حرب غير معلنة بين مهرجانات السينما المصرية بسبب المسابقات العربية

كتب: نورهان نصرالله

حرب غير معلنة بين مهرجانات السينما المصرية بسبب المسابقات العربية

حرب غير معلنة بين مهرجانات السينما المصرية بسبب المسابقات العربية

مع اقتراب انطلاق فعاليات الدورة الأولى من مهرجان بورسعيد للفيلم العربى، فى شهر أكتوبر المقبل، بدأت المهرجانات السينمائية الأخرى تلتفت إلى تهديد المهرجان الوليد للمسابقات العربية التى لجأت المهرجانات المصرية لتنظيمها، والتى وضعت أغلب المهرجانات السينمائية أمام أزمة هوية، مع اعتماد أغلبها على السينما العربية بعيداً عن النوع الذى أقيمت ونظمت من أجله، بداية مع مهرجان الأقصر للسينما المصرية والأوروبية، الذى أضاف السينما العربية لمسماه فى دورته السابقة، بالشكل الذى أخل بالهوية الأساسية للمهرجان، وهو ما تكرر بالنسبة لمهرجان الإسكندرية السينمائى لدول حوض البحر المتوسط، الذى ينظم مسابقات للأفلام العربية، تضم الدول غير المطلة على البحر المتوسط، وهو الأمر الذى دفع اللجنة العليا للمهرجانات لرفع توصيات لوزير الثقافة، حلمى النمنم، بشأن إلغاء المسابقات العربية من المهرجانات المصرية، باستثناء مهرجان القاهرة الدولى، ومهرجان بورسعيد للفيلم العربى، الذى أصبح وجوده مصدر تهديد لوجود المسابقات العربية على هامش المهرجانات السينمائية المصرية.

{long_qoute_1}

ورفض الأمير أباظة، رئيس الدورة الـ32 من مهرجان الإسكندرية لدول البحر المتوسط، توصيات لجنة المهرجانات بشأن إلغاء المسابقات العربية.

وقال «أباظة»: «التوصيات الخاصة باللجنة لها كل الاحترام والتقدير، ولكن فى النهاية إصدار هذا القرار منوط بوزير الثقافة فقط، خاصة أن المهرجان لا يواجه أزمة فى الهوية؛ لأن المسابقة الرسمية مخصصة لأفلام دول البحر المتوسط، بينما تأتى الأفلام العربية ضمن البرامج الموازية، والمسابقات على هامش المهرجان بالتعاون مع نقابة السينمائيين، واتحاد الفنانين العرب، بالإضافة إلى اتحاد الجمعيات السينمائية العربية».

وتابع «أباظة» لـ«الوطن»: «هناك مهرجان متخصص فى الأفلام الأوروبية، هل هذا يعنى أن نمنع مهرجان الإسكندرية من عرضها؟ أو مهرجان الأقصر المتخصص فى السينما الأفريقية، هل من الممكن أن يمنع عرض مهرجان القاهرة لأفلام من شمال أفريقيا؟ وبالنسبة لمهرجان الإسكندرية، هل طالبنا باقى المهرجانات بعدم عرض أفلام لدول البحر المتوسط؟ وبالتالى أرى أن الوضع مفتعل بصورة أكبر من اللازم، وببساطة السوق السينمائية مفتوحة أمام الجميع». {left_qoute_1}

وأكدت الناقدة ماجدة موريس، رئيس مهرجان الأقصر للسينما الأوروبية، أن المهرجان فى البداية كان مخصصاً للسينما المصرية، مشيرةً إلى أن عدم وجود أفلام كافية هو ما دفع إدارة المهرجان لتخصيص المهرجان للأفلام العربية.

وقالت «موريس»: «منذ فترة طويلة السينما العربية لم يكن لها وجود، ولكن فى السنوات الأخيرة أصبحت واقعاً لا يمكن تجاهله، خاصة مع انحسار الأفلام المصرية، فى الوقت الذى يقام فيه المهرجان فى مدينة الأقصر، التى لا يوجد بها سوى دار عرض سينمائى واحدة وقديمة، فكان من الصعب أن ينجذب الجمهور للأفلام الأوروبية فقط، وبالتالى أضفنا الأفلام العربية بسبب الاحتياج والظروف المحيطة».

وأضافت «موريس»، لـ«الوطن»: «العام الماضى لم نجد أفلاماً مصرية للعرض خلال المهرجان، خاصة أن محمد خان، وهالة خليل، تلقيا دعماً من مهرجان «دبى»، الذى يمنع عرض أى فيلم منهما فى مهرجان سينمائى قبل عرضهما فى «دبى»، وبالتالى شكل الوضع مشكلة حقيقية؛ لأن المهرجان لا يحتمل تقديم السينما الأوروبية فقط، وبالفعل تم عرض الفيلم الفلسطينى «3000 ليلة»، للمخرجة مى المصرى، فى حفل الافتتاح، وتفاعل الجمهور مع الفيلم بشكل كبير، فالسينما العربية الآن تشهد نهضة حقيقية، سواء فى سوريا أو الأردن، حتى المخرجة السعودية هيفاء المنصور، قدمت تجربة جيدة، وبالتالى نقدم لجمهور المهرجان أفلاماً غير متاحة خارج نطاقهم».

وتابعت: «المهرجان فى البداية يستهدف الجمهور، وبالتالى يختلف جمهور الإسكندرية، عن بورسعيد، عن جمهور الأقصر، ومنع المسابقات العربية منطق غير مستقيم، وسوف يؤثر على المهرجان بصورة كبيرة، ففى النهاية يتفاعل كل جمهور مع الأعمال المقدمة له بصورة مختلفة».

وأوضح مصطفى الكيلانى، الأمين العام لمهرجان بورسعيد للفيلم العربى، أن المهرجان هو الأول فى مصر من حيث التخصص فى السينما العربية، مشيراً إلى أن ملف المهرجان لم يتضمن طلباً بإلغاء المسابقات العربية المقامة على هامش المهرجانات المصرية.

وقال «الكيلانى»: «التوصيات بإعادة المهرجانات إلى شكلها النوعى ترجع للجنة العليا للمهرجانات، فهى المعنية بهذا الأمر، ومهرجان بورسعيد كغيره من المهرجانات، عليه أن يلتزم بقراراتها التى تصدر بعضوية أكثر من 30 عضواً يمثلون مختلف عناصر الصناعة السينمائية، وتضم أسماء كبرى فى مجالى الثقافة والفن فى مصر، وتعديل صياغات المهرجان لتضم أفلاماً عربية هو أمر غير منطقى، ولكن القرار فى النهاية بيد اللجنة ووزير الثقافة».

وأضاف «الكيلانى»، لـ«الوطن»: «لدينا فى مصر مجموعة مهرجانات عريقة، أهانت تاريخها بترك مشروعها الرئيسى، مقابل إدخال السينما العربية، وبعد ذلك فشلت فى تغطية تخصصها، فيما يتعلق بإغفال عرض أفلام من أفضل ما تنتج السينما فى العالم، وتجاهل سينما فرنسا، أو إسبانيا، وإيطاليا، بالإضافة إلى دول أوروبا كلها مقابل البحث عن إنتاج دول عربية لتغطية عدم الخبرة».

ويرى الناقد وليد سيف أن السينما العربية من أهم النوعيات التى يجب أن تحظى باهتمام كبير، خاصة أن تخصيص مهرجان للفيلم العربى جاء متأخراً، ولكنه يعد خطوة إيجابية.

وقال «سيف»: «المهرجان فى البداية يجب أن يكون له هدف وبرنامج رسمى رئيسى يخدم هويته الأساسية أولاً، ثم يبدأ فى طرح مسابقات موازية على هامش فعالياته، وبالنسبة للمهرجانات المصرية المهتمة بالسينما العربية ستشهد الفترة المقبلة منافسة فى استقطاب الأفلام، وهى المشكلة الموجودة على الساحة؛ لأننا تعودنا على المنافسة وليس التكامل، ولذلك أرى أنه إذا تم التنسيق بين مسئولى مهرجان الفيلم العربى والمسابقات فى المهرجانات الأخرى سيصل الجميع إلى نتائج جيدة».

وتابع «سيف»، لـ«الوطن»: «أثناء رئاستى لمهرجان الإسكندرية، كنت حريصاً على مسألة الهوية، وركزت على فكرة أن يكون المهرجان متخصصاً فى سينما البحر المتوسط، فيما يتعلق بالبرامج الرئيسية، بحيث لا تطغى البرامج الأخرى عليه، ولا يأخذ المهرجان صفة مختلفة عن سينما المتوسط، ولكن المسألة فى النهاية تكمن فى ثقافة إقامة المهرجانات، وتكوين كوادر لديها الفهم الصحيح لقيمة المهرجان وأهميته، والقدرة فى الحفاظ على هويته، وهى مسألة سيتم اكتسابها مع الوقت، خاصة أن تلك المهرجانات عمرها قصير، سواء بالنسبة للأقصر الأفريقى أو الأوروبى، وتشهد تداخلاً فى البرامج، وضعفاً فى الهوية، وفقداناً لـ«التيمة»، وهو ما تعانيه كل المهرجانات المصرية حالياً، فهى خالية من محور رئيسى لفعالياتها، وبالتالى رجوعها لمكانتها مرتبط بوجود كوادر ثابتة فى المهرجانات، حتى إدارة مهرجان القاهرة موجودة للعام الثانى فقط، ولم تكتسب الخبرة والفهم الكافى للتعامل مع عراقة مهرجان القاهرة».

وأيد المنتج محمد العدل، عضو اللجنة العليا للمهرجانات، فكرة وقف المسابقات العربية فى المهرجانات السينمائية، مقابل اقتصارها على مهرجان واحد متخصص.

وقال «العدل»، لـ«الوطن»: «أصدرت اللجنة اقتراحات رفعتها لوزير الثقافة، تتضمن التأكيد على وجود مهرجان واحد متخصص فى الأفلام العربية، وألا تكون هذه النوعية فرعاً فى كل مهرجان، لذلك أجد من الأفضل أن يلتزم كل مهرجان بهويته الأساسية، مثل مهرجان الإسكندرية لدول البحر المتوسط، وعليه أن يلتزم بالدول العربية المطلة على البحر المتوسط فقط، وبالتالى من الصعب أن تشترك سلطنة عمان فى المهرجان، كما لاحظنا فى الفترة الأخيرة أنها تشارك فى مهرجان الأقصر للسينما الأوروبية، وفى مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية، بالإضافة إلى مهرجان القاهرة، وفى النهاية نحن لسنا ضد المهرجانات، ولكن نرى أن الأفضل يكمن فى الالتزام بالهوية والتخصص».

 


مواضيع متعلقة