بروفايل| شادي عبد السلام.. محيي التاريخ ومجدد التراث

كتب: سلوى الزغبي

بروفايل| شادي عبد السلام.. محيي التاريخ ومجدد التراث

بروفايل| شادي عبد السلام.. محيي التاريخ ومجدد التراث

إحياء "التاريخ" هدفه، والتميز طريقته السحرية لتخليد أعماله، ما بين رسامًا ومصورًا وكاتب سيناريو ومصمم ملابس وديكورات لعدد من أهم الأفلام السينمائية المصرية، خرج لنا شادي عبدالسلام، مخرجًا سينمائيًا عكست أعماله رؤيته الفريدة للثقافة المصرية القديمة وكذلك التراث الإسلامي والقبطي.

"شادي عبدالسلام"، المولود في 15 مارس 1930، أعاد تشكيل التراث بدءًا من الفراعنة وحتى العصور الإسلامية، فتخرج في كلية فيكتوريا بالإسكندرية عام 1948، المدينة التي عاش بها لأب ثري وأم من أعيان المنيا، وانتقل بعدها مع عائلته إلى القاهرة، ثم درس فنون المسرح في لندن والتحق بعدها بكلية الفنون الجميلة بالقاهرة ليحصل على "امتياز" عند تخرجه عام 1955، كما عمل مساعدا للإخراج في عدة أفلام، كان أغلبها لمخرجين أجانب، منها الفيلم البولندي "الفرعون"، الذي كان نقطة البداية الحقيقية في مشواره، وعمل أيضا مساعدا للمخرج في فيلم "وإسلاماه"، والفيلم الإيطالي "الحضارة"، والفيلم الأمريكي "كليوباترا".

"التاريخ الغائب أو المفقود، الناس الذين تراهم في الشوارع والبيوت والمزارع والمصانع، هؤلاء الناس لهم تاريخ وساهموا يومًا في تشكيل الحياة بل وفي صنعها.. أغنوا الإنسانية"، تلك قضية "شادي عبدالسلام"، حتى يستعيد مساهمتهم الإيجابية والقوية في الحياة عن طريق معرفتهم بمَن هم وماذا كانوا وماذا قدموا، فلابد أن نوصل بين إنسان اليوم وإنسان الأمس لنقدم إنسان الغد.

وضع فيلمه الروائي الطويل الوحيد "المومياء" السينما المصرية على خريطة السينما العالمية؛ وقدَّم "رائعته" المومياء عام 1975، ويتناول الفيلم قضية سرقة الآثار، ونال عدة جوائز منها جائزة "جورج سادول" في باريس في عام إنتاجه سنة 1970، وهي جائزة هامة لأن لجنة التحكيم بها متعددة من أشخاص لديهم رؤى وثقافات مختلفة اجتماعيا وسياسيا، ومُنحت لأول مرة لفيلم مصري، وفي سنة 2009 اختارته المؤسسة العالمية للسينما كواحد من أهم الأفلام في تاريخ السينما العالمية، ورممت النسخة الأصلية، وتم الاحتفاء به في مهرجان كان السينمائي في نفس العام، وتلاه إخراجه لأفلام "الأهرامات وما قبلها" 1984، و"رع مسيس الثاني" 1986.

فيلم "الكرسي" بسببه تعددت لقاءات "شادي عبدالسلام" ووزير الآثار الأسبق زاهي حواس، الذي روى أن المخرج السينمائي استطاع من خلال قطعة أثرية واحدة للفرعون الشاب "توت عنخ آمون، أن يقدم سيمفونية رائعة لفيلم أبدع في إخراجه وفي النص المكتوب والتصوير، يتذكر "حواس" أنه عندما سافر إلى أمريكا لدراسة الدكتوراه عام 1980 كان يوجد بالمكتب الثقافي الكثير من النسخ من رائعة شادي ـ "فيلم المومياء" ـ الذي كان الطلب على عرضه من الجامعات الأمريكية كبيرًا.

أما مكتبة الإسكندرية لم تنس فضله، فأسست له "عالم شادي عبدالسلام"، في عام 2002، وتم افتتاحه في 15 مارس 2005 بمناسبة اليوبيل الماسي له، حيث يحتوي المعرض القيِّم على عديد من لوحات و"اسكتشات" الفنان، وعدد من اللقطات السينمائية المأخوذة من الأفلام التي شارك فيها أو أخرجها، إضافة إلى بعض مقتنياته الشخصية؛ مثل قطع أثاث لمكتبه ومكتبته الخاصة، ملحق بالمعرض قاعة "آفاق"، وهي قاعة تعرض بها يوميا الأفلام التي أخرجها، وأغلبها أفلام تسجيلية وتعليمية، وبعض الأفلام التي شارك فيها كمصمم للملابس والديكور وأغلبها أفلام تاريخية، كما تعرض بعض الأحاديث التليفزيونية التي أجراها الفنان، وبعض الأفلام والبرامج التي تتناول حياته وأعماله، ومن الفراعنة للعصور الإسلامية، قدَّم أفلام "وا إسلاماه، عنتر بن شداد، شفيقة القبطية، رابعة العدوية، أميرة العرب، أمير الدهاء".

مجلد تذكاري عن المخرج الراحل شادي عبدالسلام يقع في جزأين، عملت عليه الهيئة المصرية العامة للكتاب منذ العام الماضي، واتفق الدكتور أحمد مجاهد مع الدكتور مجدي عبدالرحمن أستاذ بالمعهد العالي للسينما، على طباعة الكتاب، وقال دكتور مجدي إن الكتاب يضم في أقسامه لأول مرة سيناريو فيلم إخناتون "مأساة البيت الكبير"، وهو سيناريو لم ينشر من قبل، والفيلم لم يقدر له أن ينفذ ولن ينفذ بناء على رغبة شادي عبدالسلام، وسيكتفي به كمادة مطبوعة للدراسة، والقسم الثاني "شادي خارج الحدود"، ويحتوي على السيناريو الكامل لفيلم "الفرعون" الذي شارك فيه شادي المخرج كافليروفيتش، وكان هذا الفيلم مصدر إلهامه لفيلم إخناتون، ويضم الكتاب أيضا في أقسامه سيناريو الفلاح الفصيح، وجيوش الشمس، إضافة إلى عدة مقالات عن أعماله باللغات الإنجليزية والفرنسية.


مواضيع متعلقة