"داعش" ينسحب من آخر معاقله في الفلوجة

كتب: الوطن

"داعش" ينسحب من آخر معاقله في الفلوجة

"داعش" ينسحب من آخر معاقله في الفلوجة

كتل من الشعر بعد حلق اللحى على عجل تملأ الأرض، وسلال المهملات في المنازل المتناثرة في حي غرب الفلوجة، تلك الكتلة الكثيفة من المنازل المنخفضة الارتفاع التي كانت تشكل آخر معاقل مقاتلي تنظيم "داعش" قبل فرارهم، والذوبان في صحراء محافظة الأنبار المترامية الأطراف عقب تقدم القوات البرية العراقية.

لكن قوافل مسلحي التنظيم الفارين تعرضت لغارات طائرات التحالف التي دمرت عشرات السيارات وقتلت المئات من المقاتلين، وفقا لضابطين عراقيين.

لكن الطريقة التي تخلى بها التنظيم عن معقله تؤكد أيضا قدرته على التكيف وإعادة تنظيم صفوفه، بعد الهزيمة في أرض المعركة، ففي حي الجولان بالمدينة يخوض العريف العراقي ساهر نجم في نفايات شعر اللحى بحذائه، قائلا إنه رأى مشاهد مماثلة في مدن وبلدات أخرى انسحب منها تنظيم الدولة، عندما يدرك المقاتلون أنهم يخسرون، يسارعون إلى حلق لحاهم للتخفي بين المدنيين الفارين من المدينة.

خسارة الفلوجة، 65 كيلومترا غرب بغداد، كانت ضربة قاصمة للتنظيم المتشدد وحرمته من منشآت تصنيع القنابل، والملاذ الآمن لتدريب المقاتلين الجدد ومصدرا للدخل عبر فرض الضرائب على السكان.

في الحي الصناعي، شرق المدينة، تحولت العشرات من ورش إصلاح السيارات إلى مصانع للقنابل، في أحد الورش التي كانت تستخدم لإصلاح سيارات تويوتا لا تزال الجرار البلاستيكية مليئة بالمواد الكيميائية.

أعلنت القوات العراقية تحرير الفلوجة بالكامل يوم الأحد، بعد تطهير الجيوب الباقية لمقاتلي التنظيم شمال وغرب المدينة في ظل تغطية قريبة لغارات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة.

المعركة التي بدأت في 22 مايو كانت الأخيرة في سلسلة الهزائم التي شهدها التنظيم خلال العام الماضي في العراق.

تمكن التنظيم خلال عام 2014 من احتلال قرابة ثلث العراق في شمال وغرب البلاد، واستولى على الموصل، ثاني أكبر مدن العراق. لكن التنظيم لا يسيطر حاليا سوى على 14 بالمائة من أراضي العراق، بحسب مكتب رئيس الوزراء حيدر العبادي.

وقال ضابط عراقي للأسوشيتد برس إن أكثر من 500 مقاتل من أنصار التنظيم تمكنوا من الفرار من الفلوجة خلال عملية تحرير المدينة التي استغرقت خمسة أسابيع. كما تشير التقديرات إلى فرار أكثر من ألف مقاتل من التنظيم خلال عملية استعادة الرمادي، عاصمة محافظة الأنبار.

تشير التقديرات الأولية لمسؤولي التحالف إلى وجود 500 إلى 700 مقاتل من تنظيم الدولة داخل المدينة، لكن بمجرد بداية العملية اتضح أن العدد أكبر من ذلك بكثير. وقال الفريق عبد الوهاب السعدي إن أعداد المقاتلين تصل إلى ثلاثة آلاف.

لمواجهة الخسائر المتتالية، لجأ تنظيم الدولة في السابق إلى تفجيرات واسعة النطاق في بغداد والمدن العراقية الأخرى البعيدة عن ساحة القتال. وفي مايو  وعقب خسارة تنظيم الدولة مدينة هيت، الاستراتيجية في محافظة الأنبار، شن التنظيم موجة تفجيرات في بغداد والمناطق المحيطة بها أدت إلى مقتل أكثر من 200 شخص في أسبوع واحد.

وعقب الإعلان عن تطهير الفلوجة من مقاتلي التنظيم، قامت طائرات التحالف والطائرات العراقية بمهاجمة سلسلة القوافل التي يعتقد أنها لمقاتلي التنظيم وعائلاتهم خارج المدينة، حيث استهدفت الطائرات قافلتين خارج الفلوجة وثالثة خارج الرمادي، عاصمة المحافظة.

تشير التقديرات إلى تدمير أكثر من 200 سيارة ومقتل المئات من مقاتلي التنظيم خلال ثلاثة أيام من الأسبوع الحالي، بحسب ضابط عراقي شارك في تنسيق الغارات الجوية. واشترط كلا الضابطين العراقيين التكتم على هويتيهما لأنهما غير مصرح لهما الإعلان عن تفاصيل العملية.

ولم يدل تنظيم الدولة ببيانات حول خسائر الفلوجة، كما لم يتسن التحقق من صحة الأعداد من مصدر مستقل.

بيد أن هناك مخاوف من إعادة المقاتلين تنظيم صفوفهم.

يقول الكولونيل كريستوفر غارفر، المتحدث باسم قوات التحالف، عن مقاتلي تنظيم الدولة الذين تمكنوا من الفرار وقدرة التنظيم على إعادة تنظيم صفوفهم: "نحن قلقون بطبيعة الحال."

وأضاف: "لكن ينبغي أن نهزمهم أولا في ساحة المعركة."

يعتقد بعض المسؤولين العراقيين أن الطريقة العشوائية التي فر بها مقاتلو التنظيم - في قوافل عبر الصحراء المفتوحة حيث تعرضوا لغارات جوية - تشير إلى أن المتطرفين باتوا على مرمى حجر من الهزيمة الكاملة.

لكن قدرة التنظيم على حشد مئات المقاتلين، بعد أيام فقط من إعلان تحرير الفلوجة يظهر أن التنظيم لا يزال درجة كبيرة من القيادة والسيطرة، وفقا لناثانيل رابكين، مدير تحرير دورية إنسايد عراقي بوليتكس.

ويقول رابكين: "مقاتلو تنظيم الدولة يجيدون فن التخفي والاستعداد لخوض المعركة مجددا"، مشيرا إلى أنه على الرغم من قدرة الجيش العراقي استعادة المدن والبلدات من تنظيم الدولة، إلا أن المتطرفين لا يزالون يشكلون تهديدا عندما يلقون سلاحهم ويتخفون وسط المدنيين."

وأكد رابكين على أن "مطاردة قوات التنظيم الذين تخفوا وسط المدنيين تحدي أكثر صعوبة."


مواضيع متعلقة