باحثو المدينة يبدأون تحقيق حلم أول دواء مصرى لـ «ألزهايمر»

كتب: نادية الدكرورى

باحثو المدينة يبدأون تحقيق حلم أول دواء مصرى لـ «ألزهايمر»

باحثو المدينة يبدأون تحقيق حلم أول دواء مصرى لـ «ألزهايمر»

شعار الباحثين فى المدينة، كما لمسته «الوطن»، هو «مدينة زويل مؤسسة لا تقف على أفراد»، فهم «يتشاركون حلمهم» بتحقيق نهضة علمية حقيقية فى مصر خلال السنوات القليلة المقبلة، من خلال جيل من شباب العلماء يضع مصر على خريطة العالم العلمية.

{long_qoute_1}

بدأت «الوطن» من قسم الرياضيات بالمدينة، برئاسة الدكتور محمود عبدالعاطى، الذى يشرف على مشروعات بحثية جديدة يعمل الطلاب على تنفيذها فى الوقت الحالى تخدم علوماً مثل «النانو تكنولوجى»، والمواد الذكية لعمل «نمذجة رياضية» من أجل حل المشكلات أو تحسين الإنتاجية، وهو ما يحدث مع مشروع تحسين الدقة فى النماذج البيولوجية خاصة فى مجال بحوث «الخلايا الجذعية» من خلال معالجات رياضية عالية الدقة. {left_qoute_1}

وقال «عبدالعاطى» إن «تدريس علوم الرياضيات هنا يختلف عن بقية الجامعات، من خلال ربط المواد بالعلوم التطبيقية، وعبر ترجمة المعادلات الرياضية إلى تطبيقات مباشرة، وهو ما يميز مدينة زويل».

أضاف «عبدالعاطى»: «لم أجد اختلافاً فى إمكانيات مدينة زويل ونظيرتها على مستوى العالم، طوال مسيرتى العلمية فى جامعات عالمية على مدار 17 عاماً» لافتاً إلى أنه لم يتردد لحظة واحدة فى قبول دعوة صديق قديم منذ 21 عاماً التقى به فى جامعة ألمانية قبل حصوله على جائزة «نوبل» وهو الدكتور أحمد زويل للعمل بالمدينة، وأنه عندما شاهد المدينة بعينيه منذ 3 أعوام، اقتنع تماماً بترك عمله بالجامعات الأخرى والالتحاق بها، بعد أن لاحظ تماثل نظام التعليم بالمدينة مع الجامعات العالمية، خصوصاً طريقة التدريس وطبيعة العلاقة بين الطالب والأستاذ.

وأشار «عبدالعاطى» إلى أنه أيقن بما ردده «زويل» عندما قال له «إن مشروع مدينة زويل هيبقى نقلة فى مصر»، ما جعل شعوره بإمكانية تحقيق حلمه فى النهضة العلمية يتحول إلى يقين، بل إنه خلال 4 أعوام، حسب قوله، «سيتبع العالم مدينة زويل العلمية بعد أن كان ينظر للدول النامية على أنها تابعة الغرب علمياً، وهو ما تظهره المؤشرات المبدئية عن المستوى العلمى للمدينة خلال السنوات الماضية».

ومن داخل أروقة «مركز الفوتونات والمواد الذكية»، التقت «الوطن» الدكتور محمد فرحات، أستاذ مساعد بمركز الفوتونات والمواد الذكية الحاصل على جائزة الدولة التقديرية عام 2014، الذى يعمل مع مجموعة من الباحثين بالمركز على إنتاج خلايا شمسية بأقل تكلفة ممكنة فى إطار تحقيق استراتيجية الدولة لزيادة الاستفادة من قطاع الطاقات المتجددة.

نجح «فرحات»، الحائز على درجة الدكتوراه عام 2010 بالتعاون بين جامعتى المنصورة و«ساوث ويلز» البريطانية، فى الحصول على تمويل من صندوق العلوم والتكنولوجيا لمشروع بحثى يهدف لـ«تحسين كفاءة التقاط تغيير نسبة الجلوكوز فى الدم»، خاصة أن المركز يعمل على تنفيذ مشروعات بحثية تساهم فى حل مشكلات المجتمع فى عدد كبير من المجالات سواء الطاقة أو الصحة.

«من الصعب نسيب الحلم»، قالها «فرحات» فى إشارة منه إلى العروض التى تلقاها للالتحاق بجامعات عالمية كبرى، إلا أنه رفضها من أجل الاستمرار فى العمل بمدينة زويل، منوهاً بأن «الباحث بالمدينة لا يبحث عن المال بقدر ما يبحث عن بيئة علمية يمكن من خلالها إنتاج وتطوير أبحاثه، ما ينعكس على الناتج البحثى لمركز الفوتونات الذى يتراوح بين 12-15 ورقة بحثية علمية منشورة فى دوريات عالمية سنوياً، وهو نتاج بحثى يعادل ما تنتجه مراكز بحثية حكومية تصل ميزانيتها إلى ملايين الجنيهات».

أما الدكتورة ريم عرفة، أستاذ العلوم الطبية الحيوية، فقد تركت عملها فى كلية الصيدلة جامعة القاهرة، أعرق الجامعات المصرية، للالتحاق بمدينة زويل فى سبتمبر 2014، وهى تقول: إن شعار «بالعلم وحده.. مصر تستطيع» دفع علماء مصريين إلى ترك جامعات عالمية من أجل «مدينة زويل» وليس جامعة القاهرة فقط، فهدفنا جميعاً أن نرى مصر فى المكانة التى تستحقها بتجهيز أجيال للمستقبل تستطيع المنافسة إقليمياً ودولياً.

تعمل «عرفة» منسق برنامج تصميم الدواء وتطويره فى المدينة، وهو جزء من برنامج العلوم الطبية والحيوية، ونجحت الباحثة منذ أيام فى الحصول على تمويل يقدر بمليون جنيه لمشروع بحثى يهدف لإنتاج أول دواء مصرى لمرض «ألزهايمر» أو النسيان المرضى الناتج عن الشيخوخة، ومدة المشروع عامان، ويمكن من خلاله الوصول إلى مرحلة التجارب المعملية، وفى حال الحصول على نتائج متقدمة يمكن التقديم للحصول على منح أخرى لاستكمال التجارب على الدواء، حسب قولها.

أضافت «عرفة» أن مرض «ألزهايمر» يمثل مشكلة كبيرة وعبئاً اجتماعياً كبيراً على كاهل المجتمع برمته، إلا أن الدواء يمكن أن يساعد فى إبطاء الإصابة بالمرض، من خلال التحكم فى أحد البروتينات التى تترسب فى المخ بفعل كبر السن، وتتسبب فى حدوث المرض، مشيرة إلى أن بيئة العمل داخل المدينة تساهم فى خلق أفكار جديدة لتحقيق حلم النهضة العلمية، هذا إلى جانب عدد من المشروعات البحثية الأخرى للتوصل إلى أدوية لعلاج أمراض مثل السرطان والملاريا وغيرهما.

وعادت «عرفة» بالذاكرة إلى الوراء لتصف أحوال العاملين بالمدينة من باحثين وطلاب عقب رحيل «زويل»، بمشهد بدأ فى التاسعة صباح 3 أغسطس، بعد ساعات من انتشار خبر وفاة العالم الكبير، عندما اجتمع بهم الدكتور صلاح عبية، الرئيس الأكاديمى للمدينة، لتلقى التعازى ومشاطرة الأحزان، إلا أنه بمجرد أن دقت الساعة التاسعة ونصف صباحاً كان الجميع أساتذة وطلاباً على مكاتبهم يباشرون أعمالهم.

ومنذ هذا التوقيت والعمل لم يتوقف فى المدينة، وكأن التعبير عن مشاعر الحزن التى تختلق صدور فريق مدينة زويل يتمثل فى تحقيق حلمه بإحداث نهضة علمية، فرغم وفاة «أبوالفكرة»، على حد تعبير «عرفة»، فإن جثمانه الذى يرقد على بعد دقائق من المقر الجديد «باعث أمل» متجدد لديهم.

من جهة أخرى، قال محمد فؤاد، الطالب بالفرقة الثالثة بقسم هندسة النانوتكنولوجى: «لم أندم على اتخاذ قرار الالتحاق بمدينة زويل بدلاً من كلية الصيدلة جامعة القاهرة»، واصفاً قرار الالتحاق بالمدينة بـ«الصائب»، خصوصاً بعد أن شاهد بنفسه التطور الذى يحدث فى المدينة سنوياً، بجانب «التغيير» الذى حدث له على المستوى الفكرى والأكاديمى مقارنة بزملائه بجامعات أخرى.

ويستمتع «فؤاد» بدراسة تخصصه وهو هندسة «النانوتكنولوجى»، مؤكداً أنه لم يعد يفكر فى «يوم التخرج وكابوس الحصول على فرصة عمل»، بل يردد بكل ثقة: «مش مهتم بعد ما أخلص دراستى فى المدينة هروح فين أنا مهتم أتعلم كويس ومش هروح لسوق العمل أدور على شغل، السوق هو اللى هيطلبنى».

 


مواضيع متعلقة