بول بارتى

عدد من الشباب لا يتجاوز عمرهم الـ18 عاماً نظموا حفلة «بول بارتى» بمنطقة القاهرة الجديدة، أقبل عليها نظراؤهم بشكل كثيف، أدى إلى وصول سعر تذكرة دخولها إلى 500 جنيه!. حفلات الـ«بول بارتى» عبارة عن حفلات عرى يتراقص فيها الشباب مع الفتيات، ولها تقاليدها الخاصة، ومن أبرزها عدم التصوير، أو تسريب صور الحفلة، ولكن فى ظل حياتنا التى أصبحت تحتاج «بامبرز»، تم تسريب الصور. من الطبيعى أن يشعر الناس بالصدمة من الأمر، ويهاجموه، ولست أريد أن آتى بما فعله غيرى، كل ما أريده فقط أن أسجل ملاحظتين على هذا الحدث.

الملاحظة الأولى تتعلق بمطاردة وملاحقة هذا الشباب، وظنى أن دور المجتمع، أفراداً ومؤسسات، لا يجب أن يتحدد فى مربع المطاردة، قدر ما ينبغى أن يتمركز فى مربع التربية، هذا الشباب يحتاج إلى التربية أكثر مما يحتاج إلى الملاحقة، فهو شباب فى فترة تكوين وتنشئة، وينتمى إلى جيل يتمتع بأدوات تساعده على النفاذ بسهولة إلى المجتمعات الأخرى والنقل عنها وتقليدها، ومن الطبيعى أن يستوقفه كل ما هو شاذ وغير طبيعى من السلوكيات، لأن قدرته على الفرز بين ما يصح وما لا يصح من السلوكيات محدودة. ولست بحاجة إلى التذكير بأن الشاب الذى يدفع 350 أو 500 جنيه ثمناً لحضور حفل ينتمى إلى أسرة متيسرة الحال، تستطيع أن تمنح الأبناء بسخاء، وللأسف الشديد فإن هناك من الآباء والأمهات من يظن أن «المال» أصبح بديلاً تعويضياً عن الإهمال فى التواصل مع الأبناء وتربيتهم والاهتمام بهم، نظراً لأن السعى وراء حصد المكاسب من كافة الاتجاهات لا يمنح الوالدين الفرصة للقيام بالدور التربوى المطلوب منهم. الشباب بطبيعته يحب الانفتاح، وإذا تُرك لنفسه، فسوف يأتى العديد من السلوكيات غير المقبولة اجتماعياً، وهنا لا بد أن يكون للمجتمع بكل مؤسساته موقف واضح، لترشيد سلوكيات الشباب، ليس من خلال دفعهم إلى الانغلاق، أو طمسهم، بل من خلال تعليمهم أن الانفتاح الحقيقى هو انفتاح للعقل والنفس، وليس انفتاحاً فى الملابس!.

الملاحظة الثانية تتعلق بسلوكيات وأمور أكثر ترويعاً من الـ«بول بارتى» تختفى فى سراديب هذا المجتمع، فـ«ماجور» مصر «مكفى» على الكثير، ولعلك تابعت ما نشرته بعض الصحف والمواقع عن ذلك الزوج الذى اتفق مع زوجته على تقديم جسدها لراغبى المتعة الحرام، وأنها كانت تمارس عملها خلال شهر رمضان، فى حين كان الزوج يلبى حاجة راغبى الشذوذ!. والسؤال هل حالة هذين الزوجين لا يوجد لها أشباه، هنا وهناك؟!. أيضاً هل كان من الممكن أن نعرف شيئاً عن حفلة العرى التى نظمها الشباب لو التسريبات!. أشياء كثيرة فى هذا المجتمع ما زالت فى طى الكتمان، وربما كشفت عنها تسريبات مقبلة!. وعلينا ونحن ننظر إليها أن نلتفت إلى أنها لا تعكس مجرد قبح الحياة بخارجنا، بل تعكس فى أحوال حالة القبح الداخلى الذى أصبح يرسم خرائط نفوس وعقول الكثيرين. فى كل الأحوال يجنى البشر حصاد ما زرعته أيديهم!.