حين تتحول الطفولة إلى «مادة إعلانية»: «حاجة لله»

كتب: إمام أحمد

حين تتحول الطفولة إلى «مادة إعلانية»: «حاجة لله»

حين تتحول الطفولة إلى «مادة إعلانية»: «حاجة لله»

«تبرعوا لأطفال مرضى السرطان»، «اكفل طفل يتيم»، «شارك معنا لخدمة الأطفال»، عبارات كثيرة تصاحبها وجوه أطفال مفعمة بالبراءة والحزن فى فقرات إعلانية مكرّرة على شاشات التليفزيون طوال العام، ملايين الجنيهات تُنفقها المؤسسات والمراكز لتدشين هذه الحملات الإعلانية التى يتصدّر بطولتها ممن هم دون السن، سواء مرضى أو أصحاء، لكن وجوههم البريئة تستميل عاطفة البعض ممن يسارعون بالتبرّع على أرقام الحسابات البنكية المعلنة.

{long_qoute_1}

«جريمة بلا شك، جريمة أخلاقية، وقانونية أيضاً»، قالها أحمد المصيلحى، رئيس شبكة الدفاع عن أطفال مصر بنقابة المحامين، الذى أكد أن القانون المصرى رقم 126 لسنة 2008 يعاقب على الإعلانات التى يظهر فيها الأطفال لجمع التبرعات، ويعتبرها جريمة تصل عقوبتها إلى الحبس لمدة خمس سنوات، رافضاً ما يتردّد عن حصول الجهات المعلنة على موافقات الأطفال أو أسرهم: «لا يُعتد بموافقة الطفل أو أسرته، والدستور من قبل القانون يُجرّم أى استغلال للأطفال، وكذلك الاتفاقيات الدولية الموقّعة عليها مصر، مهما كان الغرض المعلن أو المبررات التى يتم ترديدها». «المصيلحى» أوضح أن القانون حظر نشر صور الطفل أو أى بيانات له حال عرض أمره على الجهات المختصة كوزارة الصحة والمستشفيات التابعة لها، لكن ما تبثه شاشات التليفزيون فى الفقرات الإعلانية يختلف عن ذلك تماماً، حيث يظهر الطفل بملامحه كاملة وواضحة وبياناته، بل يقرأ نصاً إعلانياً بصوته فى بعض الأحيان: «العقوبة ليست الحبس فقط، لكن أيضاً هناك غرامة من الممكن أن تُحدّدها النيابة العامة أو المحكمة».

إلى جانب ما تمثله الظاهرة من جريمة يُعاقب عليها القانون، فهى كذلك جريمة مهنية تقوم على استغلال الأطفال فى رأى الدكتور صفوت العالم، أستاذ مادة الإعلان بجامعة القاهرة، الذى أبدى غضبه جداً من الظاهرة: «دى مش انتهاك، دى قلة أخلاق وقلة ذوق وقلة مهنية»، موضحاً أن تأثير هذا النوع من التجارة الإعلانية بوجوه وحالات صغار السن، لا سيما المرضى أو ذوو الاحتياجات الخاصة، لا يمثل انتهاكاً للطفل وحده، لكنه يعتبر انتهاكاً لمجتمع بأكمله: «هذه وسيلة تنشر فى المجتمع ثقافة العطف والمن والتسول والإعانة والاعتماد على الغير، وهى بلا شك استغلال واضح وصريح لحالات أطفال قصّر حتى لو أشيع أنه بموافقتهم ورضا أهاليهم، الحكاية مش موافقة ورفض، هناك قوانين وضوابط ومعايير يجب أن تمنع هذا الأمر السخيف».

المواد الإعلانية التى تعتمد على الطفل، بلا شك تترك تأثيراً سلبياً على هذا الطفل وغيره ممن هم فى مثل سنه، الأمر الذى يعتبره «العالم» غير مقبول إنسانياً، سواء كانت الغاية الحصول على التبرعات أو الترويج لمنشأة أو خدمة أو سلعة ما، لأن مثل هذا الأمر يمثل انتهاكاً لخصوصية وحرمات البشر، بما تحويه تلك الإعلانات من مشاهد قاسية جداً للمرضى والمحتاجين، خصوصاً أن استخدامهم بهذا الشكل يُعتبر ضد حقوق الطفل المتعارف عليها: «أنا ضدها تحت أى سبب أو مبرر ويجب وضع تشريعات حاسمة، وجهات تنفيذية تعاقب المخالفين».


مواضيع متعلقة