النيجر.. بوابة "تهريب البشر" في غرب إفريقيا

كتب: أحمد محمد عبدالباسط

النيجر.. بوابة "تهريب البشر" في غرب إفريقيا

النيجر.. بوابة "تهريب البشر" في غرب إفريقيا

في ظل الأوضاع التي تشهدها ليبيا، ظن العالم أنها البوابة الرئيسية لعبور المهاجرين الأفارقة من القارة السمراء إلى أوروبا؛ لتحقيق أحلامهم في السفر والهجرة، إلا أن العثور على 34 جثة في الصحراء الغربية سلط الضوء على الدور الذي تلعبه النيجر كنقطة عبور رئيسية لسكان غرب إفريقيا، الذين يتركون أوطانهم وفي قلوبهم حلم العبور إلى أوروبا.

اكتشاف الجثث، الذي كان من بينهم 20 طفلا، يوم الخميس الماضي، أكد أنه تم التخلي عنهم في الصحراء من قبل مُهربي البشر، حتى ماتوا عطشًا في الفترة من 6 إلى 12 يونيو الجاري، وفقًا لما أعلنه وزير الداخلية النيجيري بازوم محمد، لجريدة "نيوز ويك" الأمريكية.

وتعد النيجر واحدة من أفقر الدول حول العالم، كما صنفت على أنها واحدة من الدول التي تمتلك أسوأ ظروف معيشية في العالم، وذلك في تقرير الأمم المتحدة لعام 2015، وقالت الصحيفة الأمريكية إن الجثث المكتشفة كانت تتواجد في منطقة أساماكا، بالقرب من الحدود الجزائرية، والتي تعتبر نقط البداية لرحلة طويلة يسلكها آلاف المهاجرين إسبوعيًا، عبر واحدة من أقسى التضاريس في الكرة الأرضية، في محاولة للوصول إلى الحدود الليبية، حيث يستغل المهربين عدم الاستقرار السياسي لإرسال المهاجرين في قوارب سيئة الحال وذات نوعية رديئة عبر البحر المتوسط إلى أوروبا.

بسبب المناخ الصحراوي القاسي بشدة في هذا الوقت، تعتبر الفترة من يناير إلى مايو هي الأمثل من العام لعمليات الهجرة غير الشرعية عبر الحدود بين ليبيا والنيجر، حيث يقول المهرّبون في الجنوب أن حجم العمليات يصل إلى ألفي شخص أسبوعيًا، أغلبهم من الأفارقة من دول جنوب الصحراء الكبرى، وتتم العملية عبر ليبيا، وسجلت التقارير عبور حوالي 130 ألف مهاجر ولاجئ من هذه المنطقة خلال الفترة من يناير إلى مايو 2016.

ولم تعد عمليات التهريب عبر هذا الطريق الصحراوي أمراً سرياً بعد الآن، ففي كل أسبوع، ترافق مجموعات من جيش النيجر السياراتِ التي تخوض هذه الرحلة الطويلة التي تبلغ 600 كم عبر الصحراء للوصول إلى ليبيا، انطلاقاً من أكبر مدن النيجر (أجاديز) إلى مدينة ديركو الصحراوية والتي تعتبر نقطة انطلاق الرحلة، وفقًا لما قاله جوزيبي لوبيرت، رئيس بعثة المنظمة الدولية للهجرة في النيجر.

ويسلط "لوبيرت" الضوء على مجموعة من العوامل التي تسبب في أن تصبح النيجر البوابة الرئيسية لتهريب البشر في دول غرب إفريقيا مثل السنغال ومالي وجامبيا، حيث قال إن من أهم الأسباب هو اعتبار النيجر أسهل الطرق للوصول إلى ليبيا، لاسيما عقب سقوط نظام معمر القذافي في عام 2011، ما أعقبه حالة من الفوضى والفراغ السياسي والصراع بين الميلشيات المسلحة هناك، ما جعلها النقطة الرئيسية التي يمكن من خلالها عبور المهاجرين من إفريقيا إلى أوروبا، وظهر ذلك بالأرقام التي أعلنتها منظمة "فرونتكس" التابعة للاتحاد الأوروبي، حيث قالت إن حوالي 47 ألف مهاجر عبر البحر المتوسط من ليبيا إلى إيطاليا في الأشهر الخمسة الأولى من عام 2016.

وأضاف: "الجميع يعلم أن العبور من ليبيا سهل جدًا"، كما أن تواجد عدد من الجماعات الإرهابية المسلحة مثال القاعدة في شمال مالي، وبوكو حرام في نيجيريا، جعل النيجر هي أفضل السيء من بين الدول الأخرى، حيث أصبحت هي الخيار الأول لمهربي البشر، فلم يعد أحد يسلك طريق مالي الآن، ولا نيجيريا.

وأكد "لوبيرت" أن  قوات جيش النيجر تقوم بتأمين القافلة بالمجان، إلا أنهم يعتبرون المهربين مصدر رزق بالنسبة لهم، حيث يحصلون على الكثير من الأموال من خلال ابتزاز المهربين والسائقين أملاً في الحصول على بعض المال بجانب رواتبهم الزهيدة، إلا أنهم يعفون المهاجرين من دفع أية أموال.

وأشار إلى أنه في مدينة ماداما بالنيجر، والتي تعتبر آخر النقاط قبل الحدود مع ليبيا، على بعد 100 كم، أقام الجيش الفرنسي قاعدة له، فيما يقول المهربون إن الجنود الفرنسيين يراقبون عمليات التهريب دون أي تدخل.

وقال "لوبيرت" إن الحكومة النيجرية أصدرت قانون مكافحة التهريب في عام 2015، إلا أنه لم يتم تطبيقه بالكامل حتى الآن، وأشار إلى أن هناك عامل أكثر تعقيدًا يسهل عملية تهريب البشر عبر النيجر، وهو عضوية النيجر في كتلة تجارية إقليمية تعرف باسم المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا " إيكواس"، حيث أن المبدأ الأساسي لتلك المنظمة هو خلق "منطقة بلا حدود"، حيث يمكن للمواطنين التنقل بين الدول الأعضاء دون حاجة لإظهار جواز سفر أو تأشيرات، ولن يكونوا مضطرين لذلك إلا على الحدود الليبية او الجزائرية فقط.


مواضيع متعلقة