هوجو تشافيز.. الزعامة لا تموت (2/2)

كان هوجو تشافيز يؤكد دائماً أن الديمقراطية الحقيقية هى الانحياز للفقراء، وهى تعنى الكرامة الإنسانية. يصف الكاتب الصحفى الراحل عادل الجوجرى سيرة الراحل هوجو تشافيز فى كتابه الرائع بعنوان «هوجو تشافيز أسد فنزويلا ومرعب أمريكا: أسرار انتصار الثورة فى أمريكا اللاتينية بالصور والوثائق والشهادات»، ويُعد هوجو تشافيز أحد أبطال التاريخ الأسطوريين الذين نذروا أنفسهم لخدمة الفقراء والمعدمين، فهو ثورى يحكم شعباً منقسماً بين فقراء لا يجدون ما يقيمون به أودهم، وأغنياء تكتظ بنوك نيويورك وواشنطن بأرصدتهم. أعاد تشافيز توزيع الثروة البترولية لبلاده بقدر من العدالة على كافة القطاعات الاجتماعية، واستطاع أن يبنى عشرات المصانع الوطنية ويوظف فيها آلاف الشباب الذين كانوا يعانون البطالة، وبلغت معدلات التنمية فى بلاده 6%، وهى أعلى معدلات التطور فى القارة اللاتينية. كان نحو 50% من مواطنى فنزويلا تحت خط الفقر، واستطاع تشافيز أن يحقق طفرة اجتماعية فى بلاده من خلال التركيز على رفع مستوى معيشة المواطنين عبر تأميم النفط وتوزيع عائداته، كما رفع شعار القضاء على «بيوت الصفيح» التى تشبه المناطق العشوائية فى بلادنا والتى كانت منتشرة فى فنزويلا بسبب التردى الاقتصادى، وقام بتبنى إنشاء 200 ألف مسكن اقتصادى يتم توزيعها مجاناً على المواطنين المحتاجين. استطاع تشافيز أن يعزز من قدرات بلاده العسكرية ليس لتهديد السلم كما وصف ممارسات الولايات المتحدة الأمريكية عندما غزت العراق وأفغانستان، وإنما لردع من يحاول أن يفرض إرادته على الشعب. وعلى مستوى الشعوب العربية، كان هوجو تشافيز يحظى بشعبية كبيرة بسبب مناصرته الدائمة للقضايا العربية مما جعل الشارع العربى يصفه بـ«تشافيز العربى» حسبما ذكر موقع الجزيرة الإخبارى، وكان تشافيز يفخر دائماً بالتشبه بالزعيم الراحل جمال عبدالناصر، خاصة عند إلقاء الخطب الحماسية والسعى لتحقيق الوحدة العربية والتخلص من الاستعمار وسيطرة رأس المال على الحكم ومواقفه العدائية من إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية والغرب عموماً، مما كان يشعل حماس الشعوب العربية آنذاك. اكتسب تشافيز مصداقية كبيرة على مستوى الشعوب العربية كأبرز زعماء العالم فى الانحياز للحق العربى خاصة عندما وصف العدوان الإسرائيلى على لبنان بأنه «عدوان بربرى نازى» وقرر سحب سفير بلاده من تل أبيب احتجاجاً على العدوان، وبعد انتصار حزب الله على العدوان الإسرائيلى عام 2006 قال تشافيز: «إن المقاومة اللبنانية اليوم تهم كل مقاومى العالم، وكل أحرار العالم، وكل الرافضين للخضوع والإذلال الأمريكى فى العالم». لم تسمح ظروف تشافيز بزيارة فلسطين، لكنه استقبل الرئيس الفلسطينى محمود عباس بفنزويلا عام 2009 وأهداه وسام الحرية الفنزويلى من الدرجة الأولى، وفتح لفنزويلا سفارة فى الأراضى الفلسطينية، وطالب بتدريس القضية الفلسطينية فى مدارس بلاده، كذلك عارض تشافيز بشدة قرار المحكمة الجنائية الدولية الذى أصدرته عام 2009 بشأن توقيف الرئيس السودانى عمر البشير واعتبره ترهيباً دولياً وقلة احترام لشعوب العالم الثالث، كما استحوذ المناضل الزعيم هوجو تشافيز على قلوب العرب عندما طرد السفير الإسرائيلى من بلاده بسبب حرب إسرائيل على غزة عام 2008، وسبق أن كان أول من كسر الحصار المفروض على العراق عندما قام بزيارته عام 2000 وتجول فى شوارعه بصحبة الرئيس الراحل صدام حسين. كان هوجو تشافيز زعيماً حقيقياً وملهماً لشعبه وللعالم على مر السنين، وقد نعاه زعماء العالم، حيث ذكر الرئيس البوليفى إيفو موراليس أنه «كرَّس كل حياته لتحرير شعبه وكل المناهضين للإمبريالية»، وقال عنه الرئيس الروسى بوتين: «إنه كل رجلاً قوياً واستثنائياً يتطلع إلى المستقبل»، وقال عنه وليام هيج وزير خارجية بريطانيا إنه «ترك إرثاً خالداً فى بلده وخارجه»، كما وصفه النائب البريطانى جورج جالاوى بأنه «سبارتاكوس العصر الحديث». رحل قائد عظيم حاز ثقة شعبه بعد أن قاد مسيرة التحول فى فنزويلا إلى تطبيق العدالة الاجتماعية الكاملة، وبعث الأمل فى نفوس الشعوب التى ما زالت تبحث عن العدالة الاجتماعية. ويبقى ما حققه تشافيز مصدر أمل لكل المناضلين من أجل عالم أفضل تسوده قيم الحرية والعدالة والمساواة، فهل يسمع من لا يسمعون؟