بروفايل| الملك فاروق.. "العشاء الأخير"

كتب: محمد أبوضيف

بروفايل| الملك فاروق.. "العشاء الأخير"

بروفايل| الملك فاروق.. "العشاء الأخير"

بجسده الضخم، وخطوات مثقلة، خرج من قصره، مرتديًا حُلته العسكرية، وأخذ يتفقد حرس الشرف في إباء، رافعًا هامته، وولى وجهه نحو الشاطئ؛ ليصعد على سطح "المحروسة"، كانت تلك الخطوات هي الأخيرة للملك فاروق على أرض مصر، ينهي بها الحقبة الملكية، ويسدل الستار عن فترة كانت فيها أسرته هي الرأس العليا في البلاد، ويمضى اليخت الملكي، بعيدًا حتى يستقر به المقام عن سواحل إيطاليا.

تستقبله شواطئ إيطاليا في هدوء، لم يعهده، لا تطلق البحرية الإيطالية قذائفها احتفاء بزيارة ملك مصر، قبعت في صمت يليق بملك ترك عرشه، بعد أن هزت حركة الضباط الأحرار الأرض من تحت قدميه، يترجل الرجل الذي حكم مصر في سن الـ16 من عمره؛ ليعيش في العاصمة روما، ما تبقى من سنوات عمره الأخيرة، وحتى رحيله في مثل هذا اليوم من العام 1965، عن عمر ناهز 45 عامًا، بعد تناول "العشاء الأخير" في مطعم "أيل دوفرانس".

كان العشاء الأخير ثقيل، أكل الملك في تلك الليلة دستة من المحار وجراد البحر، وشريحتين من لحم العجل مع بطاطس "محمرة"، وكمية كبيرة من الكعك المحشو بالمربى والفواكه، شعر بضيق شديد، ووضع يده في حلقه وسقط مُحْمَر الوجه، ونُقل إلى المستشفى، وحينها أقر الأطباء أن الطعام هو من قتله.

كان الرحيل غامضًا، يليق بملك تناثرت عنه الكثير من الحكايات، أسرته رفضت تشريح الجثمان، مؤكدة أنه مات من التخمة، وأسرعت في تنفيذ وصيته؛ لينقل إلى مصر بعد توسط الملك السعودي لدى "عبدالناصر" كما أوصى بنفسه، ثم يواري جسده الثرى في مسجد الرفاعي بالقاهرة، ولكن ظل لغز الوفاة يُحير الكثيرين، وانتشرت الشائعات كالنار في الهشيم، البعض تحدث عن وفاة بسم دُس له في عصير الجوافة، من قبل أحد رجال المخابرات المصرية، يُدعي إبراهيم البغدادي، والذي نفى الرواية لاحقًا.

وعادت قضية اغتيال الملك لتثار من جديد، بعد حديث تليفزيوني للأميرة فريال ابنة فاروق، أكدت فيه الواقعة، واتهمت رجال ثورة يوليو بقتل والدها، قائلة: "السم الذي وضع لأبي في الطعام هو عقار خاص بالمخابرات الأمريكية، يوقف القلب تمامًا، حتى يبدو الأمر وكأنه أصيب بسكتة قلبية"؛ ليظل "العشاء الأخير" للملك فاروق في منفاه، لغزًا جديدًا يضيف غموضًا جديدًا لحياته المليئة بأحداث ظلت جزء من تاريخ مصر.


مواضيع متعلقة