«اقتصاد الإخوان».. مصادر التمويل: مشروعات صغيرة وتهريب ومافيا «عملة»

«اقتصاد الإخوان».. مصادر التمويل: مشروعات صغيرة وتهريب ومافيا «عملة»

«اقتصاد الإخوان».. مصادر التمويل: مشروعات صغيرة وتهريب ومافيا «عملة»

لم يتبق من اقتصاد الجماعة بعد «30 يونيو» سوى عدد محدود من الجمعيات الأهلية وأصحاب أعمال صغيرة «مشروعة وآمنة» وعدد كبير من عصابات التهريب والاتجار فى العملة. هذا ما أكده عدد من التجار والخبراء وقيادى سابق فى الجماعة. {left_qoute_1}

وأكد قيادى سابق بحزب الحرية والعدالة أن ما تبقى من «بيزنس» الجماعة واقتصادها فى مصر حالياً يقتصر على أصحاب المشروعات «تحت الصغيرة»، وذلك بعد هرب بعض الكبار أصحاب المليارات والتحفظ على أموالهم عقب أحداث 30 يونيو 2013. وأشار القيادى، وهو واحد من عدد قليل من قيادات الجماعة الموجودين فى مصر خارج السجون، إلى أن هناك ما لا يقل عن 300 مستثمر مصرى ينتمون إلى جماعة الإخوان المسلمين فروا باستثماراتهم إلى دول السعودية وقطر وتركيا خلال فترة العام ونصف العام الماضية بمتوسط رؤوس أموال 100 مليون جنيه لكل مستثمر منهم، بخلاف الأصول التى تركوها فى مصر. وأضاف القيادى السابق، الذى طلب عدم ذكر اسمه، أن النسبة الأكبر من المستثمرين الذين خرجوا من مصر يعملون فى مجال العقارات والتشييد والبناء، واختيارهم لتركيا وقطر والسعودية ليس له علاقة بالهجرة الجماعية لقيادات التنظيم إلى هناك، ولكن لوجود فرص لممارسة أعمالهم هناك.

وأكد القيادى السابق بالحرية والعدالة أن ما تبقى من نشاط الجماعة الاقتصادى يقتصر على أصحاب رؤوس الأموال الصغيرة الذين لا يتعدى حجم أعمالهم الـ15 مليون جنيه، ويركزون فى مجال التجارة، خصوصاً تجارة التجزئة وبعض أعمال البناء فى المحافظات. أما أصحاب رؤوس الأموال الكبيرة فالدولة تدير استثماراتهم الآن بعد التحفظ عليها. وأضاف: «أعتقد أن الدولة تأكدت بنفسها أن هناك مؤسسات اقتصادية مملوكة للإخوان لكنها فاتحة بيوت ناس كتير مش من الإخوان»، نافياً ما يتردد حول سيطرة «فلول الجماعة» على سوق تجارة العملة، وموضحاً أن ما يتردد عن سيطرة بعض أفراد الجماعة على أنشطة غير مشروعة فى بعض المناطق الحدودية لمصر مثل تجارة السلاح بعوائد تقدر بنحو 3 ملايين دولار شهرياً عار تماماً من الصحة. وأكد أن النشاط الاقتصادى الوحيد الذى ما زالت الجماعة تمارسه هو نشاط بعض الجمعيات الأهلية، وحتى هذا النشاط تقلص حجمه كثيراً فى الشارع ولم يعد له دور ملموس فى مساعدة المصريين.

وقال اللواء على هلال، أحد المشرفين على إدارة أموال «آل مالك»، حسن مالك وإخوته وأبنائه، إن هناك عدداً كبيراً من رجال الأعمال وأصحاب الشركات التابعين لجماعة الإخوان المسلمين يعملون فى السوق لكن بشكل شرعى لا يضر البلاد فى شىء، مؤكداً فى تصريحات لـ«الوطن» أن قرار التحفظ على أموال أعضاء هذه الجماعة لا يأتى من فراغ ولكن وفق تحريات من جهات عليا تثبت تورط أصحابها فى تمويلات للإرهاب أو تلقيهم تمويلات من الخارج تثير الشبهة حول أعمالهم التجارية أو الاستثمارية. وأضاف «هلال» أن ما تبقى من بيزنس تابع لجماعة الإخوان فى الشارع المصرى هو «البيزنس الآمن»، ويتركز فى التجارة البسيطة وبعض أعمال المقاولات. وتابع: «أى تحركات مشبوهة ترصدها الدولة بسهولة جداً، لأن القضية أصبحت مسألة أمن قومى لا يمكن التراخى فى التعامل معها، ولعل إدارة الدولة لبعض استثمارات الجماعة أثبتت أنها تحقق أرباحاً كما ينبغى وليس على نهج أصحابها الذين يمولون أعمال الإرهاب».

وأكد تجار ومستوردون، تحدثت إليهم «الوطن»، أن أعضاء الجماعة «أضعف بكثير» من أن يضروا باقتصاد مصر والحديث عن كونهم السبب فى كثير من الأزمات الأخيرة يعطيهم ثقة غير مبررة فى أنفسهم، مؤكدين أن حجم الاقتصاد المصرى ضخم ومحاولات الإخوان للإضرار به مهما كبرت ليست إلا زوبعة فى فنجان.

ونفى حمدى النجار، رئيس الشعبة العامة للمستوردين بالغرف التجارية، معرفته بوجود إخوان فى قطاع الاستيراد من عدمه، وقال: «لا أحد يستطيع معرفة ذلك، وقانون الغرف التجارية لا يتيح لهم معرفة ذلك، فالأمر يقتصر على أسماء ونشاط وسداد الاشتراك، وليس هناك خانة لتسجيل الانتماء السياسى. وأضاف: لا الإخوان ولا غيرهم قادرون على النيل من الاقتصاد المصرى ووضع الجنيه الذى يحميه البنك المركزى، بكل ما يملكه من صلاحيات واحتياطى من العملات الأجنبية، بالإضافة إلى الودائع الضخمة فى البنوك المصرية، ما يمكّنه من ضبط أسعار العملات، والحديث عن سحب الإخوان العملات الصعبة من السوق مجرد إشاعات يطلقها تجار العملة لرفع سعر الدولار ليس أكثر، وهؤلاء التجار قد تناموا خلال الفترة الأخيرة، وهم من يطلق عليهم «اخطف واجرى» وهؤلاء قد يكونون أفراداً وتجار عملة «عاديين» هدفهم التربح وليسوا بالضرورة «إخوان»، مؤكداً أن أزمة نقص الدولار وارتفاع قيمته مقابل الجنيه المصرى لها أسباب عديدة، منها على سبيل المثال لا الحصر، قوة الدولار فى السوق العالمية، وتفوقه على سلة العملات الأخرى.

فيما قال أحمد صقر، رئيس لجنة الأسعار بالغرف التجارية، إن هناك أعمالاً وممارسات كثيرة توضح ضلوع الإخوان فى المضاربة على الدولار نظراً لتاريخهم المعروف فى هذا النشاط، ووسيلتهم فى ذلك هى الشائعات، مع تراجع الاحتياطى النقدى ونضوب الموارد الدولارية، مضيفاً: «تمت المضاربة على الدولار منذ شهر ديسمبر الماضى بشكل كبير، وخرج هذا الدولار لقطر مقابل ما يعادله من الجنيه بسعر السوق السوداء»، موضحاً أن تجار «الدولار» ليسوا بمستوردين حقيقيين ولكنهم يعملون فى أنشطة مختلفة مثل تجارة السيارات والأراضى والذهب كستار بينما هدفهم الحقيقى تجميع الدولار وتخزينه، وهم السبب الرئيسى وراء ارتفاع سعر صرف الدولار فى مصر خلال الفترة الأخيرة، وتُعد هذه الفترة هى «العصر الذهبى» لسيطرة الإخوان على سوق الصرافة فى مصر نتيجة نفوذهم فى كافة المجالات وبسبب علاقاتهم النقدية داخل مصر وخارجها. وأكد أن تجارة العملة أحد أبواب الجماعة الخفية لتمويل أنشطتهم خصوصاً أنهم نجحوا فى خلق مناخ آمن لتداول أموالهم داخلياً وخارجياً بعيداً عن رقابة البنوك والحكومات، مطالباً بوضع خطة من قبَل وزارة الداخلية ممثلة فى إدارة الأموال العامة لإيقاف «الفئة العابثة» بالاقتصاد وفرض غرامات مالية على شركات الصرافة المخالفة والمضاربة، مع التحقق ممن يشترى من البنوك والصرافات عن أغراض شرائه.

من جهته، رفض محمد الأبيض، رئيس الشعبة العامة للصرافة بالغرف التجارية، اتهام شركات الصرافة بدعم الإرهاب أو إيواء شركات إرهابية، قائلاً: «لا يجب إلقاء التهم جزافاً لأن ذلك يضر بسوق النقد والاقتصاد ككل»، مشيراً إلى أن شركات الصرافة جزء لا يتجزأ من الجهاز المصرفى وتعمل على تنشيط السوق ورواج الاستثمار، بالإضافة إلى أنها تعمل فى حدود 7% من حجم أعمال البنوك داخل سوق الصرف، كما أنها لا تستطيع مواجهة جميع البنوك والبنك المركزى، موضحاً أن البنوك هى التى دفعت المستثمرين للتعامل مع القنوات غير الشرعية التى لا تمثلها شركات الصرافة لتدبير الدولار نتيجة لعدم قدرة البنوك على توفير النقد الأجنبى فى الوقت المناسب لتيسير أعمالهم. وتابع أن شركات الصرافة التى تم إغلاقها لا يمكن أن يكون سبب إغلاقها أنها تنتمى إلى الإخوان بقدر ما أن أغلب التهم الموجهة إليها هى المضاربة على سعر الدولار، وعدم الالتزام بقرارات «المركزى»، موضحاً أنه لا يوجد لديه آلية لمعرفة شركات الإخوان فى سوق الصرافة.

من جهته قال يحيى زنانيرى، نائب رئيس الشعبة العامة للملابس الجاهزة بالغرف التجارية، إن 70% منهم منتشرون فى قطاع التجارة، ويعملون فى كافة المجالات ويلجأون للتجارة دون الإنتاج بهدف الربح السريع وسهولة التصفية إذا تعرضوا لعمليات مداهمة، وهو ما لا يمكن أن يتم فى الأنشطة الصناعة. ولفت إلى أن ما يحدث فى الأسواق من مضاربات لا يمكن أن يخرج إلا من تحت عباءة الإخوان لضرب الاقتصاد، مضيفاً أن هناك «مافيا» منهم تعمل حالياً فى مصر وتحاول استغلال نقص الدولار، ولذلك تشدد البنوك فى عمليات التحويل للخارج وعمليات السحب اليومية، حيث تقوم شبكات منظمة داخل مصر وخارج مصر بالتنسيق فيما بينها للتحكم فى عمليات تحويل الدولار. وتابع: تهريب العملات أصبح نشاطاً جديداً ومربحاً جداً، لأن المهرب يحصل على ٥٪ من قيمة العملات التى يهربها فى الرحلة الواحدة وهى أموال بمليارات الجنيهات. وأضاف، فى تصريحاته لـ«الوطن»، أن أهم ما تبقى من الإخوان هو عصابات التهريب، وهى طبقة جديدة فى المجتمع خلقتها الجماعة أو على الأقل عززتها لتحقق أرباحاً طائلة وهائلة من تهريب العملات والملابس وغيرها دون أن يستفيد الاقتصاد الوطنى منها شيئاً.

وكشفت مصادر مصرفية مسئولة عن أن البنك المركزى ملتزم تماماً بتطبيق كافة القوانين والقواعد التى تستهدف مكافحة عمليات غسل الأموال وتمويل الإرهاب، ولا توجد ثغرات فى البنوك العاملة فى السوق المحلية يمكن أن يمر من خلالها تمويل للإرهاب، وذلك نظراً للرقابة الدقيقة والقواعد التنظيمية الصارمة. وأوضحت المصادر أن القطاع المصرفى ملتزم تماماً بتطبيق قرارات حظر وتجميد الأرصدة المالية التى صدرت بشأنها قرارات قضائية بذلك، بما فيها أموال المتهمين من جماعة الإخوان. وقال محمد صلاح، الخبير المصرفى، إن هناك عدداً من المنتمين إلى جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية قاموا بشراء الدولار من المصريين العاملين فى الخارج مقابل تسليمهم الثمن بالجنيه فى مصر بأسعار مبالغ فيها فى محاولة لتهديد الاقتصاد الوطنى.

 


مواضيع متعلقة