«السنة والشيعة»: اتفاق فى الأصول واختلاف فى الفروع

كتب: سعيد حجازى

«السنة والشيعة»: اتفاق فى الأصول واختلاف فى الفروع

«السنة والشيعة»: اتفاق فى الأصول واختلاف فى الفروع

 

تعود جذور الخلاف الرئيسى بين السنة والشيعة للفتنة التى أدت إلى مقتل عثمان بن عفان، وكان لعبدالله بن سبأ ضلع كبير فى الفتنة، وتحول الخلاف إلى عقائدى، فهذه الفتنة وما خلفته وراءها من نزاعات عنيفة، لا سيما بين معاوية بن أبى سفيان وعلى بن أبى طالب، كانت السبب الرئيسى وراء تفتت المسلمين، فظل هذا الصراع السنى الشيعى قائماً طوال القرون الماضية، بل تحول فى بعض الأحيان إلى صراعات دموية بين الطائفتين، أزهقت الكثير من أرواح الأبرياء، خاصة فى سوريا والعراق، وظل هذا الشرخ بين الطائفتين أبرز نقاط التعصب المذهبى بين أهل الإسلام.

{long_qoute_1}

وعلى مدار التاريخ، حدثت العديد من الصدامات بين الشيعة والسنة تبادل فيها كلا الطرفين الاتهامات، فيرى الشيعة اضطهاداً سنياً لهم فى التاريخ، خصوصاً فى العصر الأموى والعباسى والعثمانى، وفى مقابل هذا الاضطهاد قامت ثورات شيعية، أشهرها ثورة القرامطة وثورة النفس الزكية وغيرهما، وكان أبرز الصدامات التى تسببت فى شق وحدة المسلمين، هو صراع الدولة العثمانية مع نظيرتها الصفوية.

يرجع العلماء الخلاف بين «السنة والشيعة» إلى عدة نقاط منها «العصمة عن الخطأ»، فأهل السنة يعتقدون أنها للأنبياء فقط، أما الشيعة فيؤمنون أنها للأنبياء والأئمة، 12 من أهل البيت، أى على بن أبى طالب وابنيه الحسن والحسين والتسعة أبناء الأئمة من نسل الحسين، كذلك أهل السنة يقولون إن كافة الصحابة منزهون ويجب احترامهم واحترام أقوالهم لأنهم «السلف الصالح الذى يجب الاقتداء به»، ويعتقدون أن أفضل الناس بعد الأنبياء هم أبوبكر ثم عمر ثم عثمان ثم على بن أبى طالب، ثم باقى الصحابة حسب الأفضلية.

أما الشيعة فيظل حكمهم نسبياً فى هذه القضية، إذ يرون أن الصحابة بشر عاديون وفيهم المخطئ والكاذب وحتى المرتد عن الدين، كما يرى الشيعة أن أمهات المؤمنين منزهات عن الفواحش، ويعتقدون أن «عائشة» خالفت شرع الله وخرجت على إمام زمانها ولم تحقن دماء المسلمين وكانت تؤذى الرسول، حسب زعمهم، بينما يرتضى السنة عنها ويعتبرونها من أحب الناس إلى الرسول، وزوجته فى الجنة.

«التّقية».. تعد أيضاً أبرز الخلافات بين الجانبين، وتعرف التقية بأنها إظهار عكس ما يفكر به الإنسان أو يؤمن به، وهى جائزة عند الشيعة، أما أكثرية السنة فيعتبرونها «نفاقاً وسوء نية وخروجاً عن الجماعة»، كذلك هناك اختلاف فى الآراء الفقهية بين السنة والشيعة، خاصة زواج المتعة، فهو عند الشيعة مباح، بل ويزيدون أن عليه الأجر والثواب، أما شيوخ السنة فيؤكدون أنه حرام بل ويصنفونه فى خانة الزنا.

«ضرب النفس» أيضاً من المسائل الخلافية الأخرى، فكثير من الشيعة يعتبرونه مباحاً ويخرجون فى ذكرى مقتل الحسين ويشرعون فى ضرب أنفسهم حتى تسيل الدماء، لكن السنة يرفضون ذلك ويعملون بالآية القرآنية التى تقول «ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة».

يتفق كلا الطرفين على ظهور شخص صالح سوف يملأ الأرض عدلاً ويُدمر قُوى الفساد ويلقب بـ«المهدى»، لكن يختلفون حول شخصيته، حيث يعتقد الشيعة أن المهدى هو محمد بن الحسن وهو الإمام الثانى عشر المولود عام 874م، الذى منحه الله معجزة طول العمر وهو حى يرزق وسوف يعلن عن وجوده عندما يحين الوقت ليملأ الأرض عدلاً، بينما يعتقد السنة بأن «المهدى» هو شخص اسمه محمد، ويكون من نسل فاطمة الزهراء وأنه هو نفسه لن يعلم بأنه المهدى فى بداية حياته.

وقالت الدكتورة آمنة نصير، أستاذ العقيدة بجامعة الأزهر وعضو مجلس النواب، لـ«الوطن»: «أنا ضد المذهبية، فالله سمانا المسلمين، والمذهبية ارتبطت بالخلافات السياسية، وبدأ ذلك بالفتنة الكبرى، ومعركة على ومعاوية وفيما بعدها، فالمذهبية ارتبطت بالانشقاق والاختلاف وارتبطت بالأغلبية السياسية ولم تكن تلك المذهبية فى الإسلام، فالاختلاف جاء على أسس الهوى والتفسيرات لدعم هذا الهوى وتلك الحقيقة، فكل فريق استند إلى آية ورواية والنصوص حمّالة أوجه كثيرة من حيث التفسيرات، فكل فريق فسر بما يخدم هواه ومذهبه، فالقضية فى فهمى أنا للنص هى هل سيكون بهواك السياسى أم المذهبى؟، فمرونة المصطلحات العربية وثراؤها استخدمت فى المذهبية إلى حد كبير، وموروثنا فى القضايا المتخلفة سواء فى المعارك والمغازى، كانت نبعاً ثرياً لكل فريق أخذ منها ما يزعمه من تأييد لتوجهه».

وقال الدكتور أحمد كريمة، عضو مجمع البحوث الإسلامية، إن التعصب للأفكار الدينية هو أخطر أنواع التعصب، لأنه يُعمى، ويصبح ذريعة لارتكاب كل أنواع العنف، ما يهدد مصير البشرية، مضيفاً: «الاتهامات المتبادلة عبر التاريخ كانت فى الفروع وليس الأصل، وأسعى لتأسيس كيان للتقريب بين المذاهب الإسلامية، عقب عيد الفطر المقبل، وذلك بمشاركة علماء بالأزهر».

 


مواضيع متعلقة