رئيس مدينة زويل لـ«الوطن»: نحن فى حاجة إلى رفع قيمة إتقان العمل

كتب: نادية الدكرورى

رئيس مدينة زويل لـ«الوطن»: نحن فى حاجة إلى رفع قيمة إتقان العمل

رئيس مدينة زويل لـ«الوطن»: نحن فى حاجة إلى رفع قيمة إتقان العمل

اعتبر الدكتور صلاح عبية، رئيس مدينة زويل للشئون الأكاديمية، أن التعليم الثانوى فى مصر «متخلف»، حسب تعبيره، نظراً لوجود خلل واضح فى المناهج التى تعد «خارج نطاق الزمن» ولا تواكب العصر، كما أنها تحتوى على «معلومات قديمة»، مشيراً إلى أن الطالب العبقرى فى بريطانيا يحصل على 80%، ولن نجد هناك أبداً طالباً حاصلاً على 105% كما هو الحال عندنا، وأن العديد من الطلاب الحاصلين على 100% فى «الثانوية» حصلوا على 30% فى اختبارات القبول بالمدينة! وأضاف «عبية» فى حوار لـ«الوطن» أن الهيئة الهندسية للقوات المسلحة انتهت من مبانى المقر الجديد فى منطقة «حدائق أكتوبر» بنسبة 80%، وأنه لا صحة على الإطلاق لما أثير عن وجود مشكلات تتعلق بالسيولة المالية للمدينة، فالأوضاع مستقرة مالياً، منوهاً إلى أن رواتب أعضاء هيئة التدريس بالمدينة ليست «خيالية» كما يعتقد البعض، بل هى تساوى رواتب الأساتذة فى الجامعات الأخرى. ويشار إلى أن د. «عبية» حصل على جائزة الدولة التشجيعية للعلوم الهندسية عام 2015، وجائزة «مؤسسة عبدالحميد شومان» الأردنية، التى توصف بـ«نوبل العرب» فى العلوم الهندسية، كما حصل العام الماضى على «جائزة الإبداع العربى» من مؤسسة الفكر العربى تقديراً لإسهاماته العلمية وأبحاثه العلمية المنشورة عالمياً.. وإلى نص الحوار:

■ بدايةً.. كيف تسير الأمور داخل مدينة زويل بعد مرور أسابيع على رحيل مؤسسها؟

- الأوضاع مستقرة فى المدينة، وانتهينا من قبول الدفعة الجديدة من طلاب الثانوية العامة، وسيبدأ العام الدراسى عقب عيد الأضحى، ويعمل أعضاء هيئة التدريس والطلاب على مشاريعهم البحثية بشكل طبيعى ومستقر، فمشاعرنا الحزينة على رحيل الدكتور «زويل» أصبحت وقوداً لنا للعمل على تحقيق حلمه، خاصة أن الراحل جعل من المدينة مؤسسة لا تعتمد على أفراد فى التخطيط واتخاذ القرار، بل تعتمد على الأسلوب المؤسسى.

{long_qoute_1}

وستستقبل المدينة هذا العام ما يقرب من 150 طالباً جديداً من بين 2000 طالب تقدموا للالتحاق بها، بعد اجتيازهم اختبارات القبول، وهى اختبارات تقيس قدرات الطلاب بشكل حقيقى، يعكس قدرة الطالب العقلية والذهنية والعلمية، فنحن لا نهتم باختيار طالب حاصل على 100% فى امتحانات الثانوية العامة، خاصة أن طالب الثانوية أصبح يهتم فقط بطريقة اجتياز الامتحان بدلاً من التركيز على البناء الفكرى والمعرفى فى مجال البحث العلمى أو المجال الصناعى، بل تسعى المدينة لقبول طالب له مستوى محدد يعكس قدراته الحقيقية بعيداً عن النسبة المئوية التى حصل عليها فى الامتحان، فبالنظر إلى دولة مثل بريطانيا نجد أن الطالب العبقرى فيها يحصل على 80%، وهى ظاهرة طبيعية تعكس القدرات الحقيقية للطلاب، ولن نجد هناك أبداً الطالب الحاصل على 105% كما هو الحال عندنا.

■ وكيف تفسر ذلك؟

- الحقيقة أنه عندما نجد هذه النسب التى تتعدى 100% بين طلاب الثانوية، فإن هذا يعطى لنا مؤشراً على وجود خلل فى النظام التعليمى الذى أصفه دائماً بـ«المتخلف»، فقد تحول امتحان الثانوية إلى مجموعة من القوالب التى فتحت الفرص أمام الدروس الخصوصية لكى تنتعش، بعيداً عن مساحات الإبداع أو القياس الحقيقى للذكاء.

■ لماذا تصف التعليم الثانوى فى مصر بـ«المتخلف»؟

- نظراً لوجود خلل واضح فى المناهج التى تعتبر «خارج نطاق الزمن» ولا تواكب العصر، وبها معلومات قديمة. ومن المفترض أن يعكس المنهج التعليمى الظواهر الأساسية والتطور الحاصل بها، خاصة فى مجال التكنولوجيا، مع ربط هذه المناهج بالواقع.

وطالب «الثانوية» عندنا أصبح لا يتعلم سوى كيفية اجتياز الامتحان، وهو ما يجعله يذهب إلى الجامعة دون أن يمتلك مهارة «جمع الكسور العشرية»، وهذا فى تقديرى إفراز طبيعى لنظام تعليمى لا يعمل على بناء الشخصية العلمية للطالب، ما جعلنا نلجأ لنظام اختبارات القبول لطلاب الثانوية، بسبب معرفتنا بأوجه القصور فى نظام التعليم الثانوى.

■ ما التخصصات التى تشملها الاختبارات؟

- تركز اختبارات القبول بالمدينة على الكيمياء، والرياضيات، والبيولوجيا، والتفكير المنطقى، والهدف منها اختيار الطالب المتميز والموهوب عقلياً، من بين 2000 طالب حصل طالب واحد فقط على 81% فى النتيجة الكلية للاختبارات، ما يثبت مدى نجاح الاختبارات فى قياس المستوى الحقيقى للطلاب، خاصة أن المدينة على مدار الأعوام الماضية تتبعت الطلاب الحاصلين على نسب عالية فى اختباراتهم، فوجدتهم متميزين بالفعل.

والمفاجأة هى أن العديد من الطلاب الحاصلين على 100% فى نظام الثانوية العامة لم يحصلوا فى اختبارات القبول بالمدينة سوى على 30%، أى إن العديد منهم «سقطوا» فى الاختبارات، ما يؤكد أن الحصول على نسب مرتفعة فى امتحان الثانوية ليس دليلاً على مستوى مهارة الطالب وقدراته العقلية الحقيقية، فمثلاً الطالب الحاصل على 81% فى اختبارات المدينة لم يحصل سوى على 97% فى اختبار الثانوية العامة، أى إنه لن يستطيع دخول أى من كليات القمة حسب نظام التنسيق الحالى، فى حين أن هذا الطالب يستحق أن يكون «الأول على الجمهورية» وفقاً لقدراته العقلية والعلمية المرتفعة، التى أظهرتها اختبارات مدينة زويل.

■ من واقع تجربة مدينة زويل.. كيف ترى الطريق إلى نهضة التعليم فى مصر؟

- مسألة تطوير التعليم المصرى تعتمد على ثلاثة أطراف هى «الدولة والجامعات والمجتمع»، مع الإجابة عن سؤال رئيسى وهو: ماذا نريد من التعليم فى مصر؟ وللأسف، فإن الإجابة التى يرددها العديد من الشباب هى الحصول على شهادة «بكالوريوس» وتحقيق الوجاهة الاجتماعية التى لا أعرف مصدرها وإنما هى إفراز لأمراض مجتمعية.

وبالنظر إلى المجتمعات الغربية نجد على النقيض من ذلك أن العاملين فى مهن حرفية مثل «السباك والنجار» يهتمون بإتقان عملهم، فيحصلون على رواتب مرتفعة جداً مقارنة بالمهندس والطبيب، كما أنهم يحظون بتقدير مجتمعى كبير، ما يعنى أن المجتمع المصرى فى حاجة إلى رفع قيمة الإتقان فى العمل بغض النظر عن طبيعته.

■ ما حقيقة ما أثير عن وجود مشكلات تتعلق بـ«السيولة المالية» فى المدينة؟

- هذا الكلام غير صحيح على الإطلاق، فأوضاع المدينة مستقرة مالياً، بسبب التبرعات المستمرة للمصريين ورجال الأعمال الوطنيين الذين لديهم حس وطنى بأهمية التعليم، والمدينة وفقاً للقانون رقم 161 لعام 2012 تعد هيئة عامة مستقلة، والدولة لم تبخل عليها سواء من خلال تخصيص قطعة أرض مساحتها 200 فدان فى «حدائق أكتوبر» للمقر الجديد، أو تقديم مخصصات مالية لتجهيزها.


مواضيع متعلقة