«القومى للسكان» يهاجم «نائب الختان»: «تصريحاتك انتهاك للدستور»

كتب: سحر المكاوى ومحمود حسونة

«القومى للسكان» يهاجم «نائب الختان»: «تصريحاتك انتهاك للدستور»

«القومى للسكان» يهاجم «نائب الختان»: «تصريحاتك انتهاك للدستور»

أعرب المجلس القومى للسكان، عن أسفه وانزعاجه الشديد من تصريحات الطبيب أحمد الطحاوى، عضو مجلس النواب، التى ذكر فيها «إنه بصفته طبيباً يرى أن ترك الأنثى بلا ختان أمر غير صحيح، وإذا كان الختان جائراً، فهذا خطأ أيضاً»، معتبراً ذلك تحريضاً صريحاً للمجتمع على ممارسة جريمة ختان الإناث، كما أنها محاولة للتراجع عن الإصلاحات الاجتماعية والقانونية الداعمة لحقوق الأطفال والنساء بمصر، وهى ردة كبيرة لم نتوقعها، خاصة من عضو بـ«النواب» منتخب جاء بإرادة شعبية بعد ثورتى «25 يناير» و«30 يونيو»، وبعد دستور 2014 الذى قرر حقوق المصريين جميعاً فى الحرية والعدالة والكرامة الإنسانية.

{long_qoute_1}

وذكر المجلس فى بيانه أنه «يود أن يذكر سيادة النائب المحترم بعدد من الحقائق، أهمها أنه بهذا التصريح قد انتهك الدستور والقانون المنوط بحمايتهما بتكليف من الشعب المصرى، لأن ختان الإناث هو انتهاك واضح وصريح لدستور 2014 الذى ينص فى مادته (11) على: «تلتزم الدولة بحماية المرأة ضد كل أشكال العنف»، وفى مادته (80): «تلتزم الدولة برعاية الطفل وحمايته من جميع أشكال العنف والإساءة وسوء المعاملة والاستغلال الجنسى والتجارى»، وكذلك انتهاك صريح لقانون العقوبات الذى ينص فى المادة (242) مكرر «مع مراعاة حكم المادة (61) من قانون العقوبات ودون الإخلال بأى عقوبة أشد ينص عليها قانون آخر يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تجاوز سنتين أو بغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تجاوز خمسة آلاف جنيه كل من أحدث الجرح المعاقب عليه فى المادتين (241، 242) من قانون العقوبات عن طريق ختان الأنثى».

وأوضح أن النائب خالف آداب مهنة الطب والقرارات الوزارية، لأن ختان الإناث ليس ممارسة طبية، فلا يوجد ذكر لهذه الممارسة فى أى مرجع طبى معترف به دولياً أو وطنياً، ولا تدرس فى أى كلية طب مصرية، وبناءً على قرار وزارة الصحة والسكان (271) لسنة 2007، وبيان نقابة الأطباء فى يونيو 2007، فقد تم حظر ممارسة ختان الإناث على الأطباء أو غيرهم سواء فى المستشفيات الحكومية أو الخاصة أو فى أى مكان آخر، وإلا تعرض المخالفون للعقوبات الإدارية والمساءلة المهنية والقانونية.

وتابع: «النائب غض الطرف عن الآراء الفقهية المعتبرة والمستقرة والصادرة عن الأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية»، وأن مجمع البحوث الإسلامية أكد فى بيانه الصادر يونيو 2007 بإجماع أعضائه على «إن التحقيق العلمى يكشف فى جلاء عن أنه ليس هناك أصل من أصول التشريع الإسلامى أو أحكامه الجزئية يجعل من هذه العادة أمراً مطلوباً من أوجه الطلب، إنما هى عادة ضارة انتشرت واستقرت فى عدد قليل من المجتمعات الإسلامية.. وقد ثبت ضررها وخطرها على صحة الفتيات».

كما تؤكد دار الإفتاء المصرية فى بيانها الصادر حول جريمة ختان الإناث «فدل كل ذلك على أن قضية ختان الإناث ليست قضية دينية تعبدية فى أصلها، ولكنها قضية ترجع إلى الموروث الطبى والعادات. ولقد أحال الكثير من الناس إلى الأطباء، ولقد جزم الأطباء بضررها، فأصبح من اللازم القول بتحريمها».

وأردف البيان أن «الرأى الفقهى المستقر فى أمر ختان الإناث يؤكد أنه لا يوجد أمر أو إشارة فى القرآن الكريم لختان الإناث، ولا يوجد دليل من السنة النبوية الصحيحة على وجوبه أو سنيته، وليس هناك إجماع بين الفقهاء على حكم محدد بالنسبة لختان الأنثى».

وذكر أن «من القواعد الفقهية المستقرة أن من الأمور الجائزة والمباحة ما يجوز منعها، إذا ثبت من ورائها مفسدة أو ضرر... فإذا ثبت بالتطبيق أن فى استعمال المباح ضرراً على الناس أو أكثرهم وجب منعه بناء على قاعدة (لا ضرر ولا ضرار)».

واختتم: وإذا كان جزء من الشعب المصرى ما زال يمارس هذه العادة نتيجة لغياب المعلومات العلمية والدينية والقانونية الصحيحة، ولسطوتها واستمرارها لسنوات طويلة، فإن واجب هذا النائب ومجلس النواب كله هو تشريع القوانين ومراقبة سياسات الحكومة التى من شأنها توعية الجمهور وإدانة المخالفين وذلك من أجل حماية فئة ضعيفة فى المجتمع ألا وهى الفتيات الصغيرات، وللقضاء على هذه الجريمة والوصول إلى مجتمع خال من ختان الإناث.

وأدان المركز المصرى لحقوق المرأة تصريح نائب البرلمان، واصفاً تصريحه بأنه تحريض على الجريمة، مطالباً بقيام لجنة القيم بالتحقيق مع هذا النائب، لما يروج له من إشاعة الجريمة والعنف ضد المرأة.

وشن خبراء هجوماً حاداً على النائب، واستنكرت الدكتورة هالة عثمان، المحامية بالنقض، قائلة: «هذا الكلام يمثل جريمة لأن المشرع كان قد حسم مسألة الختان واعتبرها جريمة يعاقب عليها القانون، وأن هناك قضايا منظورة أمام القضاء تتعلق بمحاكمة الجناة فى مثل هذه الجرائم، وأن النائب عندما يتحدث بهذه الصورة، فإنه يحرض على الخروج على قانون قائم الأمر الذى يستوجب محاسبته ومعاقبته قانونا فيما ينبغى على مجلس النواب اتخاذ كافة الإجراءات العقابية الموجودة فى لائحة المجلس، لأن ما قاله النائب ليس من قبيل الرأى ولكنه من قبيل التحريض والدعوة على مخالفة قانون قائم وهو الأمر الذى يجرمه القانون».

وقالت بسنت محمود، المدير التنفيذى لمركز «مساندة» لدعم المرأة، «إنه لأمر مُخزٍ ومُحزن أن يصدر هذا الكلام، الذى لا يمكن وصفه بغير (التفاهة) من طبيب، وفى نفس الوقت عضو بلجنة الصحة بالمجلس ولا يمكن تصور أن يصدر هذا الكلام من طبيب، لأن العلم والدين قد حسما المسألة وسار المجتمع وقطع شوطاً طويلاً فى طريق القضاء على هذه الجريمة، ليأتى هذا الصوت النشاز، وكأنه آت من الماضى السحيق يريد إعادتنا إلى عصور الجوارى بفهم مغلوط وعبارات غير مسئولة».


مواضيع متعلقة