الأمين العام للمجلس الأعلى للصحافة: آن الأوان أن تسترد الصحافة حريتها من السلطة التنفيذية

كتب: إسراء سليمان

الأمين العام للمجلس الأعلى للصحافة: آن الأوان أن تسترد الصحافة حريتها من السلطة التنفيذية

الأمين العام للمجلس الأعلى للصحافة: آن الأوان أن تسترد الصحافة حريتها من السلطة التنفيذية

قال الكاتب الصحفى صلاح عيسى، الأمين العام للمجلس الأعلى للصحافة، إن هناك دعوات لتقسيم القوانين المنظمة للصحافة والإعلام، إلى قسمين، قسم يضم التنظيمات، وهى المجالس الثلاثة التى ستتولى تنظيم الصحافة والإعلام، والقسم الثانى، يضم الحقوق والحريات، مؤكداً أن هذه الدعوات من شأنها أن تجمد المواد الخاصة بالحريات، وتمنع تفعيلها.

{long_qoute_1}

وأضاف «عيسى»، فى حواره لـ«الوطن»، أن البعض يحاول وصف قانون الإعلام الموحد بأنه غير دستورى، لافتاً إلى تقديم المجلس دفوعاً لوزير العدل المستشار أحمد الزند، تثبت دستورية القانون، وطالب بسرعة عرض القانون على البرلمان لإقراره، مؤكداً أن هناك رابطتين ترفضان القانون إحداهما تمثل جناح الحكومة، ووصفها برابطة «صناع الطغاة»، والأخرى رابطة «عبده مشتاق»، على حد تعبيره، فإلى نص الحوار.

■ بدايةً ما مشروع قانون الإعلام الموحد للصحافة والإعلام؟

- مشروع القانون الموحد لتنظيم الصحافة والإعلام، هو واحد من مشروعى قانونين، أعدتهما اللجنة الوطنية للتشريعات الصحفية والإعلامية، ويشكلان جزءاً من منظومة قانونية تشريعية، حيث يستهدف القانون الأول تأسيس نظام إعلامى جديد يقوم على الديمقراطية والمسئولية الوطنية والاجتماعية والمهنية، فيما نسعى إلى إلغاء العقوبات السالبة للحريات من خلال القانون الثانى، المنتظر مناقشتهما فى البرلمان، وفق ما أعلنه المستشار العجاتى وزير الشئون القانونية والإعلامية، أيضاً نحن بحاجة إلى تعديل قانون نقابة الصحفيين، لأنه صدر فى عام 1970 وأصبح غير ملائم لتنظيم أحوال المهنة، ومن المفترض أن يصدر قانون «حرية تداول المعلومات»، وهذا القانون ليس له علاقة مباشرة بالتشريعات الصحفية، وإنما جميعها مكتملة تسعى لتأسيس نظام إعلامى مصرى جديد، يستند إلى المواد التى وردت فى مواد الدستور بشأن حرية الصحافة والإعلام، وعلى هذا الأساس أعدت اللجنة الوطنية للتشريعات هذين القانونين.

■ هل هناك خلاف مع الحكومة بالنسبة لمشروع القانون الموحد للصحافة والإعلام؟

- الخلاف قائم بشأن تشريعات الصحافة والإعلام، مع جناح من الحكومة، فسبق أن توافقنا مع حكومة «محلب»، بشأن التشريعات والمواد الواردة فى الدستور، حيث يمكن تقسيمها إلى قسمين، قسم يضم التنظيمات وهى المجالس الثلاثة التى ستتولى تنظيم الصحافة والإعلام، والقسم الثانى، يضم الحقوق والحريات، واللجنة تتمسك بأن مواد الدستور بشأن الصحافة، كلها «وحدة واحدة» وتحتاج إلى تشريعها من خلال قوانين ترتبط بموضوعها بعيداً عن مبدأ «التقسيط المريح»، لأن المواد 70 و71 و72 تتحدث عن الحريات والحقوق التى يكفلها الدستور، والمواد 211 و212 و213 تتعلق بالهيئات المنظمة، وجناح الحكومة أشاع فكرة عدم دستورية القانون الموحد، لأن هذا الجناح يسعى إلى التقسيم، إضافة إلى أن الحديث عن تشكيل المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، ليتم استطلاع رأيه فى باقى التشريعات، معناه أن توضع كل مواد الدستور الخاصة بحرية الصحافة فى الثلاجة، لو أخذنا بوجهة النظر هذه، حيث سيظل الوضع فى المؤسسات الصحفية والقومية، كما هو عليه الآن، وكما ينظمها قانون 96 لسنة 96، إذن المشكلة ستظل قائمة إذا لم تسحب الحكومة الزعم بأن مشروع القانون الذى أعدته اللجنة الوطنية للإعلام غير دستورى، لهذا السبب غير المنطقى، وعليها أن تترك الأمر لمجلس الدولة، ولكننا نثق أن القانون تم إعداده بمشاركة فقهاء دستوريين، كما كان من بين المشاركين عدد من الصحفيين البارزين، من بينهم حسين عبدالرازق وضياء رشوان، ومحمد سلماوى وعمرو الشوبكى، وعدد من أساتذة القانون. {left_qoute_1}

■ حدثنا عن كواليس ما دار خلال اجتماعكم الأخير مع وزير العدل المستشار أحمد الزند؟

- الاجتماع الذى دعا إليه المستشار الزند جاء تعقيباً على الاجتماع الذى عقدته اللجنة الوطنية للتشريعات الصحفية الخميس قبل الماضى، وأعلنت فيه تمسكها بمشروع القانون الذى وضعته، رداً على تصريحات كان أدلى بها المستشار الزند لبعض الفضائيات، وفى هذا الاجتماع جرت مناقشة القانون مع المستشار الزند ومع معاونيه، وقدمنا دفوعنا الدستورية التى تؤكد دستورية النص الذى وضعناه والذى يؤكد عدم صحة الاتجاه الذى يقول إن التشريعات لا بد أن تقسم إلى عدة تشريعات، وأن تبدأ بقانون المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام أولاً، ثم يترك الباقى إلى حين ميسرة، وجرى الاتفاق على إجراء مراجعة سريعة لصياغة مشروع القانون خلال هذا الأسبوع أو الأسبوع المقبل على أقصى تقدير، أما بخصوص التصريح الذى أدلى به المستشار مجدى العجاتى وزير الشئون البرلمانية، أفاد خلاله أن تقسيم التشريعات إلى تشريعات خاصة بالإعلام وأخرى خاصة بالصحافة، وأن المجالس تنشأ أولاً، فهو مجرد رأى شخصى لمواطن وليس لوزير، والقانون شأن الصحفيين وحدهم.

■ وما دور غرفة صناعة الإعلام فى المساهمة بمشروع الإعلام الموحد؟

- غرفة صناعة الإعلام هى غرفة للناشرين وأصحاب القنوات الفضائية، مثلها مثل الغرف التجارية، ونحن نرحب بوجودها ونرى أن دورها إيجابى، لأن وجود اتحاد ملاك القنوات الفضائية يعالج بالطبع المشاكل التى تتعرض لها المهنة، ونتمنى أن يكون هناك اتحاد لملاك الصحف الخاصة أيضاً، لأنهم سيكونون حريصين على المهنة وأعلم بمشاكلها، على غرار اتحاد الناشرين فى لبنان هو الذى يدافع عن مشاكل الصحافة، لأن من مصلحتهم أن تروج صناعة الصحف والإعلام، فالغرفة وعلى رأسها المهندس محمد الأمين، شاركت فى صياغة القانون، وكان من بين أعضائها ممثلون فى اللجنة التى شُكلت فى الحكومة السابقة.

■ ما مدى دقة تصريحات نقيب الصحفيين السابق، ضياء رشوان التى قال فيها إن الرئيس السيسى سيوقع على القانون بعبارة «هام وعاجل»، ولماذا؟

- الإشارة التى أشار إليها ضياء رشوان تتعلق بسرعة النظر فى القانون، فإذا أحال رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء القانون لمجلس النواب مُذيلاً بتأشيرة «أن هذا المشروع مهم وعاجل»، فهذا يعنى أن مجلس النواب يضعه على رأس أولوياته بالنسبة لمشروعات القوانين المنتظر مناقشتها تحت القبة.

■ هل هناك اجتماع آخر من المفترض عقده خلال هذا الأسبوع لمناقشة القانون؟

- نعم، انتهينا من تشكيل اللجنة الوطنية بكل أطيافها وتشمل نقابة الصحفيين ونقابة الإعلاميين تحت التأسيس ونقابة العاملين بالصحافة والنشر وغرفة صناعة الإعلام، وستشمل أيضاً اتحاد الإذاعة والتليفزيون، وسيكون هناك وفد من هذه اللجنة ووفد من وزارة العدل برئاسة المستشار الزند يعاونه 5 وزراء آخرين، لديهم تحفظات على القانون، وطبقاً لما سمعناه من المستشار الزند فإن الملاحظات التى أفصحوا عنها لا تتعلق بجوهر القانون ولكن بأموره الشقية وبالتالى لا نتوقع أن تكون هناك صعوبات، ولكن الصعوبة فى هذه المفاوضات سيكون موضوعها الأساسى بخصوص مساعى تقسيم التشريعات والإلقاء بالمواد الخاصة بالصحافة والإعلام فى سلة المهملات، وهذا يعتبر خطاً أحمر بالنسبة لنا ولن نوافق عليه، ولا نظن أن أى صحفى أو إعلامى يمكن أن يرفض الضمانات الدستورية التى وضعها الدستور لحرية الصحافة والإعلام والتى ناضلت من أجلها الجماعة الصحفية والإعلامية.

{long_qoute_2}

■ من وجه نظرك هل ترى أن هذا القانون سيعمل على التجديد والتحديث فى قيم الصحافة والإعلام؟

- القانون يحقق حلم الصحفيين والمواطنين والنخب الثقافية والسياسية، وكل من يعنيه الأمر بنظام إعلامى جديد حر وديمقراطية، الصحافة المصرية منذ نشأتها خضعت لسيطرة السلطة التنفيذية بشكل مُخيف وآن الأوان أن تسترد هذه الحرية ونمارسها فى إطار من المسئولية الاجتماعية والمهنية، وعبارة أن مصر لم تنضج بعد لممارسة الحريات، عبارة آثمة تتجاهل حرية الشعوب فى خوض تجربة ديمقراطية حقيقية. {left_qoute_2}

■ هناك انتقادات توجه لهذا القانون، فالبعض يرى أن هذا القانون لم يتحدث عن الأوضاع المالية للمؤسسات الصحفية خاصة القومية وأن القانون لا يحظى بإجماع الصحفيين؟

- هناك أربعة أشخاص يعارضون لمجرد المعارضة فى قناة فضائية معروفة، فضلاً عما ذكره الأستاذ مكرم محمد أحمد نقيب الصحفيين الأسبق، بشأن أن القانون لم ينص على إسقاط ديون المؤسسات الصحفية واتحاد الإذاعة والتليفزيون، ولكننا سنطرح الأمر مرة أخرى باسم الأستاذ مكرم وباسم الزملاء والزميلات، فلا بد من النص فى القانون فعلاً وسنطالب بذلك فى أثناء مفاوضتنا مع وزارة العدل حول الصيغة، فلابد من إعادة النص الذى يتعلق بإسقاط ديون المؤسسات الصحفية القومية واتحاد الإذاعة والتليفزيون، لأنه يعرقل انطلاق الإعلام القومى المملوك للدولة، فنحن حريصون على حفظ التنوع الإعلامى كما هو، بحيث يكون هناك إعلام دولة مستقل عن السلطة التنفيذية، وإعلام خاص لا يخضع لهيمنة ومصالح أصحاب رؤوس الأموال.

■ كيف ترى أداء الصحف القومية؟ هل ترى أن هذه الصحف فقدت مصداقيتها لدى الجمهور بعد الثورة؟

- لا أرى ذلك، فهذه انطباعات واهية، فما زالت الصحف القومية المصرية والمؤسسات الرائجة فيها هى الأعلى توزيعاً بين الصحف المصرية باعتراف أصحاب وملاك ومُصدرى تلك الصحف، بل الأكثر التزاماً بالتقاليد، فهى لا تخطئ فى حق أى شخص ولا تطعن فى أعراض الآخرين ولا تقوم بنشر أخبار كاذبة ومغلوطة، ولكن لا ننكر أنها تواجه مشاكل مثلها مثل صناعة الصحافة كلها.

■ فما المشاكل التى تواجه صناعة الصحافة ككل؟

- أولاً الركود الاقتصادى خلال السنوات الخمس الأخيرة، حيث حرم هذا الركود الصحف المصرية كلها سواء خاصة أو عامة أو فضائية من مورد أساسى لصناعة الصحافة وهو الإعلانات، التى انخفضت أسعارها بشكل كبير، وكثير منها يتم نشره بالدين دون دفع فورى، وهناك مشكلة أخرى وهى ارتفاع الأجور، حيث إن حجم من تم تعيينهم فى الصحف القومية بعد ثورة 25 يناير ممن كانوا يتدربون فى الصحف القومية أصبح كبيراً للغاية، فضلاً عن أن الركود الاقتصادى أدى إلى انصراف المواطنين عن قراءة الصحف.

■ كيف يقوم القانون بتنظيم عمل الصحفيين ويضمن حقوقهم؟

- ينص القانون على أن أى مؤسسة صحفية أو إعلامية ستقوم بتحرير عقد عمل ملزم للصحفيين الذين يعملون لديها، يحدد أجورهم وساعات العمل ويتضمن المزايا الأصلية والتكميلية وينص عليها قانون النقابة التى ينتمى إليها الصحفى أو الإعلامى، سواء نقابة الصحفيين أو الإعلاميين، كما يضع نظاماً جديداً لعملية تنظيم العمل للفترة المحدودة، بمعنى أنه على الصحيفة التى يلتحق بها الصحفى تحديد فترة تدريب محدودة لا تزيد على 5 أو 6 شهور، فى نهايتها تخبره فى حالة عدم التزامه بأنها ليست فى حاجة إليه فيبحث عن عمل آخر أو تلتزم بتعاقدها معه فى حال إثبات كفاءته.

{long_qoute_3}

■ هل هناك فصل بين قانون النقابة وقانون الإعلام الموحد؟

- نعم، فالاثنان مختلفان، وهناك فصل بينهما، فالصحافة المصرية منذ نشأتها كان ينظم أمورها قانونياً، قانون المطبوعات الخاص بإصدار الصحف وتداول المطبوعات والشروط المطلوبة لتملك الصحيفة، أما القانون الثانى فيشمل فصلاً فى قانون العقوبات خاصاً بالعقوبات التى توقع على الصحفى أو الإعلامى فى حال مخالفته.

■ ما المجالس المقترح إنشاؤها بعد حل المجلس الأعلى للصحافة؟

- ثلاثة مجالس، وهى المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام وهو مجلس يقوم بإدارة شئون الإعلام المسموع والإلكترونى والمرئى والمقروء، سواء أكان خاصاً أو عاماً، أما عن المجلسين الآخرين فليس لهما علاقة بالمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام وليسا تابعين له، ويختصان بمتابعة المؤسسات الإعلامية المملوكة للدولة.

■ ما تقييمك لأداء الإعلاميين والصحفيين بشكل عام؟ وهل وصلنا لحالة من الانفلات الإعلامى كما يتردد؟

- أرى أن هناك شكلاً من أشكال الانحطاط فى بعض الممارسات، وهناك أيضاً جوانب إيجابية، فالشعب المصرى محافظ ورغم ذلك يمارس بعض الإعلاميين الحرية بشكل فج، دون مراعاة الظروف التى يمر بها البلد، وهنا يأتى دور النقابات المهنية، والدستور المصرى ينوط بالنقابات المهنية وضع مواثيق الشرف التى تنظم عمل المهن التى تمثلها، ومنوط بها أيضاً محاسبة أعضائها إذا ما خرجوا عن هذه المواثيق. {left_qoute_3}

■ وكيف ترى تأكيدات الرئيس السيسى على عقد آماله على الإعلام ودوره فى المرحلة المقبلة؟

- الإعلام أصبح بالغ التأثير ويلعب دوراً مهماً جداً فى بناء الشخصية الإنسانية والتأثير على المواطنين وبالتالى، من المهم جداً أن يكون للإعلام قدرة على التأثير الإيجابى، وأن ينطلق من نقطة أساسية، وهى خدمة الصالح العام، ولتحقيق هذا الغرض أمامنا مساحة واسعة جداً لتغيير الآراء والبرامج لنشر التنوير فى المجتمع.

■ أخيراً، ما تقييمك لأداء الرئيس السيسى بعد عام ونصف؟

- من وجهة نظرى، الرئيس السيسى يستحق جائزة كبرى بعد نجاحه فى العبور بمصر من عنق الزجاجة والعقبات والتحديات، والمؤامرات التى واجهت الوطن، حيث استطاع أن يتصدى بكل شجاعة للإرهاب، فضلاً عن كسر حاجز العزلة بعد 30 يونيو، وأتمنى أن يستمر لفترة رئاسة ثانية.

 

 

الكاتب الصحفى صلاح عيسى يتحدث لـ«الوطن»


مواضيع متعلقة