خبراء: برهامي تكفل بشرح نوايا الدستورالخبيثة تجاه الصحافة الحرة

خبراء: برهامي تكفل بشرح نوايا الدستورالخبيثة تجاه الصحافة الحرة
مع انتقال السلطة التشريعية من يد رئيس الجمهورية إلى قبضة مجلس الشورى، وإعطاء الضوء الأخضر له لبدء سن القوانين، كانت المادة رقم (49) من الدستور والخاصة بحرية الصحافة والإعلام، مثار جدل بين الخبراء في ذلك المجال، نظرًا لما فيها من جمل "مطاطية" لا توضح كيفية وضع القوانين الخاصة بها، ونصّها أن "حرية إصدار الصحف وتملكها بجميع أنواعها، مكفولة بمجرد الإخطار لكل شخص مصري أو اعتباري، وينظم القانون إنشاء محطات البث الإذاعي والتليفزيوني، ووسائط الإعلام الرقمي".
يقول الكاتب الصحفي جمال فهمي وكيل أول نقابة الصحفيين، والذي يرى أن الدستور الحالي هو "أسوأ وثيقة دستورية في تاريخ مصر": "إن عدوان الدستور على الحقوق والحريات سيشمل بالضرورة حرية الصحافة والإعلام، وفي ظل دستور ديكتاتوري طائفي لابد من إسقاطه، بالإضافة إلى مجلس تشريعي يهيمن عليه الإخوان وحلفاؤهم وتوابعهم علاوة على وضع سياسي غارق في البطلان، أصبحت حرية الصحافة والإعلام مهددة بالتقييد، ومن ثمَّ لن يحقق أي استقرار إنما سيظل يلقي بظلاله إلى مزيد من الاحتقان والأزمات".
وأشار وكيل نقابة الصحفيين لـ"الوطن"، إلى أن القانون المنتظر من المجلس التشريعي سيفرض المزيد من القيود على الإعلام، مشيرًا إلى أنه سيساهم أيضًا في توسيع ساحة المقاومة التي لا تزال موجودة، لافتًا إلى أن عدوان تيار الإسلام السياسي سيستمر لكنه لن يؤدي إلى نتيجة، مضيفًا "ما حققناه من مكاسب مستحيل التراجع عنها، وطموحنا أن تتواجد حريات عرفية بالدستور والقانون، لكنها لن تتحقق في ظل دستور "فاشي"، على حد قوله.[Quote_1]
ويتوقع فهمي نهاية سريعة للنظام الحالي، قائلًا: "عمر الإخوان الفاشية محدود"، مضيفًا "ياسر برهامي تولى شرح نواياهم الحقيقية التي لطالما حاولنا توضيحها للشعب لكنهم كشفوها بأنفسهم"، مشيرًا إلى أن القوانين الخاصة بحرية الصحافة والإعلام في عهد مبارك، كانت سيئة أيضًا لكنها لم تستطع التنفيذ رغم محاولات النظام السابق لذلك، كما شدد أن الجماعة الصحفية "لن تنام" أو تتوانى أمام أي تشريعات تكبل حريتها، مؤكدًا أن النقابة جزء من المقاومة، وأن محاولات المجلس التشريعي "المزوّر" لفرض قيود على الحريات خلال الفترة المقبلة ستفشل، حتى لو تمكنوا من وضعها فلن يستطيعوا تنفيذها، معللًا ذلك بأن المقاومة الصحفية لاقتناص حريتها لن تصمت، على حد تعبيره.
ومن جانبه، يرى الدكتور ياسر عبد العزيز الخبير الإعلامي، أن المواد الدستورية التي تختص بالصحافة والإعلام في الدستور تضع قيودًا على حريتهما، وتستهدف تعطيل الممارسة الإعلامية بشكل يخدم رؤية ووجهة نظر تيار الإسلام السياسي، مشيرًا إلى أنه بخلاف المادة (49)، فإن المادة (48) التي تنص على أن "حرية الصحافة والطباعة والنشر وسائر وسائل الإعلام، وتؤدي رسالتها بحرية واستقلال لخدمة المجتمع والتعبير عن اتجاهات الرأي العام والإسهام في تكوينه وتوجيهه في إطار المبادئ الأساسية للدولة والمجتمع"، هي في حقيقتها تنص على أن وسائل الإعلام تقوم بتوجيه الرأي العام في إطار ما يعتقده واضعو الدستور أنه المبادئ الأساسية للدولة.[Quote_2]
وأضاف عبد العزيز لـ"الوطن": "تلك المبادئ هي التي حرص التيار السلفي وحلفاؤه من الإخوان على توضيحها في المادة (219)، وتعيين الهيئة القائمة على تفسيرها في المادة (4) وتحصينها في المادة (81)، حيث تقود هذه المادة الصحفيين والإعلاميين إلى أجواء مظلمة وقمعية، يُجبَرون خلالها على خدمة تصورات جماعة الإسلام السياسي الأخلاقية والاجتماعية، وعلى قيادة الرأي العام إلى ذات الاتجاه"، كما أن المادة (215) التي تنص على إنشاء المجلس الوطني للإعلام؛ تشير إلى مسؤولية هذا المجلس عن "وضع الضوابط والمعايير الكفيلة بالتزام وسائل الإعلام المختلفة بأصول المهنة وأخلاقياتها، والحفاظ على اللغة العربية، ومراعاة قيم المجتمع وتقاليده البناءة"، وبذلك سيكون هذا المجلس مكبلاً أيضًا، لما تعتقده جماعة الإسلام السياسي أنه «قيم المجتمع وتقاليده البناءة»، وسيكون المجلس مجبرًا على السهر على الدفاع عن تلك "القيم والتقاليد".
فيما قال الكاتب الصحفي مصطفى بكري رئيس تحرير جريدة الأسبوع: "من الواضح بالفعل أن المواد المتعلقة بحرية الصحافة والإعلام، وخصوصًا المادة رقم (49) والتي يسهل التعامل معها بأكثر من طريقة، فإذا كانت هذه المادة تتحدث عن حرية الصحف بمجرد الإخطار؛ فإن هناك من القيود المذكورة في مقتضيات الأمن القومي وما غيرها، من السهل توظيفها ضد هذه الإصدارات، كما أن القانون المزمع إصداره بشأن إنشاء محطات البث الإذاعي والتليفزيوني لن يجد طريقه على أرض الواقع، إلا بمجموعة من القيود والمعوقات التي من شأنها وضع هذه الإصدارات تحت سلطة الدولة وشروطها".
وأضاف بكري لـ"الوطن": "إذا كنا نأخذ بمنطق أن النتائج مرتبطة بالمقدمات، فإن ما حدث مؤخرًا من قِبل النظام وجماعته بشأن عدد من وسائل الإعلام المختلفة، يؤكد أن الفترة القادمة هي فترة وضع القيود على الصحف، ومَن سيخرج عن هذه الشروط دون الانصياع لأوامر النظام، فلن يكون له مكان على خريطة الإعلام، وسيكون شعار النظام "مَن ليس معنا فهو ضدنا"، وعلى وسائل الإعلام المختلفة مواجهة تلك القيود والسعي لإسقاطها، وعدم السماح لإلحاق الإعلام الخاص بالإعلام الرسمي الشمولي، الذي لا يؤمن إلا برأي الجماعة والإخوان".[Quote_3]
أما الإعلامي جمال الشاعر، فيرى أن مجلس الشورى يجب أن يناقش القوانين المتعلقة بالصحافة والإعلام قبل إصدارها، مشيرًا إلى أن الجميع يتفق حول عدة أمور منها "إلغاء وزارة الإعلام، وحرية إصدار الصحف، ووجود مجلس أعلى للإعلام، وألا تغلق قناة"، لافتًا إلى أن الخطأ في الصياغة الدستورية بالمواد المتعلقة بحرية الإعلام والصحافة، يفتح بابًا لسن قوانين مخيبة لآمال أصحاب ذلك المجال، مضيفًا أن "الدستور الجديد لم يلغِ موضوع إغلاق القنوات أو منع حبس الصحفيين أو جرائم النشر، مما أعطى للقضاء حق المصادرة على الحريات؛ حيث أنه في أي بلد متحضرة لا يوجد مثل هذه الأشياء، وكان لابد من تنظيم مجلس أعلى للإعلام يتولى أموره".
وأضاف الشاعر لـ"الوطن": "الجميع منزعج حاليًا بعد انهيار مؤسسات الدولة، فالحكم والتشريع والقضاء أصبحوا في قبضة تيار الإسلام السياسي، كما أن هناك محاولات لأخونة وسائل الإعلام وتوجيهها للتعبير عن آراء السلطة، لكن الإعلام ليس "لقمة سائغة" ولن يستطيع أحد السيطرة عليه، وعلى مجلس الشعب القادم مناقشة وتعديل المواد الخلافية في الدستور قبل إصدار تشريعات بشأنها، ومنها مواد حرية الصحافة والإعلام، وإلا سيصبح كما قال الأستاذ محمد حسنين هيكل "دستور بالإكراه".