95 أسرة تنتظر الموت أو «الإزالة» فى مساكن فاقوس الشعبية بالشرقية

كتب: نظيمة البحراوى

95 أسرة تنتظر الموت أو «الإزالة» فى مساكن فاقوس الشعبية بالشرقية

95 أسرة تنتظر الموت أو «الإزالة» فى مساكن فاقوس الشعبية بالشرقية

 

فى مبانٍ متلاصقة تآكلت جدرانها وأسقفها بفعل مياه الصرف الصحى، يحاصر الموت 95 أسرة فى «المساكن الشعبية» بفاقوس، إما تحت أنقاض العمارات المتهالكة، أو بتأثير الأمراض المتفشية بسبب طفح «المجارى» فى الشوارع، ورغم ذلك يتشبث السكان بالبقاء بين «4 جدران» تسترهم، حتى لو دفعوا حياتهم ثمناً لذلك.

«الوطن» التقت الأسر المهددة بالموت فى عمارات «المساكن الشعبية»، ومعظمها من «محدودى الدخل» والأرامل وكبار السن، الذين يعيشون وسط قلق دائم من الغد، بعدما اكتشفوا صدور قرارات إزالة للعمارات، التى لم يتم تنفيذ قرارات الترميم الصادرة لها منذ 10 سنوات، ما جعل حالتها تتفاقم، فيما لم يعد لدى الأهالى سوى استجداء المسئولين لحل أزمتهم.

«نعيش فى بيوت ستقع علينا فى أى لحظة، لكن ما باليد حيلة»، بهذه الكلمات بدأت آمال عبده، 56 عاماً، حديثها لـ«الوطن»، قبل أن تصحبنا معها لتفقد شقتها التى لا تزيد مساحتها على 40 متراً، وتتكون من غرفة واحدة وصالة ومطبخ وحمام، ورغم صغر مساحتها إلا أنها تقيم فيها مع اثنين من أبنائها.

وفور دخول الشقة، أشارت السيدة إلى سقف غرفة النوم، الذى ظهرت منه «الأسياخ الحديدية»، قائلة: «الأسمنت يسقط على رؤوسنا كل يوم، ولم أجد حلاً سوى تثبيت ملاءة سرير قديمة بالمسامير، حتى ترحمنا قليلاً من الأسمنت المتساقط، ونفس الأمر فعلته فى الصالة والمطبخ»، مضيفة: «هذا المكان هو كل ما نملك فى الدنيا، ولو لدينا أى أموال لما كنا عشنا هنا يوماً واحداً». وأوضحت: «أسكن هنا منذ 35 عاماً، وبعد 5 سنوات فقط من زواجى أصبحت أرملة، ومعى 4 أبناء، ما اضطرنى إلى العمل فى بيع الخضار، وتمكنت من تربية أبنائى، وتزوج اثنان منهم، ثم تركانى ليسكنا بشقق بالإيجار، بينما ما زال اثنان من أبنائى معى، ومؤخراً لم تعد صحتى كالسابق، فاضطررت إلى تركه، وأعيش على معاش زوجى الذى لا يزيد على 500 جنيه، ولا يكفى الأكل والأدوية والمياه والكهرباء، فما بالك باستئجار شقة أخرى».

وفى مدخل إحدى العمارات الذى تراكمت فيه مياه الصرف الصحى، وقفت أشجان عبدالعزيز، 60 عاماً، ممسكة «جردل» لاستخدامه فى إبعاد المياه عن المدخل، وقالت: «كما ترون، مياه المجارى بهدلتنا، ونحاول إبعادها منذ ساعتين، لكن كل ما نتخلص منها تعود كما كانت، وعندما زهقنا اضطررنا إلى وضع حجارة لنمر فوقها».

وأضافت: «أسكن فى الدور الأرضى، لذلك أنا من أكثر السكان تضرراً من طفح المجارى فى المنطقة، فالروائح الكريهة والحشرات تستوطن شقتى، بخلاف الرشح المتواصل فى الجدران»، موضحة: «ليس لدينا أى اعتراض على هدم العمارات، لكننا نريد أن نطمئن على مصيرنا، وأننا سنعود إليها بعد إعادة بنائها، لأننا غلابة، ولا نملك فى الدنيا سوى هذه الجدران التى تسترنا، فزوجى متوفى منذ سنة ونصف السنة، وأعيش هنا مع حماتى بمعاش 300 جنيه».

وقالت شربات محمد على، 62 عاماً: «الأسعار تزيد يوماً بعد آخر، ونحاول أن نعيش طوال اليوم بقليل من الفول والطعمية، أما اللحم فنراه فى المواسم، أو يأتينا كتبرعات، وكل ما نريده هو 4 جدران تسترنا، فلا نريد قصوراً، وإنما شقق بديلة».

الكهربائى أحمد حسن، قال: «أسكن هذه الشقة منذ 15 عاماً، وقبلها كنت أسكن مع أسرتى المكونة من زوجة و4 أبناء فى شقة بإيجار شهرى 300 جنيه، مضيفاً: «منذ 10 سنوات صدر قرار لترميم العمارات المعروفة باسم المساكن الشعبية، والتابعة لقسم ثان فاقوس، إلا أن القرار لم ينفذ حتى الآن، رغم ترميم العديد من المساكن الشعبية فى مناطق أخرى بالمدينة».

وأشار «حسن» إلى صدور قرار إزالة للعمارات منذ عامين، موضحاً: «طالبنا المسئولين بضمان حقنا فى العودة بعد الإزالة، أو تقديم ضمانات رسمية تثبت حقوقنا، إلا أنهم رفضوا ذلك، ما دفعنا إلى تقديم شكوى لمحافظ الشرقية، اللواء خالد سعيد، تضمنت مطالبنا بأن تضمن لنا المحافظة العودة، حتى لا نتشرد مع أسرنا».

ومن جهته، قال رئيس مركز ومدينة فاقوس، السباعى عبدالرحمن: «تم تشكيل لجنة هندسية لتحديد ما إذا كانت المساكن معرضة للانهيار من عدمه»، مشيراً إلى «اقتراح عدة بدائل لحل مشكلة السكان بعد صدور قرار الإزالة، منها نقلهم إلى مساكن عرب درويش أو الغزالى أو السنيطة، لحين إزالة العمارات وإعادة بنائها مرة أخرى، ونحن فى انتظار قرار اللجنة لتحديد الإجراءات التى سنتخذها».


مواضيع متعلقة