التطفل: من تدخل فيما لا يعنيه

كتب: شروق أشرف

التطفل: من تدخل فيما لا يعنيه

التطفل: من تدخل فيما لا يعنيه

كثيرون ربما يهربون من مشكلاتهم وعجزهم عن القيام بتغيير حقيقى فى شئونهم الخاصة، ويتطفلون على حياة من حولهم، ويجتهدون لمعرفة أدق التفاصيل الشخصية لغيرهم، ويغرقون فيها ويعتبرونها نوعاً من التسلية، ولا يقدّرون أن الخصوصية يجب أن تُحترم، ولا يدركون أنهم يؤذون من حولهم بصورة غير مباشرة.

{long_qoute_1}

يقول د. أحمد هارون، مستشار العلاج النفسى وعضو الجمعية العالمية للصحة النفسية: «إن الشخص المتطفل لديه اضطرابات نفسية تؤدى إلى هذا السلوك منها «عدم الثقة فى النفس والكفاءة الذاتية، وعدم الشعور بالأمان، وشعوره بالسعادة فى التطفل».

ويضيف: «التطفل ينطوى على حالة من تصيد أخطاء الناس، فى ظل انعدام الإحساس بالأمان، وهو يعتبر نوعاً من أنواع الانحراف السيكوباتى، وهذا النوع ينتشر فى المجتمعات التى يوجد بها شىء من الفراغ وعدم الاستفادة بالوقت وضياعه يسبب سلوك التطفل».

وتقول د. سامية خضر، أستاذ علم الاجتماع كلية التربية جامعة عين شمس، المجتمع المصرى من أكثر المجتمعات التى ينتشر بها هذا السلوك، ومن أبرز الأماكن التى ينتشر فيها التطفل الأرياف بسبب ثقافتها المنغلقة، وعلاقة «الوجه بالوجه» الموجودة بين أهالى القرية، حيث إن كل من فى القرى يعرف ما فيها من أشخاص، وبالتالى جميع الأخبار تنتشر بشكل سريع وملحوظ، والمدن ينتشر فيها هذا السلوك فى الأماكن الشعبية أكثر من الأماكن الراقية التى لا ينتشر فيها التطفل بصورة كبيرة، ومن هنا نرى فرق الثقافات، بمعنى أن المثقف لا يتأثر بهذا السلوك كثيراً والثقافات درجات كل شخص له درجة من الثقافة التى تميزه: «فكلما كان الشخص له وعى ثقافى قل سلوك التطفل عنده».

وتضيف د. سامية: «الفراغ يعتبر من الأسباب الرئيسية التى تؤدى للتطفل، والمجتمع المصرى لا ينفرد بتلك السمة، بل هناك نماذج مشابهة فى دول أوروبية كانت تحمل هذا السلوك ولكن تم التغلب عليه هناك بشكل كبير».

ويقول د. طه أبوحسين، أستاذ الصحة النفسية كلية التربية، إن سلوك التطفل «مذموم» من الناحية الشرعية، ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم فى حديثه الشريف «من حُسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه» صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديث آخر يقول «من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته يفضحه».

أما د. صلاح الدين السرسى، استشارى الصحة النفسية السابق بمركز دراسات الطفولة بجامعة عين شمس، فيقول: «المتطفل لا يكتفى بمعرفة أسرار الشخص الذى أمامه فقط، وإنما يستدرجه ليعرف أسرار غيره، فهو لا يسأل الشخص عن نفسه فقط وإنما يسأله عن الآخرين كذلك «ماذا قلت لهم وماذا قالوا لك؟ وماذا فعلوا؟ وما شعورهم فى الموقف الفلانى؟ وكيف كان تصرفهم؟ وما رأيهم؟ وما علاقتهم بك؟ وماذا عن عائلتهم وأصدقائهم وباقى خصوصياتهم»، كل ذلك قد يفعله المتطفل بطريقة محرجة أو بأسلوب فج مزعج دون أدنى إحساس، وحواس المتطفل ناشطة دائماً فنظراته متحفزة وغير مستقرة وقد تكون مكشوفة يلاحظها غيره، وكذلك آذانه موجهة كالهوائى لالتقاط أى حديث بين اثنين كما أن قدميه تكونان غير مستقرتين فهو يجول هنا وهناك ويسأل أو يستمع أو يفرض نفسه فى أحاديث لا تعنيه ولم يُطلب منه المشاركة فيها، وقد يتدخل فى علاقات ليس من حقه أن يتدخل فيها كالعلاقات العائلية التى لها خصوصيتها بين أب وأبنائه أو أسرار خاصة بالعمل، والمحير أن المتطفل لن يستفيد من هذا شيئاً ولا شك أنه لن يستطيع الاحتفاظ بسرية ما يسمع بل سيذيعه للناس بكل وسيلة ممكنة، وهو يريد فقط أن يثبت أنه ذو أهمية ومثير للانتباه».

وتقول د. سوسن فايد، أستاذ علم النفس بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية: أساليب التنشئة فيها عيوب وثمة قصور أيضاً من جانب المؤسسات الأسرية والمدرسية والإعلامية والدينية، وذلك يساعد على وجود هذا السلوك فى بعض الشخصيات، والشخص الذى يتبنى هذا السلوك يرى نفسه شخصاً مهمشاً فى المجتمع وبالتالى يلجأ لهذا السلوك ليفرض نفسه على الناس لمعرفة المعلومات وليجد لنفسه دوراً فى المجتمع، ويجذب الانتباه له ليثبت أنه ذو أهمية.


مواضيع متعلقة