رئيس صندوق تطوير العشوائيات: 40% من المدن «غير مخططة» وتطويرها يتطلب 10 سنوات.. و«تهجير المواطنين» أصبح من الزمن البائد

06:25 م | الجمعة 14 أكتوبر 2016

قال الدكتور أحمد عادل درويش نائب وزير الإسكان للتطوير الحضرى والعشوائيات، رئيس صندوق تطوير العشوائيات، إن مشكلة العشوائيات فى مصر أصبحت من أولويات الحكومة حالياً، وهناك رغبة سياسية فى حلها، وأشار إلى أن الصندوق يتوسع حالياً فى الدخول فى أكثر من منطقة فى نفس الوقت تنفيذاً لتعليمات الرئيس عبدالفتاح السيسى بالقضاء على العشوائيات الخطرة خلال عامين، لافتاً إلى أن أهم المعوقات التى تواجه الصندوق حالياً قد تكون التمويل إلا أن الحكومة وعدت بتوفير كافة الإمكانيات لاستمرار عمل المشروع.

وأوضح «درويش» فى حوار لـ«الوطن» أن الصندوق يحتاج إلى ما يقرب من 14 مليار جنيه للقضاء على العشوائيات الخطرة، فى حين أن مخصصات الصندوق للعام المالى الحالى 1.5 مليار جنيه فقط، ولفت إلى أن الحكومة اتفقت على مبدأ عدم تضرر أى من سكان العشوائيات بمشروعاتها المنفذة، مشيراً فى هذا الصدد إلى إعادة العمل على مشروع تطوير منطقة إمبابة.. وإلى نص الحوار.

{long_qoute_1}

■ ما المحاور التى يتبناها الصندوق فى عمله؟

- لدينا استراتيجية على ٣ مراحل، الأولى منها هى الخطة قصيرة الأجل أو العاجلة، إذ تم تكليفنا من رئيس الجمهورية بالتعامل مع ٣٥١ منطقة غير آمنة، تم رصدها على مستوى الجمهورية، وخلال سنتين ننتهى من تطويرها والارتقاء بها، وهذه المناطق يسكنها ما يقرب من مليون مواطن، أما المرحلة الثانية ونقوم بتنفيذها على المدى المتوسط، فتتضمن تطوير المرافق فى كل المدن بعد تقادم الكثير منها، وهو ما سنعمل على تطويره فى كل المدن المصرية، وبخلاف الـ٣٥١ منطقة غير الآمنة، لدينا ما يقرب من ٣٧ إلى ٤٠٪ من المدن المصرية عبارة عن مناطق غير مخططة، وعلى المدى المتوسط سنرتقى بها، وفى غضون ١٠ سنوات سنكون أنجزنا تطوير البيئة الحضارية، والقضاء على العشوائيات فيما يخص المدى المتوسط، وهذا سيتم بالتعاون مع الأهالى لأن الخطة تتضمن التعامل مع العشوائيات فى السكن، والعشوائيات فى الطرق، والعشوائيات فى المرافق، أما على المدى الطويل فنهدف إلى الحد من ظهور العشوائيات.

■ كم تحتاج مصر من الأموال للتخلص نهائياً من العشوائيات؟

- نحتاج ما لا يقل عن ١٤ مليار جنيه لتطوير المناطق غير الآمنة فقط.

■ وما الوضع فى سيناء والمناطق التى تحتاج لتدخل عاجل من الصندوق؟

- شمال سيناء يختلف عن جنوبها، بالنسبة للجنوب هناك حصر تم فى منطقة الرويسات، وسنقوم بتخطيط أكثر من 500 قطعة أرض وبناء عدد كبير من الوحدات السكنية، وبدأنا فى أعمال الحصر منذ أسبوعين بعد تعطل المشروع 3 سنوات لأسباب فنية، واللواء خالد فودة محافظ جنوب سيناء مهتم شخصياً بالمشروع، وهناك مناطق أخرى فى الطور ونويبع سنبدأ تطويرها بالفعل، أما شمال سيناء فالوضع مختلف تماماً، إذ لم تكن المحافظة مدرجة أساساً ضمن الخريطة القومية للمناطق العشوائية التى تستدعى تدخل الدولة، وكنا فى العريش منذ 3 أشهر، واتفقنا مع المحافظ على أن تكون الأولوية للنازحين من رفع والشيخ زويد بسبب الأعمال الإرهابية وهؤلاء من قاموا بالهجرة برغبتهم إلى منطقة بئر العبد، وخلال أيام سنوقع اتفاقية مع المحافظة لإنشاء 300 بيت بدوى لتلك الأسر مراعاة لظروفهم، وسنحاول إنهاء المشروع فى عام واحد.

■ ولكن هل الأوضاع هناك ستسمح لكم بالدخول فى مشروعات أخرى؟

- أعتقد أنه فى ظل الأوضاع الأمنية هناك، فإننا مضطرون لتأجيل خططنا للمحافظة لحين هدوء الأوضاع.

{long_qoute_2}

■ تلك سيناء.. فماذا عن الصعيد؟

- بعد شهرين سنسلم مشروع تطوير منطقة «السماكين» فى سوهاج، ويجب أن أشير إلى أننا نبنى مشروعاتنا فى نفس المنطقة التى تقع بها المناطق العشوائية، وفكرة تهجير المواطنين من أماكن إقامتهم أصبحت من الزمن البائد، وخطتنا تقوم على البناء فى نفس المنطقة، وفقاً لرؤية الدولة.

■ لكن الجهات الدولية المُمَوِّلة لجزء كبير من مشروعاتك تعتبر إخراج سكان العشوائيات من أماكن عيشهم تهجيراً قسرياً؟

- نعم، لكن كان ذلك فى الماضى وهو ما انعكس على سياساتهم تجاه أعمال تطوير العشوائيات فى مصر، ولكن الوضع الآن اختلف، بالفعل هناك اتفاقية قريبة مع البنك الأفريقى للتنمية لتمويل مشروعاتنا، ووزارة التعاون الدولى تقوم بالاتفاق على قرض بقيمة 500 مليون دولار، فضلاً عن نجاح الصندوق فى الحصول على منحة من الاتحاد الأوروبى والمعونة الألمانية بقيمة 30 مليون يورو لتطوير المناطق غير المخططة فى القاهرة الكبرى، سيتم سدادها خلال 4 سنوات. وسيتم تكوين لجنة تيسيرية من وزارة التعاون الدولى، والوزارات المعنية، والوكالة الألمانية للتعاون الدولى وممثل من الاتحاد الأوروبى لعقد اجتماع كل ستة أشهر لمتابعة موقف التطوير بالمحافظات.

■ هذا يأخذنا إلى فكرة التمويل الخاص بمشروعات صندوق تطوير العشوائيات.. هل تعتمدون على التمويل الممنوح من الدولة أم لكم مصادر دخل أخرى؟

- لدينا مخصصات من الحكومة هذا العام المالى بقيمة 1.5 مليار جنيه، وهو ما يقارب ضعف ما كانت عليه المخصصات العام الماضى، ولكن نظراً لضخامة المشروعات التى دخلناها لتنفيذ خطة الدولة بالقضاء على العشوائيات الخطرة فى سنتين، قمنا بإنفاق ما يقرب من مليار جنيه من هذه المخصصات، وبحسب تقديراتنا سنحتاج خلال هذا العام إلى 9 مليارات جنيه، وبالتالى نسعى للحصول على التمويل من الجهات المانحة، والعمل على تعديل القوانين لتوفير تمويل مستمر لمشروعات تطوير العشوائيات، كتخصيص الوزارة جزءاً من مقدمات وحدات الإسكان الاجتماعى لصندوق تطوير العشوائيات، وتخصص لنا نسبة من بيع كراسات شروط أى مشروع يتبع وزارة الإسكان، أو الأراضى التى تطرحها على الأفراد والشركات، وبحسب اتفاقنا ستقوم وزارة الإسكان ببناء وحدات لسكان العشوائيات بقيمة 2 مليار جنيه هذا العام، وسنطلب من الحكومة زيادة مخصصاتنا بقيمة 500 مليون جنيه، وسنقوم بالبحث عن بدائل لتمويل المشروعات سواء من جهات الدعم الداخلية أو الأجنبية.

■ هل تدرسون أى اقتراحات لتمويل مشروعاتكم بشكل ذاتى؟

- ندرس أن يتم تخصيص نسبة من إجمالى مساحة المناطق العشوائية التى نقوم بتطويرها لصالح الصندوق، بحيث يتم استخدام عائدات تلك الأراضى لتمويل أعمال تطوير المنطقة العشوائية، وبالفعل اتفقنا على ذلك مع محافظ القليوبية بشأن بناء وحدات استثمارية بإحدى المناطق العشوائية بمنطقة شبرا الخيمة، تقوم الوزارة باستخدام العائد فيها لرفع كفاءة المناطق العشوائية داخل المحافظة، بعد توفير سكن ملائم لسكان العشوائيات، عقب ملاحظتنا أنها تقع على موقع متميز يمكن الاستفادة منه. كما قررنا اتباع استراتيجية شاملة لتعظيم الاستفادة من أراضى المناطق العشوائية فى جميع محافظات الجمهورية. {left_qoute_1}

■ وماذا عن ملف تطوير مطار إمبابة؟

- تسلمنا ملف التطوير منذ شهر تقريباً، بعد ملاحظتنا توقف الأعمال فى المشروع دون سبب محدد، ووجدنا أن هناك منحة فرنسية لتطوير المنطقة لم يتم استغلالها حتى الآن، وشكلنا لجنة بعضوية جميع الجهات الرسمية، والبداية بإعادة دراسة المخطط العام لتطوير إمبابة.

■ القضية المهمة حالياً هى دور الدولة فى تطوير مثلث ماسبيرو.. ما الوضع بالضبط بالنسبة لمثلث ماسبيرو؟.. وما تقسيمة الملاك هناك؟

- هناك ٣ شركاء رئيسيون فى المشروع هم الدولة ومحافظة القاهرة والأهالى الملاك، فضلاً عن المستثمرين الذين لا تتعدى حصتهم 20% من إجمالى مساحة الأراضى، بخلاف مبانى وزارة الخارجية والتليفزيون، وهناك أيضاً شركة ماسبيرو وهى شركة قطاع أعمال يملكها البنك الأهلى وبنك مصر، وتقريباً كل هؤلاء اتفقوا على أهمية تطوير المنطقة وعلى رأسهم الأهالى.

■ ولكن لدى السكان تخوف من التعرض للتهجير القسرى.. ما الجديد بهذا الشأن؟

- مبدئياً «مفيش حد هيخرج من ماسبيرو غصب عنه».. ووصلنا لشبه اتفاق مع ملاك أراضى المثلث، لاستقطاع جزء من الأرض يخصص للمستأجرين فى المنطقة، والتفاوض الآن على نسبة الأراضى المستقطعة، وسيتم بناء الوحدات فى الجزء المواجه لميدان رمسيس، ولكن سيضطرون للخروج من المنطقة لمدة تتراوح بين سنتين وثلاث، لحين بناء وحدات بديلة لهم، وفى تلك الفترة سيتم توفير وحدات سكنية بديلة مؤقتة لهم فى مدينة السادس من أكتوبر، إضافة إلى إمكانية حصولهم على مبلغ شهرى يكفيهم لتأجير وحدات سكنية طوال مده التطوير. ونخطط لبدء التنفيذ الفعلى للتطوير بداية العام المقبل 2017.

{left_qoute_2}

■ وبالنسبة للملاك المتخوفين من تسعير الحكومة للأرض بسعر قليل؟

- لدينا خبراء قيَّموا أراضى مثلث ماسبيرو وانتهوا من أعمالهم، والمتوسط ما بين 25 ألفاً للمتر إلى 40 ألف جنيه بحسب ميزة كل منطقة، ولكن تلك هى أسعار الأرض حالياً قبل التطوير، لكن سيختلف ذلك بعد التطوير تماماً، ولكن يجب أن يساهم الأهالى معنا فى تطوير المنطقة، والفائدة ستعم على الجميع.

■ لكن الجميع مهتم بتطوير المبانى.. أين دوركم فى تطوير السكان أنفسهم؟

- لدينا برامج اجتماعية واقتصادية لزيادة الوعى لسكان العشوائيات وبصراحة أنا غير راضٍ عن تلك البرامج، ولكننا نعمل حالياً مع وزارة الصحة على تنفيذ برامج جديدة لتوعية المواطنين وسنبدأ خلال أسبوعين من الآن.

■ لكن مثلت ماسبيرو ليس كأى منطقة عشوائية أخرى.

- بالطبع هذه المنطقة هى الأهم بالنسبة لنا، فهى تقع على الجزء الأهم فى العاصمة المصرية، ووجودها بالشكل الحالى يسهم فى زحام منطقة وسط البلد، قلب القاهرة المريض، وينبغى أن تتحول لأرقى المناطق السياحية والترفيهية فى مصر.

■ هل هناك مناطق أخرى ذات أولوية كماسبيرو؟

- يمكننا القول أنه لدينا هدف نسعى لتنفيذه قبل نهاية عام 2017 وهو إخلاء محافظتى بورسعيد والبحر الأحمر من العشوائيات نظراً لأهميتهما.

{left_qoute_3}

■ المناطق العشوائية المحيطة بالطريق الدائرى.. ماذا عنها؟

- ستدخل ضمن خطتنا للمناطق العشوائية وسيتم الانتهاء منها خلال 15 سنة، وقريباً كنا فى منطقة الخصوص، ولاحظنا كماً هائلاً من المناطق غير المخططة العشوائية، ولا تدخل فيها الشمس تقريباً، وبكل واقعية أقصى ما يمكننا فعله هو تحسين البنية الأساسية عبر توسيع الشوارع الرئيسية وتوصيل الخدمات لتلك المناطق عبر إنشاء مدارس وخدمات للسكان.

■ ماذا عن تطوير طريقة عمل الصندوق لحصر العشوائيات فى مصر؟

- لدينا تجربة سميناها «مناطق الاحتياج» فى الجمهورية، وهى ببساطة وضع 8 خرائط قومية لقياس احتياجات كل منطقة من صحة وتعليم ومرافق وإسكان وشوارع وخدمات وملاعب وغيرها من خدمات، ووضعنا جميع الخرائط فوق بعضها وخرجنا بخريطة واحدة تحدد احتياجات كل مدينة على حدة وتوضيح كل ما يرتبط بجميع المناطق لتكون نموذجاً للدولة لتحديد أولوياتها عند تطوير أى منطقة، وبدأنا فى المنيا، ولدينا الآن خريطة واحدة توضح احتياجات كل منطقة فيها بالتحديد.

■ هل لامستم عامل ضعف الثقة بين المواطنين والحكومة فى تعاملكم مع سكان العشوائيات؟

- بالفعل، ولكننا اليوم نختلف عما مضى، فاليوم التواصل مستمر مع سكان العشوائيات، وأنت ترى المسئولين كل يوم فى الشارع، لم نعد حكومة مكاتب، والأمر الثانى هو بناء المصداقية، ونحن نقوم حالياً بمراقبة تصرفات المواطنين فى العشوائيات بعد إنهائنا مشروع «الأسمرات» ولمسنا تغيراً لدرجة أنهم بدأوا يطالبون فى بعض المناطق بالبدء فى التطوير، بعدما كانوا يتخوفون من قرب بدء أى مشروع تطويرى، خوفاً من أن يطردوا.

■ ما أهم الصعوبات التى يمكن أن تحول دون أعمال التطوير؟ وما رؤيتكم ومطالبكم لمواجهتها؟

- عدم الثقة من جانب الأهالى ورفضهم لمغادرة أماكنهم التى سنقوم بتطويرها أبرز هذه التحديات، وهو أمر يرجع إلى سنوات طويلة من عدم التواصل بين الأهالى والحكومة عند تنفيذ هذه المشروعات فى الماضى، حيث كانوا يفاجأون بمن يقول لهم عليكم إخلاء المكان لأننا سنطوره فيشعرون كما لو أصبحوا فى الشارع، وذلك بشكل مباغت دون تقديم المكان البديل المؤقت والتمهيد أو الإقناع وشرح الأسباب وما سيحدث وتقديم الضمانات الكافية، فترسخ فى الأذهان أن ما سيحدث هو الاستيلاء على مساكنهم والمكان الذى يأويهم، فيكون الرد: «لن نخرج حتى لو هدم البيت على رؤوسنا»، وقد نلتمس لهم العذر، فأقصى ما يريده بعضهم من الحياة 4 جدران يعيشون بينها مع الأسرة فى أمان، ولكن لا يدرى المواطنون أننا نطور لهم المكان ونجعله آمناً ليتمتعوا بمكان يليق بهم ويستحقونه كحق أصيل وأساسى ولنحقق للدولة أيضاً التنظيم والتخطيط والشكل الحضارى الخالى من العشوائية.

■ هل ترى أن الصلاحيات لديك كافية؟

- ما أعرفه جيداً أننا لدينا تكليف من رئيس الجمهورية لإنهاء العشوائيات فى عامين، وعلينا أن نتغلب على كل المشاكل والعمل كفريق عمل واحد. عدد العاملين فى الصندوق 55 فرداً، 13 فرداً فقط هم من يديرون ملف العشوائيات فى مصر، ويتحملون مسئولية 40 مليون مواطن من سكان العشوائيات، علاوةً على مسئولية مليون شخص يسكنون المناطق غير الآمنة. ومطلوب منا بنفس عدد الموظفين تطوير 351 منطقة عشوائية غير آمنة خلال عامين فقط.

{long_qoute_3}

■ وماذا عن الأسواق العشوائية؟

- هناك 1100 سوق عشوائية بمختلف المحافظات تم البدء فى تطوير بعض هذه الأسواق، ولكن لم يتم تحديد موعد للانتهاء من هذه الأسواق، نتيجة لأن الصندوق يسعى لإيجاد آليات جديدة لتجنب ترك هذه الأسواق أو تحولها لأسواق عشوائية مرة أخرى، وتكلفة عملية التطوير تتطلب نحو 200 مليون جنيه.

■ ماذا عن مشروع الأسمرات؟

- مشروع الأسمرات يستهدف إنشاء 26 ألف وحدة سكنية على ثلاث مراحل.. المرحلة الأولى تم الانتهاء منها بتمويل كامل من الصندوق ويوفر 6200 وحدة سكنية، والمرحلة الثانية سيتم الانتهاء منها خلال شهور قليلة، أما المرحلة الثالثة فسيتم الانتهاء منها خلال عام.