عامل مزلقان البدرشين: سكة الصعيد تعانى.. والانفلات الأمنى وراء الكوارث
عامل مزلقان البدرشين: سكة الصعيد تعانى.. والانفلات الأمنى وراء الكوارث
بجوار مزلقان «الحلايسة» الذى يبعد عن منطقة حادث قطار البدرشين أمتارا قليلة، جلس عامل المزلقان «على قرنى محمد»، 56 عاما، وحيدا، يمد يده إلى موقد ملىء بالخشب، ليتغلب على برودة الجو خلال ساعات الليل المتأخرة، متابعا صافرات إنذار سيارات الإسعاف، التى لم تتوقف طوال الليل، وسيارات الشرطة والنيابة العامة، التى تجوب المكان بشىء من عدم الاهتمام. لا يعرف «على» شيئا عن الحادث ولا ملابساته، يعتبره قدرا مكتوبا ليس للإنسان دخل به، اعتاد مشاهدة قطار البضاعة منذ عمله بالمزلقان؛ لأنها منطقة تخزين لقطارات البضائع التى تسلك طريقها عقب سير قطارات الركاب السريعة.
يجلس أمام كابينة صغيرة لا تتسع للملابس والغطاء والطعام، بها تليفون يصله بالمحطات المجاورة، وأمامه أعمدة الإشارة والإنذار التى تدق قبل قدوم القطار بنحو 10 دقائق على الأقل حسب قوله. يشكو الرجل مر الشكوى من الثورة وما ترتب عليها من بلطجة: «الثورة خربت بيوتنا وما خدناش منها غير السفالة، سواق ميكروباص من يومين نزل وشال السلاسل الحديد وعدى المزلقان وربنا ستر كان بينه وبين القطر كام متر ربنا سترها معايا؛ لأنى كنت هتحاكم فيها». يشير «على» فى مرارة إلى ضعف إمكانات هيئة السكة الحديد وتآكل بنيتها الأساسية وعدم القدرة على منع الحوادث من التكرار. لم يترك الرجل المزلقان منذ تعيينه بالسكة الحديد عام 1989، وتبدأ دوريته فى تمام السابعة مساء إلى الثامنة صباح اليوم التالى، ويحصل على راحة 24 ساعة، يسكن بمركز ناصر بمحافظة بنى سويف، ويستغرق ذهابه وإيابه إلى المزلقان 3 ساعات فى كل مرة؛ حيث يستقل القطار فى العادة، لتوفير نفقات المواصلات؛ فمرتبه 1400 جنيه. هو يحمد ربه كثيرا على هذه النعمة؛ لأنه ليس فلاحا أو «صنايعى» والمرتب هو مصدر رزقه الوحيد. وفيما تجرى أعمال تطوير المزلقان إلكترونيا فى الوقت الحالى، يقول «على»: إن سكة حديد قبلى تعانى ضغطا غير مسبوق من الرحلات اليومية التى لا تتوقف: «ما بلحقش آكل ولا أدخل الحمام، ما أقدرش أسيب المزلقان، ولما الحادثة حصلت برضو ما سيبتوش» لكن عرفت فيما بعد أن جنودا كثيرين ماتوا بعد الاصطدام.
لا يخشى الرجل البلطجية وقطاع الطرق؛ لأنه لا يملك ما يخسره، لكنه يتمنى نقله إلى مزلقان قريب، من محل إقامته فى بنى سويف، ويعلم أنه لن ينقل لأن النقل «محتاج واسطة»، فاكتفى بمسامرة أهل المنطقة، الذين ألفهم وألفوه «بقينا عشرة عمر».