«خليفة»: الاستراتيجية القومية للسكان بلا نتائج على أرض الواقع

كتب: هدى رشوان

«خليفة»: الاستراتيجية القومية للسكان بلا نتائج على أرض الواقع

«خليفة»: الاستراتيجية القومية للسكان بلا نتائج على أرض الواقع

اعتبر اللواء محمد خليفة، المقرر السابق للمجلس القومى للسكان، أنه من غير المنطقى أن تتبع القضية السكانية وزارة الصحة المتخمة بالأعباء والمشاكل التى لا حصر لها، وكان الأفضل أن تتبع مباشرة رئاسة الجمهورية أو رئاسة الوزراء، نظراً لخطورة الزيادة السكانية التى تمثل قضية أمن قومى. وقال «خليفة» فى حواره مع «الوطن»، إن الاستراتيجية الحالية للسكان لم نر لها نتائج على أرض الواقع، وأن الرسالة الموجهة إلى المواطنين، تهتم بعرض الأرقام والمشكلة، لا بحلها.. وإلى نص الحوار:

 {long_qoute_1}

■ كيف ترى الوضع الراهن للمجلس القومى للسكان فى ظل تبعيته لوزارة الصحة؟

- أرى أنه كان من الأفضل نقل تبعيته إلى رئاسة الجمهورية أو رئاسة الوزراء، ليكون رئيسه مثلاً رئيس مجلس الوزراء، وأن يضم فى عضوية مجلسه مجموعة قليلة من الوزراء المعنيين بالزيادة السكانية، وأرى أنه من غير المنطقى أن يتبع وزارة الصحة، فيكفيها مهامها الصحية وأعباؤها ومشاكلها التى لا حصر لها.

■ وما رأيك فى الاستراتيجية القومية للسكان التى تنفذ الآن؟

- لا أريد أن أوجه نقداً لها، لكن السؤال هنا: ما نتائجها؟ فحتى الآن لم نر أى بشائر لها على أرض الواقع، وليست لدى أية مؤشرات حولها.

■ من خبرتك فى مجال الأمن القومى، هل هناك رابط بين المشكلة السكانية والأمن القومى؟

- بالتأكيد المشكلة السكانية قضية أمن قومى، لما لها من آثار على النمو الاقتصادى، كما أنها المصدر الرئيسى للبطالة والأمية والإرهاب وانتشار الظواهر السلبية من بلطجة وانحراف الشباب، وربما يكون السبب الأول فى الزيادة السكانية بالصورة التى تحولت بها إلى عبء على الدولة، هو أن رسائلنا الموجهة للحد منها، تسير فى الاتجاه الخطأ، وبشكل خاطئ، فنحن لا نستهدف بتلك الرسائل المسئولين والمتخصصين ممن لديهم المؤشرات والأرقام والإحصاءات، ويستطيعون تحليلها واستخلاص النتائج والآثار منها، وإنما نستهدف الناس العادية التى تشعر بـ«الزهق» من الأرقام، ولم تعد لديهم طاقة ولا قدرة على فهمها ولا إدراك معدلاتها وآثارها، فالأرقام لا تهم المواطنين ولا يستفيدون منها على الإطلاق، عرض المشكلة لا يخصهم، وما يهمهم هو طرح الحلول عليهم.

■ كيف ترى الدول التى تفرض سياسات معينة فى صورة حوافز وعقوبات للحد من الزيادة السكانية؟

- أى عمل لا بد أن يخضع لحوافز إيجابية وسلبية، إلا فى السكان، فنحن ضد الحوافز السلبية لأنها تتنافى مع الدين وحق المواطن ومع الدستور، فحتى الصين، بعد أن فرضت عقوبات على زيادة الإنجاب، وجدوا أن هناك أكثر من 50 مليون طفل لم يتم تسجيلهم، وبالتالى لم يتعلموا، ما جعلهم حملاً ثقيلاً، كما حدثت حالات وأد للبنات، وبعض الدول مثل تونس وإيران سمحت بالإجهاض وأعقمت الرجال، وأنا ضد هذه النوعية من الحوافز السلبية.

{left_qoute_1}

■ وما الحوافز الإيجابية التى تقترحها لحل تلك الأزمة؟

- هناك حوافز متعلقة بمستوى الإنجاب، فمثلاً السيدة التى لديها طفلان ووصلت إلى سن الـ45 عاماً، يمكننا منحها مكافأة مادية أو معنوية، أو تأشيرة حج أو نوجد لأبنائها فرص عمل، فلكل مجتمع حافز مناسب له، يمكننا منح البعض قروضاً لمشروعات صغيرة بتسهيلات أفضل، أو نقدم حافزاً للملتزمات عبر وحدات تنظيم الأسرة، كمنحهن «شنطة مواد غذائية»، وهذا الأمر لا يتوقف عند الفرد، فيمكن منح حوافز للأحياء أو المحافظات الأكثر تنظيماً للنسل بأن تكون لها أولوية للمشروعات التنموية مثل توفير مدرسة أو إنشاء طرق أو مشغل أو زيادة فصول محو الأمية.

■ يرى البعض الزيادة السكانية قنبلة موقوتة.. ألا يمكننا إبطال مفعولها؟

- الزيادة السكانية قضية أساسية ولها حل، إلا أننا لا نسير فى الطريق الصحيح، ونزع فتيلها يستوجب العمل فى اتجاهين، الأول يتعلق بكيفية التعامل مع الشباب الحالى، والثانى كيفية تخفيض الزيادة السكانية، فالشباب يُعتبر هبة ديموغرافية، خصوصاً أنهم يمثلون أكثر من 60% من السكان، وعلينا إيجاد فرص عمل لهم وتشجيعهم على الانخراط فى القطاع الخاص ليصبحوا قوة دافعة للإنتاج والتنمية، علينا الاستمرار والتركيز على هذا الاتجاه.

■ ألا توجد طريقة لخفض معدلات الإنجاب فى مصر؟

- لا بد من التأكيد أولاً أن الهدف هو التنظيم وليس التحديد، وأدواتنا فى ذلك هى الإقناع طواعية بالأسرة الصغيرة، والخطة أن يكون هذا الإقناع من خلال أدوار لجهات معينة، منها الإعلام مثلاً يمكنه مخاطبة الفئات المستهدفة، وهى الشباب المقبلون على الزواج حديثاً، أما الرجل الذى لديه بالفعل 7 أو 8 أبناء فليس منه رجاء، وهو يخرج من دائرة استهدافى لأنه بمثابة حالة ميئوس منها، وعلينا التركيز على أبنائه هؤلاء، خصوصاً المقبلون على الزواج وتوعيتهم.

■ تشير الدراسات والإحصائيات إلى أن الفئة الأكثر إنجاباً هى الأقل تعليماً، والرسائل المباشرة هى الأكثر تأثير على هؤلاء.. ما تعليقك؟

- الجيل الجديد حتى من الأميين فى الريف، أصبح الإنترنت والمحمول وكل الوسائل التعليمية فى أيديهم، ولم تعد الإعلانات الحل، خصوصاً أن تكلفتها أصبحت كبيرة جداً، لذا يمكن للبرامج التى تحدثنا عنها إضافة إلى الدراما التليفزيونية، عرض المشكلة بشكل يحاكى الواقع ويكون أكثر تأثيراً فى الأفراد وإقناعاً بسلبيات الزيادة السكانية، وأن تنظيم النسل يتيح فرصة أكبر لتنشئة أطفال أسوياء تعليمياً وصحياً وفكرياً، وأدعو الصحافة لأن تبتعد عن المعدلات والإحصائيات، وأن تُعطى وتقدم حلولاً عملية لا أن تكتفى بعرض المشكلات فقط.

{long_qoute_2}

■ هل الميزانية المخصصة للقضية السكانية فى مصر كافية لحل الأزمة؟

- لا بد من إدماج القضية السكانية فى كافة خطط الدولة، وفصل ميزانية السكان عن وزارة الصحة، أما ما يسمى الآن بالمنح والقروض من وزارة التخطيط للمجلس القومى للسكان، فهى «شحاتة» لا تجوز، يجب أن يكون فى ميزانية الدولة بند للخطط السكانية، لأن الزيادة السكانية أخطر مثلاً من قضية الكهرباء.


مواضيع متعلقة