"البراءة تحاكَم بالخطأ".. المؤبد لطفل و3 سنوات لرضيع بسبب "تشابه الأسماء"

كتب: محمود عباس ومحمد شنح

"البراءة تحاكَم بالخطأ".. المؤبد لطفل و3 سنوات لرضيع بسبب "تشابه الأسماء"

"البراءة تحاكَم بالخطأ".. المؤبد لطفل و3 سنوات لرضيع بسبب "تشابه الأسماء"

عرفهم الجميع كائنات ضعيفة تخرج من بطون أمهاتها باكية، لتجد حنانا غامرا يقبع في أحضان آبائهم، يعيشون أحلى لحظاتهم حين تتفتح أعينهم كالورد اليانع في حدائق بيوتهم، فتبدو الدنيا كلها في أعينهم كملعب كبير يجوز كل شيء فيه، غير أن عالما آخر تطوق حباله رقاب "أحباب الله" المولودين في مصر، فحضن الأم يتحول إلى قفص حديدي، وعرباتهم الصغيرة تكاد تتحول لـ"كلبشات" تقيد أيديهم، وحكم القدر ببراءتهم يغيره حكم "القاضي" بسجن أو كفالة.

"السجن المؤبد لطفل عمره 4 سنوات"، تلك هي الهدية التي سيقت إلى الطفل منصور قرني أحمد علي، عبر حكم قضائي أصدرته محكمة غرب القاهرة العسكرية، بدلا من إعطائه "مصاصا" يجد فيها ملاذه أو لعبة تكشف النقاب عن ذكائه، وربما كان سبب اختيار ذلك النوع من الهدايا هو تشابه في الأسماء بينه وبين شخص يدعى "أحمد منصور قرني شرارة"، الذي خضع لتحقيقات لاتهامه بارتكاب أحداث شغب منذ عامين، لتثبت واقعة تشابه الأسماء بين المتهم وطفل الـ"4 سنوات" حقيقة واضحة يتعلمها كل الأطفال، تكمن في أن العقاب على قدر الخطأ، وأن الجزاء من جنس العمل.

"يعملوها الكبار، ويقعوا فيها الصغار"، مثل شعبي شهير تندر به المصريون مرارا حين تعرض الأبناء إلى متاعب درتها عليهم أخطاء آبائهم، إلا أن الطفل "محمد حجاج"، 3 سنوات، وجد نفسه أمام تهمة التسبب في مصرع سيدة أثناء قيادته سيارته بحالة ينجم عنها الخطر، دون أن يتأكد من خلو الطريق، فصدم المجني عليها ما أسفر عن وفاتها، ليدفع ذلك الطفل الذي لم تطأ قدماه أولى خطوات حياته الدراسية، ثمن تسجيل والده للسيارة المتسببة في الحادث باسمه، ويصبح مطالبا إما بدفع كفالة مقدارها 500 جنيه، أو الحبس عام مع الشغل وفق حكم قضائي أصدرته محكمة جنح أسوان في غيابه.

"الرضّع" لم يسلموا من قفص المحاكمة، فها هو الطفل "محمد عبد الرحمن عباس"، 10 أشهر، ينتظر محاكمته في 30 مارس المقبل، بتهمة تلويث مياه النيل التي ربما لم تلمس شفتيه حتى الآن، وذلك بفعل إدارة حماية النيل بمديرية الري بسوهاج، التي حررت محضرا ضد الرضيع بالخطأ بدلا من شقيقه "كريم"، ليكون الطفل مطالبا بالحضور مع والده إلى قاعة المحكمة لتقديم شهادة ميلاده التي تعد السند الوحيد لبراءته.

هاني هلال، رئيس الائتلاف المصري لحقوق الطفل، أكد أن هناك إشكالية ضخمة في مسألة التخصص القضائي للأطفال، بمعنى أنه لا يكفي وجود محكمة للطفل، وإنما لابد من تشكيل هيئة قضائية مستقلة للأطفال هي المنوط بها وحدها نظر قضايا الأطفال في محاكم الطفل، بدلا من انتداب قضاة لمدة يومين في الأسبوع ينظرون القضايا بدون تخصص، مشيرا إلى أن هذا التخصص معمول به في دولة مثل الجزائر، ودول أخرى في أوروبا.

هلال، أكد لـ"الوطن"، أن الوقائع السالف ذكرها المتهم فيها أطفال مصر، تعود إلى أخطاء بالجملة في التحريات، والتي تعد آفة تفسد العديد من القضايا في مصر إضافة إلى وجود أخطاء في تطبيق التخصص القضائي نفسه، بحيث لا يمكن أن يأخذ الطفل حكما قضائيا قبل سن 12 عاما، وما دون ذلك تعد تدابير وليست أحكاما، علاوة على استحالة أن يتم الحكم على طفل بالسجن المؤبد لتهمة سياسية، رغم وجود شهادة ميلاده في ملف القضية.

رئيس الائتلاف المصري لحقوق الطفل شدد على ضرورة محاسبة مسئول الري الذي ارتكب حادث وضع اسم الرضيع بالخطأ في محضر التعدي على نهر النيل، لأنه عرض طفل للخطر باعتبار وجوب مثوله للمساءلة القانونية، وهذا يعرض مسؤول الري قانونا للمحاسبة.


مواضيع متعلقة