وزير الاتصالات اللبنانى: «حزب الله» أجبر اللبنانيين على الرضوخ لمرشحه أو انهيار الدولة

كتب: محمد حسن عامر

وزير الاتصالات اللبنانى: «حزب الله» أجبر اللبنانيين على الرضوخ لمرشحه أو انهيار الدولة

وزير الاتصالات اللبنانى: «حزب الله» أجبر اللبنانيين على الرضوخ لمرشحه أو انهيار الدولة

بعد نحو عامين ونصف عام من الفشل يعقد البرلمان اللبنانى اليوم جلسة جديدة لاختيار رئيس للبلاد باتت مخرجاتها شبه منتهية بإعلان رئيس التيار الوطنى الحر العماد ميشال عون رئيساً جديداً للجمهورية اللبنانية. فى هذا الإطار اعتبر وزير الاتصالات اللبنانى النائب بطرس حرب فوز «عون» انتصاراً لإيران فى مواجهة السعودية، كون «عون» هو مرشح «حزب الله». وقال الوزير المعارض لاختيار «عون»، فى حواره لـ«الوطن»، إن «حزب الله» وضع اللبنانيين فى خطر وأن يرضخوا لمرشحه أو انهيار الدولة.

■ بداية معالى الوزير، اليوم تعقد جلسة للبرلمان اللبنانى لاختيار رئيس جديد للبنان، هل يمكن القول إن الأمور انتهت بالفعل لصالح العماد ميشال عون؟

- بتصورى وفق المعطيات الموجودة فإن الأمور حُسمت لصالح العماد ميشال عون ليكون رئيساً جديداً للبنان، هل من الممكن أن تحدث مفاجأة بين يوم والثانى؟ بالطبع أنا لا أعرف، ولكن فى تقديرى حُسمت العملية الانتخابية لمصلحة العماد عون.

{long_qoute_1}

■ على أى أساس تكوّن التوافق حول شخصية ميشال عون ليكون الأقرب لرئاسة لبنان؟

- هذا هو السؤال الذى نطرحه نحن أيضاً، كل الظروف السياسية والصراع السياسى القائم منذ سنوات كان رافضاً ومناقضاً من قبل «14 آذار» للسياسة التى اتبعها العماد ميشال عون فى الفترة الأخيرة. وكانت مفاجأة لنا أن بعض القوى السياسية من صميم وبقيادة «14 آذار» قررت أن تصوت لصالح «عون» رئيساً للجمهورية.

■ وما تقديرك لمبررات موقفهم؟

- هذا الأمر ربما يعود عملياً إلى الحالة التى تمكّن العماد عون وحزب الله من وضع لبنان فيها، ووضع اللبنانيين فى حالة خطر جعلتهم يختارون بين استمرار الخطر وإمكانية انهيار البلد ومؤسساته، وبين الرضوخ للاتجاه السياسى الذى مارسه ذلك الفريق فى مواجهة اللبنانيين، فنجحوا فى ذلك.

■ برأيك ماذا يعنى فوز العماد ميشال عون برئاسة لبنان؟

- أولاً بالنسبة لى أنا حريص منذ فترة طويلة على ضرورة انتخاب رئيس جديد للبلاد، هذا لا يعنى أننا نأمل فى الرئيس القادم أن يكون من رأينا، نحن نعتبر وجود رئيس فى البلد أمر إيجابى وعدم وجود رئيس يعرض البلاد لمخاطر. إلا أن نجاح العماد عون فى رئاسة لبنان يعنى نجاح نظرية فى مواجهة النظرية التى كنا نحن نبشر بها، ولا سيما موقف لبنان الحيادى وعدم التدخل بالصراعات القائمة فى محيط لبنان، بالإضافة إلى موقفنا من الدولة ومؤسساتها واحترامنا للدستور واحترامنا لاتفاق الطائف، وحياد لبنان فى القضايا الإقليمية، كل هذه الأمور أنا أعتبر بوصول العماد عون لرئاسة لبنان أنها ذهبت فى الاتجاه المعاكس. وبالتالى قد يؤدى أو قد يقحم لبنان فى الصراع الإقليمى ولا سيما الصراع الإيرانى العربى، وهذه الأمور ستكون لها انعكاسات مضرة بلبنان.

{long_qoute_2}

■ هل مسألة اختيار رئيس جديد للبنان عكست جانباً من الصراعات الإقليمية فى المنطقة وخاصة بين السعودية وإيران؟

- فى تصورى طبعاً كل ما يجرى فى المنطقة والتطورات الحادثة فى المنطقة العربية لها انعكاساتها على الواقع الداخلى اللبنانى، بالطبع تعثر حل القضية السورية والاتجاه الآن ضد الأحداث فى سوريا لإعادة تحصين النظام الذى يخوض حرباً ضد شعبه، هذا دلل على أن الانتهاء من النظام السورى غير متيسر الآن. ثانياً: اندلاع الحروب والحروب الأهلية والصراعات فى كل المنطقة العربية، ودخول إيران تغذى هذه الحركات فى مواجهة المملكة العربية السعودية وحلفاء المملكة من دول الخليج وغيرها من الدول العربية، كل ذلك وضع لبنان فى محور الصراع. وبالتالى المسعى الذى كان يحدث بأن نجنب لبنان الانفجار من الداخل نجح إلى فترة بعيدة، لكن هذا لم يحصن لبنان من حدوث هذه الانعكاسات التى يمكن أن تكون دراماتيكية. فوز «عون» قد يؤدى بالنتيجة، إذا أحسن التصرف بالطبع واحتكم لصوت العقل وسعى للحفاظ على الثوابت الوطنية اللبنانية وسيادة لبنان وحرية اللبنانيين فى اتخاذ قرارهم وتجنب الصراعات العربية والألغام العربية، أتصور إذا تمكّن من ذلك سيتوافر لنا نوع من الحصانة، أما إذا أخفق فى ذلك فبالطبع سيتعرض لبنان لمخاطر أكبر.

■ إذا كانت تلك الصراعات الإقليمية لها انعكاساتها على اختيار رئيس جديد للبنان، فى رأيك فوز «عون» بالمنصب انتصار لمن من الأطراف المتصارعة فى المنطقة؟ السعودية أم إيران؟

- التفسير العملى والمباشر، نعم، هناك انتصار لفريق فى وجه فريق عربى، وصار هناك انتصار لفريق فى وجه فريق آخر لبنانى، الفريق اللبنانى الذى كان ضد اختيار «عون» وضد حلفائه، هذا الفريق اللبنانى وافق على انتخابه لتجنب دفع البلاد نحو انعكاسات أخطر، لتجنب دفع البلاد نحو حالة انهيار أكبر، وحالة تفتت للدولة لا يمكن جمعها. هذه هى العناصر التى ضغطت على الفريق الذى أيّد العماد عون، وهناك فريق، ونحن منه، يعتبر الانصياع لهذه السياسة والإذعان لها للفرض، إما ننتخب ميشيل عون أو ليس هناك رئيس جمهورية، نحن نعتبرها تشجيعاً على أن تكون لغة القوة أقوى من لغة القانون والدستور والحق، وهذا بالطبع نحن لن نوافق عليه. الصراع بين السعودية وإيران فى المنطقة تسبب فى عدم التوافق حول رئيس جديد للبنان خلال الفترة الماضية، وفوز «عون» يعنى أن الاختيار الإيرانى نجح فى مواجهة الاختيار السعودى.

■ معالى الوزير، هل فوز السيد «عون» سيكون له انعكاسات على توجهات لبنان الخارجية، خاصة ما يتعلق بالأزمة السورية؟

- هذا بالطبع إذا كان العماد «عون» يريد تنفيذ السياسة التى تلتقى مع توجهه الشخصى وتوجه حزب الله، بالتأكيد ستلتقى مع السياسة الإيرانية والسياسة السورية فى وجه الفريق الآخر. أما إذا كان العماد عون بعد انتخابه رئيساً للجمهورية سيتصرف على أساس أنه رئيس لكل اللبنانيين ولديه رغبة فى تحييد لبنان، بالطبع آن ذلك سيكون الحكم على ما سيقوم به العماد عون من خلال أعمال حكومته، وإذا أحسن فكل الناس ستكون معه، وإذا أساء فنحن لن نقبل التصرف السيئ الذى قد يحدث.

{long_qoute_3}

■ برأيك ما الأولويات التى ستكون على عاتق الرئيس المقبل للبنان؟

- بالطبع أولاً تشكيل حكومة، وأنا رأيى بالحكومة أنه آن الأوان ليبدأ العهد الجديد باعتماد المبادئ الديمقراطية السليمة، بمعنى تشكيل حكومة من الأكثرية وبالطبع لا تدخل المعارضة، والتى هى الأقلية، فى هذه الحكومة، لأنه إذا دخلت المعارضة والموالاة فى حكومة واحدة تصبح عملية المحاسبة صعبة نهائياً ويعم الفساد فى البلد، وهذا ما نشكو منه، ولهذا نتمنى أن العماد عون يعتمد هذا الأسلوب. ونحن كمعارضة لا نطلب الدخول إلى الحكومة، وليس من رغبتنا الدخول فى تلك الحكومة، على العكس نحن رغبتنا أن نمارس ضغطاً فى المساءلة والمراقبة والمحاسبة على أعمال الحكومة. وفى اعتقادى هذا الأمر خطوة جيدة، أولاً شكلنا حكومة تتسلم أمور البلاد، وثانياً أن يكون بيان هذه الحكومة واضحاً وألا يكون بياناً لا تفهم منه إلا ما تريد أن تفهم، أن يكون موضوعه واضحاً ولا خلافات فيه مثلما كان الأمر بالماضى. وثالثاً أن تعمل هذه الحكومة على السعى لإقرار قانون الانتخابات النيابية، وأن تجرى انتخابات جديدة كى تعود الحياة الديمقراطية، بالإضافة إلى حل المشكلات الاقتصادية والاجتماعية العديدة المتراكمة التى تحتاج إلى حكم له رأس، رئيس جمهورية، له حكومة يمكنها التصويت، لأن المشكلة التى وقعنا فيها فى الفترة السابقة هى أننا لم نقدر على التصويت لأنه فى غياب رئيس جمهورية صار هناك نوع من التوافق على ألا نصوت كى لا نوقع البلد فى مشكلات داخلية.

■ هل عملية تشكيل حكومة جديدة بعد قدوم الرئيس المقبل ستجرى بسلاسة أم ستكون هناك صعوبات وخلافات حول من يمثلون تشكيلها؟

- المشكلة التى سيواجهها كل رئيس، بمن فيهم العماد ميشال عون، أنه اعتمد أسلوب الفرض على رئيس الجمهورية، شروط ووزراء معينون، ولا سيما أنه كان مدعوماً من «حزب الله»، هناك فريق يرغب فى فرض شروطه على السيد عون مثلما كان يفرض شروطه على الرؤساء السابقين، وإذا حدث ذلك فإن تشكيل الحكومة يمكن أن يتأخر، إذا العماد عون يرغب فى أن يقوم باستشارات نيابية، ويكلف رئيس حكومة لتشكيل حكومة جديدة كما نتمناه، فهذا أمر جيد، أما إذا كان يريد مراعاة بعض الأطراف ويريد إجراء بعض التسويات وإذا كان يريد إرضاء كل الأطراف مثلما جرى فى السابق، فبالتأكيد الحكومة ستتأخر لأشهر، وهذا بالطبع يؤخر حل الأزمة التى فيها البلاد.

■ كانت هناك مظاهرات فى لبنان تطالب بإسقاط نظام المحاصصة الطائفية، هل لا يزال هذا الحديث مطروحاً فى لبنان؟

- موضوع النظام الطائفى وتطبيق النظام الطائفى بهذا الشكل السيئ وتصنيف كل عمل سياسى وإدارى، بالطبع مطلب دائم لكل العاقلين والشباب بأنه يجب الخروج من هذه الإدارة السيئة للبلد، وهذا المطلب والعمل سيستمر. وأملى من العهد أو الرئيس الجديد أن تكون هناك محاولة للخروج مون النظام الطائفى.

■ وما مدى إمكانية حدوث ذلك؟

- بحسب معرفتى وخبرتى لا أرى الأمر سهلاً، ويمكن تحقيقه فى الظروف الحالية، لكنه مطلب سيستمر لدى اللبنانيين الذين يدركون أنه لن يكون لبنان إلا بمواطنيه من كل الطوائف وبمساواة مواطنيه من جميع الطوائف.

■ هل ترى أن لبنان بحاجة إلى إعادة النظر فى آلية اختيار رئيس البلاد فى ظل المشكلات التى تواجهه عند اختيار رئيس له؟

- إذا قررنا اختيار الرئيس من قبَل الشعب يصبح الرئيس أقوى من كل المؤسسات، وبالتالى يجب أن يتمتع الرئيس بصلاحيات تشبه صلاحيات الأنظمة الرئاسية، ولبنان نظامه برلمانى وليس نظاماً رئاسياً، إذا قرر اللبنانيون أن يتبعوا نظام انتخاب رئيس الجمهورية من الشعب يفترض أن يتم تغيير النظام المتعلق بصلاحيات رئيس الجمهورية ليعبر عن القوة التى مُنحت له، وأن يتم القبول بمنح الرئيس صلاحيات ليست فى نظامنا السياسى المعمول به فى لبنان حالياً، وهذا فيه من الصعوبة الكثير.


مواضيع متعلقة