مستثمر مصرى فرنسى: عامل واحد فى أوروبا يعادل «عنبر» من العمالة المصرية

كتب: سيد جبيل

مستثمر مصرى فرنسى: عامل واحد فى أوروبا يعادل «عنبر» من العمالة المصرية

مستثمر مصرى فرنسى: عامل واحد فى أوروبا يعادل «عنبر» من العمالة المصرية

■ هل هناك عوائق أخرى أمام تدفق الاستثمار الأجنبى؟

- (ضاحكاً) ألم يكف كل ما قلته؟ ومع ذلك أزيدك من الشعر أبياتاً، هناك أكثر من عائق خطير، منها عدم توافر عمالة مؤهلة، وفى نفس الوقت هذه العمالة غير المؤهلة مكلفة على عكس الاعتقاد السائد بأنها رخيصة، وعلى سبيل المثال يستطيع عامل واحد فى مصنع بلاستيك فى أوروبا تشغيل 10 «ماكينات حقن» فى مقابل 30 إلى 40 عاملاً يقومون بنفس المهمة فى مصر، هذا يعنى أن عاملاً واحداً فى أوروبا يعادل «عنبر» من العمالة المصرية، والعدد الكبير يترتب عليه تبعات ومشاكل تستهلك الوقت والمجهود، ويترتب عليها صعوبة الإدارة، وتؤثر سلباً على الإنتاج، وبالتالى إنتاجية العامل فى فرنسا أو ألمانيا أرخص من العامل المصرى مع فرق الجودة، وأقترح أن تقوم الدولة بإقامة مراكز حقيقية للتدريب والتأهيل الصناعى، النقل أيضاً مشكلة، وتكلفته قريبة من أوروبا وأحياناً أعلى، فمثلاً نقل ماكينة برياً من مارسيليا لباريس يتكلف حوالى 200 يورو، ونقل حاوية من برج العرب للقاهرة يتجاوز 2000 جنيه، والسبب فى ذلك أن هناك منظومة نقل تعتمد على أن تقوم الشركات ببساطة بنقل أكثر من طلبية فى نفس الاتجاه ما يخفض التكاليف.

وهناك مشكلة أخرى كبيرة هى عدم وجود كوادر تفهم الصناعة والميكنة فى إدارات ائتمان البنوك، فكثير من موظفى البنوك غير مؤهلين لفهم المشروعات الصناعية، وهو ما يدفع لإقراض المشروعات القائمة وليس الجديدة، بغض النظر عن دراسة الجدوى، إيثاراً للسلامة وتجنباً للمسئولية، وينطبق ذلك على المشروعات الأخرى، وهناك شبه استحالة حصول المشروعات الجديدة على قروض، وهذا إهدار لفرص الاستثمار الحقيقى، وحتى القوانين التى صدرت مؤخراً لتشجيع تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، يتم الالتفاف عليها ولا تحصل على تمويل بسبب عجز المصرفيين عن تقييم دراسات الجدوى، وربما يكون مناسباً أن نؤسس بنكاً متخصصاً لإقراض المشروعات الصغيرة الموظفة لأقل من 10 عمال، وإذا حدث ذلك فسوف تحدث طفرة كبيرة فى الاقتصاد المصرى، لأن الشركات الصغيرة لها مزايا كثيرة، فهى تمثل العمود الفقرى للاقتصاديات المتقدمة، وهى سر حيوية الاقتصاد الألمانى، لأنها تخلق التنوع فى الإنتاج والأفكار، كما أنها أقل قدرة على التهرب من الضرائب وأكثر توظيفاً للعمالة، فهذه الشركات مضافاً إليها الشركات المتوسطة تضم حوالى 60% من إجمالى العمالة فى الدول الغربية.

■ معنى كلامك أن مشاكل الصناعة تتمثل فى البنية التحتية والأيدى العاملة والتشريعات، لكن ماذا عن توجه الدولة وخططها؟

- هذه مشكلة أخرى وخطيرة، لأن الدولة لا تملك استراتيجية صناعية متكاملة، وأى تطور يتم بجهود فردية، وأسأل أى مسئول ما هو النشاط الصناعى المميز فى مصر، أقصد تخصص فيه مزايا نسبية مثل الإلكترونيات فى الهند والصناعات الثقيلة فى ألمانيا؟ لا يوجد، سألت مرة أحد المسئولين ما المانع من تطوير نشاط الخراطة؟ فمصر طول عمرها متميزة فى الخراطة، لكن لم تتم أبداً الاستفادة من هذه المهارة، بحيث تتحول من ورش صغيرة لمصانع كبيرة مغذية لعدد من الصناعات الكبيرة مثل السيارات.

وما الذى يمنع مصر من التركيز على صناعة الإلكترونيات على سبيل المثال؟ ما المانع أن نستعين بـ5 خبراء هنود أو كوريين لتوطين هذه الصناعة المهمة فى مصر؟ المعرفة غير معقدة والتكاليف غير عالية، وطبعاً كثيراً ما تسمع «المسألة مش بالسهولة دى»، لا الحقيقة أن المسألة بالسهولة دى»، لاحظ أن مكاتب التمثيل التجارية لا تخدم نهائياً الصناعة المصرية، والمفروض أن إحدى مهام هذه المكاتب المنتشرة فى كل دول العالم أن تتواصل مع الدولة الموجودة فيها وتقدم أفكاراً وخبرات لصناع القرار فى الداخل وهذا ما لا يحدث، سوف أعطيك مثالاً بسيطاً، هناك مئات الفنانين الصغار الذين يرسمون لوحات جيدة، ما المانع لو تم تسويق هذه اللوحات فى أوروبا؟ هذه لوحات لها سوق كبيرة ومربحة وكل ما فى الأمر أن تتواصل هذه المكاتب أو شركات خاصة مع العاملين فى هذه السوق التى ينشط فيه الإيرانيون بشكل خاص فى الغرب.


مواضيع متعلقة