«الهلباوى»: التنظيم رفض الحلول السلمية وتحالف مع قوى العنف

كتب: سعيد حجازى

«الهلباوى»: التنظيم رفض الحلول السلمية وتحالف مع قوى العنف

«الهلباوى»: التنظيم رفض الحلول السلمية وتحالف مع قوى العنف

قال الدكتور كمال الهلباوى، القيادى الإخوانى المنشق، إن عقول جماعة الإخوان كانت مغيبة خلال اعتصامى رابعة والنهضة، وإن قياداتها مسئولة عن الدماء التى أريقت. وأكد خلال حواره مع «الوطن»، إنه حاول جاهداً التوسط لفض الاعتصام سلمياً، بمشاركة مجموعة من الشخصيات الوطنية، من بينهم الدكتور سمير عليش، وسعيد عمارة، والمستشار محمود الخضيرى وآخرون، مشيراً إلى أنهم عقدوا عدة لقاءات مع كل من المهندس محمد على بشر، وشخص يدعى الدكتور خالد، من قيادات حزب الحرية والعدالة بالقاهرة، وكل من رئيس الوزراء الأسبق هشام قنديل، والدكتور شريف أبوالمجد، إلا أن تلك المفاوضات تعثرت أمام إصرار قيادات الإخوان المعتصمين فى رابعة وخارجها، على عدم قبول الحلول السلمية.

 {long_qoute_1}

■ بعد مرور ثلاث سنوات على ذكرى فض «رابعة».. كيف تقرأ المشهد؟

- أرى أنها ذكرى أليمة جداً على الشعب ومؤسسات الدولة، والذين تسببوا فيها، ومن كانوا سبباً فى حملات الكراهية والتكفير والتحريض على العنف، وأرى أن هذا الحادث، وإن كان قد انتهى، إلا أن العدالة تقتضى النظر مرة أخرى نحو كل من أضير، وضرورة تعويض كل الضحايا والمصابين الذين سقطوا فى الاشتباكات، والذين لم يثبت تورطهم فى ارتكاب أعمال عنف، أو الدعوة لها، كما جاء فى تقرير لجنة تقصى الحقائق حول أحداث فض اعتصام رابعة العدوية الصادر عن المجلس القومى لحقوق الإنسان فى مارس 2014، وهو فى ظنى، أفضل وأدق التقارير غير المنحازة.

■ ماذا بقى من «الإخوان» وما الذى خسره أعضاء التنظيم؟

- كان الإخوان ملء العين طوال تاريخهم منذ التأسيس سنة 1928، رغم بعض الجرائم البشعة التى ارتكبها بعض المحسوبين على التنظيم، مثل أعضاء الجهاز الخاص أو ما يعرف بالتنظيم السرى داخل الإخوان، وخصوصاً فى الأربعينات من القرن الماضى، أيام الإمام حسن البنا، وفى أثناء الصراع مع الرئيس جمال عبدالناصر، حيث كان التعاطف الشعبى أو القبول الشعبى فى الغالب الأعم لهم لا يزال قائماً، ثم ظهر هذا التعاطف أو القبول بشكل واضح بعد ثورة 25 يناير، واكتمل بنجاحهم فى الانتخابات البرلمانية والرئاسية. وهنا بدأ تقييم أدائهم مقارنة بأقوالهم، فرصد الشعب لهم مجموعة من الأخطاء البشعة، أذكر منها على سبيل المثال، تقريب أهل الثقة وإهمال أهل الخبرة من غير الإسلاميين، وضعف أو عدم الوفاء بالوعود والعهود، والدخول فى صراع مع بعض أو كل مؤسسات الدولة، وتعميق الانقسام والاستقطاب السياسى والدينى فى المجتمع، والإعلان الدستورى الفرعونى المعيب لتحصين القرارات الرئاسية، والاستجابة المتأخرة أو غير المكتملة لمطالب الشعب، والخطاب المشين من محمد مرسى إلى شيمون بيريز الذى وصفه بالصديق العزيز، وضعف الرؤية والشفافية وضعف مصارحة الشعب، ومؤتمر نصرة سوريا الذى دعا إلى الجهاد فى بلد عربى مجاور بدلاً من السعى فى الصلح، ثم إهمال الحوار الوطنى الحقيقى والتركيز على الحوار مع المحبين والمنتفعين. وأعتقد أنه لم يتبق من الإخوان اليوم عند معظم الشعب المصرى إلا السمعة السيئة، والصورة التى شوهها الإخوان بأدائهم السيئ، وتحالفهم مع قوى العنف والتكفير، وإن سموه «تحالف دعم الشرعية»، وبذلك خسر الإخوان الشارع المصرى، ومؤسسات الدعوة والأعمال الخيرية، كما خسروا الحكم والسلطة، وخسروا مؤسساتهم السياسية، ومنها حزب الحرية والعدالة، وجرى حظرهم ومؤسساتهم ودمغهم بالإرهاب، وهو ما لم يحدث من قبل.

■ من المسئول عن دماء رابعة؟

- المسئول عن دماء رابعة، أولئك الذين أصروا على استمرار الاعتصام، رغم الدعوات المتكررة والمحاولات البائسة لفضه سلمياً، وكذلك أولئك الذين شحنوا الشباب بالكراهية والحقد على المجتمع والنظام القائم بعد ثورة 30 يونيو، ومن شجع هؤلاء الشباب على العنف والقتل مثل عاصم عبدالماجد، الذى قال من على منصة الاعتصام: «قتلانا فى الجنة وقتلاكم فى النار»، ومن قال «سيسحقون» أو «سنسحقهم»، ومن قال «اللى يرش مرسى بالمية هنرشه بالدم» ومثل ذلك كثير. وأرى أن المسئولية كذلك تقع على عاتق من بدأ باستخدام السلاح بهذه الكثافة التى رأيناها ومن منع المرور الآمن وفق الخطة المعدة لذلك، ومن حرم المصابين من الحصول على الإسعافات اللازمة، ويذكر تقرير لجنة تقصى الحقائق أن قوات الأمن المنفذة لعملية الاقتحام وإن توافرت لها حالة الضرورة فى استخدام الأسلحة النارية وحافظت على التناسب النوعى بين الأسلحة المستخدمة، إلا أنها أخفقت فى الحفاظ على التناسب، فى كثافة الإطلاق على مصادر النيران من قبل العناصر المسلحة، كما ذكر التقرير نفسه: «عدم إمهال المعتصمين السلميين فرصة كافية لمغادرة الاعتصام، حيث بدأت عملية الفض فى تمام الساعة السابعة صباحاً بعد أن وجهت قوات الأمن نداء إلى المعتصمين بالإجلاء من مكان الاعتصام، وحددت لهم شارع النصر كممر آمن لهم، إلا أنها لم تمهلهم وقتاً كافياً للإجلاء بعيداً عن مكان الأحداث، حيث استمر الإنذار لمدة 25 دقيقة.

{long_qoute_2}

■ كنت وسيطاً لإنهاء الاعتصام سلمياً، ماذا حدث ولماذا رفضوا مقترحاتك؟

- حاولت جاهداً التوسط لفض الاعتصام سلمياً بمشاركة مجموعة من الشخصيات الوطنية الكبيرة منهم الدكتور سمير عليش، وسعيد عمارة والمستشار محمود الخضيرى وآخرون، وعقدنا عدة لقاءات مجتمعين أو منفردين مع بعض قيادات الإخوان، منهم المهندس محمد على بشر وشخص يدعى الدكتور خالد، من قيادات حزب الحرية والعدالة بالقاهرة، وكل من الدكتور هشام قنديل رئيس الوزراء الأسبق، والدكتور شريف أبوالمجد، وغيرهم، إلا أن المفاوضات تعثرت أمام إصرار قيادات الإخوان المعتصمين فى رابعة أو خارجها، على عدم قبولهم للحلول السلمية.

{long_qoute_3}

■ هل انتظرت قيادات الإخوان تعليمات من الخارج لفض الاعتصام؟

- لا أستطيع تأكيد تلك المعلومة أو نفيها، ولا علم لى بذلك، ولكننى أستطيع أن أقول إن عقولهم كانت مغيبة، وكانوا يعتقدون فى الأحلام والأوهام بعودة «مرسى» إلى الحكم، حتى اعتقدوا أن الملائكة كانت تحيط بهم وأن «مرسى» صلى إماماً بالنبى محمد صلى الله عليه وسلم.

■ الدولة ترفض ما يسمى بالمصالحة مع الجماعة.. فهل هى ستسعى للتصالح؟

- أنا شخصياً لا أظن أن المصالحة مع الإخوان ممكنة لرفض الإخوان ذلك، وتفرقهم إلى أكثر من مجموعة، وبسبب الصراع بين مجموعتين منهم، ونظراً لارتباطاتهم الخارجية وكراهية الشعب لهم، وإن كان الشعب غاضباً من بعض السياسات والإجراءات التى تتخذها الحكومة الحالية فى مصر، إلا أنه لا يسمح للإخوان ولا لغيرهم بالاستفادة من ذلك الغضب.

■ وكيف كنت تتابع خطاب التكفير فى رابعة وفتاوى الحل والتحريم باسم الدين؟

- كنت حزيناً للمشهد كله، أولاً لسوء أداء الإخوان فى السلطة، وثانياً لما سموه تحالف دعم الشرعية، وثالثاً لسوء قراءة الواقع الماثل أمام أعينهم، ورابعاً -وهو الأخطر- السماح للتكفيريين والمتشددين والإرهابيين بالمشاركة فى اعتصامى رابعة والنهضة، وبث الكراهية ومنهج التكفير والتشدد والتطرف، ومحاولة نشر ذلك بين الشعب المصرى الذى يتبع منهجاً وسطياً فى الإسلام.


مواضيع متعلقة