النائب الأول السابق لرئيس محكمة النقض: ليس معقولاً أن تنعقد 59 دائرة بـ«النقض» فى 4 قاعات فقط

كتب: أحمد البهنساوى

النائب الأول السابق لرئيس محكمة النقض: ليس معقولاً أن تنعقد 59 دائرة بـ«النقض» فى 4 قاعات فقط

النائب الأول السابق لرئيس محكمة النقض: ليس معقولاً أن تنعقد 59 دائرة بـ«النقض» فى 4 قاعات فقط

قال المستشار أحمد عبدالرحمن، النائب الأول لرئيس محكمة النقض سابقاً، إن مشكلة بطء التقاضى ظاهرة عامة مزمنة تتطلب تدخلاً تشريعياً عاجلاً من الجهات المختصة، حتى لا تحدث ثورة على العدالة (على حد قوله) مطالباً بتعديل قانونَى العقوبات والإجراءات الجنائية بحيث تتصدى محكمة النقض للحكم فى موضوع القضية إذا قبلت الطعن للمرة الأولى.

{long_qoute_1}

وأكد «عبدالرحمن»، فى حواره مع «الوطن»، أن العدالة فى مصر تفتقد كثيراً من الإمكانيات الفنية التى تتاح فى العديد من الدول العربية التى يعمل بها قضاة مصريون، مشيراً إلى الحاجة الماسة لترميم المحاكم التى احترقت إبان ثورة 25 يناير، وزيادة عددها لاستيعاب القضايا الكثيرة التى يتم نظرها.. وإلى نص الحوار:

■ ما سبب بطء التقاضى فى مصر وعدم تحقيق العدالة الناجزة حتى الآن؟

- لا شك أن مشكلة بطء التقاضى ظاهرة عامة مزمنة وتتشابك فيها عدة أسباب، ومن الضرورى لحلها تعديل التشريعات ذات الصلة لتحقيق العدالة الناجزة، وتأهيل وترميم دور العدالة، خاصة أن بعضها متهالك، فضلاً عن توفير الإمكانيات الفنية والجو المناسب والظرف الملائم للقاضى حتى يفصل فى القضايا الموكلة إليه بالسرعة المرجوة.

{long_qoute_2}

■ ما الذى يمكن فعله للقضاء على هذه المشكلة؟

- إقرار تعديل تشريعى فى إجراءات الطعن أمام محكمة النقض، فضلاً عن تعديلات أخرى فى قانونَى العقوبات والإجراءات الجنائية، وهذا لا يغيب عن ذهن المسئولين أو المختصين بالتشريع، سواء مجلس النواب أو وزارة العدل أو اللجنة التشريعية بمجلس الوزراء، لكن المشرع يحاول أن يوفر ضمانات للمتهم، وفى نفس الوقت سرعة الإنجاز التى تؤدى أحياناً لإخلال بحق المتهم، وبالتالى فيجب أن يسعى الجميع لإيجاد توازن بين حق المتهم وسرعة التقاضى فى نفس الوقت.

■ البعض قد يتخوف من تأثير تعديل قانون الإجراءات الجنائية على حقوقهم فى محاكمة عادلة مثل تصدى النقض للموضوع بعد قبول أول طعن.. ما تعقيبك؟

- بالعكس كل التعديلات المقترحة فى هذا المجال هى فى صالح المحكوم عليهم أو رافعى الدعوات القضائية، ولا بد أن يعلم الجميع أن القانون وُضع منذ أمد طويل وأن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والبيئية تغيرت، فكان ينبغى على المشرع إحداث تلك التعديلات، لكنه تأخر كثيراً نتيجة التغييرات التى طرأت فى المجتمع المصرى، خاصة بعد ثورتَى 25 يناير و30 يونيو. وفى كل الأحوال أؤكد أنه لا بد للمشرع وهو يجرى التعديل أن يعمل على ضمان المحافظة على توفير أكبر قدر ممكن من الضمانات للمتهم، وفى نفس الوقت سرعة الإنجاز بمعنى إحداث توازن بينهما. {left_qoute_1}

■ برأيك ما تأثير بطء التقاضى على العدالة ذاتها؟

- بطء التقاضى يؤثر سلبياً على نفوس المحكوم عليهم وذويهم، خاصة فى المحاكم المدنية، فكلما تأخر إصدار الحكم يُلقى ذلك ضغطاً على المتهم، خاصة إذا كان محبوساً، فيطالب بسرعة تحديد المركز القانونى له، كما أن القضايا متراكمة نتيجة القوانين غير الصالحة حالياً للتطبيق، ومن ثم فدفاع المتهمين من ناحية يستغلون هذه الوسائل القانونية فى كل القضايا نظراً للضمانات والإجراءات التى نص عليها القانون لصالح المحكوم عليهم فى القضايا.

■ ما أبرز التعديلات التشريعية التى من شأنها تحقيق العدالة الناجزة؟

- يجب إجراء تعديل فى قانون إجراءات حالات الطعن بالنقض، فلا بد من تعديله وقصره على درجة واحدة بحيث إذا نقضت الحكم يتعين عليها أن تتصدى لنظر الطعن نفسه دون الإعادة مرة أخرى إلى محكمة الجنايات أو محكمة الجنح المستأنفة بشرط توفير كافة الإمكانيات الفنية.

■ هل أعداد المحاكم كافية؟

- بالطبع لا، فلدينا على سبيل المثال 27 دائرة جنائية بمحكمة النقض الموجودة بدار القضاء العالى، وهو مبنى عتيق لا يسع أكثر من 4 قاعات، هذا بخلاف 32 دائرة مدنية، فهذا لا يمكن أن يكون متناسباً مع حجم الطعون، والأعضاء وأصحاب الطعون فى المحكمة، وبالتالى ترتب عليه أن الدوائر تنعقد مرتين شهرياً، وكانت قديماً تنعقد 4 مرات أسبوعياً، مما يترتب عليه سرعة الفصل والإنجاز فى القضايا.

لكن فى الوقت ذاته المشكلة معقدة، فالدولة تحتاج أن تتدخل بسرعة خشية من «ثورة على العدالة»، بما يعنى ضرورة الإسراع فى بناء دور المحاكم لأن بعضها غير صالح للقضاة، فبعض المحاكم فى الوجه القبلى أو البحرى أو محاكم على مستوى القاهرة لا تصلح لأن تكون دور عدالة، وعلى سبيل المثال ذهبت فى زيارة إلى الصين عام 92 وكان الكمبيوتر متوافراً مع سكرتير الجلسة، الآن لا يزال السكرتير فى مصر يكتب بخط يده ويترتب عليه نتائج مدمرة نتيجة الأخطاء اللغوية والنحوية.

■ ما الحل من وجهة نظرك؟

- نطمح إلى تشكيل لجنة على مستوى عال من شيوخ القضاة والمحامين وغيرهم من المختصين بتحقيق العدالة الناجزة لنظر الأمر وحل كل المشكلات العالقة.

■ ألا يتحمل القضاة مسئولية فى بطء التقاضى من وجهة نظرك؟

- أضع المسئولية على القاضى عندما أجد من جانبه تقصيراً أو أنه يتهرب من الفصل فى القضايا المسندة إليه، والمفترض أولاً تكثيف عدد الدوائر وتوفير الجو الملائم للقاضى، كما أود أن أشير إلى أن نسبة الفصل فى الطعون فى محكمة النقض تصل إلى 97%، فلا يوجد تأجيل عندنا فى محكمة النقض، فإذا كان يُنسب للمحكمة أنها تحكم وتنقض فهى تنفذ القانون، فإذا عُدل سينفذ أيضاً بحيث يكون الطعن لمرة واحدة وتتصدى للموضوع. أخيراً أشدد على أن أعداد المحاكم ليست كافية، كما قلت محكمة النقض بها 4 قاعات فقط، ومجمع الجيزة على سبيل المثال فى حالة يرثى لها، والمشكلة معقدة فهى لا تتوقف عند قلة عدد المستشارين والنيابة العامة والقضاة، بل تعدتها ووصلت للقوانين التى يجب إعادة النظر فيها فى أقرب وقت ممكن، وتذكر ما قاله الرئيس عبدالفتاح السيسى عقب تشييع جنازة النائب العام الراحل هشام بركات «أنا مش هعزيكم إلا بعد تعديل التشريعات».

■ ما الذى يعيق إقرار تلك التعديلات حتى الآن؟

- هذه منظومة متشابكة ومعقدة، هناك مجلس نواب ومجلس دولة ومجلس وزراء به لجنة تشريعية، فضلاً عن وزارة العدل، وهؤلاء يحتاجون جميعاً لتنسيق لإعادة النظر فى القوانين التى تحقق العدالة الناجزة، المشكلة معروفة ولا تحتاج دراسات أو غيره «لكن مين اللى هيعمل»، فالمسئولية ليست مسئولية فرد واحد.

■ ما الذى قدمته محكمة النقض حينما كنت نائباً لرئيسها فى هذا المجال؟

- طالبنا بتعديل قوانين، منها قانون السلطة القضائية، وأرسلناها لمجلس الوزراء ومجلس الشعب، «ومحدش سأل»، وطالبنا بالنسبة لاختيارات رئيس النقض بأن يكون الاختيار من بين 3 مرشحين.


مواضيع متعلقة