الحاكم بأمر الله «الخليفة المجنون» الذى تحول لـ«مهدى منتظر»

كتب: رضوى هاشم

الحاكم بأمر الله «الخليفة المجنون» الذى تحول لـ«مهدى منتظر»

الحاكم بأمر الله «الخليفة المجنون» الذى تحول لـ«مهدى منتظر»

مع كل إشراقة ليوم جديد يبدأون بالتوافد فى وفود وكأنهم حجيج فى ملابسهم المميزة التى لا تخطئها عين، تُسدل الستائر يصلون ويطعمون الطيور التى تنتشر فى المسجد ومن ثم يغادرون، إنهم طائفة البهره الشيعية الذين ينتظرون من يعتقدون أنه المهدى المنتظر فى جامع الحاكم بأمر الله بشارع المعز لدين الله، على بعد خطوات من باب الفتوح الذى يستقبلك بمئذنته المميزة فى مشهد لا يفسده سوى المقاهى العشوائية التى احتلت حرمه الأثرى منذ ثورة 25 يناير.

والحاكم بأمر الله، كما يقول الباحث الأثرى سامح الزهار، من أغرب الحكام الذين مروا على تاريخ مصر حتى إن المؤرخين سموه «الخليفة المجنون» نظراً لقراراته العجيبة ومنها أنه قام بمنع صلاة التراويح فى مصر لمدة عشر سنوات، كما منع المصريين من أكل الملوخية والجرجير وقصرهما على نفسه وبلاطه ومعاونيه، أى إنها أصبحت أكلة أرستقراطية وذلك كان بلا مبرر واضح أو سبب مقنع، أيضاً أمر بأن يؤذن لصلاة الظهر فى أول الساعة السابعة ويؤذن لصلاة العصر فى أول الساعة التاسعة، ومنع بيع الأحذية للسيدات حتى يجبرهن على التزام منازلهن، كما أمر بألا يباع شىء من السمك بغير قشر، وألا يصطاده أحد من الصيادين وغير ذلك من القرارات التى لا يُعرف لها سبب حتى الآن.

وتابع: كان أول ضحايا الحاكم بأمر الله، الذى تولى الحكم فى عمر الخامسة عشرة، هو الوصى عليه «برجوان» الذى قام بتربيته وكان يطلق على الحاكم (الوزغة) بمعنى «السحلية» ومن الروايات التى وردت فى المقريزى أن الحاكم أرسل فى بداية حكمه يطلب معلمه برجوان قائلاً «الوزغة الصغيرة قد صار تنيناً عظيماً، وهو يدعوك» فجاء برجوان خائفاً وعندما حضر إليه أمر الحاكم بقطع رأسه فى عام 390هـ.

وعن تاريخ المسجد أشار الباحث الأثرى محمد سيد إلى أن المصريين ارتبطوا قديماً وحتى الآن بمسجد الحاكم بأمر الله لما له من بصمة فى وجدان المصريين، ولهذا المسجد حكاية خاصة جداً، وهى أن مئذنته كانت تملأ بالبخور طوال الأسبوع ويظل دخان البخور يملأ المئذنة الكبيرة حتى وإن جاء يوم الجمعة وفى الصباح الباكر فُتحت المئذنة فخرج منها البخور ليعطر القاهرة بأسرها، وكأن الدولة فى ذلك الوقت وضعت من ضمن اهتماماتها وأولوياتها تعطير البلاد،

وأشار إلى أن المسجد بُنى بأمر الحاكم بأمر الله سنة 380 من الهجرة، وذلك فى عهد العزيز بالله الفاطمى الذى بدأ فى سنة 379 من الهجرة فى بناء مسجد آخر خارج باب الفتوح ولكنه توفى قبل أن ينتهى منه فأتمه ابنه الحاكم بأمر الله 403 هجرية، ولذلك فقد نسب إليه وأصبح يعرف بجامع الحاكم بأمر الله، يبلغ طول الجامع من الداخل 120.5م وعرضه 113 متراً، يتوسط الجامع صحن كبير مكشوف تحيط به أربعة أروقة ترتكز عقودها على دعائم من الآجر فى أركانها أعمدة مدمجة، والتصميم يشبه جامع ابن طولون من حيث استخدام الآجر فى البناء.


مواضيع متعلقة