ضحية مركز تعذيب مرضى الإدمان فى المقطم يكشف عن وفاة حالتين منذ 3 أشهر

ضحية مركز تعذيب مرضى الإدمان فى المقطم يكشف عن وفاة حالتين منذ 3 أشهر
تفجّرت مفاجأة جديدة فى واقعة تعذيب مرضى الإدمان داخل مركز الندى بالمقطم، بعدما قال محمود محمد محمود، 21 سنة، أحد الضحايا، أمام المستشار إسماعيل حفيظ مدير نيابة حوادث جنوب القاهرة، إنه تعرّض للتعذيب على أيدى المشرفين ومدير المركز والعاملين، مؤكداً أن المتهمين كانوا يضربونه بأيديهم وبالشوم، وفى أحيان كثيرة بالأحذية، وعندما كان يمتنع عن تناول الأدوية.
«الوطن» التقت المجنى عليه أثناء جلسة الاستماع إلى أقواله، وحكى تفاصيل 7 أشهر قضاها داخل المركز، قائلاً إنه توجّه بصحبة والده إلى المركز بعدما امتنع عن تناول الحشيش والترامادول للعلاج، وتم حجزه داخل غرفة فيها سرير واحد لمدة 5 أيام، وكان يتناول خلال هذه المدة عقاقير لا يعرفها مرتين يومياً، وبعد مرور هذه المدة تم نقله إلى غرفة بها 4 أشخاص، وكانوا يتحدثون معه، عن قسوة التعامل من العاملين والمشرفين، وعندما زاد الضرب والتعذيب اتصل بوالده، وأخبره بما يحدث، إلا أن والده كان يطلب منه دائماً أن يتحمّل حتى يعبر هذه المرحلة ويتماثل للشفاء، لأن المركز كان يمنع الزيارة عن المريض الجديد الذى يتم حجزه لمدة 40 يوماً.
وأوضح المجنى عليه أنه شاهد أحد المرضى، ويدعى «محمود» يعانى من شدة الآلام والتعذيب حتى ساءت حالته، ودخل فى حالة إعياء شديدة، وعندما شعر العمال بخطورة حالته اتصلوا بأسرته فحضروا واصطحبوه، وفارق الحياة بعدها بقرابة أسبوع.
وقال المجنى عليه إنه لا ينسى ما حدث لأحد المرضى الكبار فى السن، ويدعى «محمد» وعمره 55 سنة، وكان يعانى من مرض السكر، فضلاً عن أنه يتعرّض للضرب والتعذيب حتى ساءت حالته ودخل فى غيبوبة وفارق الحياة، بعدما تم نقله إلى أحد المستشفيات.
وأشار المجنى عليه إلى أنه تعرّض للتعذيب والضرب بعدما جرّده المتهمون من ملابسه، وأوثقوا يديه بقيد بلاستيك فى السرير عندما حاول الهروب من المركز، موضحاً أن الفيديو الذى تم تصوير عدد من الضحايا فيه، تم بعد أن اتفق جميع المرضى، وعددهم 20 فرداً، على الامتناع عن الطعام بسبب سوء المعاملة والإصرار على الهروب، وعندما علم العاملون والمشرفون بهذه الخطة، قاموا بإحضار 4 من المرضى، وكان هو من بينهم وتم تجريدهم من ملابسهم والاعتداء عليهم بالضرب وتصويرهم عرايا وهم مقيدون بقيود بلاستيك فى الأسرة.
وبعد تعرُّضهم للتعذيب بأسبوع، حضر المجنى عليه علاء الذى لفظ أنفاسه الأخيرة بعد 4 أيام من حجزه، وأكد أنه شاهد علاء مرتين، الأولى كانت عقب وصوله إلى المستشفى والثانية كانت قبل وفاته بساعتين عندما شاهد علاء ثائراً وهو يحاول الخروج من المستشفى، فقام 3 من المشرفين بحمله إلى الطابق الثانى وبعدها فوجئ بخبر وفاته، فاتصل بوالده، وقال له «إلحقنى قبل ما أموت علشان فيه واحد مات هنا»، وبعدها بساعة حضر والدى، واتصل بجميع أبناء المرضى المحتجزين لتسلم أبنائهم.
وكشف المجنى عليه عن تفاصيل حياته اليومية داخل المركز، قائلاً «كنا نستيقظ فى الساعة الثامنة صباحاً نتناول وجبة الإفطار، وهى عبارة عن فول وجبنة وعسل، وبعدها يحضر مدير المركز ويُدعى محمد جمال، ومعه علبة بها كمية من البرشام فيُعطى كل فرد واحدة، ثم يقوم أحد العمال المرافقين له بفتح فم كل مريض حتى يتأكد أنه بلعها، وفى الساعة الثانية عشرة صباحاً نخرج من الدور الأول فى المركز إلى الطابق الثانى للجلوس أمام التليفزيون، وفى الساعة الثامنة مساءً يحضر المدير أو أحد المشرفَين، وهما محمد رمضان أو أحمد جمال، ومعه عامل ليعطى المرضى البرشام، الذى يقولون إنه علاج، فى حين أنه لم يحدث جديد لدى المرض، فقلما تتحسّن حالة أى شخص من المرضى حدثت الواقعة.
وقال «محمد محمود» والد المجنى عليه «محمود» إنه قام بحجز نجله فى المركز بتاريخ 9 يوليو من العام الماضى، ودفع للمركز مبالغ مالية تجاوزت 20 ألف جنيه، لأن تكاليف العلاج فى الشهر الواحد كانت 4 آلاف جنيه بخلاف مصاريف «محمود» الشخصية داخل المركز والزيارات التى كان يرسلها إليه كل أسبوع ولم يتمكن من رؤيته بحجة أنه برنامج علاجى.
وأضاف والد الضحية أن نجله اشتكى له خلال الزيارة الأولى، وهى بعد 40 يوماً من حجزه، من قسوة المعاملة، إلا أنه كان لا يلتفت إلى حديثه بحجة أنه يريده أن يتعالج من الإدمان، لأنه اعتاد تعاطى الحشيش والترامادول منذ 3 سنوات، واستمر الحال حتى فوجئ يوم الواقعة باتصال نجله وهو يصرخ فى الهاتف «إلحقنى هيموتونى» ، مضيفاً «فخرجت من المنزل فى جسر السويس فى الساعة الواحدة صباحاً وذهبت إلى المركز وعلمت بخبر وفاة أحد المرضى ويدعى علاء، فقمت بالاتصال بآباء جميع المرضى، وطلبت منهم الحضور لتسلم أبنائهم».
من جانبها تحفّظت النيابة على مقاطع الفيديو التى عُثر عليها على «لاب توب» خاص بالمتهم المحبوس محمد جمال، وشكّلت النيابة لجنة فنية لفحصه بعدما أنكر المتهم علاقته بالصور أو جهاز اللاب توب، وأنه لا يعرف شيئاً عنه.
ومن ناحية أخرى تكثّف المباحث جهودها لملاحقة 3 متهمين هاربين والدكتور أحمد سمير الذى طلبت النيابة ضبطه وإحضاره بعدما توصلت إلى أنه صاحب الترخيص الصادر من وزارة الصحة لمزاولة هذا النشاط، كما تواصل النيابة جمع المعلومات عن الفروع الأخرى التابعة لنفس المركز فى التجمع الخامس، بعدما أشارت المعلومات والتحريات إلى وجود مركز الحرية لعلاج الإدمان فى التجمع الخامس يتبع نفس الدكتور.
وكشفت التحقيقات عن أن مركز الندى لعلاج الإدمان له اسم وهمى على شبكات التواصل الاجتماعى وهو بيوت الحرية، بينما اسمه الحقيقى من خلال الرخصة الصادرة من وزارة الصحة منذ أكثر من 12 عاماً هو مركز الندى لعلاج الإدمان، وله عدة فروع أخرى منها مركز الحرية لعلاج الإدمان فى التجمع الخامس.