من العريش إلى خيام «الإدارية»: ألفين سلام وتحية

كتب: جهاد عباس

من العريش إلى خيام «الإدارية»: ألفين سلام وتحية

من العريش إلى خيام «الإدارية»: ألفين سلام وتحية

قبل مغيب شمس اليوم الثالث على موقع البناء، كان الهواء يحرك الخيام التى تقف وحيدة فى الصحراء، تهدأ أصوات الماكينات قليلاً، وتبدأ إحدى العربات الضخمة بضخ المياه فى الأرض التى تم تسويتها لتشييد إحدى العمارات فى الحى السكنى بالعاصمة الإدارية الجديدة، يقف سائق لودر فى الأسفل، فى عمق العمارة، يتلقى المياه من العربة التى تعلوه بعدة أمتار، ويقوم بتوزيعها على الأرض الممهدة المستوية، بينما يستعد بعض عمال إحدى الشركات الخاصة للعودة إلى خيامهم.

{long_qoute_1}

يقول صبحى عبدالرحمن (28 سنة): «كلنا هنا بنشتغل بإخلاص، ويوميتنا حوالى 120 جنيه لكل واحد»، مضيفاً أنه يعمل فى إحدى الشركات الصغيرة، ولذلك يضطر للمبيت هو وزملاؤه فى الخيام. ينظر «صبحى» ذو العينين الخضراوين إلى الأفق الممتد أمامه، يقول إنه جاء من العريش تاركاً خلفه ابنة صغيرة لا يتجاوز عمرها أربع سنوات، والمسافة بين موقع عمله والعريش، مسافة كبيرة جداً، لكنه جاء مع زملائه للعمل فى هذا المشروع، هرباً من شبح البطالة، والظروف الصعبة التى تشهدها المدينة حالياً بسبب العمليات الإرهابية: «بنتى بتوحشنى جداً، بقعد بالشهر من غير ما أشوفها، وفى الطريق للعريش كلنا بنتبهدل ونتفتش كتير».

يقول محمد خيرى، سائق حفار، وهو يُعِد الشاى لبقية العمال: «هنا مفيش شبكات محمول، بنفضل نحاول طول اليوم لحد ما نلقط شبكة، واللى بيشتغلوا على لوادر وحفارات لازم يباتوا فى الموقع جنبها ويحرسوها»، مضيفاً أن تأجير تلك الآلات يتكلف حوالى 300 جنيه فى الساعة، أما السائق فيحصل على 150 جنيهاً يومية كحد أقصى. ومثل «صبحى» جاء «خيرى» هو الآخر من العريش، وكذلك محمد عثمان سائق خلاط، الذى وقف فى الصحراء ليرش الخلاط بخرطوم المياه، يقول: «أنا عندى 46 سنة، بستحمل الشغل فى عز البرد وفى عز الحر، أكل العيش»، يقول عثمان إنه يقوم أيضاً بسكب مادة كاوية قوية، لتنظيف الخلاط من الداخل حتى لا يتراكم فيه الأسمنت، وينتهى يوم عمله فى تمام الساعة السابعة مساءً.

يبدأ العمال فى المواقع المختلفة فى تحضير كشافات الإضاءة، وذلك استعداداً لمغيب الشمس، وبداية وردية عمل جديدة فى المساء، يجلس أحد العمال فوق حفار كبير، يثنى ظهره من شده الإجهاد، بينما يتحرك قرص الشمس، حتى تهبط ويحيطها ذراع الحفار المثنى من كل الجوانب، الشمس التى تشارك العامل رحلته منذ بداية اليوم حتى المغيب.


مواضيع متعلقة