«البوكر» تنتظرك

كتب: أحمد عامر

«البوكر» تنتظرك

«البوكر» تنتظرك

فى صلب الموضوع ندخل..

كاتبى الصغير، انس موهبتك الفطرية، أحرق كل ورقة خطّ عليها قلمك، امحُ عاطفتك وقدرتك على تجسيد وصفك.. لتكبر يا صغيرى، عليك بعدة خطوات..

فلتذهب أولاً، إلى مكتبة والدك حيث اعتدت تضع أدواتك، وهناك غيّر نوع أقلامك، وبدّل أوراقك الناصع بياضها بورق آخر قاتم اللون، وأثناء عودتك، غيّر نوع قهوتك، أو توقف عن شربها من الأساس، لن تحتاجها كثيراً فى فترتك التالية على العموم، وبعد ذلك عد لبيتك، وانزوِ فى أى جحر يبعد عنك عيون من فى البيت، خفّف إضاءة مصابيحك، وافتح ورقك الجديد.

أمسك بيسراك قلمك الذى اعتدت مسكه بيمناك، اعلم أن الأمر سيكون معقداً فى فترتك الأولى، سيزول عنك التعقيد هذا قريباً لا تقلق.. اكتب فى أول صفحة عنواناً جديداً ليس كعناوينك التى اعتدت عليها، نعم تلك البريئة الساذجة، بالمناسبة عليك أن تكف عنها تماماً، فلتمحها من ذاكرتك!، وأخبر قلمك ألا يخاطب عقلاً راقياً أو قلباً طاهراً رقيقاً فى خطوطه المنسوجة ببراعة على ورقك.. بل ابدأ بأسلوب جديد، خاطب فيه قلباً ضعيفاً، عقلاً مخبولاً أو ذهناً مريضاً، استفز شيطان ما سنسميه قارئك الجديد، اعبث بشهواته.. قدّم له المرأة التى يشتهيها كأغلب الرجال -مخبولى العقل ضعاف القلب- قدّمها له أسيرة بين صفحاتك، اكسر حياءً كاذباً كان يدّعيه، صفها بأبشع طرق الوصف الخليعة، تحدث عن نهدٍ هنا وفخذٍ هناك، احرق كوامنه، وحرّك شيطاناً يقف له بالمرصاد.. ولا يضر استخدام عبارات بذيئة أو عامية سخيفة، بل يجذب إلى كتابتك أيضاً من يشتهى البذاءة وكل سخيفٍ، وبالمناسبة هم كثر!، أكسب كتاباتك طابع علم النفس الساحر لعقول الكثيرين، واستعن ببعض العلوم الزائفة الساحرة أيضاً لقلوب العامة، كالتنمية البشرية ومثيلاتها.

هذا كله، إن كنت تملك موهبةً من الأساس يا صغيرى، أما إن كنت لا تملك واحدة فلا تقلق.. تلك المرأة ستفى بالغرض تماماً، ولن يأبه أحد لموهبتك من الأساس.

الآن انتهت الخطوات، هيا نمّق ونسّق كتاباتك سريعاً!، واعرضها على دار نشرٍ من الفئة الرخيصة، ستطبعه عنك وتملأ الأسواق به، فتشتريه فئة القرّاء الكثر السابق ذكرهم.. تم عملك بنجاح يا صغيرى..

الآن أصبحت كبيراً!

فكّر جيداً، فالبوكر تنتظرك هناك!


مواضيع متعلقة