أسعد هيكل الحقوقى المستقيل من «تقصى حقائق الثورة» لـ«الوطن»: اللجنة فقدت الحيادية والاستقلال لأنها ضمت عناصر حكومية وإخوانية

أسعد هيكل الحقوقى المستقيل من «تقصى حقائق الثورة» لـ«الوطن»: اللجنة فقدت الحيادية والاستقلال لأنها ضمت عناصر حكومية وإخوانية
رفض أسعد هيكل، مقرر لجنة الحريات بنقابة المحامين الاستمرار فى لجنة شكلها الرئيس محمد مرسى لتقصى الحقائق فى أحداث قتل المتظاهرين خلال ثورة 25 يناير، واعتبر أن اللجنة غير محايدة ولم تتمتع بالاستقلالية؛ لأنها تضم فى تشكيلها أعضاء ينتمون لجماعة الإخوان وعناصر ممثلة لمؤسسات حكومية.
قال هيكل فى حواره لـ«الوطن» إنه كان هناك فريق عمل يبحث واقعة اقتحام السجون، وثبت يقيناً أن عناصر حماس متورطة فى الأحداث، وإذا كانت تلك اللجنة جدية وأعمالها مؤثرة وصادقة ستكشف عن أسماء من تسبب فى ذلك ومن يقف وراءها، وأضاف: لا أعتقد أن اللجنة ستحقق فى وقائع ضد الإخوان خاصة مع وجود نائب عام معين بقرار رئيس الجمهورية.
وأوضح أن قناة مبارك المشفرة قصة «قديمة» وتم الإشارة إلى علمه بقتل المتظاهرين فى الحكم عليه بالمؤبد، كما حمل اللجنة مسئوليتها فى قضية موقعة الجمل، مؤكداً أنه كان يجب عليها تقدم أدلتها للمحكمة أو تطلب وقف الدعوى، لأنه بعد صدور الحكم لا يصح قانوناً إعادة المحاكمة.
وقال الرئيس مرسى مسئول عن تقصير الأجهزة الحكومية مع اللجنة، وأن بعض المسئولين تعمدوا إخفاء جرائم وأدلة[Image_2]
* فى البداية.. لماذا استقلت من لجنة تقصى الحقائق؟
- انضممت إلى لجنة تقصى الحقائق فى مجموعة عمل ملف المفقودين، وانتظمت فيها 4 أشهر تقريباً، وللأسف شعرت بأنها لن تتماشى مع قناعاتى الشخصية، وتوجهت للمستشار عمر مروان، رئيس اللجنة، وتحدثت معه عن الطلبات الخاصة بى لتسهيل مهمة العمل فى اللجنة، وتحدثت أيضاً مع الزملاء الحقوقيين فى اللجنة، وهم قليلون فى تشكيلها، لكن لم يستجب لتلك الطلبات، فقررت الاستقالة.
* ما السلبيات التى تراها فى تشكيل اللجنة وطريقة عملها منذ البداية؟
- لجان تقصى الحقائق معروفة بأنها نوعان، إما أن تكون لجاناً ثورية، أى مشكلة من ثوار، وتأخذ إجراءات استثنائية فى عملها، وتحيل أعمالها لمحاكم ثورية، والنوع الثانى هو اللجان الحقوقية الصرف، المكونة من الحقوقيين الذين يعملون بتجرد، وتتقصى الحقيقة المجردة، واللجنة التى قدمت تقريرها، لا نستطيع وصفها بأنه لجنة ثورية أو حقوقية، فهى ليست ثورية؛ لأنها لم تأخذ إجراءات استثنائية، وليست حقوقية، لأن بمكونات تشكيلها عناصر حكومية.
* إذن كيف تصف تشكيل تلك اللجنة؟
- هى لجنة «شبه حكومية».. وأيضاً ثمة شخصيات باللجنة لا توصف بالاستقلالية، فمثلاً وجود ممثل عن وزارة الداخلية فى تقصى الحقائق حول جرائم قتل المتظاهرين، وهو ما يصفها بالطابع الحكومى، لا سيما أن وزير الداخلية الحالى اللواء أحمد جمال الدين، الذى كان وقتها مديراً للأمن العام، وتمسه بعض أعمال اللجنة، لمسئوليته عن حفظ الأمن فى البلاد، فى أحداث محمد محمود الأولى فى فبراير 2011، وأيضاً وكيل المخابرات العامة، بالإضافة إلى إسناد أمانة اللجنة للمستشار عمر مروان، مساعد وزير العدل السابق محمود مرعى، وهو محسوب على النظام السابق، وأيضاً تشكيلها الأولى كان يضم الدكتور محمود كبيش، عميد كلية الحقوق، والذى كان محامياً للدكتور فتحى سرور فى قضية موقعة الجمل، التى كانت لا تزال متداولة وقتها.
* هل ضمت اللجنة شخصيات اتصفت بانتمائها لتيار الإسلام السياسى؟ وكيف جرى تدارك أخطاء اختيار الأعضاء؟
- جرى تعديل القرار حول اختيار الأعضاء، واستبعد الدكتور محمود كبيش، لكن العناصر الحكومية ظلت فى اللجنة، واستمر فيها محمد الماطى، وخالد بدوى، وهما معروفان بانتمائهما للإخوان المسلمين، ومحسوبان على تيارهم، ومع الاحترام لهؤلاء الأشخاص، إلا إنه كان من الواجب أن يجرى توفير بعض العناصر فى اللجنة، بتشكيلها من أشخاص مستقلين ومحايدين، حتى تصل للحقيقة بتجرد كامل.[Quote_1]
* هل شمل قرار تشكيل اللجنة العمل على إعادة المحاكمات التى انتهت منها المحاكم؟
- بالنظر لقرار تشكيل اللجنة، فكانت لجمع الأدلة المتعلقة بقتل المتظاهرين فى القضايا التى لم يجرِ التحقيق فيها، وهو عكس ما يشاع عن إعادة المحاكمات فى قتل المتظاهرين، لأن تعبير إعادة المحاكمات تعبير غير دقيق، حتى لو كانت هناك أدلة جديدة؛ لأنه لا يجوز محاكمة الشخص عن جريمة واحدة مرتين، وهو ما حدث مع الرئيس السابق حسنى مبارك، فى قضايا قتل المتظاهرين، وحوكم بتحريضه على قتل المتظاهرين، والشروع فى قتلهم وإصابتهم، والمحكمة رأت أنه لم يقم بفعل إيجابى.
* هل التصريحات التى صدرت من أعضاء اللجنة حول وجود قناة مشفرة تابع «مبارك» من خلالها الأحداث يعتبر دليلاً جديداً ضده؟
- موضوع القناة المشفرة ليس جديداً؛ لأن الحكم الصادر ضده انتهى إلى علمه بقتل المتظاهرين، حيث قال إنه كان يعلم، ولم يوفر لهم الحماية اللازمة من العناصر التى قتلهم، ونحن ننتظر أن تفصح اللجنة عن هذه العناصر الإجرامية، التى قتلت المتظاهرين خلال أحداث الثورة، والتى مثلت لغزاً كبيراً حتى الآن، ففى شهادة اللواء عمر سليمان، قال إنها عناصر من حماس، وفى شهادة «العيسوى» و«وجدى» و«طنطاوى» قالوا إنهم عناصر إجرامية لم يستدل عليها.
ومن خلال تصريحات أعضاء اللجنة، قالوا إن الجهات الحكومية لم تتعاون معهم، وهو تكرار لنفس ما سبق وعانت منه النيابة العامة، ومأخذى على اللجنة كان أن تشكيلها ضم بعض مستشارين لهيئة النيابة الإدارية، ومجلس الدولة، وهى جهات عملها إدارى، وليست كالنيابة التى تعتمد على العمل الفنى، وهو ليس تقليلاً من شأنهم، لكن كان يجب أن تكون أعضاؤها أكثر تخصصاً، وكان يجب أن تكون أعلى من الحكومة، وأن تكون لجنة فوقية، يتمتع رئيسها بسلطات رئيس الجمهورية، أو على الأقل رئيس الوزراء.
وكنت أتخيل أن اللجنة لها السلطات القانونية المعتادة، فتضم ممثلاً للنيابة العامة، والقضاء، وهم بحكم القانون يمتلكون سلطات الضبط والتفتيش والحبس الاحتياطى، وكان يجب عليها عند الوصول إلى جريمة، أن تحرك الدعوى الجنائية، دون الرجوع للنيابة العامة، لا سيما أن الدليل الجنائى من الممكن أن يجرى إخفاؤه، خلال الأشهر الستة التى انتهت فيها اللجنة من عملها.
* وما الطرق القانونية لإعادة المحاكمات؟
- الطريق الوحيد، هو الطعن على الأحكام أمام محكمة النقض، أو إصدار قانون استئنائى، وهو ما سيخالف الدستور، وإذا أظهرت اللجنة جرائم جديدة بأدلة جديدة، حتى لو ضد نفس المتهمين، فيمكن أن يحاكموا عنها بشكل مستقل.
* وقت تشكيل اللجنة.. ما الذى كان يتوقع منها أن تفعل أكثر مما فعلته النيابة فى قضايا قتل المتظاهرين؟[Quote_2]
- اللجنة كان معولاً عليها أن تعمل بشكل استثنائى، حيث تلعب دور النيابة فى جمع الدليل، إلا أن النيابة عندما تجد دليلاً تضبطه وتقبض على المتهم، وهو ما لم يتوافر فى أعضاء اللجنة، وكان يجب استدراك ذلك فى قرار تشكيلها، وأيضاً وجود العناصر من الحكومة داخل اللجنة أعاق عملها؛ لأنه يحسب فى النهاية عليها وعلى مصداقيتها، ولو توصلت اللجنة لمتهمين وأدلة خلال 6 أشهر، فسيعمل المتهم على إخفاء هذا الدليل، لكن الجانب الإيجابى هو وجود بعض الحقوقيين القليلين داخل اللجنة، الذين بذلوا جهداً مشكوراً، بنية حسنة.
* ماذا تتوقع من التقرير النهائى الذى سلمته اللجنة للرئيس «مرسى» وأحاله للنيابة العامة؟
- بغض النظر عن كل تلك السلبيات، نحن ننتظر النتيجة النهائية منها، واعتبر أن الاختبار الحقيقى الأول للنائب العام الجديد، هو ما ستسفر عنه تلك الأعمال، وسيظهر ماذا سيقدم أكثر مما قدمه المستشار عبدالمجيد محمود فى تلك القضايا.
* هل كانت هناك خلافات داخل اللجنة تؤثر على عملها؟
- تكوين اللجنة نفسه، فهى شملت حكوميين وحقوقيين، وبالتالى حدث بعض التناقض فى العمل، وهو أمر غير مطلوب فى فريق العمل ويؤثر على نتائجها.
* هل تتوقع إعادة محاكمة المتهمين فى موقعة الجمل، خاصة مع وجود تسريبات عن أدلة جديدة ومفاجآت شملها التقرير؟
- كل من جرت محاكمتهم فى قضية موقعة الجمل، حتى لو ظهر دليل جديد ضده، فلن تعاد محاكمته عن ذات الواقعة، فى ظل القانون الحالى، لا سيما أن المحاكمة لا تزال منظورة أمام محكمة النقض، إلا فى حالة ظهور وقائع وجرائم جديدة بأدلة منفصلة، وأنا أحمّل لجنة تقصى الحقائق مسئولية كبيرة فى تلك القضية، فكان يجب أن تقدم ما تحت يدها من أدلة إلى النيابة والمحكمة أثناء نظر القضية، حتى لو طلبت وقف الدعوى الجنائية واستكمال الأدلة التى وصلت إليها.
* ما الطرق البديلة أمام اللجنة لكشف الجرائم الجديدة فى وقت التوصل لها حتى لا تضيع الأدلة؟
- كان يمكن لها أن تلجأ لطريق الإبلاغ فى إطار القانون، وأنا قدمت مذكرة لحزب الحرية والعدالة؛ لأن اللجنة مشكلة بقرار الرئيس المنتمى لجماعة الإخوان، وطلبت فى المذكرة تعديل طريقة عمل اللجنة واختصاصاتها، إلا أننى لم أتلق أى رد أو مناقشة حول هذا الطلب.
* هل تقرير اللجنة المقدم له صفة الإلزام، أم أنه يحمل مجرد توصيات تتصرف بناء عليها النيابة العامة؟
- النيابة العامة مقيدة بإجراءات جنائية، فهى ستعتبر ما تضمنه التقرير بمثابة البلاغ، وتبدأ هى التحقيق فيه، وهو ما سيستغرق وقتاً طويلاً، وكلمة «متهمين» التى يتضمنها التقرير خطأ، لأن المتهم هو من توجه له النيابة الاتهام، والأحرى أنه شكوى تبحث النيابة وجود دليل حولها، وتوجه اتهامها بناءً عليها.
* التقرير المقدم به 17 ملفاً تشمل جميع أحداث وقضايا الثورة.. هل معنى هذا أن النيابة ستحقق فى كل تلك الوقائع مرة أخرى؟
- اللجنة قامت بهذا العمل فى 6 أشهر، والنيابة ستأخذ وقتاً لتحقيق تلك الوقائع الواردة فى التقرير، وعلى النيابة أن تسرع فى عملها حتى لا يتم إخفاء الأدلة بمرور الوقت، ومشروع تعديل عمل اللجنة لم ينظر له من الرئاسة أو الجماعة، وهو ما يدل على ضعف الشئون القانونية بمؤسسة الرئاسة.
* بالنسبة لواقعة اقتحام السجون وإحراق أقسام الشرطة، وما تردد حول ضلوع عناصر من حماس والإخوان بالوقوف وراءها.. ماذا تتوقع أن يصدر فى التقرير حول هذا الأمر؟
- كان هناك فريق عمل يبحث هذا الأمر، وثبت يقيناً أن عناصر حماس اقتحمت السجون وغيره، وإذا كانت تلك اللجنة جدية وأعمالها مؤثرة وصادقة أن تكشف عن أسماء من تسبب فى ذلك ومن يقف وراءها بحيادية، وإن لم يتم فتفقد اللجنة مصداقيتها على الفور، وأنا أؤكد أن اللجنة منذ البداية افتقدت الحيادية والاستقلالية، ولا أعتقد أنها ستحقق فى وقائع اتهم فيها الإخوان خاصة مع وجود نائب عام معين بقرار رئيس الجمهورية.
* هل تعتقد أن التقرير يكشف جديداً فى اتهام العادلى بقتل المتظاهرين؟
- بالطبع العادلى سيكون حريصاً على أن يبرئ ذمته، ويقول ما ذكره من قبل فى التحقيقات، وهو ما ذكره لأعضاء اللجنة الذين انتقلوا إليه فى محبسه.
* فى رأيك.. ما السبب فى عدم تعاون بعض الأجهزة الحكومية مع اللجنة فى عملها على جمع الادلة؟[Quote_3]
- هذا كان متوقعاً فى ظل عدم وجود سلطات للجنة على تلك الأجهزة، فكان يجب أن تأمر فتطاع، حتى لا يقوم أحد بإخفاء أى دليل أو معلومة تفيد فى التحقيقات، فحتى الآن مثلاً لم تقدم تسجيلات المتحف المصرى لأحداث ميدان التحرير، وأيضاً فى ملف المفقودين طلبنا تفويضاً للتحرك والبحث والتفتيش عن المفقودين، ولم يحدث ذلك، وقال أمين اللجنة إن الأعضاء قد يستغلون تلك التصاريح بشكل سيئ، وهو ما خلق حالة من عدم الثقة داخل اللجنة.
* من المسئول عن تقاعس تلك الأجهزة فى التعاون مع اللجنة؟
- التقارير السابقة كانت بدون وجود رأس للسلطة التنفيذية، وعندما تعاد نفس الكرّة، فيكون رئيس الجمهورية يتحمل المسئولية لأنه رئيس هذه السلطة، خاصة أن التقرير عرض عليه، وكان يجب على الرئيس أن يستكمل أوجه النقص فيه فيما يتعلق بتقاعس أجهزته، قبل تقديمه للنيابة بذات العيوب السابقة.
*هل ترى تقاعس تلك الأجهزة متعمّداً؟
- التقصير إدارى ومتعمد، لإخفاء جرائم ومعلومات وأدلة بعينها، ويجب محاسبة المسئولين عنه فى كل الأحوال.
* ما مدى إمكانية تنفيذ توصية توحيد المحاكم والهيئة القضائية التى تحقق فيما رصده التقرير من أدلة ووقائع؟
- هذا الأمر يحتاج لتعديل تشريعى فى قانون الإجراءات الجنائية ويجب أن يكون هناك تعاون بين وزارة العدل والنائب العام وينتدب قضاة متفرغين لبحث التقرير وتحقيقه، ويفرغ رؤساء دوائر جنايات لنظر تلك القضايا، بغض النظر عن الاختصاص المكانى لتلك الجرائم التى تتضمن جميع محافظات الجمهورية.
* هل تتوقع أن يشمل التقرير مفاجآت ترضى أسر الشهداء والمصابين فى الفترة المقبلة؟
- لا أتوقع ذلك، فأحداث الثورة كثيرة جداً، والتحقيق للوصول للجناة الحقيقيين كان يجب أن يستغرق وقتاً أكثر، وحتى لو تم التوصل للمتهمين الحقيقيين، فسيكون عددهم ضخماً وخاصة من القيادات الأمنية والعسكرية والأفراد، وهو ما سيسبب مشكلة كبيرة جداً فى ذلك التوقيت.