رغم التشرد والفقر والاحتلال.. فلسطينية ناجية من الموت تدرس "الطب"

كتب: الوطن

رغم التشرد والفقر والاحتلال.. فلسطينية ناجية من الموت تدرس "الطب"

رغم التشرد والفقر والاحتلال.. فلسطينية ناجية من الموت تدرس "الطب"

أعاد صوت المذياع المرتفع وهو يُصدر نشرةً إخبارية، تُلخّص حياة الغزيين بعد عامين من "الحرب الإسرائيلية"، لذاكرة الشابة حنان عبدالغفور (19 عاما)، تفاصيل تعمل جاهدة على نسيانها، فما إن يُذكر اسم "الحرب" على مسامع عبدالغفور، حتّى ترجع بذاكرتها إلى الوراء "سنتين كاملتين"، وتستحضر موقفا عاشته تحت ركام منزلها لأكثر من 5 دقائق.

لم تتوقع عبدالغفور أن تنجو، آنذاك، ووالديها اللذين كانا في المنزل، إذ استهدفه صاروخ إسرائيلي واحد على الأقل، تسبب بهدم المنزل بالكامل، وتصف الفتاة الفلسطينية، المدة التي قضتها تحت الأنقاض، بأنها "مرعبة ولا تتمنى أن تعود، وأرجو نسيانها"، على حدّ قولها لـ"الأناضول".

كما لم تفقد الغزية "حنان"، الأمل رغم فقدانها لأسلوب حياة أسسته واعتادت عليه لأكثر من 18 عاما، ولم تنظر للحياة بعين "سوداوية"، إنما تمسكّت بـ"شعرة" حافظت على عدم انقطاعها لكي تنجو بحياة كادت إسرائيل تودي بها، كما قالت.

ومع بداية العام الدراسي الذي أعقب الهجوم الإسرائيلي مباشرة نهاية العام 2014، عملت عبدالغفور جاهدة على اجتياز مرحلة الثانوية العامة، التي التحقت بها، بـ"امتياز".

وفي بيت لم يوفر لها أدنى مقومات الحياة، كانت تحاول جاهدة متابعة دروسها لساعات طويلة ومتواصلة، قبل أن تنتقل إلى مكان سكن آخر، بشكل شتت قدرتها على التركيز، حسب قولها، ورغم حياة "التشرد"، إلا أن الطالبة الغزية، لم تتراجع في الخطوة التي اعتقدت أنها ستكون سلاحا يوفر لها مستقبلا أفضل.

وبعد انتهاء الفترة الدراسية، وتقديمها للامتحانات، حصلت عبدالغفور على معدل 98.1% وهو ذاته المعدّل الذي طمحت أن تصل إليه خلال فترة دراستها، ولم يحمل قلب الفتاة عقب تخرجها من الثانوية العامة، سوى حلم دراسة "الطب" في إحدى الجامعات بقطاع غزة، إلا أن ذلك يتطلب تكاليف مالية كبيرة جدا، تتوزّع ما بين رسوم فصلية ورسوم كتب ومستلزمات الدراسة.

وبعد أن فقدت الأمل في تحقيق حلمها، ظهر "فاعل خير" (لم تذكر اسمه وجنسيته)، وأبلغها بتكفله بكافة مصاريف دراستها الجامعية، حتى تخرجها من كلية الطب.

وتجلس اليوم عبدالغفور، أمام طاولة "بلاستيكية"، تذاكر محاضرة جامعية أخذتها لتوّها في تخصص "الطب"، فيما تعيش وأسرتها المكونة من 6 أفراد، على سطح منزل يعود لأحد أقربائها، أقيمت له جدران، فيما أغلقوا سقفه بورق الجريد وصفائح "الزينكو" الحديدية.

وأعربت عبدالغفور عن أملها في إنهاء دراسة الطب بامتياز، وذلك لتُسخّر عِلمها ونفسها لمساعدة أشخاص، قد يتعرضون لموقف مشابه لما تعرّضت له خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة على القطاع.

وعن إعادة إعمار منزلها المدمّر بشكل كلّي، قالت: "حصلنا على المنحة اللازمة لإعادة إعماره، إلا أن العملية متوقفة، بسبب عدم توفر الإسمنت"، وتوافقها والدتها حسناء (38 عاما)، توصيفها للحياة التي عاشوها بعد الحرب الإسرائيلية مباشرة بـ"التشرد"، إذ تنقّلوا خلالها بين 3 بيوت.

تقول والدتها: "ابنتي لم تنجو مرتين، بل نجت للمرة الثالثة أيضا، عندما تحدت الظروف المحيطة بها، وخرجت من حالة نفسية، إذ انطوت على نفسها جراء ما أصابها خلال الحرب"، متابعة: "حنان تمتلك روح التفاؤل والطموح، وأتمنى أن تحقق أحلامها كلّها رغم الظروف الصعبة التي عايشناها ولا زلنا نعايشها".

وشنّت إسرائيل حربا على قطاع غزة، في 7 يوليو 2014، أسفرت عن قتل 2320 فلسطينيا، وهدم 12 ألف وحدة سكنية، بشكل كلي، فيما بلغ عدد الوحدات المهدمة جزئيا 160 ألف وحدة، منها 6600 وحدة غير صالحة للسكن.


مواضيع متعلقة