بالفيديو| هنا مشرحة السويس.. ثلاجة حفظ "الثوار"

كتب: أحمد منعم ومحمد مقلد

بالفيديو| هنا مشرحة السويس.. ثلاجة حفظ "الثوار"

بالفيديو| هنا مشرحة السويس.. ثلاجة حفظ "الثوار"

لساعات بقيت الأمهات أمام اللافتة التي تذكرهن بهول ما حدث "محافظة السويس ـ ثلاجة حفظ الموتى"، جلست الأمهات بين غيرهن من النسوة في غير سكون، تعاون كل واحدة الأخرى في النواح، والبكاء، حتى أفسحت إحدى مدرعتي الجيش اللتان تقومان بتأمين المشرحة، لتدخل عربتا الطب الشرع لتحديد أسباب وفاة 9 من الشهداء سالت دماؤهم على أسفلت السويس في الذكرى الثانية لثورة 25 يناير. من دون سابق إنذار صاحت الأم "يا ضنايا يابني، ملحقتش تربي بنتك يا حبيبي" كانت الأم قد دعت ابنها لقضاء يوم الجمعة 25 يناير لديها في المنزل هو وزوجته وابنتهما الرضيعة (شهران) فاستجاب لها، لم تكن دعوة الأم إلا لإبعاد ابنها "حسين محمود عكاشة ـ 31 سنة" عن الأحداث المتوقع لها أن تكون مشتعلة في أحياء السويس يوم 25 يناير.[Quote_1] يقول فرج عرفة أبو زيد، خال الشهيد حسين محمود عكاشة، "حسين نزل لكي يرى ما الذي يحدث في محيط مبنى المديرية لما سمع بالاشتباكات، فتلقى رصاصة في صدره أودت بحياته على الفور، وترك زوجة لم يبلغ عمر زواجهما العامين، وطفلة رضيعة عمرها خمسة أشهر". بهيستيريا البكاء رددت أخت حسين عكاشة عبارات نقد "حرام عليك يا مرسي، انتخبناه ليضرب ابننا برصاصة في قلبه، حسبي الله ونعم الوكيل في الإخوان، ياريت يرحل، البلد وقعت على إيدهم وحق الشهداء لن يضيع كالشهداء السابقين". على نفس الأسفلت منذ عامين، سالت دماء أول شهداء ثورة 25 يناير، "ما أشبه اليوم بالبارحة" يقول سيد ثابت خلف الله، أحد شهود العيان، "نفس الأسلوب قام به رجال الداخلية في التعامل مع المتظاهرين، حتى وإن كانوا بلطجية فلا يوجد مبرر لفتح الرصاص الحي على الكل دون تحذير". يروي سيد خلف الله الأحداث التي دارت بين المتظاهرين ضد رئاسة الجمهورية وجماعة الإخوان المسلمين في مساء يوم الجمعة 25 يناير فيقول "فوجئنا مع دخول المغرب بقطع خرسانية يتم قذفها تجاهنا من أعلى مبنى المديرية في وجود لواء الشرطة الذي اكتفى بأن أشار للجنود بالأعلى أن يكفوا عن قذف الحجارة، بعدها أطلق مجهول طلقة ناحية جندي فأصيب بعدها انقلبت الدنيا ولم تقعد حين فتح الجنود النار على كل المتظاهرين، بشكل عشوائي، فأصيب وقتل العشرات منهم الكثير لم يكن لهم فيما يحدث ناقة ولا جمل". يقول أحمد السيد علي، صديق الشهيد محمود نبيل 25 سنة، "محمود من سكان منطقة النمسا، وكان في طريقه إلى المنزل هو وصديق له فجأة سقط إلى جواره فحاول صديقه إفاقته إلى أن وجد خيطين من الدم سالا من ظهره وقدمه إثر تلقيه طلقتي رصاص حي".[Quote_2] والد الشهيد علي سليمان حجاب، 19 سنة طالب بالشهادة الإعدادية، كان يجلس في مبنى نادي منتخب السويس، وقتما لاحظ رجال الشرطة وهم يعتلون أسطح مبنى المديرية يطلقون الخرطوش والرصاص والحجارة ناحية المتظاهرية، فتذكر ابنه "علي" الذي كان في طريقه إلى "فرش الجرائد" المملوك لهما والموجود في محيط مقر المديرية، انطلق سليمان ـ الأب ـ ليناشد ابنه ترك الفرش والذهاب إلى المنزل لكن الوصول كان بعد فوات الأوان، فكان الولد قد أصيب بطلق ناري نافذ في أحد جنبيه خرج من الجانب الآخر، فسقط قتيلاً. سليمان، والد الشهيد علي، قال "مرسي يتحمل مسئولية دم أولادنا الذي سال، وإما أن يتم القصاص ممن قتل أبناءنا وإما أن نقتص بأيدينا"، أما فرج عرفة أبو زيد، خال الشهيد حسين عكاشة، فقال "البلد في طريقها للانهيار، ولم يأتنا من حكم الإخوان إلا قتل أولادنا، وإما القصاص أو أن يرحل مرسي وإخوانه". يذكر محمد، شقيق الشهيد مصطفى محمود عيد 15 سنة، أن شقيقه الأصغر "كان قد خرج في حدود الثامنة والنصف مساء من المنزل ببورتوفيق لشراء وجبة عشاء للأسرة، وأثناء ركوبه دراجة بخارية "موتوسيكل" خلف أحد زملائه ومرورهما بميدان الخضر تلقى طلقة رصاص حي بالرقبة أودت بحياته" خرطوم الدم الذي اندفع من رقبة مصطفى، بعد سقوطه من فوق "الموتوسيكل" صبغ كل ملابسه بالأحمر، وتم نقله إلى المشرحة بعدما فارقت روحه الجسد.[Quote_3] ليلة الذكرى الثانية للثورة في السويس صُبغت بدماء شهداء جدد، من الجانبين الشرطة والمتظاهرين "أحد الجنود مات بعدما تلقى رصاصة خرطوش في رقبته، ولم يتم إسعافه بسرعة رغم نقله بطائرة" يروي سعيد جلال، أحد شهود العيان. محمد السيد علي، أحد شهود العيان، قال "في البداية، تم التحفظ على 30 من المتظاهرين داخل مبنى المديرية، فقام بعض المتظاهرين بقذف طوب ناحية العساكر فمنعناهم وقلنا لهم: العساكر إخواننا، حتى بدأ العساكر من أعلى مبنى المديرية بقذفنا بالطوب، فبادلناهم الطوب، حتى أصيب أحد الجنود". سيطرت الشرطة على الأوضاع بعد استخدام الرصاص الحي ضد المتظاهرين، أُخليت شوارع السويس، خصوصاً في محيط مديرية الأمن، ومبنى المحافظة القديم، لتخلف الأحداث الدامية عشرة من الشهداء بينهم جندي، يضيف سعيد جلال "بعدما تراجع المتظاهرون قام رجال في زي مدني، وآخرون في زي عسكري بتكسير زجاج السيارات أمام مسمع ومرأى من الكل، ودخلوا إلى أحد الأفراح وأخرجوا من في الفرح إلى الخارج لإعلان سيطرة الشرطة على المكان بالكامل، وهناك فيديوهات بالصوت والصورة تثبت كل ما حدث". أمام مشرحة السويس، عسكرت قوات الجيش بمدرعتين وسيارات للجنود لمنع أهالي الشهداء من الدخول حتى استكمال إجراءات الطب الشرعي، أهالي الشهداء تكتلوا أمام بوابة المشرحة في محاولات مستميته لاختراقها. في ظهر السبت، حضر إلى المشرحة أحد عمداء الجيش، الذي استُقبل بثورة من أهالي الشهداء وإدانات من بعضهم بأن "الجيش والشرطة لا يحمون إلا الإخوان ومرسي"، وأن "حضوركم دائماً متأخر يا باشاً"، هتف الأهالي في وجه عميد القوات المسلحة وجنوده، هتافات نعوا بها الشهداء وأكدوا استمرار ثورتهم. حتى الظهر لم يكن أطباء "الطب الشرعي" قد انتهوا من تقاريرهم بخصوص أسباب وفاة ضحايا يوم الذكرى الثانية لاندلاع الثورة، ليبقى الوضع على ما هو عليه، أمهات تنوح، وأهالي غاضبون، وقوات جيش تحصن المشرحة من محاولات الأهالي لدخولها.