معمل دمنهور الإقليمى: سحبنا 180 عينة.. وكلها غير صالحة وخطر على الصحة العامة

كتب: عبدالفتاح فرج

معمل دمنهور الإقليمى: سحبنا 180 عينة.. وكلها غير صالحة وخطر على الصحة العامة

معمل دمنهور الإقليمى: سحبنا 180 عينة.. وكلها غير صالحة وخطر على الصحة العامة

اشتكى عدد كبير من سكان مركز أبوالمطامير من تلوث مياه الشرب، ورغم تكرار استغاثاتهم بالجهات المعنية فى السنوات والشهور الماضية، وصدور تقرير رسمى من معمل دمنهور الإقليمى يحذر من تلوث المياه ببكتيريا قولونية وبرازية، فإن الأزمة لم تحل حتى الآن، مع إصرار المسئولين من شركة المياه على نفى وجودها، واكتفائهم بالقول: «مياهنا شفافة وبدون رائحة».

وأكد تقرير صادر من معمل دمنهور الإقليمى المشترك، والتابع لوزارة الصحة عن تحليل 180 عينة مياه شرب من مدينة أبوالمطامير وقراها، أن كل العينات غير مطابقة للمواصفات، وأوضح التقرير الذى حصلت «الوطن» على نسخة منه أن العينة التى تم سحبها من قرية معصرة بركات بتاريخ 25 أغسطس 2016 ثبت عدم مطابقتها للقرار 458 لسنة 2007، وأنها غير صالحة للشرب لوجود البكتيريا السبحية البرازية ولزيادة العدد البكتيرى عن الحد المسموح به.

{long_qoute_1}

وأكد كذلك عدم مطابقة عينة قرية معصرة البتانونى لوجود بكتيريا المجموعة القولونية والبكتيريا السبحية البرازية، مضيفاً أن بقية العينات اشتملت على هذه العناصر، بالإضافة إلى الباسيل القولون النموذجى، وكائنات حية دقيقة «بروتوزوا» وزيادة العكارة، ورائحة عطنة.

الدكتور إبراهيم الوردانى، إخصائى أمراض الباطنة بمدينة أبوالمطامير، علق على خطورة العناصر الواردة فى التقرير، قائلاً: «بكتيريا الآى كولاى أو الإيشيريكية القولونية هى بكتيريا متعايشة، وتعيش فى أمعاء الثدييات سالبة الجرام، وتستجيب لمعظم المضادات الحيوية، ويستخدم الكشف عنها فى معرفة تلوث الطعام ومياه الشرب، وتحديد إذا كانت صالحة للاستخدام الآدمى أم لا»، مضيفاً: «بالرغم من أنها متعايشة ولا تسبب أضراراً فى معظم الأحيان، فإنها فى حالة التلوث الشديد تتحول إلى مهاجمة، وتكون فترة الحضانة من 9- 12 ساعة، بعدها تظهر الأعراض على الجهاز الهضمى وتكون عبارة عن آلام حادة بالبطن، وإسهال مدمم وقىء وغثيان وارتفاع بدرجة الحرارة، وجفاف، وقد تسبب التهابات فى المسالك البولية وشحوب لون الجلد، وأخطر شىء قد تسببه هو تكسير كرات الدم فى الأطفال، ما يؤدى إلى فشل كلوى حاد فيما يعرف بـ«Haemolytic Uramic Stndrome».

وعن الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بتلك الأعراض، يقول «الوردانى»: «هم السيدات الحوامل والأطفال وكبار السن»، مضيفاً: «أما عن باسيل القولون النموذجى والميكروب السبحى البرازى streptococci والبرتوزا (الطفيليات) فهى تصيب بنفس الأعراض السابقة مع اختلاف أنها لا تسبب الفشل الكلوى الحاد ولكن قد تسبب خراريج بالبطن». علاء الرميحى، إخصائى اجتماعى، وأحد الأهالى المهتمين بقضية تلوث مياه الشرب، شرح لـ«الوطن» قصة معاناتهم مع تلوث مياه الشرب قائلاً: «أزمة تلوث الشرب فى مركز أبوالمطامير تصاعدت فى الشتاء الماضى، عندما تم تصريف مياه المصرف الزراعى والصحى فى ترعة الحاجر فى بداية مدينة أبوالمطامير، بعد زيادة نسبة مياه المصرف عن الحد المسموح به، وإغراقها الأراضى والمنازل المحيطة، ما تسبب فى تلوث مياه الترعة التى تمد محطة مياه الشرب القديمة بالمياه، وهو ما تسبب فى تلوث المياه بعناصر عضوية وقولونية.

يضيف «الرميحى»: «مشروعات الصرف الصحى لا تغطى سوى 11% فقط من إجمالى عدد قرى المركز، ومعظم المصارف الزراعية يختلط بها مياه الصرف الصحى فى قرى المركز والقرى المجاورة، بالإضافة إلى تلوث مياه ترعة الحاجر والنوبارية بالقمامة والصرف، وهو ما يتسبب فى تلوث المياه بالبكتيريا السبحية البرازية، ويغذى مدينة أبوالمطامير وقراها أكثر من محطة مياه؛ اثنتان منها فى المدينة، ويصل طول ترعة الحاجر المتفرعة من الرياح البحيرى نحو 60 كيلومتراً، وتعانى هذه الترعة والترع الأخرى التى تغذى مياه المركز من انتشار القمامة والحيوانات النافقة واختلاطها بالمجارى، وترعة الحاجر لم تشهد أى تطهير منذ 7 سنوات».

وكشف «الرميحى» عن قيام الجهات المسئولة بالمحافظة برفع تقرير إلى مجلس الوزراء عام 2005 للمطالبة بتغيير شبكات المياه وطلمبات الضخ، وقال: رغم مرور نحو 11 عاماً لم يحدث شىء، والمحطة القديمة ليست مصدر المياه الوحيد لكن تغذى المدينة أيضاً محطة السناوى التى تأخذ المياه من ترعة النوبارية، لكن لم يتم استكمالها بعد، وتعمل بربع طاقتها الإنتاجية، نتيجة للإهمال الذى طال أيضاً صهريج المياه الذى تم الانتهاء منه عام 2004، وأخلت الأطراف الحكومية كلها مسئوليتها عنه، وقالت شركة المياه إنه غير تابع لها ويتبع الإدارة الهندسية بالوحدة القروية، وهو ما ردت عليه الوحدة بأنها لم تتسلمه».

{long_qoute_2}

وأضاف: «من الممكن جداً هدم الصهريج لأنه لو تم تشغيله سيقوم بضخ المياه بشدة فى شبكة المياه المتهالكة ما يترتب عليه انكسار المواسير القديمة لأن الشبكة الحالية غير مؤهلة لضخ مياه بصورة شديدة، والاحتمال الأقرب هو هدم هذا المبنى العملاق الذى لم نستفد منه حتى الآن، فشركة المياه تقوم بإدخال خطوط المياه الخارجية على الشبكة مباشرة وإن كان مصدرها نقياً ويتم معالجتها جيداً فى المحطات الخارجية كما يدعى المسئولون فى شركة المياه، فالشبكات تتسبب فى تلوث المياه».

طلبت من وزير الإسكان خلال مكالمة هاتفية بشكل مباشر عدم دفن القضية وعدم الاكتفاء بالجزاء الإدارى فقط، وإصدار توصية لعمل خطة عاجلة لتغيير شبكة مياه الشرب، وهو ما ترتب عليه قيام وكيل وزارة الإسكان بتحويل التقرير إلى النيابة العامة للتحقيق فيه وحمل المحضر رقم 8247 إدارى أبوالمطامير - تلوث مياه، وتم استدعاء المستشار القانونى بالوحدة المحلية ومندوب من المعمل الإقليمى للوقوف على حقيقة الأمر، ثم تم تشكيل لجنة برئاسة رئيس النيابة الكلية بوسط البحيرة وفنيين وباحثين من الصحة لفحص مدى مطابقة مياه الشرب للمواصفات، بعد تأكيد مندوب شركة المياه أمام النيابة أنهم أزالوا سبب التلوث، وهو ما ألزم إجراء فحص جديد بمعرفة النيابة.

«عمران حجازى»، أحد سكان مركز أبوالمطامير، يقول: «لم يتم تغيير مواسير المياه بأبوالمطامير منذ عام 1983، وخطوط المياه مليئة بمواسير الاسبستوس الضارة بالصحة، والتى تسبب الكثير من الأمراض الخطيرة، حسب تقارير وزارة الصحة المصرية التى حظرت استخدام هذه المواسير نظراً لخطورتها الشديدة»، وتابع: منذ عام ونصف العام أرسلنا العديد من الشكاوى لوزارة الصحة بسبب تلوث مياه الشرب، ولم يردوا علينا إلا منذ فترة قريبة، وقام بعض مراقبى الصحة من المعمل الإقليمى بدمنهور بسحب 180 عينة من مياه الشرب من مناطق مختلفة بالمركز، وبعد 15 يوماً صدرت النتيجة الكارثية. تلوث المياه أدى إلى إصابة الأهالى بعدة أمراض، كما يؤكد بسيونى محمد، صاحب محل أدوات صحية من بندر أبوالمطامير، قائلاً: «والدتى أصيبت بالفشل الكلوى بسبب مياه الشرب، وتذهب إلى مركز الغسيل الكلوى 3 مرات أسبوعياً، ورائحة المياه كريهة جداً وطعمها غير مستساغ عكس ما تردده شركة المياه بأن المياه نظيفة، ولو الميه طالعة نضيفة من المحطات يبقى الخلل فى الشبكات القديمة وبرضو دى مسئولية الشركة مش مسئولية المواطنين الملتزمين فى دفع الفواتير».

الدكتور محمد مصرى الحويلى، مسئول معمل تحاليل المياه بشركة مياه أبوالمطامير سابقا وصاحب معمل تحاليل خاص حالياً، يقول: «عملية تنقية المياه تمر بأكثر من مرحلة لضمان وصولها بشكل آمن إلى المستخدمين، فى البداية يتم عمل تعقيم مبدئى للمياه بواسطة الكلور لقتل جميع أنواع البكتيريا والجراثيم، ثم يتم إضافة الشبّة لإزالة العكارة من المياه من خلال ترسيب المياه لمدة ساعتين ويتم أخذ المياه الرائقة، وبعدها يتم إدخال المياه الرائقة إلى مرشحات رملية لتنقية المياه من الشوائب قبل أن يتم تعقيمها مرة أخرى بشكل نهائى بالكلور لقتل الميكروبات حتى وصولها للعميل، والأزمة للأسف ليست فى محطات المعالجة لكن تكمن فى مرحلة التعقيم النهائى الذى من المفترض أن يقتل الميكروبات والبكتيريا، بالإضافة إلى مواسير نقل المياه الرئيسية والفرعية التى تم تصنيعها من الرصاص والحديد ولم يتم تغييرها منذ سنوات، وهذه المواسير تحتضن البكتيريا والترسبات العفنة».

{long_qoute_3}

وتابع مدير معمل شركة المياه السابق: «الشبكات المتهالكة التى لا يتم غسلها باستمرار تكون بيئة خصبة لتكاثر البكتريا والملوثات التى تتسبب فى إصابة المواطنين بالأمراض، والتى تجعل المياه رائحتها كريهة وغير مستساغة، لكن ما يهم شركة المياه هو أن تكون المياه سليمة بعد خروجها من المحطة رغم مسئولية الشركة القابضة للمياه عن الشبكات المتهالكة أيضاً، وهى تتحمل نتيجة تلوثها مثل المحطات تماماً، وبالتالى يجب قيام الشركة ووزارة الإسكان بتغيير الشبكات تماماً ورقابة خطوات المعالجة جيداً».

من جانبه، نفى عمر خضر، مدير شركة مياه الشرب بأبوالمطامير تلوث مياه الشرب بأبوالمطامير قائلاً: المياه تخرج من الشركة سليمة بعد معالجتها، والمواطنون لا يشتكون من التلوث ولم تصلنا أى شكاوى على الإطلاق حتى الآن، والمحطة الرئيسية فى أبوالمطامير تأخذ مياهها من ترعة النوبارية وهى ترعة نظيفة، كما أننا نطور شبكة المياه باستمرار حسب خطة الدولة كل عام.

أما الدكتور رضا عبدالعظيم، مدير تحاليل شركة المياه بأبوالمطامير، فرَدّ على تقرير المعمل الإقليمى بدمنهور قائلاً: «أغلب العينات بها بكتيريا قولونية وبكتيريا سبحية برازية، والتحاليل تقول إن نسبة الأمونيا فى ترعة النوبارية ضعيفة جداً، ولا تتفق مع نتائج تحاليل مراقبى الصحة، ولسنا ندرى هل قاموا بسحب العينات بطريقة صحيحة تضمن عدم تلوثها؟ وهل وضعوها فى ثلج أم تركوها فى الشمس؟ حيث يحتاج سحب العينات إلى عدة خطوات للتأكد من تلوث المياه من عدمه، ولسنا متأكدين من سلامة تلك الإجراءات».


مواضيع متعلقة