بعد «الانفصال».. المملكة المتحدة تواجه خطر «التفتيت»

كتب: حسن رمضان

بعد «الانفصال».. المملكة المتحدة تواجه خطر «التفتيت»

بعد «الانفصال».. المملكة المتحدة تواجه خطر «التفتيت»

أظهرت نتائج الاستفتاء البريطانى حول الاتحاد الأوروبى، والتى أُعلنت صباح الجمعة، انقساماً متعدد الأوجه فى المملكة المتحدة جغرافياً، حيث صوّت سكان «جبل طارق» بأكثر من 95% تأييداً لبقاء بريطانيا فى الاتحاد الأوروبى بسبب خشيتها من العزلة عن باقى القارة، نظراً لاعتماد اقتصادها بشكل كبير على علاقاتها مع الاتحاد الأوروبى، ما يجعل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى عاملاً يمكن أن يعقّد العلاقات مع بعض جيرانها، خصوصاً بعد تصريحات القائم بأعمال وزير الخارجية الإسبانى خوسيه مانويل جارسيا مارجايو عن سعى بلاده إلى سيادة مشتركة على «جبل طارق»، وهو ما يهدد بإغلاق إسبانيا حدودها مع شبه الجزيرة.

{long_qoute_1}

و«جبل طارق» عبارة عن شبه جزيرة صغيرة تقع قبالة الساحل الجنوبى لإسبانيا وتخضع للسيادة البريطانية منذ 1713 ومعروفة بين سكانها باسم «الصخرة»، وتمثل محور خلاف كبير فى العلاقات بين بريطانيا وإسبانيا.

ورفض المتحدث باسم حكومة «جبل طارق»، التعقيب على تصويت بريطانيا بالخروج من الاتحاد الأوروبى، وأشار إلى تصريحات سابقة بشأن رفض 99% من سكان «جبل طارق» فكرة السيادة المشتركة فى استفتاء سابق، وأضاف «مارجايو»: «التصويت غيّر تماماً التوقعات بشأن مستقبل شبه الجزيرة، وحدث تغير كامل للتوقعات يفتح احتمالات جديدة بشأن جبل طارق لم نشهدها منذ فترة طويلة جداً.. آمل أن تكون معادلة السيادة المشتركة واضحة وفكرة العلم الإسبانى على الصخرة تبدو أقرب مما كانت عليه». وتواجه المملكة المتحدة كذلك التطلعات إلى استقلال اسكتلندا وأيرلندا الشمالية، اللتين أيّد ناخبوهما الاتحاد ورأوا أنهم على وشك إخراجهم عنوة من هذه الكتلة، وصوّت الاسكتلنديون بنسبة 62% على البقاء فى الاتحاد الأوروبى، مقابل نسبة 48.1% لمجمل البريطانيين، وقالت رئيسة وزراء اسكتلندا، نيكولا ستورجن: «لدينا توجه لإجراء استفتاء بشأن الانفصال عن بريطانيا والبدء بمفاوضات فورية مع الاتحاد الأوروبى».

وأكد أستاذ العلوم السياسية فى جامعة «أبردين»، مالكولم هارفى، أنه يجب الانتظار لمعرفة ما إذا كان رئيس الوزراء البريطانى المقبل سيلبى طلب الأسكتلنديين، الذى يمكن أن يؤدى إلى تفكك المملكة المتحدة، مشيراً إلى أنه إذا انضمت أسكتلندا مستقلة إلى الاتحاد الأوروبى الذى خرجت منه إنجلترا، فستقام حدود بين الأمتين مع كل التبعات التى يمكن أن تنجم عن ذلك فى مجال التنقل الحر، موضحاً: «هذا ما يمكن أن يمنع الناخبين من التصويت مع الاستقلال». وصوّت الناخبون فى أيرلندا الشمالية بنسبة 55.7% مع البقاء فى الاتحاد الأوروبى، وطالب الحزب الجمهورى لأيرلندا الشمالية «شين فين»، باستفتاء على توحيد أيرلندا، وقال زعيم الحزب، ديكلان كيرنى: «جرفنا تيار تصويت فى إنجلترا وسيمارس (الشين فين) الآن ضغوطاً من أجل استفتاء حول الحدود».

من جانبها، استغلت وزيرة خارجية الأرجنتين، سوزانا مالكورا، ظهورها فى الأمم المتحدة، أمس الأول، لتوجه دعوة جديدة إلى بريطانيا لاستئناف المفاوضات حول وضع «جزر فوكلاند» المتنازع عليها، وأبلغت لجنة الأمم المتحدة الخاصة، المعنية بتصفية الاستعمار، بأنه يجب حل هذا النزاع طويل الأمد حول السيادة من خلال المفاوضات»، مضيفة: «أود أن أجدد استعداد حكومة الأرجنتين الكامل لاستئناف المفاوضات مع المملكة المتحدة بهدف إيجاد حل سلمى وحاسم لنزاع السيادة».

وأوضحت «مالكورا» أن «الأرجنتين تؤيد مبدأ تقرير المصير»، محذرة من أنه ليس مطلقا ولا ينطبق على 3 آلاف مقيم فى الجزر المعروفة فى اللغة الإسبانية باسم «لاس مالفيناس»، ولن تتخلى الأرجنتين عن محاولة استعادة الجزر.

وقال متحدث باسم البعثة البريطانية فى الأمم المتحدة: «لا يمكن التفاوض بدون إذن من سكان الجزر»، مضيفاً: «وجه استفتاء عام 2013، الذى صوت فيه 99.8% ممن أدلوا بأصواتهم لصالح الإبقاء على الوضع الحالى للجزر، رسالة واضحة بأن سكان الجزر لا يريدون حواراً حول السيادة».

و«جزر فوكلاند» جزء من المناطق البريطانية فى الخارج التى تتمتع بحكم ذاتى، واستولت الأرجنتين على الجزر فى 1982، وبعثت بريطانيا قوة مهام لاستعادتها فى حرب قصيرة قتل فيها أكثر من 600 جندى أرجنتينى و255 عسكرياً بريطانياً، وأدت الحرب إلى انهيار الحكم الديكتاتورى العسكرى فى الأرجنتين. بدورها، طالبت رئيسة بلدية مدينة «كاليه» الفرنسية، ناتاشا بوشار، بتعديل اتفاق يرجع إلى عام 2003 يسمح لبريطانيا حالياً باتخاذ تدابير تتعلق بدخول المهاجرين إليها وفحصهم على الجانب الفرنسى من الحدود، داعية الرئيس الفرنسى، فرانسوا أولاند، إلى التدخل لإعادة مسئولية ضبط الحدود إلى الجانب البريطانى فى هذه القضية.

وقالت المسئولة الفرنسية، فى تصريحات نقلتها «سكاى نيوز»: «فرنسا فى موقف قوى للضغط من أجل هذا الطلب، وعلى البريطانيين تحمل تبعات خيارهم»، وحذرت فرنسا فى وقت سابق من أن تصويت بريطانيا للخروج من الاتحاد الأوروبى، سيضطرها إلى نقل مخيم «كاليه»، الذى يؤوى آلاف اللاجئين من الأراضى الفرنسية إلى بريطانيا.


مواضيع متعلقة