيبها وعضويتها وحركتها وأدوارها، ربما تعرضنا لها فى ما بعد.. لكن الآن نتساءل: هل يمكن أن يترك هؤلاء «ترامب»؟ هل يمكن أن يتركوه يتصالح مع روسيا ويتحالف مع «السيسى» لمواجهة الإرهاب العالمى؟ وماذا لو تم التخلص من «داعش» فى أشهر أو فى العام الأول من حكم «ترامب».. مع من ستتصارع الولايات المتحدة؟ فوفقاً لعلم الاجتماع السياسى، لا بد من عدو تصارعه وتحاربه أمريكا وإلا ستنفجر مشكلاتها الداخلية، حيث يبقى وجود عدو تواجهه السبب فى بقاء أمريكا موحّدة لوجود خطر واحد يواجهه الأمريكيون.. لذلك سيكون «ترامب» أمام خيارين.. انحياز كامل ومطلق لإسرائيل، بما يجعل التحالف عربياً وإسلامياً معه غير ممكن، وسيصل إلى حد المستحيل إن نقل سفارته إلى القدس الشريف.. وبالتالى سيكون هذا أول الأهداف الموضوعة.. والثانى هو إدخاله فى أزمات ودوامات بدأت بعملية تهويشه بلقاء «أوباما» الذى أبلغه بأنه يرغب فى «تسليم سلس» للسلطة فى سابقة لم تحدث من قبل، ومعها مظاهرات ساخنة، قيل إن ممولها هو «جورج سورس» ممول الربيع العربى أيضاً، لنُدرك أن «جر شكل» ترامب قد بدأ.. وتبدو خطة «اختطافه» سياسياً وتوجيهه إلى الطريق المطلوب بما يحول مساره كله، هى الأقرب.. وتبقى هذه خطة الجزرة.. وإلا فخطة العصا جاهزة أيضاً!