حصيلة الآثار المُدمرة: 300 موقع سورى.. و«نمرود» الآشورية.. وبوابة صنعاء.. و4 آلاف معْلم أثرى باليمن.. وسرقة 6 آلاف قطعة أثرية فى ليبيا

كتب: مروة مدحت

حصيلة الآثار المُدمرة: 300 موقع سورى.. و«نمرود» الآشورية.. وبوابة صنعاء.. و4 آلاف معْلم أثرى باليمن.. وسرقة 6 آلاف قطعة أثرية فى ليبيا

حصيلة الآثار المُدمرة: 300 موقع سورى.. و«نمرود» الآشورية.. وبوابة صنعاء.. و4 آلاف معْلم أثرى باليمن.. وسرقة 6 آلاف قطعة أثرية فى ليبيا

أحجار لا تتألم ولا تتكلم لتحكى لنا ما تتعرض له من انتهاكات جراء الحروب الدائرة فى العديد من الدول العربية، لكن هذه الأحجار المُكونة للآثار هى تراث ثمين تركه أجدادنا لنتفاخر به أمام العالم، وليثبت أن الدول العربية هى أمة صاحبة تاريخ طويل، لكن مع نشوب الحروب فى الكثير من هذه الدول أصبح من الطبيعى أن نجد هذه الآثار تُدمر ويتم تفجيرها وتُسرق دون أن يلتفت إليها أحد، فحصيلة القتلى والجرحى اليومية المُقدرة بالآلاف تجعل الاهتمام الأكبر يتجه إلى العنصر البشرى، وفى وسط هذه الفوضى يكاد الوطن العربى يفقد آثاره وتاريخه، ونرصد هنا أهم الآثار التى دُمرت فى الدول العربية نتيجة الصراع بين الشعوب والحكومات، إضافة إلى التنظيمات الإرهابية التى تعمل على تدمير الآثار. {left_qoute_1}

فى سوريا، ومنذ اندلاع الثورة فى مارس 2011 والمواقع الأثرية السورية تتعرض لكل أنواع الاعتداء بين التدمير والنهب بنطاق واسع، وجاء فى تقرير أصدرته الأمم المتحدة نهاية عام 2014 عن حالة الآثار السورية، أن نحو 300 موقع أثرى سورى دُمرت، وفى مقدمتها الآثار الإسلامية فى كل المناطق السورية ومدينة «تدمر» الأثرية، التى تعد من أهم المواقع الأثرية العالمية، والآثار اليونانية والرومانية بمدينة «أفاميا».

تضم سوريا عدداً كبيراً من المواقع الأثرية لحضارات متعاقبة على مدى أكثر من 5 آلاف عام، وكانت الحكومة السورية شيدت 25 متحفاً ثقافياً، وأبلغت الحكومة السورية منظمة «اليونيسكو» أنها أخلت 24 متحفاً تضم عشرات الآلاف من القطع الأثرية ونقلت محتوياتها إلى مخازن خاصة فى أماكن آمنة.

وكانت أولى عمليات تدمير الآثار فى سوريا فى 2012، حيث أكد خبراء سوريون فى مجال الآثار أن مجموعة من لصوص الآثار اقتحموا متحف «حماة» ونهبوا الأسلحة القديمة الموجودة فيه وتمثالاً يعود إلى العصر الآرامى، بالإضافة إلى إصابة قلعة «شيزر» بأضرار، وسرقة تمثال رومانى من الرخام من متحف «أفاميا»، كما أفادوا بتعرض قلعة «المضيق» بريف حماة للقصف، بينما نُهبت مدينة «إيبلا» الأثرية الواقعة فى محافظة «إدلب». وذكرت تقارير أخرى أنه تم تدمير أحد المعابد الآشورية فى «تل الشيخ حمد» بمدينة «دير الزور»، أما قلعة «بن معان» فى ريف «تدمر» -التى تعود إلى العصر الروماني- فقد احتلها جنود النظام السورى، كما تعرض متحف «حمص» أيضاً للنهب من قِبل المتمردين.

وفى شهر أغسطس من العام نفسه، نشرت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية تقريراً لها نقلاً عن رئيسة صندوق الحفاظ على المواقع التراثية العالمية، بونى بيرنهام، رصداً للمواقع الأثرية النادرة الموجودة فى مدينة «حلب» التى تعرضت لـ«أضرار غير قابلة للعلاج»، على حد قوله، من بينها هيكل «آلهة العاصفة»، وطرقات المدينة التى تشبه المتاهة التى قال التقرير إنها تُجسد تاريخاً مصغراً للبشرية، إضافة إلى المدينة القديمة بأكملها بمسجدها الكبير الذى يعود للقرن الـ12 الميلادى، ونجحت فصائل المعارضة فى فبراير 2013 فى السيطرة على مدينة «تدمر» الأثرية من قبضة النظام، ما أدى إلى تبادل إطلاق النار والمدفعية بين الطرفين وأدى إلى تضرر معبد «بعل».

وفى 12 مارس 2014 دعت الأمم المتحدة كل أطراف النزاع السورى إلى وضع حد فورى لتدمير التراث، وأدانت استخدام المواقع المُدرجة على لائحة التراث العالمى لتحقيق أهداف عسكرية مثل قلعة «الحصن» ومدينة «تدمر» ومدينة «حلب» وقلعتها.

وتُعد مدينة «تدمر» من أكثر المواقع الأثرية التى تضررت جراء الحرب بين النظام السورى وعناصر تنظيم «داعش»؛ ففى مايو 2015 اندلعت اشتباكات بين «داعش» وقوات النظام السورى قرب المدينة وتم نشر فيديوهات ترصد الأضرار البالغة التى ألحقتها المعارك الطاحنة بآثار المدينة، ورد التنظيم بنشر صور لمسلحيه أثناء تفجيرهم لضريحين أثريين إسلاميين فى مدينة «تدمر»، كما دمر التنظيم معبد «بعل شمين» الشهير الذى يقع على مقربة من المدرج الرومانى بمدينة «تدمر»، بزرع كميات كبيرة من المتفجرات أدت إلى تناثر أجزائه، وفى أغسطس من العام نفسه دمر التنظيم «معبد بعل» الواقع فى مدينة «تدمر»، وبعدها قام بتدمير «أقواس النصر» الأثرية بالمدينة ليقضى بذلك على أبرز المدن الأثرية فى سوريا.

وفى العراق، لم تسلم المدن أيضاً من معاول وجرافات عناصر تنظيم «داعش»، ففى أبريل الماضى نشر التنظيم فيديو لعناصره أثناء تدميرهم بالجرافات والمعاول والمتفجرات مدينة «نمرود» الآشورية الأثرية فى شمال العراق التى يعود تاريخ بنائها إلى القرن الـ13 قبل الميلاد، إضافة إلى تدمير آثار متحف «الموصل» وتعرض تمثال صاحب ديوان «الحماسة» للتدمير فى يونيو 2014، بعد أيام فقط من سيطرة التنظيم على «الموصل».

وفى سبتمبر 2014 تعرض «مرقد الأربعين» فى مدينة «تكريت» العراقية للتفجير، وكان المرقد يضم رفات 40 جندياً من جيش الخليفة عمر بن الخطاب خلال الفتح الإسلامى لبلاد ما بين النهرين، وفجر التنظيم أيضاً مسجد «السلطان ويس» التاريخى وسط مدينة «الموصل»، كما نسف التنظيم أجزاء من قلعة «تلعفر» التاريخية.

وبات تراث اليمن الأثرى أيضاً فى مهب الحرب التى تشهدها البلاد منذ انقلاب الحوثيين المُسلح على السلطة فى سبتمبر 2014، وتعرضت بعض المواقع الأثرية إلى الدمار جراء تمركز الحوثيين بها وهو ما عرضها لضربات جوية من قِبل طائرات التحالف العربى المؤيد للرئيس اليمنى عبدربه منصور هادى، ويُعد من أبرز المواقع التى تم تدميرها منازل فى مدينة صنعاء القديمة، بالإضافة إلى البوابة الرئيسية للمدينة، التى تعد نموذجاً للعمارة الإسلامية القديمة المُدرجة ضمن التراث العالمى منذ عام 1986.

وأشارت تقارير يمنية إلى أن الأضرار جراء الحرب الدائرة أصابت نحو 4000 معلم أثرى، من أهم سد «مأرب» الذى يعود تاريخه إلى القرن الثامن قبل الميلاد فى مملكة سبأ، كما دمر متحف «ذمار» بشكل كلى. وبالإضافة إلى التدمير، تم سرقة متحف مدينة «عدن» بالكامل حيث بلغ ما تم تهريبه وسرقته وتدميره من الآثار نحو 4000 قطعة، بحسب إدارة المتاحف اليمنية.

وفى ليبيا، بعد قيام ثورة 17 فبراير 2011 ضد نظام الرئيس الليبى السابق معمر القذافى، سادت حالة من الفوضى، وكان لهذا تأثير على المواقع الأثرية أيضاً، وتُعد أكبر الكوارث التى تعرضت لها الآثار الليبية بعد الثورة فى مايو 2011 جريمة سرقة وديعة عُرفت باسم «كنز بنغازى» وكانت قد وضعتها مصلحة الآثار الليبية فى «بنغازى» بخزانة أحد المصارف الحكومية وتعرض المصرف لعملية سرقة، وهذا الكنز احتوى على قرابة 6 آلاف قطعة من رؤوس تماثيل وقطع نقدية من معادن مختلفة وحلى ومجوهرات. ووصل الأمر فى ليبيا إلى هدم مبانٍ تاريخية تُعد معالم مثل هدم فندق «برنيتشى قصر الجزيرة» فى بنغازى بحجة إعادة البناء، ولم تسلم المساجد والمقابر التاريخية من الاعتداء، حيث تم هدم مساجد تاريخية وتدمير مقابر وأضرحة تاريخية مثل تدمير مقابر «زويلة» التاريخية السبعة، التى تعد من معالم المدينة.

وفى الوقت الذى دمر فيه العرب آثارهم بأنفسهم فقد استهدف الاحتلال الإسرائيلى التراث العربى، وحتى الآن تعرضت الكثير من الآثار الفلسطينية للتدمير، ويُعد من أهم الآثار التى دمرت من قِبل إسرائيل هدم حى «المغاربة» بمدينة «القدس القديمة» الملاصق لحائط البراق، بالإضافة إلى تحويل المتحف الفلسطينى بالمدينة إلى مقر لدائرة الآثار الإسرائيلية ونهب ما بها من آثار، ومحاولات حرق «المسجد الأقصى» وحفر الأنفاق أسفل الجدار الجنوبى للمسجد الأقصى وتعريض جزء كبير منه لخطر التصدع والانهيار، كذلك إحراق الكتاب المقدس على جبل الزيتون وإحراق 4 مراكز مسيحية أثرية بـ«القدس»، كما تم سرقة تاج السيدة العذراء من كنيسة القيامة.

وشهدت مدن «بيت لحم» و«نابلس» و«الخليل» أيضاً تدمير العديد من المبانى التاريخية، وفى «بيت لحم» -مدينة «السيد المسيح»- التى تعد واحدة من أهم المواقع المسيحية فى العالم، دمرت الدبابات شوارعها والعديد من مبانيها التاريخية.

 


مواضيع متعلقة