«نجاة».. «ألزهايمر» نسّاها كل حاجة إلا «قسوة عيالها»

كتب: فاطمة مرزوق

«نجاة».. «ألزهايمر» نسّاها كل حاجة إلا «قسوة عيالها»

«نجاة».. «ألزهايمر» نسّاها كل حاجة إلا «قسوة عيالها»

جسد أرهقه التعب، ورأس يكاد ينفجر من التفكير، تجلس على الرصيف صامتة تتلفت كالطفل، الذى يبحث عن ضالته، تضع على رأسها «إيشارب» أسود، ويقدم لها المارة الطعام والشراب ويجلب لها فاعلو الخير الدواء عندما تشتد علتها.

{long_qoute_1}

أسئلة عديدة لم تجب عنها «نجاة» البالغة 98 عاماً، سوى بجملة واحدة، وتقول بصوت خافت يملؤه الشجن: «عيالى رمونى ومش بيسألوا عنى»، ثم تعقب تلك الجملة بنوبة بكاء شديدة لا تتوقف سوى بعد وقت طويل، «أبوحسام»، أحد الباعة الجائلين بميدان شبرا الخيمة، يقول: «اسمها نجاة عبدالحميد، وعندها 98 سنة، لديها ولدان وبنتان رموها على الرصيف من 10 سنين لحد ما جالها ألزهايمر واللى ربنا بيقدرنا عليه بنساعدها بيه»، ويؤكد الرجل الستينى أنها فقدت بطاقتها الشخصية منذ سنوات، وحاول أن يستخرج غيرها، لكنه فشل.

محاولاته مساعدة «نجاة» باءت كلها بالفشل فلا حكومة تتفهم ولا ضابط يساعد، كما يؤكد «أبوحسام» مضيفاً «رحت القسم وحكيت لهم على حكايتها فوجئت بأمين الشرطة عايزنى أجيبهاله مش عارف ليه، خفت عليها وقلت أسيبها على حالها يمكن ولادها قلبهم يحن وييجوا يسألوا عنها». هنا قطعت «نجاة» الحديث قائلة: «مليش حد خالص، أهلى كلهم ماتوا، ومش فاضل غير عيالى بس»، ثم عاودت البكاء مرة أخرى، يؤكد «أبوحسام»: «كل ما نجيب سيرة عيالها بتنهار وتتعب يومين تلاتة.. الله يلعن العيل اللى يتخلى عن أهله».

على ذات الرصيف تجلس منى عبدالجواد على نصبة شاى، تحرص على الاطمئنان على «نجاة» بين الحين والآخر، وتقول: «ابنها جاء الميدان من سنة، وقال لها هروح أدور على شقة، وهاجى أخدك تقعدى معايا ومن ساعتها مشوفناش وشه تانى»، تؤكد المرأة الأربعينية أن كل الباعة فى الميدان يخشون من موتها المفاجئ، وتضيف: «لو ماتت هندفنها إزاى، وحاولنا نعمل احتياطاتنا على قد ما قدرنا، أنا كلمت واحد بتاع تُرب قال لو ماتت هدفنها عندى، بس مش هنعرف نطلع ليها شهادة وفاة».


مواضيع متعلقة