دبلوماسيون: دول وقوى مختلفة تستفيد من الأزمة بين «القاهرة والرياض» والدولتان تحتاجان إلى بعضهما البعض «سياسياً وأمنياً واقتصادياً»

كتب: أكرم سامى ومحمد حسن عامر

دبلوماسيون: دول وقوى مختلفة تستفيد من الأزمة بين «القاهرة والرياض» والدولتان تحتاجان إلى بعضهما البعض «سياسياً وأمنياً واقتصادياً»

دبلوماسيون: دول وقوى مختلفة تستفيد من الأزمة بين «القاهرة والرياض» والدولتان تحتاجان إلى بعضهما البعض «سياسياً وأمنياً واقتصادياً»

اعتبر دبلوماسيون وخبراء مصريون وعرب أن العلاقات بين مصر والسعودية لن تتدهور، وسوف تنتهى خلال الأيام المقبلة بعد احتواء ذلك من خلال التقارب المشترك، حيث إن مواقف الدول من القضايا الإقليمية لا يمكن أن تؤثر على مسار العلاقات بين أى بلدين وعلى التعاون بينهما، حيث لا بد من فصل ذلك عن العلاقات المشتركة. وتوقع الدبلوماسيون والخبراء عدم تغيير مصر سياستها تجاه القضية السورية، وأن يتم توضيح ذلك للجانب السعودى، ولا بد من الفصل بينه وبين العلاقات المشتركة والتعاون بينهما فى مختلف المجالات، للحفاظ على ما تبقى من المنطقة بعد ما تعرضت له من صراعات خلال السنوات الماضية. {left_qoute_1}

وقال مساعد وزير الخارجية الأسبق السفير جمال بيومى، لـ«الوطن»، إنه لا يجب القبول بالتراشق الإعلامى بين مصر والسعودية، ويجب عدم الخوض فى هذا الأمر، حتى لا تتأثر العلاقات دون داعٍ إلى ذلك، وإنه يمكن احتواء الخلاف بالطرق السلمية والحوار البنّاء بين البلدين، وفى إطار طبيعة العلاقات الأخوية بين البلدين. وأوضح السفير جمال بيومى أنه «لا يوجد خلاف بين مصر والسعودية حول مسألة سوريا، لأن الإبقاء على وحدة الأراضى السورية هدف مشترك بين مصر والسعودية، وأن مصر والسعودية متفقتان فى التوجه للقرار الفرنسى بشأن سوريا»، مشيراً إلى أن «وقف إمدادات البترول السعودى إلى مصر ربما يكون له أسباب فنية، لأنه سبق التصويت فى مجلس الأمن بشأن سوريا بثلاثة أيام».

وأشار السفير جمال بيومى إلى أن «هناك دولاً وقوى مختلفة تستفيد من تعكير العلاقات بين مصر والسعودية»، مشيراً إلى أن «التلاسن بين وسائل الإعلام والأفراد، سواء فى مصر أو السعودية، لا يؤثر على متانة العلاقات بين البلدين، ولا يجب القبول بالتراشق الإعلامى، سواء على مواقع التواصل الاجتماعى، وفى البرامج المختلفة، ويتم التأثير على العلاقات بين البلدين دون تقدير النتائج السلبية لهذا الأمر». وشدّد مساعد وزير الخارجية الأسبق جمال بيومى على ضرورة تعزيز العلاقات بين مصر والسعودية دون الحديث عن قصة المساعدات وأن مصر لها الفضل أيضاً على السعودية وغيرها من الأقاويل التى تعمل على تأجيج الخلافات، فلا يمكن استغناء أى دولة عن أخرى، فى ظل الصراعات التى تشهدها المنطقة، وتتطلب أن يكون هناك توحّد لأكبر بلدين فى المنطقة، سواء من الناحية العسكرية والتعداد السكانى أيضاً.

{long_qoute_1}

من جانبه، توقّع مساعد وزير الخارجية الأسبق السفير أحمد الغمراوى، أن «مصر لن تُغير موقفها من الأزمة السورية وستظل على ما تراه من حل مناسب لها حتى يتم انتهاء الأزمة، لأن مصر ترى ضرورة تعزيز الحل السياسى فى سوريا ومواجهة الجماعات الإرهابية، بعيداً عن الرؤية الأخرى التى تترك الساحة أمام الجماعات الإرهابية التى تتفشى فى البلاد». وأوضح السفير أحمد الغمراوى أن «الجانب المصرى سياسته الخارجية مستقلة وتعتمد على الرؤية الدولية أمام العالم أجمع، ولا يمكن أن تتبع سياسة دول أخرى ليس السعودية فحسب، لكن أى دولة أخرى، فهناك مواقف تختلف فيها مصر مع دول أخرى عن حل الأزمة الليبية أو فى العراق على سبيل المثال، وليس لها علاقة إطلاقاً بمسار التعاون والعلاقات بين مصر والدول الأخرى، فلا يمكن ربط المواقف الخاصة برؤية أى دولة بالعلاقات مع دولة أخرى. وأشار مساعد وزير الخارجية الأسبق إلى أن «سوء الفهم بين مصر والسعودية سيتم السيطرة عليه خلال الأيام المقبلة بتوضيح الموقف المصرى لدى القادة السعوديين وإزالة التوتر تماماً من خلال فصل المواقف بين الأطراف المختلفة». واعتبر السفير أحمد الغمراوى أن «العلاقات بين مصر والسعودية أكبر بكثير من أن يتم تعكيرها بسبب سوء فهم بسيط يمكن تجاوزه، حيث إن مسار العلاقات والتعاون بين البلدين أكبر وأشمل من ذلك، سواء على الصعيد الثنائى أو الإقليمى والدولى أيضاً، وهناك الكثير من المجالات التى تشترك فيها مصر مع السعودية، ومنذ زيارة العاهل السعودى الملك سلمان بن عبدالعزيز إلى مصر فى أبريل الماضى، التى شهدت اتفاقيات لم تشهدها مصر والسعودية فى تاريخ العلاقات بينهما، وبناءً عليه فإن العلاقات أقوى من أى سوء تفاهم قد ينشأ بين البلدين».

من جهته، قال الكاتب السعودى جمال خاشقجى، فى اتصال لـ«الوطن»، إن «العلاقات لن تتدهور مع مصر، وأنا أتمنى ذلك، لكن انتهاء ذلك التوتر سيكون بمراجعة مصر مواقفها فى القضايا القومية العربية وتحديداً مواقفها تجاه سوريا والعراق». وأضاف «خاشقجى»: «الحقيقة أن هناك تباعداً هائلاً بين السعودية ومصر فى ما يتعلق بقضية عربية قومية، وهى قضية الاختراق الإيرانى لسوريا والعراق، إيران تقوم بعمليات اختراق طائفى وقومى للعالم العربى، فى الوقت الذى تنتصر فيه مصر للنظام، رغم أنه لا يوجد نظام فى سوريا وإنما ميليشيا تساندها إيران». وتابع الكاتب السعودى: «السفير عبدالله المعلمى، مندوب السعودية لدى الأمم المتحدة، هو دبلوماسى محترف وهو أديب يعرف كيف يختار ألفاظه، وهو حين تحدث عن مندوب مصر لدى الأمم المتحدة وصفه بالمندوب العربى، مصر لا تمثل نفسها فقط فى مجلس الأمن، وإنما تمثل العالم العربى، وبالتالى فإننا ننتظر من مصر موقفاً عروبياً». وقال «خاشقجى»: «هناك اجتماع خليجى تركى الآن فى الرياض، وهذا الاجتماع يناقش الأزمة فى سوريا والعراق وأوضاع العالم العربى، وهذا الاجتماع كان ينقصه حضور مصر، لأن هذه قضايا قومية عربية». واختتم «خاشقجى» تصريحاته لـ«الوطن»، قائلاً: «العلاقات إن شاء الله لن تتدهور، لكن عودتها إلى مسارها الطبيعى تكون بمراجعة مصر مواقفها من سوريا والعراق، وأن تكون ضمن الصف العربى، وأن تراجع مواقفها لصالح القضايا القومية العربية».

من جانبه، قال الخبير المختص فى شئون الشرق الأوسط الدكتور محمد صادق إسماعيل، فى اتصال لـ«الوطن»، إن «العلاقات بين البلدين لن تتجه إلى التدهور، وحتى الموقف الحالى لا يمكن أن نصفه بالمتوتر، العلاقة بين القاهرة والرياض استراتيجية، وكل دولة تدرك أنها فى احتياج إلى الدولة الأخرى، سواء أمنياً أو سياسياً». وأضاف «إسماعيل»: «ما حدث هو خلاف فى وجهات النظر، لكن زادت حدته، ولا جديد من الأساس فى موقف مصر من الأزمة السورية منذ 2011، وهناك تباين، لأن القاهرة تنظر إلى ما يحدث فى سوريا من جانب أمنى، وهو أنه إرهاب، بينما السعودية تنظر إليه من جانب دينى، وهو المخاوف من الشيعة وإيران». وتابع: «أؤكد هنا أيضاً أن أى تدهور فى العلاقات بين مصر والسعودية، المتضرر منه أكثر الرياض، لأن الرياض تحتاج إلى الثقل السياسى لمصر، وتحتاج إليها أمنياً فى ظل انغماسها بالصراع اليمنى، مصر تحتاج إلى السعودية اقتصادياً، لكنها استطاعت إقامة شبكة من الحلفاء تمكنها من التحرّك فى أكثر من اتجاه». وقال «إسماعيل»: «أعتقد أن الأمور ستنتهى ربما بتدخّل من دولة خليجية مثل الإمارات أو الكويت، خصوصاً أن دول الخليج تعلم قدر مصر جيداً وثقلها، أو قد ينتهى الأمر بمكالمة هاتفية بين الرئيس عبدالفتاح السيسى والعاهل السعودى الملك سلمان بن عبدالعزيز».


مواضيع متعلقة