وزارة الداخلية تخاصم الإعلام .. !!

بعد مايقرب من عام ونصف العام، قضاها على مقعد وزير الداخلية، وفى إطار المساعي المفترضة لتطوير جهاز الشرطة، لم يصدر عن وزير الداخلية اللواء مجدي عبد الغفار أية قرارات أو مساعي ملحوظة فى هذا الإطار سوي إصداره قرار بإنشاء إدارة جديدة، اطلق عليها إدارة الشئون المعنوية بوزارة الداخلية، وبحسب ما نشر، حول مهام الإدارة الجديدة، فإنها أقيمت لتمارس ذات المهام ، سوف تكون معنية بمتابعة وسائل الإعلام، ورصد وجمع كل ما ينشر أو يذاع من أخبار وموضوعات تتعلق بوزارة الداخلية، وانتدب الوزير عددا من الضباط الحاصلين على دراسات عليا ودرجات ماجستير ودكتوارة فى مجال الإعلام للعمل بالإدارة الجديدة.

الحقيقة أن كثير من المتابعين والمعنيين بالشأن الأمني، وأنا أخرهم وأقلهم فهما للمسائل الامنية، قابلوا قرار الوزير بتكوين الإدارة الجديدة، بتعجب وإستغراب شديدين، بسبب أن المهام التي ستمارسها الإدارة الجديدة هي ذات المهام التى يمارسها جهاز كبير وضخم داخل وزارة الداخلية منصوص عليه داخل البنيان الإداري لوزارة الداخلية، هو قطاع الإعلام والعلاقات العامة، يضم إدارات للعلاقات العامة والإعلام والعلاقات الإنسانية، مهمة هذا القطاع فى المجمل هو الحرص على تطوير وتنمية العلاقات مع المجتمع بشكل عام عبر إدارة العلاقات العامة، والحرص كذلك على توطيد العلاقة بين الوزارة وبين ضباط وأفراد جهاز الشرطة عبر إدارة العلاقات الإنسانية، ويعتمد هذا القطاع فى تحقيق اهدافه للتواصل مع المجتمع العام او المجتمع الداخلي داخل الوزارة على عدة وسائل اهمها أجهزة الإعلام، ومن هنا جاءت تسمية القطاع بقطاع الإعلام والعلاقات العامة.

ومن بين الإدارات والأقسام الهامة، التى تتبع قطاع الإعلام والعلاقات، مركز الإعلام الأمني الذى تم تكوينه بقرار من اللواء حسن الألفي وزير الداخلية وبفكر اللواء رؤوف المناوي مساعد وزير الداخلية للإعلام والعلاقات ( الذي تولى المنصب في عام 93 واستمر حتى عام 97 )، أنذاك، الذى كان منحازا وبشدة لفكرة ضرورة الإنفتاح على كافة وسائل الإعلام، المحلية والإقليمية والدولية، وتوفير البيانات العاجلة عن التطورات الأمنية وبدقة وبسرعة، وكان حريصا على أن يكون مركز الإعلام الأمني هو الجسر الأمن الضامن لجذب مساندة لجهاز الشرطة فى كل مهامه من المواطن المصري، ونجح المركز الإعلامي، فى أوج الصراع الدموي مع جماعات الخراب والدم، نجح فى تحقيق اكبر مساندة شعبية لمواجهة جماعات الإرهاب والموت، ولعل اللواء مجدي عبد الغفار الي كان احد ضباط جهاز امن الدولة المعنيين بمكافحة جكاعة التطرف والإرهاب، لعله يذكر تفاصيل ذلك التلاحم بين كافة فئات الشعب والشرطة والذى أنتجه وكان المحرك الأول لإحداثه هو مركز الإعلام الامني والعاملين فيه من قيادات وضباط وأفراد.

الجدير بالذكر أن كافة أجهزة وزارة الداخلية فى مختلف الدول العربية فى تلك الفترة إقتبست التجربة المصرية في الإعلام الأمني، وجميعها أقامت مراكزا للإعلام الأمني، وبات علم الإعلام الأمني فرعا يدرس وتجري حوله البحوث والدراسات والمناقشات فى المراكز الأكاديمية الأمنية والبحثية المعنية بالشئون الأمنية.

الجدير بالذكر، كذلك أن مركز الأعلام الأمني الذى أقيم بوزارة الداخلية المصرية أنفق عليه الدولة عشرات الملايين من الجنيهات، وتم تزويده بأحدث الوسائل التكنولوجية لتحقيق مهامه، وتم تزويده بمجموعات مختلفة من الضباط متعددي المهارات والدراسات والخبرات، وجميعهم يتقنون اللغات الأجنبية إجادة تامة، هؤلاء الضباطؤ ومع توالي السنين باتوا خبراء فى كيفية المزج المتوازن بين متطلبات وسائل الإعلام فى الحصول على المستجدات والأخبار أولا بأول، وبين متطلبات العمل الأمني.

المثير للغرابة أكثر أن قرار تكوين إدارة جديدة للشئون المعنوية بوزارة الداخلية، جاء بعد أن صدرت قرارات متعاقبة بنقل العديد من الضباط الأكفاء بالإدارة العامة للإعلام والعلاقات وبالأخص منالعاملين بمركز الإعلام الأمني، اعقبتها قرارات بإحالة الكثيرين منهم للتقاعد قبل بلوغهم السن القانونية للإحالة للتقاعد! .. يحدث هذا بينما تأتي الوزراة بضبط جدد ، لا أشك فى أن لديهم دراسات متخصصة فى الإعلام، ولكني أراها دراسات أكاديمية تحتاج سنوات طويلة للثقل وتحقيق احترافية عملية فى التعامل مع اجهزة الاعلام وتدبير إحتياجاتها المستمرة فى المعرفة والإطلاع على المستجدات على مدي اللحظة.

المثير للغرابة أكثر وأكثر أن قرار إنشاء الإدارة الجديدة بعد أن قررت وزارة الداخلية الإنغلاق علي نفسها ووقف التعامل مع اجهزة الإعلام ، فيما عدا عدد محدود من الجرائد المحسوبة على المؤسسات القومية.

قرار الداخلية بمخاصمة وسائل الإعلام صدر فى أعقاب الأزمة التي ثارت بين وزارة الداخلية ونقابة الصحفيين فى أعقاب اقتحام ضباط شرطة لمقر النقابة لضبط اثنين من الصحفيين تنفيذا لقرارات من النيابة العامة !

أظن أن وزارة الداخلية بالإنغلاق ومخاصمة وسائل الإعلام، لا تخسر هي بذاتها ، ولكن البلد كلها تخسر تعاون من المفترض أن يكون مفيدا لتحقيق المساندة الحقيقية من مختلف أبناء الشعب لجهاز الشرطة، وأظن ان وزارة الداخلية تخسر كذلك بإستحداث ادارة جديدة على انقاض كيان كبير كان له إسهامات مهمة فى خدمة الوطن والمواطن !

أظن أيضا ان هناك الكثير من الأمور التى يحتاجها جهاز الشرطة لتطوير ادائه ولتلافي تكرار السقوط الأمني الذى حدث فى يناير 2011.