حديقة الفسطاط: 20 فداناً لتفريغ طاقات «المتظاهرين»

حديقة الفسطاط: 20 فداناً لتفريغ طاقات «المتظاهرين»
- أشعة الشمس
- الأسلاك الشائكة
- البوابة الرئيسية
- الثالثة عصرا
- الخدمة المدنية
- الشمس الحارقة
- المساحات الخضراء
- المنطقة الجنوبية
- تجميل القاهرة
- تصريح التظاهر
- أشعة الشمس
- الأسلاك الشائكة
- البوابة الرئيسية
- الثالثة عصرا
- الخدمة المدنية
- الشمس الحارقة
- المساحات الخضراء
- المنطقة الجنوبية
- تجميل القاهرة
- تصريح التظاهر
- أشعة الشمس
- الأسلاك الشائكة
- البوابة الرئيسية
- الثالثة عصرا
- الخدمة المدنية
- الشمس الحارقة
- المساحات الخضراء
- المنطقة الجنوبية
- تجميل القاهرة
- تصريح التظاهر
- أشعة الشمس
- الأسلاك الشائكة
- البوابة الرئيسية
- الثالثة عصرا
- الخدمة المدنية
- الشمس الحارقة
- المساحات الخضراء
- المنطقة الجنوبية
- تجميل القاهرة
- تصريح التظاهر
مساحة خضراء، لا يبرز فيها على اتساعها سوى النجيلة التى تحتوى أقدام الصغار لعباً، والكبار جلوساً وترفيهاً، تحتل موقعاً مميزاً وسط العاصمة لتحتوى ملوثاتها، قبل أن يضاف إليها وظيفة أخرى، فمع الملوثات كتب لها أن تحوى طاقات الغضب المكبوتة، وصرخات المعترضين، راغبى التظاهر، فالحديقة التى حملت اسم العاصمة القديمة لمصر أصبحت متنفساً للتظاهر، بشروط حددها القانون، وآليات تنظم ولا تمنع حرية التعبير.
{long_qoute_1}
250 فداناً كاملة، أنشئت عليها حديقة الفسطاط عام 1996، هى متنفس قديم وطبيعى لأهالى القاهرة، وتحديداً مربع مصر القديمة، طالها الإهمال سنوات، قبل أن يتم الانتباه لها وتحديثها وتجديدها، لتشكل مع ما يجاورها من أندية حزاماً أخضر يحمى العاصمة من الملوثات المحيطة بها، ليأتى القرار بتخصيص كامل المساحة المزروعة من الحديقة، بما يقرب من 20 فداناً مساحة للتظاهر، تستقطب المعترضين من كل حدب وصوب، وفقاً للآليات التى حددها القانون، ولحاملى تصاريح التظاهر فقط، بحسب حافظ السعيد، رئيس الهيئة العامة لنظافة وتجميل القاهرة، المشرفة على الحديقة.
الأبواب المفتوحة على مصراعيها لاستقبال الزائرين تنغلق فى وجه المتظاهرين، عدا مدخلاً واحداً، خُصص لاستقبال راغبى التظاهر، هو المدخل الجنوبى، المطل على منطقة «عزبة خير الله» بمصر القديمة، «الوطن» كانت هناك، سارت حيث يسير المتظاهرون، واتبعت خطواتهم، فى المكان الذى يخلو من البشر بمجرد حجز الحديقة للتظاهر، تصدر التعليمات التلقائية والشفهية بمنع دخول الزائرين، والاقتصار على العدد المحدد للتظاهرة، ومن ثم تتوقف كل خدمات الحديقة عن العمل، بدءاً من شبابيك التذاكر وصولاً إلى الكافيتريات والمطاعم، لتتحول المساحة الخضراء إلى صحراء جرداء خالية من البشر.
{long_qoute_2}
فى أحد الأيام المخصصة للتظاهر، تعمدت «الوطن» الوجود. إنها الثالثة عصراً، هدوء وسكينة ما زالا يسيطران على الحديقة رغم أشعة الشمس الحارقة، على بعد أمتار من المدخل الخلفى لحديقة الفسطاط، يقف «مصطفى» جناينى الحديقة القابع فى مكانه منذ 13 عاماً، بملابسه الأنيقة، ممسكاً بيديه خرطوم مياه، وفوق رأسه كاب يحميه من حرارة الشمس، يروى زرع الحديقة أثناء سماعه الأغانى القديمة من خلال راديو هاتفه المحمول، يروى الرجل الخمسينى: «بقالى كتير بشتغل فى الحديقة، ومسئول عن الجناين اللى فيها من الناحية الجنوبية، لأن الحركة فيها قليلة ومفيهاش ناس كتير بتروحها، كله بيدخل من البوابة الرئيسية ويقعد فى الجناين اللى ناحيتها عشان أقرب».
قدماه تؤلمانه، خاصة اليسرى بسبب خشونة الركبة، لذلك خصصت إدارة الحديقة الجزء الجنوبى لـ«عم مصطفى» كى يرعاه، قبل أن تصدر المحافظة قراراً بتخصيص حديقة الفسطاط للتظاهر: «من 5 شهور تقريباً المنطقة الجنوبية تغيرت تماماً، الإدارة نظفتها وزودت المساحات الخضراء اللى مكنتش مزروعة فيها، والطرق اللى جوه الجنينة سفلتوها عشان المتظاهرين يعرفوا يقفوا فيها، لكن من يوم ما القرار ما طلع وأنا طالع عينى»، لم يعترض «مصطفى» على القرار ذاته، قدر ما شغله آلامه التى تزايدت بعد كل مظاهرة، ودوره فى تنظيف الحديقة عقب مغادرة المتظاهرين «من بعد ثورة 25 يناير وكل الناس بتتظاهر فى أى مكان وفى كل حتة، ومكناش بناخد غير العطلة ووقف الحال، فقرار تخصيص مكان ليهم أنا معاه، بس مكنتش أعرف أنه هييجى فوق دماغى ويبقى فى المكان اللى بشتغل فيه وبنضفه».
معاناة شديدة، يعيشها الرجل البسيط بعد كل مظاهرة تستقبلها الحديقة، مر عليه 3 مظاهرات، كانت أكبرهم عدداً، تلك التى خرجت ضد قانون الخدمة المدنية فى 12 سبتمبر الماضى: «كانت أول مظاهرة فى الحديقة، وعددهم كان بالآلاف من موظفى الحكومة، معرفش سبب رفضهم وليه طلعوا يتظاهروا، ولا أعرف حاجة عنهم، لكن بعدها كنت لوحدى أنا وواحد بس اللى نضفنا الجناين وزرعنا بعض الحدائق اللى اتهلكت بعد وقوفهم عليها، واتقصم ضهرى»، 15 يوماً، قضاها «مصطفى» فى تنظيف الحديقة من الجهة الجنوبية وإعادة زرعها بعد مظاهرة قانون الخدمة المدينة، لا يعلم كيف انقضت «كنت بشتغل نهار وليل، الحديقة بتفتح من 9 الصبح لحد 8 بالليل، وطول الوقت ده بشتغل فيها أنا ومحمد اللى معايا فى نفس الجهة الجنوبية يومياً، مكنش عندى بديل تانى غير إنى أتحمل الألم وأصلح الزرع اللى اتهلك، بصراحة المتظاهرين حافظوا على الجناين وأغلبهم مكنوش بيرموا فيها زبالة ولا أى مخلفات، لكن المشكلة كلها أنهم بمجرد ما يدوسوا برجلهم على الزرع بيبوظ، وهما كان عددهم كبير جداً عشان كده إحنا تعبنا فى إصلاح الزرع أكتر من نضافة المكان، وهو ده اللى أخد منى وقت كتير».
«هو اللى عايز يتظاهر بيجى هنا فعلاً؟».. سؤال اعتاد أن يتلقاه «مصطفى» من زوار الحديقة كثيراً، منذ صدور قرار تخصيصها مكاناً للتظاهر «من نحو 3 شهور أغلب الناس بدأت تعرف أن الحديقة بقت مكان للتظاهر، وكل اللى بييجى يزورها ويتفسح فيها مبقاش عنده غير السؤال على القرار فعلاً أنه صح ولا كلام وخلاص، وفى ناس بتيجى مخصوص ناحية الجنينة من الباب الخلفى اللى بشتغل عنده، عشان يشوفوا المكان المخصص للمتظاهرين بنفسهم ويتأكدوا من الخبر، ومفيش حد يشوفنى إلا لما يسألنى عن حقيقة القرار، والكل بقى مهتم».
لم يكن مصطفى وحده فى القطاع الجنوبى، كان يشاركه عدد لا بأس به من العمال، قبل أن يطردهم قرار تخصيص الحديقة للتظاهر، يروى مصطفى «كنا أكتر من 5 أشخاص، متقسمين ما بين عمال نظافة وجناينية، لكن بعد قرار دخول المتظاهرين من البوابة الخلفية، خلّى العمال تخاف من المشاكل والشغل الكتير، فى 2 طلبوا نقلهم لمكان تانى، و3 مكنوش معينين مشيوا عشان الشغل كتير عليهم، وفضلت أنا لوحدى مع محمد اللى بنساعد بعض، وعدت علينا مظاهرة لألتراس الأهلاوية والزملكاوية لكن مكنوش أكبر عدد ولا تعبت فيهم زى مظاهرة الخدمة المدنية».
لا يعلم «مصطفى» على وجه الدقة آلية الحصول على تصريح التظاهر، لكنه يعلم آلية الوجود فى الحديقة يوم التظاهرة «مش بناخد من حد تذاكر، وأساساً شباك التذاكر بيبقى مقفول، والموضوع بيبقى فى إيد الشرطة سواء فى تنظيم الدخول أو التأمين، لأن أمن الحديقة بيبقى إجازة، وإحنا فى يوم المظاهرة بنبقى إجازة، وبعدها بترجع النشاطات عادى»
على أسفلت وجناين الحديقة من الداخل، تتناثر الأوراق التى تحمل مطالبات مختلفة وعديدة، من مخلفات التظاهرات السابقة، المشهد أصبح متكرراً فى حياة «مصطفى»، يراه الرجل بعد انتهاء المظاهرات أثناء تنظيف المكان «الناس مطالبها كتير ومكبوتين، ومن أعجب اللافتات اللى شوفتها فى الأرض وأنا بنضف بعد مظاهرة الأهلاوية، كان ملهاش أى علاقة بالمظاهرة، لقيت مكتوب عليه محتاج كراكون يا حكومة.. لا هطلب أوضة ولا شقة»، يضيف: «الناس تعبانة جداً، ومحتاجين اللى يسمعهم، عشان كده أنا مبسوط أن الحكومة بدأت تحس بهم وتخصيص مكان ليهم يعبروا بيه عن رأيهم ده أكبر احترام لمطالبهم، بس الأهم من كل ده يتحركوا ويعملوا حاجة، لأن فى ناس غلابة فعلاً محتاجين اللى يسمعهم».
حالة من الاستياء الشديد، سيطرت على إسلام عبدالعزيز، عامل بملاهى الحديقة، بعد تنفيذ قرار تخصيص حديقة الفسطاط للتظاهر، بسبب «وقف الحال»، بحسب وصفه، فى يوم المظاهرة، بقرار من إدارة الحديقة يجبره بعدم الدخول طوال اليوم، فيقول: «يومى بيضرب بسبب المظاهرات اللى بقت تتعمل فى الحديقة عندنا، من قبلها بيوم الإدارة بتعرفنا إننا بكرة منجيش واللى شغال فى الفسطاط وبييجى مبيدخلش من الباب، لأن المكان بيكون محاصر بالأسلاك الشائكة والعساكر وعربيات الداخلية، عشان تأمّن المتظاهرين اللى جوه، وحالنا إحنا يوقف».
حياة بسيطة وظروف صعبة يعيشها الشاب العشرينى، تجبره على عدم التهاون فى يوم إجازة من عمله، لكونه مسئولاً عن 3 شقيقات فى مراحل تعليم مختلفة، وأم مريضة بعد وفاة رب الأسرة: «أبويا مات من 5 سنين، ومن يومها وأنا بجرى على إخواتى وعلاج أمى من اللى بيطلع لىّ من الملاهى، من يومها وأنا شغال فى الحديقة من غير عقود، لكن بتحاسب باليومية، ووقف الحال فى يوم يساوى إننا ما نلاقيش اللقمة، لأن أمى على قد حالها، وعندها المرض الوحش، وإخواتى بيتعلموا، وعلى وش جواز».
أحد مداخل حديقة الفسطاط
- أشعة الشمس
- الأسلاك الشائكة
- البوابة الرئيسية
- الثالثة عصرا
- الخدمة المدنية
- الشمس الحارقة
- المساحات الخضراء
- المنطقة الجنوبية
- تجميل القاهرة
- تصريح التظاهر
- أشعة الشمس
- الأسلاك الشائكة
- البوابة الرئيسية
- الثالثة عصرا
- الخدمة المدنية
- الشمس الحارقة
- المساحات الخضراء
- المنطقة الجنوبية
- تجميل القاهرة
- تصريح التظاهر
- أشعة الشمس
- الأسلاك الشائكة
- البوابة الرئيسية
- الثالثة عصرا
- الخدمة المدنية
- الشمس الحارقة
- المساحات الخضراء
- المنطقة الجنوبية
- تجميل القاهرة
- تصريح التظاهر
- أشعة الشمس
- الأسلاك الشائكة
- البوابة الرئيسية
- الثالثة عصرا
- الخدمة المدنية
- الشمس الحارقة
- المساحات الخضراء
- المنطقة الجنوبية
- تجميل القاهرة
- تصريح التظاهر