يوم فى ساحة «الجامع الأزهر»: توحيد وفقه وصلاة و«فطار» ونوم

يوم فى ساحة «الجامع الأزهر»: توحيد وفقه وصلاة و«فطار» ونوم
- أذان المغرب
- أعمال الترميم
- التقاط الصور
- الجامع الأزهر
- الصور التذكارية
- القرآن الكريم
- الهواء الطلق
- بشكل كامل
- جنازة غريبة
- أبناء
- أذان المغرب
- أعمال الترميم
- التقاط الصور
- الجامع الأزهر
- الصور التذكارية
- القرآن الكريم
- الهواء الطلق
- بشكل كامل
- جنازة غريبة
- أبناء
- أذان المغرب
- أعمال الترميم
- التقاط الصور
- الجامع الأزهر
- الصور التذكارية
- القرآن الكريم
- الهواء الطلق
- بشكل كامل
- جنازة غريبة
- أبناء
- أذان المغرب
- أعمال الترميم
- التقاط الصور
- الجامع الأزهر
- الصور التذكارية
- القرآن الكريم
- الهواء الطلق
- بشكل كامل
- جنازة غريبة
- أبناء
ستائر الترميم الخضراء كست جدرانه، وارتفعت السقالات الحديدية خلفها بارتفاع مآذنه. وعلى الأرض، وبطول الحائط من الخارج، وُضعت المتاريس أمامه بإحكام لتكون حاجزاً بينه وبين المارة، فإن لم تكن من دائمى التردد على الجامع الأزهر، وعزمت الرحيل إليه لتستأنس برحابه فى أحد أيام هذا الشهر الكريم، فمن النظرة الأولى ربما تعتقد أن المسجد مغلق، وأن أحداً قد يمنعك من الدخول، رغم أن الوقت ظهر، وأذانه لم يُرفع بعد.
شارع ضيق يطل عليه المسجد ويتفرع من شارع الأزهر، اتخذ فيه بائعو الخضار والفاكهة من أسوار المسجد ظهيراً لهم، ومن أمامهم على الجانب الآخر محلات الجزارة المزدحمة، التى يمسك فيها صاحب الثياب البيضاء بساطوره يقطع به اللحم محاولاً تلبية طلبات زبائنه، وسط هذا كله لا يظهر لك سوى فتحة صغيرة تم تخصيصها للمارة من زائرى الجامع الأزهر، تراها حين تقترب من «باب المزينين»، الباب الوحيد المصرح لك بالدخول منه وأحد أبواب المسجد الثمانية.
{long_qoute_1}
درجات سلم قليلة تفصلك عن باب الدخول الذى يؤدى بك إلى طرقة صغيرة، على يسارها غرفة وقفت عليها شابة غير محجبة لتستعير منها وشاحاً أخضر ترتديه داخل المسجد، تخلع حذاءها عند طرف سجادة الدخول لتجد بعدها على اليمين حارس الأمن الذى يجلس على مكتبه الخشبى، ينظر إليها مبتسماً ويخبرها بعينيه أن حذاءها يجب أن يكون بجوارها طوال الوقت، حتى لا تذهب إلى بيتها بدونه، فتحمله فى يدها متجهة إلى الداخل. يدخل المسجد رجل وامرأة لم يتجاوزا العقد الثالث من عمرهما، بدا عليهما أنهما زوجان، حائران بأعينهما هنا وهناك، حتى اهتديا إلى مكتب هذا الحارس الخمسينى يسألانه عن لجنة فتوى الجامع الأزهر، فيشير لهما بيديه إلى باب مفتوح ملاصق لمكتبه، ليذهبا مسرعين إلى داخل الرواق الذى انشغلت مكاتب أعضائه الخمسة بطالبى الفتوى، فيضطران للجلوس فى تلك الاستراحة من الكراسى الجلدية بنية اللون على يسار الباب والمخصصة للانتظار حتى يحين دورهما. مجموعة من الشباب يقفون على الباب المؤدى إلى فناء المسجد الذى تم تخصيص جزء منه لمصلى السيدات، نظراً لأعمال الترميم القائمة فى الرواق المخصص لهن، يقفون ويبدو عليهم أنهم قد بدأوا رحلة البحث عن ركن يستريحون فيه من حرارة الشمس التى أرهقتهم فى الخارج، يمررون أعينهم على عمال الترميمات الذين يرتدون «البالطو» الأبيض، والمنتشرين فى كل مكان، فضلاً عن عدد ليس كبيراً من الناس يرتكنون إلى جدران أروقة المسجد التى تحيط بالفناء، والتى يعلوها أسقف خشبية تحميهم من حرارة الشمس، لينظر كل منهم إلى الآخر مقررين عبور هذا الفناء الذى فاجأهم بسخونته الشديدة، فرخامه الأبيض الذى يمتص حرارة الشمس ويخزن سخونتها، جعلهم يعبرونه مسرعين إلى داخل قاعة الصلاة الرئيسية حيث «المراوح» والإضاءة الخفيفة.
{long_qoute_2}
عشرات الأطفال تتفاوت أعمارهم ولم يتجاوز أكبرهم سن الخامسة عشرة، يجلسون فى حلقتين، واحدة للفتيات وأخرى للصبيان، يلتفون حول شيخهم فى فناء المسجد وبجوار رواق القرآن الكريم، جاءوا للمشاركة فى مسابقة القرآن التى ينظمها المسجد للسنة الثانية على التوالى، منهم من يتلو فى مصحفه استعداداً للدخول، وآخرون يتحدثون إلى بعضهم البعض، وقليل منهم يخطف لحظات من الضحك واللعب من خلف شيخهم الذى يمسك فى يده ورقة كتب فيها أسماء تلاميذه وأمام كل اسم منهم كتب كم يحفظ من القرآن، وفى يده الأخرى قلم يضع به العلامات على من اختبر ومن لم يختبر بعد.
همسات قارئى القرآن وأصوات طقطقة المراوح وسط الإضاءة الخافتة للبلورات البيضاء المعلقة فى الأسقف الخشبية كانت هى السمة المميزة لقاعة صلاة الجامع الرئيسية عقب صلاة الظهر، فبعد أن فرغ الإمام من درسه الذى ألقاه بعد الصلاة، اتجه كل مصلٍ إلى زاويته، فمنهم من أمسك بمصحف يتلو منه بعض آياته، ومنهم من اتخذ من «المروحة» اتجاهاً عمودياً عليه بعد أن ألقى بجسده أسفل منها مغمضاً عينيه يسرق بعض لحظات النوم قبل أن يُرفع الأذان لصلاة العصر.
شاب عشرينى أسمر اللون يبدو عليه أنه أحد الأفارقة الوافدين إلى الأزهر ليدرسوا فيه، يرتكن فى أقصى زاوية فناء المسجد الملاصقة لقاعة الصلاة الرئيسية، ناظراً بعينيه فى مصحفه الصغير، يقرأ بصوته المنخفض الذى يظهر لمن اقترب منه ضعف لغته العربية، وبجواره مجموعة من الشباب الإندونيسيين الذين يقاربونه فى العمر، ارتسمت على وجوههم البسمة، يتحدث كل منهم إلى الآخر بلغة لا يفهمها غيرهم، ومن حولهم عدد قليل من المصريين الذى غلب على أكثرهم النعاس فى الأركان التى لم تزرها الشمس. ثبات فى المشهد داخل المسجد، وكلما مر الوقت ازدادت أعداد الزائرين، وخارج قاعة الصلاة الرئيسية وبجوار رواق المسابقة، تجد المشاركين يخرجون واحداً تلو الآخر، ليلتفوا حول بعضهم البعض، فيسأل كل منهم صديقه عن طبيعة الأسئلة، وكيف كان الاختبار معه، قبل أن يقوم أحد حراس الأمن بالمسجد بجولته التفقدية التى يقوم بها قبيل كل صلاة، ليتأكد من عدم وجود سيدات داخل الجزء المخصص لصلاة الرجال أو العكس.
«صلاة الجنازة أثابكم الله».. جملة رددها أحدهم داخل قاعة الصلاة الرئيسية بعد صلاة العصر بوقت قليل، جاءت بعد أن دخل المسجد نعش محمولاً على الأكتاف، به سيدة فارقت الحياة، وجاء بها مودعوها إلى الجامع الأزهر ليصلوا عليها صلاتها الأخيرة، فيقوم كل من فى المسجد، واقفين فى صفوفهم خلف الإمام، مؤدين صلاة الجنازة على متوفاة لم يعرفوها من قبل، ثم يخرج بها ذووها مرة أخرى من المسجد.
بدأت الشمس تأخذ طريقها إلى الغروب، ساعات قليلة متبقية على صلاة المغرب، أخذ فيها الصائمون يبحثون عن الهواء الطلق فى ساحة المسجد الرخامية التى توارت عنها الشمس، تبدل الحال عما كان فى بداية اليوم، وامتلأ الفناء بالصائمين، فكلما أخذت الشمس فى الغروب زاد عدد الموجودين فى الجامع الأزهر، يرحل من يرحل، وتتبدل الوجوه، ويظل عدد الموجودين فى زيادة.
لم تخلُ صورة فناء المسجد من كبار السن الذين اتخذوا من زواياه ركناً لهم، ففى أول الفناء، وعلى يمين باب الدخول مباشرة، تربع رجل غلب عليه الشيب ولم يخلُ وجهه من التجاعيد، واضعاً مصحفاً كبيراً على رجليه يقرأ منه بصوت لا يُسمع، بعكس عجوز آخر اتخذ من منتصف الفناء مقراً له ليضع فيه كرسيه الذى لم يجلس عليه كثيراً، وإنما اتخذ منه نقطة بداية ينطلق منها ماشياً إلى طرف الفناء الآخر ثم يعود إليها مرة أخرى، مردداً آيات القرآن التى يقرأها من مصحفه الكبير بصوت يسمعه كل الحاضرين.
أقل من ساعتين على أذان المغرب ويدخل من باب الفناء أول أسرة جاءت عاقدة نية الإفطار فى الجامع الأزهر، رجل ثلاثينى يمسك بيده ابنه صاحب العشرة أعوام على الأكثر، وتسير بجواره ابنته التى لم تتخط العقد الثانى من عمرها، وزوجته التى تحمل فى يديها بعض الأكياس السوداء، متجهين إلى منتصف الفناء لتُخرج الزوجة من أكياسها مفرشاً من القماش يضعونه على رخام الفناء ليجلسوا عليه.
أخذت ملامح المسجد تتغير بشكل كامل قبيل صلاة المغرب، ولم يعد هناك داعٍ للفصل بين السيدات والرجال، فكل يحجز مكانه فى الفناء ليفترشه ويجلس منتظراً أذان المغرب، وأصبحت التجمعات الأسرية هى السمة الغالبة على الفناء، وأطفالهم يلعبون هنا وهناك، ومجموعات من الشباب يقفون لالتقاط بعض الصور التذكارية لإفطارهم الاستثنائى داخل الجامع الأزهر، ارتسمت ملامح السعادة على وجوه الحاضرين بشكل كبير، فمن يعرفك ومن لا يعرفك يبتسم فى وجهك.
مائدة كبيرة بدأت ملامحها تظهر داخل ساحة الجامع الأزهر، فلم يبق سوى ساعة على مدفع الإفطار، وبدأ سكان حى الأزهر يدخلون المسجد بألواح الثلج لوضعها فى خزانات المياه الصغيرة، حمراء اللون، المرصوصة على شكل مربع على يمين الفناء وأمام الرواق المخصص لإلقاء المحاضرات، ثلاثة أوانٍ ضخمة شديدة اللمعان يحمل كل واحد منها شابان ويضعانه بجوار خزانات المياه، ليدخل بعد ذلك الأطفال حاملين أكياس الخبز وأطباق الفل والأطباق المعدنية الصغيرة والأكواب البلاستيكية وأكياس الملاعق، وفى الأخير يدخل أحدهم ويحمل على كتفه إناء من البلاستيك متوسط الحجم وفى داخله مشروب البلح باللبن، ليضعه على كرسى بجوار البقية. رجل ثلاثينى يغلب عليه بياض البشرة، يرتدى جلباباً أسمر اللون، يقف أمام إناء البلح بالتمر ممسكاً بيده مغرفة يضع بها العصير فى الكوب، وآخر على يده صينية يرص عليها الأكواب حتى تمتلئ ثم يذهب مسرعاً فيقوم بتوزيعها على الجالسين، ليلتف الصائمون بعد ذلك حولهم ليحجز كل منهم كوبه قبل أن يفرغ الإناء.
أمسك الأطفال بأطباق «الفل» الصغيرة وأخذوا يملأونها بالسلطة، فى الوقت الذى فرغ فيه الرجل الثلاثينى من توزيع بلحه، ليلتفت إلى أوانى الأرز والطبيخ الضخمة ممسكاً بمغرفة أخرى ليبدأ توزيع وجبة الإفطار على الأوانى المعدنية الصغيرة.
حصيرتان طويلتان خضراوان، افترشهما الأطفال من أبناء خدام المائدة ليلتف حولهما الصائمون، ويجرى بعد ذلك توزيع الوجبات فيضعون أمام كل واحد منهم وجبته التى تتكون من طبق من الأرز، وطبق آخر من طبيخ البطاطس، وقطعة لحم، وطبق سلطة، ورغيف خبز، وطبق أرز باللبن.
على الجانب الآخر تجد بقية ساحة المسجد تحولت إلى مجموعات من الحلقات الأسرية، بجوار حصيرتَى المائدة، افترشت كل أسرة مفرشاً صغيراً على رخام الفناء، وبدأت فى استخراج ما جاءت به من طعام لتضعه أمامها، بالإضافة إلى ما يوزع عليهم من المائدة، فلا مانع لديهم من التبرك بما يتم توزيعه داخل المسجد، والذى فاض منه الكثير بعد أن نال كل من فى الجامع قسطاً منه.
قدر كبير من التنظيم لدى القائمين على مائدة المسجد، فهم يعلمون جيداً ما يفعلون، سواء من حيث تسلسل توزيع الطعام، بداية بالبلح، ثم السلطة، ثم وجبات الإفطار نفسها، وأخيراً الأرز باللبن، وكذلك على مستوى رص وجبات الإفطار على حصيرتَى المائدة، أو من حيث نظافة المكان حولهم، فالمياه موجودة بشكل مستمر لمسح أى شىء قد يقع منهم على أرضية الفناء، فضلاً عن التوجيه المستمر منهم لزائرى المسجد للحفاظ عليه نظيفاً.
{long_qoute_3}
ألواح الثلج فى خزانات مياه المائدة أدت إلى زحام الصائمين عليها قبيل أذان المغرب، أعقبه بعد ذلك حالة من الهدوء التام والترقب شهدتها ساحة الجامع الأزهر وتخللها صوت ترتيل قرآن يخرج من الإذاعة الداخلية للمسجد. يجلس كل صائم أمام طعامه منتظراً مدفع الإفطار قبل أن يدخل على ساحة المسجد شخص حاملاً على كتفه كرتونة مياه معدنية، ليمر بها على الجالسين ويلقى بزجاجة أو اثنتين أمام كل مجموعة، ليُرفع أذان المغرب بعد ذلك بدقائق قليلة ويبدأ الجميع فى تناول ما أمامه من طعام وشراب، ليكتفى البعض بقليل من التمر والمياه ويذهب مسرعاً ليؤدى صلاة المغرب خلف الإمام، فى حين فضّل البعض الآخر أن يصلى بعد أن يكمل إفطاره. حلقات من الأسر بجوار بعضها البعض، الأطفال أخذوا يلعبون، والتقاط الصور وسط الفناء هو السمة الأبرز للموجودين، كان ذلك بعد أن انتهت صلاة المغرب وفرغ الصائمون من إفطارهم، ظلت ساحة المسجد على هذا الوضع طوال الفترة ما بين صلاتى المغرب والعشاء، ومع اقتراب صلاة العشاء أخذت أعداد من فى ساحة المسجد تتناقص، ليدخل حارس الأمن بعد ذلك ويطلب من السيدات أن يذهبن إلى المكان المخصص لهن. وصلة من الصلوات بدأها الجامع الأزهر منذ صلاة العشاء وحتى صلاة الفجر، تبدأ صلاة القيام بعد صلاة العشاء بوقت قليل، وتنتهى قبيل الثانية عشرة عند منتصف الليل، ليكون هناك راحة قدرها ساعة أو أقل، ثم تبدأ بعد ذلك صلاة التهجد التى تستمر لأكثر من ساعتين، يقوم بعدها المصلون بتناول وجبة السحور، فمنهم من أحضر وجبته معه قبل الدخول فى الصلاة وأخذ ركناً داخل المسجد يتناول فيه وجبته، والبعض الآخر ذهب يتناول سحوره خارج المسجد ليعود مرة أخرى قبيل صلاة الفجر. لم يمر وقت طويل بعد الانتهاء من صلاة الفجر ليبدأ الموجودون فى الجامع بالخروج منه واحداً تلو الآخر أو فى جماعات، ويغلق المسجد أبوابه بعد ذلك لساعات قليلة، يقوم فيها العاملون على تنظيف المسجد، حتى يفتح أبوابه مرة أخرى فى التاسعة صباحاً، ليبدأ يوم جديد من أيام الجامع الأزهر.
- أذان المغرب
- أعمال الترميم
- التقاط الصور
- الجامع الأزهر
- الصور التذكارية
- القرآن الكريم
- الهواء الطلق
- بشكل كامل
- جنازة غريبة
- أبناء
- أذان المغرب
- أعمال الترميم
- التقاط الصور
- الجامع الأزهر
- الصور التذكارية
- القرآن الكريم
- الهواء الطلق
- بشكل كامل
- جنازة غريبة
- أبناء
- أذان المغرب
- أعمال الترميم
- التقاط الصور
- الجامع الأزهر
- الصور التذكارية
- القرآن الكريم
- الهواء الطلق
- بشكل كامل
- جنازة غريبة
- أبناء
- أذان المغرب
- أعمال الترميم
- التقاط الصور
- الجامع الأزهر
- الصور التذكارية
- القرآن الكريم
- الهواء الطلق
- بشكل كامل
- جنازة غريبة
- أبناء