عمرو سعد: «يونس ولد فضة» ينحاز للمرأة.. واللهجة الصعيدية محببة إلى الوطن العربي

كتب: خالد فرج

عمرو سعد: «يونس ولد فضة» ينحاز للمرأة.. واللهجة الصعيدية محببة إلى الوطن العربي

عمرو سعد: «يونس ولد فضة» ينحاز للمرأة.. واللهجة الصعيدية محببة إلى الوطن العربي

يواصل النجم عمرو سعد رحلة تمرده على الأدوار التقليدية، حيث وجد ملاذه هذا العام مع الكاتب عبدالرحيم كمال فى مسلسل «يونس ولد فضة» الذى حازت حلقاته الأولى إعجاب الجمهور بمختلف فئاته العمرية، وفى حواره لـ«الوطن» يكشف عمرو عن أسباب خوضه لهذه التجربة، ويوضح دوافعه من عمل إسقاطات على الإعلام داخل الأحداث، ويكشف عن رأيه فى فكرة عرض مسلسله حصرياً على قناة mbc.

{long_qoute_1}

■ ما أسباب موافقتك على بطولة مسلسل «يونس ولد فضة»؟

- إعجابى بنوعية الدراما المبنية على مستويات، التى يتميز المؤلف عبدالرحيم كمال بتقديمها، والمستوحاة، حسبما لاحظت، من دراما قصص الأنبياء، فإذا نظرنا إلى قصة «يونس ولد فضة» من بعيد سنجد أن جزءاً منها مستمد من أزمة النبى «يونس» الذى غادر قومه ودخل فى ظلمات ثلاث، فشعر بخطئه وعاد إليهم، وبقياس الشخصية التى أجسّدها على هذه القصة سنجدها قريبة التفاصيل منها ومن قصة سيدنا «إبراهيم» الذى تم إلقاؤه فى النار، وهو الموقف الذى يبدو مشابهاً لدراما المسلسل التى ستقودنا، وكأن «يونس» واجه المصير نفسه، ولكنى لن أتمكن من ذكر أى تفاصيل، لأن الحلقات المقبلة ستشهد مفاجأة فى أحداثها.

■ لماذا اخترت قالب الشخصية الصعيدية المعاصرة لتقديمها؟

- تحدثت مع المؤلف والمخرج منذ اللحظة الأولى، وأبلغتهما رغبتى فى تقديم الشخصية الصعيدية 2016، بعيداً عما قدمته فى مسلسل «مملكة الجبل» وفيلم «دكان شحاتة»، أو عن الشخصيات التى طرحتها الدراما الصعيدية، لأن المسلسلات تتعامل مع الريف والشخصية الصعيدية على غير المدينة، فلا تقدمها على غرار الواقع الحالى، باعتبار أن الصعيد أصبح يضم بنوك مالتى ناشيونال، ومواطنيه يحملون الهواتف المحمولة، ويتواصلون عبر «فيس بوك»، والبيوت تعتليها أطباق الدش للقنوات المفتوحة والمشفرة، وانطلاقاً من هذا التطور الذى طرأ على المجتمعات التى كانت بكراً، فإنها تسهم فى خلق شخصيات درامية ثرية ومدهشة.

■ وهل ترى تغيراً فى نظرة أهل الصعيد للحب مثلما شاهدنا فى أولى الحلقات؟

- طريقة الحب تغيرت فى الصعيد بحكم تغير العلاقة بين الولد والبنت، التى لم تعد كالسابق، وبعيداً عن هذه الجزئية، فالمسلسل يشهد تحيزاً للمرأة عبر أحداثه، حيث نقدم السيدة الصعيدية القوية لا المكسورة، ونستعرض نموذج الأب الذى يُعلم ابنته فى جامعة أمريكية، ما يجعلها تتحدث بلغات متعددة، ولكنها تظل ترتدى الطرحة عند مغادرتها لمنزلها.

■ وهل تحيُّز المسلسل للمرأة كان سبب اختيار «يونس ولد فضة» اسماً له بما أن شخصية «فضة» تعود على الفنانة سوسن بدر، أم أن هناك أسباباً أخرى لهذا الاسم؟

- المسألة ليست كذلك، ولكن الإجابة على سؤالك ستتم معرفتها عبر الأحداث، ولكن الفكرة أشبه بالشخص الذى لا يجد أباً له، ما يدفع من حوله لمناداته: «يا ابن فلانة»، لأنهم لا يعترفون بوالده، ولا يرغبون فى مناداته باسمه لعدم منحه أى كرامة من وراء اقترانه باسم والده، ولذلك ينادونه باسم أمه، وهنا تبدو المفارقة، مع العلم أن عبدالرحيم كمال اختار هذا الاسم منذ شروعه فى كتابة النص.

■ لماذا اخترت الإعلام لعمل إسقاط فى بعض مشاهد العمل؟

- طرأت أمور عديدة على الساحة خلال الآونة الأخيرة، وانفجر سيل من المصطلحات والعبارات فى عصرنا الحالى، الذى أعتبره عصر صعود الإعلام، ودعنى أسأل: «متى يصعد الإعلام إلى مداه الأقصى؟» عندما تقع أحداث ساخنة فى البلد كالثورات أو الحروب، فحينها يقفز الإعلام إلى أعلى سقف، ويقوم بتوجيه الناس، وهذه الحالة يستقبلها البسطاء أحياناً بالضحك، وقد ينتابهم بسببها شعور بالملل، وأنتم كإعلاميين لن تروا ردة الفعل هذه، رغم أنك قد تجد جملة لإعلامى مكتوبة على «توك توك» على سبيل الدعابة، أو تجد مرتادى مواقع التواصل الاجتماعى يتداولون شيئاً ما بسخرية نقلاً عن الإعلام، وهذه السخرية ليس المقصود منها الإعلام أو الإعلاميين، ولكن سببها تذمر الناس من حديث الإعلاميين عن أمور لا تحدث، ويظل السؤال: «هل الإعلام يلعب دوره والناس نفسها تلعب دورها؟.

■ وما الإجابة على سؤالك فى تقديرك الشخصى؟

- «الناس لازم تشتغل» ولكن لا أحب التعبير عن رأيى بصفة شخصية، لأنى لا أهوى التنظير، ولكن أعبّر عنه عبر أعمالى، لأننى عندما أتحدث مثلاً عن مشكلة «الحى» عبر لسان «يونس» قائلاً: «الحى خلى البلد بقيت عاملة زى عشة الفراخ، عشوائية» وهو فى الوقت نفسه تتملكه الرغبة فى بناء نصب تذكارى، فهذا موقف مُقدم فى إطار كوميدى، والضحك بدوره يمر مع الناس، ولذلك لا أجد ملاذاً سوى السخرية من أنفسنا عندما أتطرق لمشكلة نحن سببها.

■ ألا ترى أن تقديمك للشخصية فى إطار كوميدى مغامرة لأنها قد تبدو للبعض سخرية من أهل الصعيد؟

- كيف أسخر من أهل الصعيد وأنا جذورى صعيدية؟ أتعامل بجدية مع الصعيدى نفسه، ولكن طبيعة شخصية «يونس» تتسم بالذكاء وخفة الظل والرومانسية، ولعلمك عند تجسيدى لأى شخصية أسعى لأن تحظى بحب الناس لها ولبلدها، فمثلاً «يونس» قدمته كشخص متعلم مثقف يهوى القراءة، وهذه الصفات متأصلة داخل الشخصية الصعيدية، وبعيداً عن هذا وذاك، اتخذت قراراً بتقديم مسلسلات «لايت»، وتحدثت مع المؤلف فى هذه النقطة، لأنى أدرك عشقنا الشديد للكوميديا التى يمر كل شىء من بوابتها، وهو ما أقدمه أيضاً فى فيلم «مولانا» هذا العام، حيث جعلت الشخصية تتسم بنوع من الخفة، لأن الإنسان بطبيعته لديه جانب مضحك، وآخر كئيب، وانطلاقاً مما ذكرته، أحاول فى «يونس ولد فضة» تقديم شخصية إنسانية، تتضمن الجانب المضحك دون وجود «إفيهات».

■ معنى كلامك أنك تحاول اكتشاف نفسك فى قالب الكوميديا التى لم تقترب منها خلال الأعوام الأخيرة؟

- نعم، أسعى للتغيير وطرح نفسى على الجمهور بشكل مختلف، لأن أغلب الأعمال التى أتلقاها «ثقيلة» جداً، وتحتوى على دراما معقدة، لأن صنّاعها يرونك فى هذه المنطقة.

■ ما تعليقك على الآراء التى تعتبر أن تقديم الدراما الصعيدية لعب فى المضمون من صناعها؟

- لا أقيس المسألة من هذا المنظور، لأننى أفكر بمنطق أن عبدالرحيم كمال كاتب كبير، أحببت التعاون معه، كما أن اللهجة الصعيدية محببة إلى الوطن العربى، لأنها أقرب إلى اللغة العربية السليمة، وبالتالى تحظى بفهم من السوريين والخليجيين والمغاربة.. إلخ.

■ وهل سهولة فهم اللهجة الصعيدية كانت وراء شراء قناة MBC حقوق عرض المسلسل؟

- لا أدرى، ولكنى أحلم بعودة انتشارنا كممثلين وصناعة دراما من جديد فى الوطن العربى، وهذه المسألة تشغل تفكيرى باستمرار، لأن الهدف الرئيسى لصناعة أى سينما وتليفزيون فى أى دولة هو الانتشار والتأثير فى باقى الدول، وإذا نظرنا إلى أحوالنا مؤخراً سنجد أن السوق تضيق إلى أن «أصبحنا بنكلم نفسنا»، ومع الأسف لم نعد نؤثر فى الجمهور العربى مثلما كان الحال وقت سينما الثلاثينات والأربعينات والستينات التى أحدثت تأثيراً فى البلدان العربية، وبالتالى لا بد من عودة هذا التأثير مجدداً.

■ وما أسباب انقطاع هذا التأثير من وجهة نظرك؟

- أسباب عدة، أبرزها عدم اهتمام الدولة بالصناعة لفترات طويلة، وعدم إدراكها لمدى تأثيرها فيمن حولنا، كما أن القائمين على الصناعة نفسها اهتموا بالمكسب السريع، ولم يعد لديهم استراتيجية لتوسيع أسواقهم، بالإضافة إلى تراجع جودة المنتج السينمائى، وهنا أنا لا أتحدث عن تقديمنا لفيلم خيالى، ولكن أتكلم عن الصنعة نفسها، كالتى كان يقدمها عز الدين ذو الفقار وفطين عبدالوهاب، حيث كانا يملكان الصنعة، ويقدمان «فيلم ألماظ مقفول»، رغم أنه من الممكن أن تجده فيلماً بسيطاً وتجارياً، ولكنك تستمتع بمشاهدته كلما تم عرضه.

■ قدمت 3 أعمال صعيدية، ولكن هل واجهت صعوبة فى أداء اللهجة داخل مسلسلك بما أنها تختلف من مكان لآخر؟

- جسدت الشخصية الصعيدية فى «مملكة الجبل» و«دكان شحاتة» وأخيراً «يونس ولد فضة»، ولكن مستحيل أن تشعر بأنهم واحد من حيث اللهجة والشكل الخارجى، لأن هناك لهجة أقرب إلى المنيا، وأخرى خاصة بأهل بنى سويف، وهناك لهجة أسيوط... إلخ، وربما لا يتمكن الشخص العادى من التمييز بينهم، ولكن إذا ركز سيتمكن من ملاحظة اختلاف بينهم، وأنا من النوع الذى عندما أقدم شخصية لا أقترب لطريقتها مرة أخرى، وإذا عدت إلى أفلامى ستجد شخصيات مختلفة عن بعضها البعض، ولن تشعر بتشابهها مع عمرو سعد، لأنى أقوم بتغييب نفسى عن الجمهور، وهذا ليس مدحاً فى شخصى، ولكن المهتمين بهذه المهنة سيدركون كلامى فى يوم من الأيام.

■ كيف كانت الأجواء عند تصويرك لعدد من المشاهد فى محافظات المنيا والأقصر وأسيوط؟

- أحب الصعيد لأنى من جذور صعيدية، وعندما أكون هناك أشعر براحة نفسية، كما أن حفاوة الاستقبال من الأهالى فاقت توقعاتى، لدرجة أننى عند عودتى إلى القاهرة، سألت نفسى: «هعمل إيه؟» فالمسئولية كبيرة، ولا أقول كلاماً للاستهلاك الإعلامى، بل من منطلق تقديمى لعمل ربما يصيب وقد يخيب، ولكن أحاول بقدر فهمى أن أفيد عبر أعمالى، فمثلاً عندما قدمت مسلسل «شارع عبدالعزيز»، حاولت أن أربطه بمفهوم العمل، وطرح سؤال مهم وهو: «لماذا نستورد المنتجات من الصين رغم امتلاكنا لطاقة بشرية مؤهلة للعمل مثلهم؟»، أحب نقل الرسائل عبر الدراما، لأنها تعيش أطول من الإعلام وليس أقوى، لأن تأثير كلام الإعلامى ربما يكون فى لحظتها، ولكننا بحاجة إلى «زنّ» متواصل، وأن نلوم أنفسنا ونقول لها «اشتغلوا» طول الوقت لأننا تقريبا بنشتغل تحت ضغط، وهذا الضغط لا بد أن يتولد من منابر الدين والإعلام والدراما المتمثلة فى السينما والتليفزيون.


مواضيع متعلقة